لا جدال إطلاقًا أن تكلفة المنتج أهم المعايير التي يأخذها العميل بالحسبان قبل عزمه على شراء أي منتج. بالتالي فإن أسلوب التسعير يلعب دورًا نفسيًّا أساسيًّا لجذب العميل وإقناعه بالشراء. من أجل ذلك سنفرد فيما يلي قائمةً لبعض أهم النقاط والمبادئ النفسية عند تسعير المنتجات في متجرك الإلكتروني.
القوّة السيكولوجية للرقم 9
معظمنا لا يعرف القوة النفسية التي يمتلكها الرقم 9 لا سيّما في التسويق والبيع عبر الإنترنت. فلهذا الرقم تأثير نفسي قوي على قرار الشراء لدى العميل. فعادةً ما يوضع الرقم تسعة في تسعيرة المنتجات التي تُوضع في سياق العروض أو التخفيضات، إذ أن معظم العملاء يرون منتجًا بتكلفة 3.99 أرخص من آخر بسعر 4.00 وبفارقٍ (نفسي) كبير، على الرغم من أن الفارق هو 0.01 فقط.
هذا في الواقع يُدعى بالتأثير النفسي للرقم الأيمن حيث يركز معظم العملاء على الرقم الأول ومن ثم يقاربونه إلى الأرقام الأصغر، بمعنى أن العملاء يرون الرقم 3.99 أقرب (نفسيًّا) إلى الرقم 3.00 منه إلى الرقم 4.00. وهذا يوضّح لنا أهمية استراتيجية الرقم 9 خصوصًا عند التأثير في العملاء الذين يبحثون عن العروض والتخفيضات.
مقارنة الاسعار
قد لا تتوقع مدى التأثير الذي تمتلكه استراتيجية مقارنة الأسعار على العميل. ففي بعض الأحيان ليس المهم أن تغيّر أو تخفّض من سعر المنتج، بل المهم هو أن تُرسّخ لدى العميل فكرةً دقيقة عن مصداقية السعر الحالي للمنتج. وذلك من خلال أسلوب المقارنة. فمعظم العملاء إن لم يكن جميعهم يجرون مقارنةً شاملة لأسعار المنتج الذي يستهدفونه قبل شراءه، سواءً عبر مقارنة سعر منتجك الذي صادفهم بمنتجات شبيهة في متاجر منافسة أو حتى بمنتجات أخرى من الصنف نفسه في متجرك.
تعتمد استراتيجية المقارنة على وضع المنتجات نفسها بأصناف وأسعار وعروض مختلفة. فعندما تضع مثلًا عصّارة بقيمة 100 وأخرى من شركة مختلفة بقيمة 70 (ويمكنك أيضًا وضع عصّارة ثالثة بقيمة باهظة 200 مثلًا)، فإن ما قمت به الآن هو إجبار العميل على إجراء مقارنة نفسية مباشرة بين المنتج الثمين والآخر الأقل قيمةٍ وربما جودةً، وبالتالي ولّدت نوعًا من التصوّر اللاواعي للمنتج الجيّد والفرق بين ثمنه وثمن آخر أقل جودة. والنتيجة هي ميل العميل إلى شراء المنتج ذي التصوّر المثالي في نفسه، حينها سيكون قرار العميل كالتالي: المنتج بقيمة 200 يبدو خياليًّا وبعيد المنال، والآخر بقيمة 70 يبدو غير عمليّ ورديء في حين أن العصّارة بقيمة 100 تبدو جيّدة وبسعر مناسب.
العروض المُغرية
شكل آخر من أشكال الاستراتيجيات النفسية لعلم النفس التسويقي التي تدفع العميل إلى الشراء بناءً على عروض مُغرية. على سبيل المثال يمكنك وضع العرض التالي: المنتج (أ) تكلفته 70 دولار والمنتج (ب) تكلفته 100 دولار، في حين أن سعر كليهما معًا 100 دولار. هذا العرض قد يبدو غريبًا للوهلة الأولى إلّا أنه يحمل تأثيرًا نفسيًا كبيرًا عندما يقدر العميل التكلفة، وفي مثل هذه العروض سيميل العميل إلى شراء عرض المنتجين معًا في صفقة يراها رابحة. هذه الاستراتيجية مفيدة جدًّا لبيع مجموعة من المنتجات دفعة واحدة.
سعر الجملة
السعر بالجملة نوع من التكتيك النفسي الضروري في حالة المنتجات التي يتطلّب استخدامها -بشكل فعّال- شراء العميل لكامل المجموعة. على سبيل المثال، يمكنك أن تعرض مجموعة احترافيّة للرسم تتضمّن كلًّا من منصّة الرسم واللوحة والأوراق الخاصّة وكذلك مجموعة متنوّعة من الألوان المائية ورِيش التلوين ذات الجودة العالية بطريقة مُغرية، كيف؟
حسنًا كل ما عليك فعله هو أن تعرض كل منتجٍ من المنتجات السابقة بسعر فردي ومن ثمّ تعرض المجموعة كاملةً بسعر اقتصادي. هنا سيفكر العميل أن شراء كل منتجٍ على حدة لن يكون أكثر تكلفة فحسب، بل سيكون متعبًا، لذلك سيميل إلى شراء المجموعة المتكاملة مباشرةً.
التوصيف الكافي
يتطلّب بيع المنتجات ذات الجودة العالية توصيفًا واستعراضًا كافيًا لميّزاتها لا سيّما إذا كانت تكلفتها مرتفعة مقارنة بالمنتجات الأخرى ذات السعر الأقل. وهنا يجب عليك أن تحرّك آليّة التثمين النفسي لدى العميل من خلال ذكر ميّزات المنتج، سواءً من حيث جودة المواد أو دقّة التصنيع أو حتى العلامة التجارية المميّزة له. كل تِلك العناصر تلعب دورًا بارزًا في ترسيخ قيمة المنتج الحقيقية لدى العميل، وبالتالي استعداده لشرائه بغض النظر عن كلفته الماديّة.
تجزئة السعر
إذا أردت بيع خدمة معينة مقيدة بمدة زمنية محددة فإن استراتيجية تجزئة السعر هي الحل الأمثل. على سبيل المثال، يمكنك تقديم خدمة أو اشتراكٍ في تطبيقٍ بثلاثة عروض يتضمّن الأوّل اشتراكًا أسبوعيًا بتكلفة 49.99 دولار، والثاني شهريًّا بتكلفة 189.99 والثالث سنويًّا بقيمة 1899.99.
في هذه الحال وعلى الرغم من أن الاشتراك السنوي يبدو خيارًا اقتصاديًّا إلا أن معظم العملاء لن يميلو إليه بسبب توجّسهم من المدّة الطويلة، فهم قد يستخدمون التطبيق أو الخدمة لثلاثة أشهر فقط ثم يتوقّفون بعدها عن استخدامه لسبب ما، دون أن نذكر أن دفع مبلغ 1899.99 دفعة واحدة قد يشكّل خُطوةً استثماريّة خطيرة للكثير من العملاء، لذلك سيميلون مباشرةً إلى شراء الخدمة لمدّة مقبولة حتى يضمنوا الجودة والرضا النفسي عنها.
نصائح ذهبية في علم النفس التسويقي للمتسوقين عبر الإنترنت
بالإضافة إلى المعايير النفسية التي ذكرناها سابقًا هناك معايير ومبادئ نفسية أخرى تلعب دورًا داعمًا ومحفّزًا للعميل أثناء جولته في متجرك. التي ستجعل من جولته رحلةً مميّزة ليس فقط من خلال قيامه بالشراء، وإنما بشعوره بالرضا والراحة النفسية أثناء ذلك. وهذا معيار جوهري لدى الكثير من العملاء مما يساهم في رغبتهم بإعادة الشراء من متجرك. فيما يلي بعض النصائح الذهبية في علم النفس للمتسوقين عبر الإنترنت:
سرعة التحميل والرضا النفسي
أظهرت العديد من الدراسات أن معظم المتصفحين يتوقعون الحصول على استجابة سريعة في غضون ثانيتين بعد ضغطهم على أيّ من عناصر الصفحات. وجد الباحثون أن تركيز المستخدم يتشتت عند الانتظار لأكثر من ثانيتين للوصول إلى الهدف. وهذا في الواقع له أثرٌ سيّء على معدّل التسوّق والشراء من المتاجر الإلكترونية ذات التحميل البطيء.
لذلك إذا كان متجرك الإلكتروني بطيء التحميل فإن الزوار سرعان ما سيتضجّرون ويغادرون المتجر ويبحثون عن المنتج في متجرٍ آخر. كما أن البطيء قد يدل على وجود أعطال أو أخطاء تصميمية أو برمجية في الموقع ستترك أثرًا نفسيًّا وانطباعًا سيّئًا لدى العملاء على متجرك.
أحد الأوجه المهمة كذلك هي تجاوبية تصميم المتجر لجميع أنواع الأجهزة الإلكترونية (جميع مقاييس شاشات العرض). فينبغي تصميم الموقع ليكون مناسبًا لأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف الذكيّة على حدٍّ سواء. تخيّل على سبيل المثال، العميل وهو يتصفّح متجرك من هاتفه ليظهر بكلمات صغيرة (أي أنه تم برمجة الصفحة للعرض على الشاشات الكبيرة فقط) ويضطر معها إلى تكبير الشاشة وتصغيرها كلما أراد أن يقرأ تفاصيل عن المنتجات. هل سيكون العميل راضيًا هكذا؟ بالطبع لا. لذلك يجب أن تحرص على تصميم صفحة المتجر بحيث تظهر بشكل مناسبٍ على أي جهاز إلكتروني.
المكافآت وبصمتها الإيجابية
أحد الاستراتيجيات المميّزة التي يمكن أن توظّفها في متجرك هي منح المكافآت للعملاء الذي يبتاعون منتجاتك. يمكنك اختيار نظام المكافأة الذي تراه مناسبًا. على سبيل المثال، اجعل المكافآت على شكل نقاط يحصّلها العميل في كل مرّة يبتاع فيها منتجًا من متجرك، لتُتاح له الفرصة عند تجميع مقدار معيّن من النقاط أن يستبدلها بمنتج أو عرض أو حتى خدمة محددة.
هذه الطريقة لن تحفّز المتسوّقين على الشراء فقط بل ستولّد لديهم ارتباطًا إيجابيًّا بعلامتك التجارية أو متجرك الإلكتروني، بحيث يتحوّلون إلى عملاء دائمين عندما يشعرون بأن الشراء من متجرك يعود عليهم -بالإضافة إلى جودة المُنتج- بمنفعةٍ متزايدة. كما أنّهم سيفكّرون مرتين قبل التحوّل عن متجرك إلى متجر آخر مستقبلًا، وذلك حتى لا تضيع النقاط التي جمعوها خلال رحلة تسوّقهم في متجرك.
فرصة التجربة، معيار الثقة
عليك أن تتذكر دائمًا أن منتجاتك ليست في متناول يد العملاء. لذلك يجب أن تقدّم -دعنا نقل- بعض الامتيازات التي ستعوّض هذا النقص. فيما يلي بعض الطرق والوسائل التي ستساعدك على تقريب منتجاتك بشكل أكبر للعملاء:
- احرص على وضع صور للمنتجات بطريقة إبداعية، تُظهر فيها جميع جوانب المنتج مع توضيح كافة التفاصيل والمعلومات التي يحتاج العميل إلى معرفتها.
- لا بأس بتزويد موقعك بنظام تفاعلي يتضمّن حقلًا مخصصًّا لأسئلة العملاء وتوفير الإجابة السريعة على هذه الأسئلة، سواءً من قبل موظّفين متخصّين أو بواسطة ذكاء اصطناعي مبرمج.
- سيكون من المفيد أيضًا أن تستغل ميّزات الواقع المعزّز (Augmented Reality) في استعراض المنتجات بصورة ثلاثيّة الأبعاد بحيث تُتاح الفرصة أمام العملاء لمعاينة المنتج بشكل واقعي وتفاعلي، الأمر الذي سيزيد من ثقة العميل به ويترك انطباعًا إيجابيًّا لديه.
معايير نفسية عامّة لاتخاذ قرار الشراء النهائي
على الرغم من أن قاعدة العملاء في المتاجر الإلكترونية تكون عالميّة (عملاء من جنسيّات وثقافات مختلفة)، إلّا أن هناك معايير وعناصر نفسية عامّة ومشتركة في تقييم المتسوّقين للمتاجر الإلكترونية وسبب انجذابهم لمتجر أو منتج دون آخر، نذكر من هذه النقاط:
- تكلفة التوصيل: معظم العملاء يميلون إلى المنتجات التي تتضمّن تكُلفة توصيل بسيطة أو حتى مجانيّة.
- الكوبونات (القسائم الربحية) والتخفيضات: تُعدُّ من الأمور الأساسية التي يبحث عنها العملاء عادةً.
- أراء العملاء: استطلاعات لعملاء سابقين اشتروا المنتج وقيّموا جودته.
- سياسات استرداد أموال: أو آلية إرتجاع سلسة وواضحة للمُنتجات غير المرغوبة أو المُنتجات التي اشتراها العملاء خطأً.
- تسهيلات وتنوّع في طرق الدفع: وبساطة خطوات إكمال معلومات وبيانات العميل.