لقد شغلت ظاهرة التخلي عن سلة المشتريات المسوقين كثيرًا، وحاولوا فهم أسبابها وبحثوا عن حلول لها. هذا البحث أدّى إلى ظهور تقنيات تسويقية جديدة تُسمى تحسين عمليات المشتريات (Checkout Optimization). أظهرت هذه التقنيات فعالية كبيرة، إذ بيّنت بعض الأبحاث أنّ تحسين عمليات المشتريات يمكن أن يرفع معدلات التحويل بنحو 35.26%.

وهذا معدل كبير يمكن أن ينعش مبيعاتك ويزيد أرباحك ويعطيك قصب السبق على منَافسيك المباشرين. تحاول تقنيات تحسين عمليات المشتريات فهم أسباب التخلي عن سلال المشتريات ثم معالجتها. سوف نستعرض الآن ثمانة من أهم هذه الأسباب بناءً على الإحصائيات والأرقام، مع اقتراح حلول لمعالجتها.

1. تكلفة الشحن والمصاريف الإضافية

السبب الأول يرجع إلى المصاريف الإضافية مثل: الضرائب وتكلفة الشحن وغيرها مما يجعل المشترين يتخلون عن سلال المشتريات. إذ بينت الإحصاءات أن 60% من سلال المشتريات المهجورة تكون بسبب المصاريف الإضافية على مبلغ سلة المشتريات.

هذا الأمر ناتج عن كون الكثير من المتاجر الإلكترونية لا تُظهر المصاريف الإضافية إلا في صفحة إتمام عملية الشراء. فعندما يدخل المشتري إلى صفحة السلة للاطلاع على المبلغ النهائي، يُفاجأ بأنّ التكلفة الإجمالية أكبر بكثير مما كان يتوقع بسبب مصاريف الشحن والضرائب وغيرها.

الحل: عليك أن تكون شفافًا مع المشترين وتظهر لهم المصاريف الإضافية ما أمكن ذلك. صحيح أنّ هذا ليس سهلا دائمًا، خصوصًا في مصاريف الشحن التي لا يمكن في كثير من الأحيان حسابها إلا بعد أن يختار المشتري كل المنتجات التي يريدها، حينها فقط يمكن حساب تكلفة الشحن. مع ذلك حاول قدر الإمكان أن تظهر مصاريف الشحن للمشترين.

أما فيما يخص الضرائب، قد يكون الأفضل أن تشملها مع الأسعار ولا تجعلها في المصاريف الإضافية. حاول أن تكون شفافا وتلغي قدر الإمكان المصاريف الإضافية أو تجعلها ظاهرة للمشتري منذ البداية كما تفعل المتاجر الإلكترونية الكبيرة مثل: أمازون التي تظهر تكلفة الشحن قرب معلومات المنتجات.

 

2. فرض إنشاء حساب على المشتري

تفرض بعض المتاجر الإلكترونية على المشتري إنشاء حساب قبل إتمام عملية الشراء. هذا الأمر مزعج وغير ضروري، وهو ثاني أكثر الأسباب التي تجعل الناس يتخلون عن سلة المشتريات ويغادرون الموقع. إذ تقدر الدراسات أنّ نحو 37% من المشترين تخلوا عن سلة المشتريات لهذا السبب بالتحديد.

الحل: لا تفرض على المشترين إنشاء حساب، إذ أنّ كثيرٌ من الناس لهم حسابات في عشرات المواقع. وإنشاء حساب جديد رغم أنّه يبدو سهلاً ولا يستغرق الكثير من الوقت إلا أنّه يسبب إزعاجًا كبيرًا، خصوصا وأنّ عليهم تذكر بيانات الحساب مثل: كلمة المرور التي ينبغي أن تكون مختلفة في كل موقع حتى لا تُستخدم لقرصنة حساباتهم فيما بعد.

هناك حل وسط يمكنك اللجوء إليه، وهو جعل إنشاء الحساب اختياريًا. إذ تتيح الكثير من منصات التجارة الإلكترونية مثل: متجر ووكومرس خيار إنشاء حساب اختياريًا. أما إن كنت مصرًا على جعل المشترين ينشئون حسابات على متجرك الإلكتروني، فانظر في إمكانية إعطائهم حوافز لذلك، كأن تعرض عليهم الحصول على كوبونات خصم مقابل التسجيل في الموقع.

3. تعقيد عملية الدفع

تمثل عملية الدفع الجانب الأكثر تعقيدًا في التجارة الإلكترونية. إذ تتطلب إدخال معلومات شخصية وامتلاك حسابات مالية في منصات الدفع الإلكتروني. بعض المتاجر الإلكترونية  تُدّخل تعقيدات كبيرة إلى عملية الدفع إذ تفرض على المشتري الكثير من الخطوات لإكمال عملية الدفع، كأن تطلب منه ملء الكثير من الحقول.

تشير بعض الإحصائيات أن متوسط أعداد الحقول في صفحات الدفع هو 14.88 حقلًا، وهو ضعف العدد الضروري لإتمام عملية الشراء. هذا الأمر يجعل عملية الدفع طويلة ومزعجة، ويُقدّر أنّ نحو 21% من المشترين يتخلون عن سلة المشتريات بسبب عمليات الدفع المعقدة والطويلة.

هذا الأمر يجعلك تتساءل، ما دام أنّ المتاجر الإلكترونية لا تحتاج على العموم إلا إلى ثمانية حقول في المتوسط لإتمام عملية الشراء، فلماذا الإصرار إذن على إضافة الكثير من الحقول الإضافية غير الضرورية لتصل إلى 14 حقل. أحد أسباب ذلك قد يكون هو قلة الخبرة والمعرفة بتقنيات التسويق لدى الكثير من أصحاب المتاجر الإلكترونية. لكن هناك سبب آخر ممكن، وهو الهوس بالبيانات والمعلومات.

فنحن نعيش عصرًا أصبحت فيه البيانات ثروة ورأسمال وميزة تنافسية كبيرة، فكلما عرفت أكثر عن العملاء المحتملين زادت فرصك في البيع لهم وتحويلهم. لا أحد ينكر أهمية البيانات، وبالتأكيد عليك أن تحاول معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات عن عملائك -شريطة أخذ إذنهم طبعا-.

لكن تذكر أيضا أنّ الناس عموما لا يحبون أن يدلوا ببياناتهم الشخصية إلى الغرباء. فعندما يدخل شخص ما إلى متجرك الإلكتروني، فكل ما يريده هو شراء المنتجات التي يحتاجها، وآخر ما يريده أن تطلب منه معلومات شخصية لا علاقة لها بعملية الدفع، مثل: رقم هاتفه، واسمِ الشركة التي يعمل فيها وغير ذلك.

الحل: لا تطلب من المشترين إلا الحد الأدنى من البيانات التي تحتاجها لإتمَام عملية الشراء، مثل: الاسم وعنوان البريد الإلكتروني وعنوان الشحن والمعلومات الضرورية. لا مشكلة في إضافة بعض الحقول غير الضرورية شرط أن تبين للمشتري بوضوح أنها اختيارية تمامًا، وأنّ بمقدوره إتمام عملية الشراء بدونها. وهذه بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك على تحسين صفحة الدفع:

  • استخدم تقنيات التعرف على المواقع الجغرافية لمعرفة موقع المشتري وملء الحقول تلقائيًا.
  • لا تقسّم عملية الدفع إلى عدة صفحات، واجعلها في صفحة واحدة فقط.
  • إن كان للمشتري حساب على المتجر فاستخدم البيانات المسجلة لملء الحقول تلقائيًا.

4. أخطاء في الموقع

تُهجر 20% من سلال المشتريات بسبب أخطاء أو أعطاب في المتجر الإلكتروني. فإذا رأى المشترون أنّ متجرك الإلكتروني فيه أخطاء وأعطَاب وتوقّفات، فهذا سيثير القلق في نفوسهم وسيشعرهم بأنّ الموقع غير احترافي وغير جدي. وقد يشكّون حتى في أنّ أًصحاب المتجر الإلكتروني مخادعين أو محتالين.

الحل: تحقق من خلو متجرك الإلكتروني من الأعطاب. وقبل إطلاق الموقع جربه واختبر كل الميزات التي فيه بدءا بالتسجيل في الموقع، وحتى اختيار المنتجات وإتمام عملية الدفع. إن لاحظت أنّ هناك مشاكل أو خللا في متجرك الإلكتروني فسارع إلى إصلاحه على الفور بنفسك إن كانت لك معرفة بالبرمجة، أو عبر توظيف مستقل خبير لإصلاح الخلل بسرعة.

5. الارتياب في الموقع

نحو 19% من المشترين يتخلون عن سلة المشتريات خوفًا من سرقة معلومات بطائقهم المالية. هناك الكثير من المخاطر المرتبطة بالشراء عبر شبكة الإنترنت، فهناك الكثيرون من القراصنة الذين يمكن أن يستغلوا أي ثغرة لسرقة بيانات العملاء المالية. لهذا فالناس يتخوفون عادة من الإفصاح عن معلومات بطائقهم المالية، خصوصًا إن كان المتجر الإلكتروني غير معروف، أو لم يسبق أن تعاملوا معه من قبل.

الحل: عليك أن تطمئن المشترين بأنّ معلوماتهم المالية في مأمن، وأنّك ملتزم بمعايير الصناعة، وأنّ متجرك آمن تمامًا وخال من الثغرات. وهذه بعض الأشياء التي يمكنك فعلها لطمأنة الزوار على بياناتهم:

  • اشتر شهادة SSL. التي تثبت أنّ موقعك مُؤمن، وأنّه سيتم تشفير البيانات التي يدخلها المشترون إلى الموقع قبل إرسالها إلى الخادم. بهذه الطريقة لن يكون بمقدور القراصنة اعتراض تلك البيانات وسرقتها.

شهادة SSL ضرورية للغاية في التجارة الإلكترونية، إذ تُميِّز المتصفحات المواقع التي تتوفر على هذه الشهادة بوضع أيقونة قفل بجانب عنوان المواقع للتأكيد على أنه مُشفّر.

أما المواقع غير المشفرة فيوضع بجانبها جملة “not secure”. علاوة ذلك فإنّ شهادة SSL هي إحدى عوامل الترتيب التي تأخذها جوجل في الحسبان عند ترتيب المواقع، وهذه فائدة إضافية لمتجرك.

موقع تتوافر فيه شهادة SSL

 موقع مُؤمن بشهادة SSL

موقع لا يحتوى على شهادة SSL

 موقع لا يتوفر على شهادة SSL

  • تحقق من أنّ متجرك الإلكتروني خال من أيّ ثغرات أمنية. يمكنك توظيف مستقلين أو شراء خدمات لتنقيح المتجر والتحقق من خلوه من الثغرات أو البرامج الضارة بسرعة ومبالغ معقولة.
  • ثبت إضافات أمنية. إن كنت تعمل على منصة للتجارة الإلكترونية مثل: ووكومرس، فعليك تثبيت بعض الإضافات الأمنية التي ستنقّح موقعك وتبحث عن الثغرات الشائعة. وترصد أيّ محاولة لاختراق موقعك أو البرامج الضارة المدسوسة فيه.

6. الشحن البطيء

إحدى سلبيات التجارة الإلكترونية عموما هو أنّ الشحن قد يستغرق الكثير من الوقت؛ أيامًا أو أسابيع في بعض الحالات. فالناس عادة لا يذهبون إلى شراء المنتجات إلا عندما يحتاجونها، لذلك فهم يريدونها في أسرع وقت ولن ينتظروا أياما كثيرة حتى تصل إليهم. لذا فلا ريب أنّ 18% من حالات التخلي عن سلال المشتريات تكون بسبب أنّ الوقت اللازم لشحن المنتجات وإيصالها إلى العميل طويل أكثر من اللازم. وهذه بعض الحلول التي يمكن اتباعها:

  • تعاقد مع شركات شحن احترافية ومُجهّزة في المنطقة التي تبيع فيها.
  • اعرض على المشترين إمكانية أن يأتوا بأنفسهم لأخذ المنتجات، هذا الحل مناسب إن كنت تبيع في منطقة صغيرة نسبيًا.
  • إن لاحظت أنّ المبيعات في مدينة معيّنة كبيرة، ففكر في إنشاء مخزن لك هناك، أو في تعيين وكيل يقوم بإيصال المنتجات في غضون يوم أو يومين على الأكثر.

7. عدم كفاءة سياسة الاسترجاع

يتردد الناس قبل شراء المنتجات من المتاجر الإلكترونية، خصوصًا إن كانت تلك المنتجات مخصّصة، بمعنى أنّها تختلف من شخص لآخر مثل الملابس والأحذية والمجوهرات والساعات وغيرها. لذلك فإنّ الناس يحرصون دائما على أن يوفر لهم المتجر الإلكتروني إمكانية إعادة المنتجات التي اشتروها في حال لم تعجبهم أو كان فيها خلل ما.

هذا العامل مهم جدًا عند الشراء، إذ تشير الإحصائيات أنّ حوالي 11% من حالات التخلي عن سلال المشتريات تحدث لأنّ المشتري لم يقتنع بسياسة الاسترجاع التي يتبعها المتجر الإلكتروني. يكمن الحل هنا في  مراجعة سياسة الاسترجاع في متجرك الإلكتروني، والتحقق من أنّها ملائمة ومناسبة. وأفضل طريقة لذلك هي متابعة منافسيك والاطلاع على السياسات التي يتبعونها ومحاكاتها.

8. قلة بوابات الدفع

بوابات الدفع هي الوسيلة الرئيسية للدفع على المتاجر الإلكترونية، وفي حال لم توفر للمشتري بوابة الدفع التي تعتمد عليها فلن يتمكن من إتمام عملية الشراء وسيغادر المتجر. في الحقيقة تبين الإحصاءات أنّ عدم كفاية بوابات الدفع هو السبب في 8% من حالات التخلي عن سلال المشتريات.

الحل: وفّر للمشترين أكبر عدد ممكن من بوابات الدفع، خصوصا تلك التي تعمل على الجوالات. ولا تقتصر على بوابات الدفع المعروفة وحسب. هذه بعض أشهر بوابات الدفع التي يمكنك إضافتها إلى متجرك:

  • الدفع بالبطاقات الائتمانية وبطاقات الفيزا
  • بايبال: أكبر بوابة دفع إلكترونية وأكثرها شهرة، ولا ينبغي أن يخلو منها أي متجر إلكتروني.
  • ستريب: منافس قوي لبايبال، ورغم أنّه ليس بشهرته إلا أنّ له قاعدة مستخدمين واسعة في جميع أنحاء العالم
  • Amazon Pay: هذه البوابة مناسبة إن كان للمشتري حساب على أمازون، إذ تمكّنه من شراء المنتجات دون الحاجة إلى إدخال معلوماته الشخصية.
  • Google Pay: هذه البوابة مُتاحة من جوجل، ويمكن استخدامها على الجوالات والحواسيب بسهولة وسلاسة.
  • Apple Pay: لا شك أنّ بعض عملائك يستخدمون منتجات آبل التي تتيح بوابة دفع خاصة بها تُسمى Apple Pay، وهي طريقة تمكّن مستخدمي جوالات آيفون بالشراء والدفع بنقرة زر واحدة.
  • الدفع عند الاستلام: تتيح بعض المتاجر الإلكترونية للمشترين ألا يدفعوا إلا عند وصول المنتج إليهم. هذه الطريقة يمكن أن تمكّن الأشخاص الذين ليست لديهم حسابات مصرفية أو حسابات على بوابات الدفع الإلكترونية من الشراء من متجرك. وهو حال الكثيرين في الدول العربية.

هذه القائمة ليست حصرية، فهناك العشرات من بوابات الدفع، إضافة إلى بوابات دفع محلية خاصة بدولة أو منطقة معينة. عليك أن تدرس الشريحة المستهدفة وتحاول أن توفر لهم بوابات الدفع المناسبة لهم.

اترك تعليقاً