ما هو العمل عن بعد؟
العمل عن بعد باختصار يمكن وصفه بأنه إلغاء اعتماد الشركات على المكاتب والأبنية والموظفين في نطاق جغرافي معين، والتوجه تمامًا إلى عالم الإنترنت. حيث لا يوجد أي عوائق أو قيود على اختيار أفضل لضمان سير العمل.
أخذ مفهوم العمل عن بعد يتبلور ويتوسع حتى وصل إلى مفهومه الحالي في العقد الأخير تحديدًا. تم ذلك مع انتشار سطوة الإنترنت وتغلغله في جوانب الحياة كافة. إذ يعد الإنترنت اليوم أحد حقوق الإنسان الرئيسية إلى جانب الغذاء والدواء، ما يؤكد أهمية وقيمة الإنترنت في الحياة اليومية.
لكن تطور مفهوم العمل عن بعد تسارع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة لا سيما مع انتشار جائحة كورونا، التي فرضت متغيرات جديدة على الحياة اليومية في المجتمعات كافة دون استثناء.
إذ أصبح عِيل القطاعات التجارية الاختيار بين الاستسلام لقرارات الإغلاق الشاملة، وعلى هذا الوقوع في الهاوية وفقدانها قيمتها السوقية تدريجيًا، أو اللحاق بركب التطور واعتماد الإنترنت كأساس لمفهوم العمل عن بعد. في هذا المقال سنتحدث عن طريقة إدارة المرحلة الانتقالية لتحول الشركات إلى العمل عن بعد خطوة بخطوة. لكن في بداية الأمر يجب علينا التعرف على أشكال العمل عن بعد.
أقسام العمل عن بعد
ينقسم العمل عن بعد إلى ثلاث مستويات رئيسية:
1. العمل المؤقت
هو اللجوء إلى العمل عن بعد استجابةً لحالة طارئة في المجتمع. على الشركات والمؤسسات لضمان ديمومة نجاحها مواكبة هذه التغيرات، تكون هذه الاستجابة مؤقتة مرتبطة باستمرار وجود الأمر الهامشي. مثالنا على ذلك: جائحة كورونا وما فرضته من تغييرات، بعضها قد يكون مؤقتًا إلى حين انتهاء الجائحة كي تعود لما كانت عليه.
2. اعتماد العمل عن بعد جزئيًا
هي حالة تجمع فيها الشركات بين نوعي العمل (المكان الفيزيائي والعمل عن بعد) استجابةً لضرورة تفرض عليها أن تتواجد بشكل متواصل. ذلك يكون لزيادة الكفاءة أو لخدمة العملاء التي تستدعي استمرارية في الخدمة وضمان عدم وجود فترات انقطاع يمكن أن تؤثر سلبًا على ثقة المستخدم في نجاح الشركة.
3. العمل عن بعد بشكل كلي
هو تحول الشركات التقليدية إلى اتباع نظام العمل عن بعد تمامًا. وبذلك، التخلي عن المقر الفيزيائي، حيث تعتمد المؤسسة على خبرة الموظفين فيها بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي. بعض الشركات تعقد اجتماعات دورية بالرغْم من اتباعها أسلوب العمل عن بعد بشكل كامل، والبعض الآخر يميل إلى عقد اجتماعات رقمية عبر برامج مثل Zoom أو Skype.
يحتاج الانتقال من نظام الشركات التقليدية إلى نظام العمل عن بعد كليًا، المرور بمرحلة انتقالية، تعد هذه المرحلة جوهرية. إذ تحدد قدرة الشركة على التكيف مع المتغيرات الجديدة ومدى قدرة فريق العمل فيها على تقبُّل هذه التغيرات إضافةً إلى دراسة جدوى الانتقال إلى العمل عن بعد دون تكبد خسائر بأفضل طريقة ممكنة، حيث يجب أن تتميز المرحلة الانتقالية للشركات بالسلاسة والسهولة في التطبيق.
أهمية السلاسة عند تحول الشركات إلى العمل عن بعد
تُعزى أهمية ضمان مرور المرحلة الانتقالية بأقل قدر ممكن من المشاكل والعثرات وذلك من أجل حماية سير العملية الإنتاجية، إضافةً إلى تعزيز قدرات الأفراد في الشركة على التكيف مع المتغيرات الجديدة.
وبسبب الحاجة المستمرة لضمان سلاسة وسهولة مرور المرحلة الانتقالية، تقدم بعض المنصات عبر الإنترنت خِدْمَات تساعد على تنظيم المهام وتحقيق التواصل بين الفرق المختلفة في الشركات. إذ يضمن ذلك استمرار وتنظيم التواصل فيما بينها، وعلى هذا عدم تأثر هذا التواصل بمتغيرات المرحلة الانتقالية. من أهم المنصات التي تقدم خِدْمَات تنظيم العمل عن بعد عبر الإنترنت للشركات هي:
1. منصة أنا
تقدم شركة حسوب خدمة إدارة المهام وتنظيمها بطريقة احترافية. إذ تعد منصة أنا أول منصة موجهة للشركات والمشاريع العربية، التي تهدف بدورها إلى تسهيل تحول الشركات والمشاريع العربية خصوصًا إلى العمل عن بعد.
Trello .2
يعد trello من أكثر وسائل إدارة المهام فعالية. إذ تمكّن تنظيم وترتيب مهام العمل عن بعد حسب الأولوية. ثم متابعة إحصائياتها ومدى تقدمها. تساعد في الحفاظ على سلامة سير العمل وتنظيم الفريق.
Basecamp .3
basecamp أداة إدارة مشروعات ومنصة تواصل بين أفراد الشركة الواحدة. تمكّن الفريق من تنظيم المهام، وتقدم لهم القدرة على تغيير المهام وضبطها.
Airtable .4
تعد أداة قوية من أجل فهرسة وتنظيم الأعمال. حيث يمكن استخدامها في شتى مجالات العمل عن بعد من ضبط التقويم الخاص بالشركة، حتى إدارة المشروعات فيها.
بعدما تكلمنا عن أهم المنصات التي تساعد في إدارة المرحلة الانتقالية لتحول الشركات إلى العمل الحر. نأتي على ذكر أهم النِّقَاط الأساسية الواجب اتباعها في حال أرادت الشركة ضمان سلاسة مرور المرحلة دون عقبات وتحقيق تكيف كامل مع المتغيرات الجديدة بأسرع وقت ممكن كي لا تتأثر عجلة الإنتاج الخاصة بها.
كيف تنفذ استراتيجية التحول الرقمي؟
النِّقَاط الأساسية لتحول رقمي ناجح:
1. تحديد حجم التزام الفريق في العمل عن بعد
يجب في بادئ الأمر تحديد عدد ساعات عمل الفريق وأيام العمل الرسمية. فضلاً على تحديد عدد ساعات وأيام العطل. إذ فيما يتعلق بتنظيم شؤون العاملين، فالعمل التقليدي والعمل عن بعد يشتركان بنفس المبادئ التنظيمية.
2. توزيع المهام اليومية
يمكن استخدام المنصات الآنف ذكرها سابقًا في تقديم قوائم مهام لكل موظف. إذ يتم ذلك من أجل المحافظة على مستوى محدد من الإنتاجية ومنع انخفاض الأداء بشكل تدريجي إلى أن يتحول إلى حالة خسارة في نهاية المطاف.
3. تحقيق التوازن في حياة
بالرغْم من أن العمل من المنزل قد يبدو كفكرة رائعة تبعث على المرء خليطًا من مشاعر السعادة والراحة، إلا أن الواقع عكس ذلك تمامًا. فكثيرًا ما يقع الموظفين في حالة من سوء التدبير بين حياتهم الشخصية وحياة العمل الخاصة بهم، وذلك بسبب توحيد بيئتي العمل والمنزل مسبقًا. حيث يجد العاملون أنفسهم غير قادرين على الفصل بين مهامهم اليومية ومهام عملهم، ما ينعكس سلبًا على قدرتهم في المضي قدمًا في كلتا الحياتين.
لذا، يجب على الشركات وضع ضوابط لتحقيق التوازن بين حياة الأفراد الشخصية والعمل، كي لا ينعكس ذلك سلبًا على إنتاجية الموظفين مستقبلًا.
4. استخدام وتوفير أحدث التقنيات
ليس من المنطقي أن تفرض الشركة على الموظفين فيها الانتقال إلى منظومة العمل عن بعد عندما لا يمكنها ضمان قدرة جميع الموظفين على مواكبة هكذا تغيير. إذ يجب على الشركة تقديم التسهيلات للموظفين فيها كالقروض المادية لشراء مستلزمات المرحلة الجديدة أو العروض، حيث يمكن للشركة أن تحصل على تخفيضات مثلًا عند تعاونها مع أحد مزودات الخدمة. ما يعني تمتع الموظفين بمزايا وخدمات إضافية.
زيادةً على ذلك، إن استخدام أحدث التقنيات المتوفرة يسهل من سلاسة إتمام المرحلة الانتقالية لتحول الشركات إلى العمل عن بعد. حيث تقدم أحدث التحديثات إصلاحات لأخطاء قد واجهت المستخدمين في السابق، إضافة إلى ميزات وتسهيلات أكثر.
التقنيات الواجب على الشركات المساعدة في تأمينها أو تأمينها للموظفين:
- حواسيب محمولة ذات مواصفات تناسب متطلبات العمل.
- إنترنت عالي السرعة لتحقيق تواصل فعال وضمان عدم انقطاع الاتصال.
- خِدْمَات التخزين السحابي التي تمكّن جميع الموظفين من تبادل الملفات بشكل آمن مثل (Drive, DropBox).
- برامج حماية كلمات المرور مثل برنامَج Keypass، ذلك من أجل حماية جميع مفاتيح ملفات الشركة وتأمينها.
5. التواصل الدائم مع أفراد الفريق
إتاحة مجال للتواصل الدائم بين أفراد المؤسسة والإدارة يساعد على تذليل العقبات التي ممكن أن تواجه الفرد في أثناء تأديته لعمله عن بعد. إضافةً إلى أنها تعزز من روح الالتزام عند الفرد والانتماء إلى المؤسسة، حيث يجد الفرد نفسه قادرًا على التواصل مع الإدارة لحل أي مشكلة تواجهه. ما يعزز الشفافية بين الموظفين والشركة.
6. اعتماد وسيلة تواصل اجتماعي تعوض عن بيئة العمل
يمكن اعتبار أن غياب بيئة العمل المحسوسة من أبرز الشوائب التي تشوب مبدأ العمل عن بعد. إذ غياب بيئة تحقق للفرد تواصلًا مع أقرانه في العمل لتبادل الخبرات والنصائح، تؤدي بأي وسيلة إلى تراجع إنتاجية الأفراد بشكلٍ فردي وبالنهاية تراجع الإنتاجية الجماعية للعمل كليًا.
يعد إيجاد بيئة تواصل اجتماعي تؤمن اختلاط الموظف في مجال العمل عن بعد مع زملائه في نفس القسم أو الأقسام الأخرى، أمرًا محفزًا على زيادة الإنتاجية ومُذللًا للكثير من العقبات. حيث يستطيع الموظف التواصل مع زملائه وتبادل الآراء التي بدورها تخلق نسيجًا اجتماعيًا يساهم في شحذ أفكار وطاقات الفريق.
7. تنظيم اجتماعات ومؤتمرات دورية تجمع أعضاء كل فريق
إذ ورغم نجاح منصات تواصل تستطيع أن تحقق أعلى درجات التواصل بين الموظفين، لا شيء ينوب عن التواصل البشري. إذ يعد من المهم تنظيم اجتماعات دورية كل مدّة لأعضاء كل فريق، تعزز هذه العملية من شعور الفرد بالانتماء إلى الفريق وتعزز روح العمل الجماعي والالتزام.
وهكذا تعد المرحلة الانتقالية لتحول الشركات إلى العمل عن بعد من أكثر المراحل أهمية وذلك من أجل ضمان نجاح واستدامة في تبني مشروع العمل عن بعد. إذ إنها تسمح بتمهيد الطريق ووضع حجر الأساس أمام العديد من المشروعات التنموية التي تفيد في نجاح الشركة، حيث تزود عملية إدارة المرحلة بشكل ناجح الشركة برؤية واضحة عن وضع جميع القطاعات والأقسام فيها. ما يساعد الشركة مستقبلًا في تحديد مواطن الضعف وتقويتها، وتقديم التحسينات بما يتناسب مع الاحتياجات.