ما هو التسويق الإلكتروني؟
يعدّ التسويق الإلكتروني هو أحد أشكال التسويق الحديثة نسبيًا. بدأ ينتشر خلال فترة التسعينات وأوائل القرن الحادي والعشرين تزامنًا مع تزايد اعتماد الأشخاص حول العالم على أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية في حياتهم اليومية بشكلٍ كبير. لذلك، ازداد اهتمام الشركات والعلامات التجارية بالتسويق الإلكتروني للوصول إلى شريحة العملاء المحتملين المتواجدين على الإنترنت عبر قنوات تسويق رقمية مختلفة.
يُعرف التسويق الإلكتروني على أنه عملية تسويق لعلامة تجارية سواء كانت تقدّم خدمة أو منتج للجمهور. ويشمل التسويق الإلكتروني جميع الأنشطة التي تقوم بها الشركة عبر الإنترنت بغرض الوصول لعملاء جدد أو الحفاظ على عملائها الحاليين وتطوير هوية علامتها التجارية.
تختلف أنواع التسويق الإلكتروني وتتخذ عدّة أشكال منها على سبيل المثال: تحسين محركات البحثٍ SEO، التسويق عبر محركات البحث SEM، التسويق عبر البريد الإلكتروني، التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التسويق بالمحتوى، التسويق بالعمولة وغيرها من الأنواع الأخرى.
ما هي مزايا التسويق الإلكتروني؟
يمكن أن تستفيد الشركات من مزايا التسويق الإلكتروني لعدّة أغراض تخدّم أهدافها ورؤيتها وهي كما يلي:
1. دقة استهداف العميل المثالي
تعتمد وسائل التسويق التقليدية مثل إعلانات التلفاز والراديو والمجلات وإعلانات الطرق عمومًا على استراتيجية الوصول لأكبر قدر ممكن من العملاء بصرف النظر عن دقة الاستهداف، ويكون ذلك على أمل الوصول إلى عدد من الأشخاص المهتمين بالمنتجات أو الخدمات التي تقدّمها الشركة.
ولكن يعيب تلك الاستراتيجية أن الشركة قد تفشل في الحصول على عددٍ كاف من العملاء المحتملين لتعويض تكاليف التسويق المرتفعة التي دفعتها نظير الوصول لهذا الكم من العملاء الغير مستهدفين بدقّة، وبالتالي تصبح الحملة التسويقية غير فعّالة وفاشلة في كثير من الأحيان.
وعلى العكس تمامًا، يسمح التسويق الإلكتروني للشركات بالوصول إلى شريحة العملاء المستهدفة بدقّة اعتمادًا على تفضيلات العملاء واهتماماتهم. على سبيل المثال، إذا كنت تمتلك شركة أو متجر إلكتروني لبيع منتجات العناية بالشعر وكنت ترغب في إنشاء حملة تسويقية للوصول للعملاء المحتملين وكان أمامك خيارين: التسويق التقليدي أو التسويق الإلكتروني، فأيهما مناسب لك من ناحية التكلفة والكفاءة؟
إذا اعتمدت على التسويق التقليدي وقمت بإنشاء حملة تسويقية في مجلة نسائية مثلًا، سيكون الاستهداف غير دقيق وذلك لأن أغلب قراء المجلة من النساء، ولكن تكون اهتماماتهم مختلفة مثل: الموضة، العناية بالجسم، العناية بالبشرة، متابعة أخبار المشاهير، التسوّق وغيرها من الاهتمامات الأخرى.
وبالتالي إذا كان عدد قراء المجلة 100 ألف مثلًا، ستكون شريحة العملاء المهتمين بالعناية بالشعر نسبة قليلة من إجمالي هذا الرقم ولنفترض أنهم 10% فقط من هذا الرقم (أي حوالي 10 آلاف قارئ) بالتالي ترتفع تكلفة التسويق وينخفض العائد على الاستثمار ومعدّل التحويل لمنتجات العناية بالشعر التي نسّوق لها.
ولكن إذا اعتمدت على إحدى وسائل التسويق الإلكتروني مثل الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثلًا ستجد أن الأمر يختلف والاستهداف يصبح أكثر دقة، إذ ستكون قادرًا على تحديد شخصية المشتري الخاصة بك واستهداف شريحة العملاء المهتمين فقط بالعناية بالشعر دونًا عن بقية الاهتمامات الأخرى.
وبالتالي تنخفض تكلفة التسويق ويرتفع كلًا من العائد على الاستثمار ومعدّل التحويل لمنتجات العناية بالشعر التي تبيعها للجمهور، وهو ما يعدّ احد أهم فوائد التسويق الرقمي. إذ تجمّع منصات التواصل الاجتماعي العديد من المعلومات عن مستخدميها مثل: السن، الاهتمامات، الخصائص الديموغرافية، الجنس وغيرها من المعلومات الأخرى باستخدام خوارزميات ذكية جدًا.
2. تجزئة السوق المستهدف
يساعد التسويق الرقمي الشركات على تجزئة السوق المستهدف من خلال تقسيم مجموعات العملاء الكبيرة إلى مجموعات أصغر في العدد حسب تصنيف معين، إذ يكون ذلك اعتمادًا على المعلومات الدقيقة التي تم جمعها من العملاء. تخفض هذه الاستراتيجية من تكاليف التسويق وترفع معدّلات التحويل والمبيعات، لأنه يتم تخصيص كل منتج أو خدمة حسب اهتمام كل عميل وبالتالي تصبح الحملة التسويقية أكثر فاعلية.
لنفترض أنك تمتلك شركة لتقديم خطط التأمين والتقاعد وترغب في إرسال عروض مميزة للأشخاص الذين اطّلعوا على منتجاتك لتحفيزهم على الاشتراك في الخدمة. ستحتاج إلى تقسيم عملائك إلى مجموعتين: المجموعة الأولى هي فئة الشباب والمجموعة الثانية هي فئة كبار السن، ثم تقوم بإنشاء حملتين منفصلتين إحداهما تعرض خطط التأمين المخصصة لفئة الشباب والأخرى تعرض خطط التقاعد على كبار السن.
بالتالي سترتفع معدلات التحويل لأنك قمت بتقسيم السوق المستهدف إلى فئات، ثم وفرت الخدمة المناسبة لاهتمامات كل فئة. يصعب تحقيق هذا الأمر باستخدام التسويق التقليدي، نظرًا لصعوبة جمع مثل هذه البيانات وتتبعها بشكل آلي.
3. متابعة العميل في جميع مراحل الشراء
يمر أي متسوّق عبر الإنترنت عبر عدّة مراحل متوالية تعرف برحلة العميل أو قمع المبيعات، وتتكون تلك الرحلة من 5 مراحل مختلفة هي: مرحلة الوعي بالمشكلة، مرحلة الاهتمام والبحث عن حل للمشكلة، مرحلة التقييم بين الخيارات المتاحة، مرحلة الشراء ومرحلة ما بعد الشراء. يكمّن دورك في تسهيل عملية دخول العميل للمرحلة الأولى حتى ينتقل للمرحلة التي تليها وصولًا إلى مرحلة الشراء وما بعد الشراء لتحويله إلى مشتري فعلي.
يمكن لرواد الأعمال والمسوقين الاستفادة من مزايا التسويق الإلكتروني للوصول إلى العميل في كل مرحلة من المراحل الخمس السابقة. يساعد ذلك في تتبع العميل في كل مرحلة حتى إتمام عملية شراء المنتج أو الخدمة، بالإضافة إلى المتابعة معه في مرحلة ما بعد الشراء لنيل رضا العميل وكسب ولائه للعلامة التجارية.
لنفترض أنك تمتلك متجر إلكتروني لبيع منتجات التمور، ستحتاج أولًا لزيادة وعي العميل المحتمل بعلامتك التجارية والمنتجات التي تقدّمها وكيف يمكنها حل مشكلته؟ يمكن القيام بذلك بعدّة طرق على سبيل المثال، نشر منشورات على منصات التواصل الاجتماعي أو كتابة تدوينات على مدونة المتجر تستعرض فيها فوائد التمر لصحة الجسم أو أفضل الطرق لتناول التمر وغيرها من المواضيع الأخرى التي تهدف إلى زيادة وعي العميل بالمنتج الذي تبيعه.
بعد ذلك، تبدأ الخطوة الثانية والتي يبدأ العميل خلالها عقد مقارنات بين أنواع التمور المختلفة ليقرر أي نوع سوف يشتري. يمكنك استغلال مميزات التسويق الإلكتروني في هذه المرحلة من خلال نشر مقارنات على منصات التواصل الاجتماعي أو المدونة أو عبر البريد الإلكتروني، بين أنواع التمور المختلفة من حيث نسبة السكر، الرطوبة، السعر، الحجم وغيرها من التصنيفات الأخرى.
يأتي دور المرحلة قبل الأخيرة التي يكون فيها المشتري جاهزًا لعملية الشراء. يمكنك الاستفادة من مزايا التسويق الإلكتروني في هذه المرحلة عبر عدّة طرق مختلفة مثل: إرسال رسائل بريد إلكتروني لتحويل العميل لصفحة الشراء مباشرة، نشر منشورات توضّح طريقة الشراء عبر المتجر أو منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمتجر… إلخ.
لا يجب أن تتوقف عند مرحلة الشراء، ولكن يجب المتابعة مع العميل في مرحلة ما بعد الشراء لكسب ولائه لشركتك وعلامتك التجارية وتحويله إلى مشتري فعلي. قد يحتاج العميل مثلًا شرحًا لطريقة استخدام منتج معين، بالتالي يمكنك المتابعة معه بشكل تلقائي بعد إتمام عملية الشراء برسائل عبر البريد الإلكتروني لشرح أفضل الطرق لاستخدام المنتج بكفاءة وفاعلية.
4. يبدأ معظم الأشخاص رحلة الشراء عبر الإنترنت
يلجأ أغلبنا للبحث عن منتج أو خدمة معينة قبل اتخاذ قرار شرائها سواء كان المنتج أو الخدمة متوافرين على الإنترنت أو في متجر فعلي، إذ توجد إحصائية تبين أن حوالي 63% من عمليات الشراء تبدأ عبر الإنترنت، بالتالي يجب أن تتمتع الشركات والعلامات التجارية بحضور قوي لها عبر الإنترنت حتى تزيد فرص جذب العميل للشراء منهم.
علاوةً على ذلك، أظهرت دراسة حديثة أن حوالي 59% من العملاء المحتملين يفضلون الاطلاع على بعض وسائل التواصل الرقمية للشركة قبل أن اتخاذ قرار الشراء منها، فيما يلي أمثلة على بعض تلك القنوات الرقمية: البريد الإلكتروني، النبذة التعريفية للشركة داخل الموقع الإلكتروني، ملفات تعريف الوسائط الاجتماعية للشركة، إعلانات الشركة عبر الإنترنت… إلخ.
5. سهولة استهداف المتسوقين عبر الجوال
أظهرت إحصائية حديثة أن عدد المتسوقين عبر الجوال قد بلغ حوالي 50% من إجمالي المتسوقين عبر الإنترنت، وهذا العدد في تزايد مستمر. بالتالي إذا اعتمدت فقط على التسويق التقليدي فلن يكون بمقدورك الوصول لتلك الشريحة الكبيرة من المشترين عبر الجوال. يمكن الاستفادة من مزايا التسويق الإلكتروني لاستهداف المتسوقين عبر الجوال، من خلال تزويدهم بتجربة مريحة متوافقة مع الجوال.
6. يوفّر التسويق الإلكتروني استجابة فورية للدعوة إلى إجراء معين CTA
لا يوفّر التسويق التقليدي نتائج فورية وتكون الدعوة إلى إجراء معين فيه بطيئة نسبيًا. مثال على ذلك، إذا قمت بنشر إعلان على التلفاز لبيع منتج معين خاص بشركتك ولاقى هذا المنتج إعجاب بعض العملاء وقرروا شرائه، فهل استجابتهم ستكون فورية؟
في أغلب الأحوال لن يشتري العملاء المنتج في الحال، ولكن في أقرب فرصة ممكنة عندما يكونوا قريبين من المتجر أو في أفضل الأحوال سوف يتواصلوا معك عبر الهاتف ولكن يبقى ذلك أقل فاعلية مع كثرة الاتصالات. على العكس تمامًا، يمكن الاستفادة من مميزات التسويق الإلكتروني في توفير دعوة فورية إلى إجراء معين.
إذ يتيح التسويق الإلكتروني للعميل بنقرة زر الانتقال إلى صفحة الشراء أو التواصل مع المتجر عبر الرسائل لطلب المنتج، حتى في أسوأ الحالات إذا كان العميل منشغلًا حاليًا ويرغب في شراء المنتج لاحقًا يمكنه حفظ المنشور أو التدوينة لإتمام عملية الشراء فيما بعد.
7. أكثر فاعلية من ناحية التكلفة من التسويق التقليدي
إذا كنت تمتلك مشروع صغير وتبحث في أنواع التسويق المتاحة أمامك للوصول لشريحة عملائك المحتملين، ستكتشف أن التسويق التقليدي يتطلب منك ميزانية كبيرة نسبيًا من التسويق الرقمي. يعدّ هذا الأمر عقبة قد تفشل أو تنهي أي مشروع ناشئ قبل أن يبدأ.
لذلك، يناسب التسويق التقليدي الشركات والعلامات التجارية الكبرى التي تستطيع تحمّل تكلفة تسويق مرتفعة للوصول لشريحة عملاء كبيرة وعلى نطاق واسع. يتيح لك التسويق الرقمي تتبع الحملات التسويقية يوميًا للتحكم في مقدار الأموال التي ترغب في إنفاقها على كل قناة تسويقية تعتمد عليها في حملتك حسب مقدار العائد على الاستثمار الذي تحققه.
فإذا كنت تعتمد على الإعلانات عبر منصات الفيسبوك وانستجرام وسناب شات مثلًا، ولاحظت أن منصة الفيسبوك تحقق لك أكبر عائد على الاستثمار، يمكنك حينها زيادة الأموال المنفقة على منصة الفيسبوك لتحقيق عائد أكبر، وهذا الأمر غير ممكن في التسويق التقليدي.
8. القابلية للقياس
لعل من أهم فوائد التسويق الرقمي القدرة على قياس مؤشرات الأداء الرئيسية KPIS التي تهم كل صاحب شركة أو مسوّق لقياس فاعلية حملاته التسويقية ليقرر ما إذا كانت تحتاج حملته إلى بعض التحسينات. تختلف مقاييس لتقييم أداء الحملات التسويقية باختلاف القناة التسويقية المستخدمة، فيما يلي أمثلة لبعضٍ منها: تكلفة النقرة (CPC)، العائد على الاستثمار (ROI)، تكلفة اكتساب العملاء (CAC)، قيمة عمر العميل (CLTV)… إلخ.
وعلى عكس التسويق الرقمي، يصعب قياس فاعلية الإعلانات التقليدية بنفس الدّقة. لو افترضنا أنك نشرت إعلانًا لمنتج أو خدمة خاصة بشركتك في جريدة ما، فلن تكون قادرًا على تحديد عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى رقم الصفحة التي تحتوي على إعلانك، حتى لو وصلوا، هل فعلًا انتبهوا لإعلانك أم أن موقعه كان غير مرئيًا بالنسبة لهم؟