أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فقد طال حرفيًا كلَّ مجالٍ من مجالات الحياة، خصوصًا بعد ظهور العمل الحر الذي انتشر بكثرة في الآونة الأخيرة، والذي يتطلب العديد من المهارات التي تساعد الأشخاص في العثور على فرص العمل عبر الإنترنت. يتيح العمل الحر الفرصة أمام الفرد لتحويل خبراته واهتماماته إلى مصدر دخل، ومع سهولة الوصول إلى الإنترنت تزداد المنافسة يومًا بعد يوم بين المستقلين، وكأنهم في سباق لا يتوقف، وعلى من يرغب في كسبه أن يطور من نفسه ومن مهاراته ليتفوّق على منافسيه.
لذلك، يجب أن يكون المستقل مهتمًا بتطوير مهاراته التقنية، وأن يبقى على اطلاع مستمرّ على أحدث توجهات سوق العمل، وذلك على اختلاف مجال العمل، وذلك سواءً كان العمل لدى شركة تقنية، أو في مجال التسويق والمبيعات، أو حتى في كتابة المحتوى، وغيرها. وبهذه الطريقة، سيتيح الفرصة لنفسه للعمل ضمن آفاق أوسع.
لنتعرف أولًا على المهارات الأساسية للعمل الحر.
المهارات الأساسية للعمل الحر
هناك مجموعة من المهارات الأساسية التي يحتاجها كل مستقل للبدء في مجال العمل الحر. قد يتضمن العمل الحر عددًا من التقلبات، ولكن إن عمل المستقل بجد لتطوير تلك المهارات، فسيجني ثمار ذلك بنفسه.
يحتاج نجاح أي عمل غالبًا إلى مزيج من المهارات التقنية والمهارات الشخصية. ويُعَد كلا النوعين من المهارات ضروري لأداء الفرد والتقدم بنجاح في مسيرته كمستقل.
1. المهارات التقنية
المهارات التقنية هي المعرفة أو القدرات اللازمة لأداء مهام محددة. بمعنى آخر، هي المهارات الخاصة بالعمل، والتي غالبًا ما يمكن اكتسابها من خلال التعليم أو التدريب. وهي تشمل مهارات مثل كيفية استخدام برنامج معين أو أداة ما.
على سبيل المثال، من المهارات التقنية للمترجم استخدام أدوات Cat Tools، وهي أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب؛ ومن المهارات التقنية للمصمم تقديم العروض التقديمية. تختلف المهارات التقنية كثيرًا من عمل إلى آخر، فبالنسبة للمبرمجين تُعَد معرفة لغات الترميز المختلفة مهارة تقنية. في حين يحتاج ممثلو خدمة العملاء إلى مهارات تقنية تتعلق بإدارة العملاء. إذًا، تتطلب العديد من المهارات التقنية التدريب والخبرة لإتقانها.
2. المهارات الشخصية
المهارات الشخصية هي سمات شخصية تحدد طريقة العمل مع العملاء. وعلى قدر أهمية المهارات التقنية لأداء المهام بنجاح، تأتي أهمية المهارات الشخصية وضرورتها لخلق بيئة عمل إيجابية.
تشمل المهارات الشخصية التواصل الفعال على سبيل المثال، وهو مهارة شخصية رئيسية يسعى إليها العديد من العملاء. يشمل البعض الآخر العمل بروح الفريق والموثوقية ومهارات الاستماع الفعال والرغبة في التعلم وغيرها.
كيف أطور من نفسي من الناحية التقنية؟
كلما اكتسب المستقل المزيد من الخبرة التقنية، زادت سرعته في التكيف مع متطلبات السوق المتجددة والتكنولوجيا الجديدة. المستقل الناجح هو مَن يبحث دائمًا عن طرق للارتقاء بمهاراته. إذًا، كيف يطور من مهاراته التقنية؟ هناك عدة طرق يمكن الاعتماد عليها في تحسين المهارات التقنية، وسنذكر أهمها.
1. تخصيص وقت للقراءة
لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية القراءة وأثرها على الفرد وأدائه، إذ تُعَد القراءة من أفضل الطرق لتطوير المهارات التقنية، سواءً قراءة كتب ورقية أو إلكترونية أو مقالات، فجميعها يحتوي على فائدة. تنتشر عبر الإنترنت الكثير من المعلومات الرائعة المجانية، والعديد من الكتب التقنية الإلكترونية، ومنها ما هو مجاني، ومنها ما هو مدفوع، فلِمَ لا نستغل هذا لصالحنا؟
يبحث الباحث حول موضوع معين عبر جوجل، فتظهر له النتائج ما بين مقالات وكتب إلكترونية، وكلها خيارات رائعة للمطالعة. وتُعَد أكاديمية حسوب من أبرز المنصات العربية التي تؤمّن اﻵﻻف من المقالات والدروس المجانية في مختلف الاختصاصات.
2. التسجيل في الدورات التدريبية
يمكن تعلم معظم المهارات التقنية ذاتيًا من خلال البرامج أو الدورات التدريبية المخصصة، حيث يحتوي الإنترنت على عدد لا يحصى من البرامج التعليمية والدورات والمواد المرجعية الأخرى المناسبة للمتعلم. اعتمادًا على نوع المهارة، قد تكون قادرًا على تعلمها من خلال دورة واحدة أو أكثر، إما عبر الإنترنت، أو بطريقة شخصية.
الدورات التدريبية عبر الإنترنت إمّا مجانية، أو مدفوعة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأمر يتطلب قدرًا لا بأس به من الانضباط الذاتي والمسؤولية وتنظيم الوقت لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
3. التعلم عبر اليوتيوب
يجب أن يكون يوتيوب جزءًا من خطة تطوير المهارات التقنية، فهو ليس منصةً ترفيهيةً فحسب، بل هو منصة تعليمية رائعة أيضًا، كما لو أنه مكتبة افتراضية تتوافر الكثير من مقاطع الفيديو الخاصة بالمهارات التقنية للمستقلين على اختلاف مجال عملهم.
تُعَد تلك المقاطع أداةً تعليميةً قويةً للغاية، وتُضيف عنصرًا ديناميكيًا إلى رحلة التعلم والتطوير، وتُسهّل عملية نقل المعرفة إلى المشاهد، وتُوضّح كل ما قد يكون معقدًا عبر شرح الموضوعات الصعبة.
تُعَدّ منصة يوتيوب خيارًا مفضلًا للمستقلين الراغبين في تطوير مهاراتهم التقنية، وذلك لتوافر مقاطع فيديو قصيرة وفعّالة لا حصر لها، ولسهولة وسرعة الوصول إلى المعلومة؛ بالإضافة إلى إمكانية إعادة مشاهدة المقاطع عدة مرات حسب الرغبة، وبالتالي تحليل المعلومات، والتركيز على النقاط المهمة، وتدوين الملاحظات، مع إمكانية تحميل المحتوى التعليمي ليكون متاحًا في وضع عدم الاتصال.
4. استشارة خبير
قد تكون هذه الطريقة هي الطريقة الأسرع لتعلم وتطوير المهارات التقنية، فاستشارة شخص محترف يمتلك المهارات التقنية التي يريدها المستقل، ستختصر عليه الطريق كثيرًا، حيث سيكون هذا الشخص قادرًا على نقل خبرته إلى المستقل ومساعدته في تعلّم المهارات، إما مجانًا، أو مقابل تعويض؛ ولكنّ هذا الخيار ليس خيارًا متاحًا دائمًا، خاصةً إن لم يكن هناك مَن هو متاحًا لشغل هذا الدور.
5. التجربة
ويُقصد بالتجربة مواجهة الأمر بطرائق مختلفة إلى حين الوصول إلى الإجابة الصحيحة، فالتجربة والخطأ شرطان أساسيان في التعلم. على سبيل المثال، إذا رغب الشخص بتطوير مهاراته التقنية في مجال إنشاء مواقع الويب، فإن التعلم التجريبي سيكون خيارًا مناسبًا له، إذ يعمل على إعداد مدونته الخاصة بعد مشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية عبر يوتيوب. وبمجرد إنشاء موقع الويب، يبدأ بإطلاق بعض الإعلانات عبر الإنترنت باستخدام Google adwords، والتسويق لمحتواه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المهارات التي يريد تعلمها. وكلما عمل وجرّب أكثر، تعلم واستفاد وطوّر من مهاراته التقنية، وشعر بالإنجاز. ولا بأس بالخطأ، فالخطأ يحدد لك نقاط ضعفك، ويعني أنك تجرب فعلًا.
كانت هذه أهم الطرائق التي تساعد على تطوير المهارات التقنية. معظم تلك المهارات التقنية رائعة جدًا، وتفتح إمكانيات هائلة أمام صاحبها. والآن، سنتستعرض أهم المهارات التقنية لمجالات العمل الحر المختلفة.
أمثلة على المهارات التقنية لمجالات العمل الحر
المهارات التقنية مطلوبة في كل مجال تقريبًا من مجالات العمل الحر. سنذكر بعضًا منها كأمثلة:
1. البرمجة
يتطلب مجال البرمجة العديد من المهارات التقنية، ومنها:
تعلم الخوارزميات.
التنوع في تعلم لغات البرمجة، وعدم اﻻقتصار على لغة واحدة فقط.
تحليلات البيانات.
تصميم قاعدة بيانات.
اختبارات الشيفرات البرمجية.
2. التسويق
من المهارات التقنية التسويقية التي تساعد المستقل على بناء وجود لشركة ما على مواقع التواصل الاجتماعي وزيادة الوعي بالعلامة التجارية الخاصة بها:
إنشاء حملات إعلانية على الفيسبوك والمنصات المشهورة الأخرى.
المعرفة بأنظمة إدارة المحتوى.
تصميم المحتوى.
تحسين محركات البحث SEO.
أدوات تحليلات التسويق.
3. كتابة المحتوى
يسعى كاتب المحتوى المميز إلى تطوير مهاراته التقنية باستمرار، ومن تلك المهارات:
الكتابة الإعلانية.
التدقيق اللغوي.
المعرفة بأنظمة إدارة المحتوى.
4. التصميم
يتطلب التصميم الجرافيكي (تصميم الرسوميات) إتقان مجموعة من المهارات التقنية المهمة، ومنها:
تطبيقات أدوبي Adobe المختلفة، مثل: فوتوشوب Photoshop، وإليستريتور Illustrator، وإن ديزاين InDesign).
الترميز.
تصميم عروض تقديمية.
استخدام الوسائط التفاعلية، مثل الصور المتحرّكة والأصوات والنصوص.
ما سبب أهمية تطوير المهارات التقنية؟
تزداد أهمية تطوير المهارات التقنية من وقتٍ إلى آخر كثيرًا، خاصةً في ظل التطور التكنولوجي المستمر الذي يطال مختلف قطاعات الأعمال والصناعات. والمهارات التقنية مهمة لاعتماد كل عمل تقريبًا على أدوات وبرامج مختلفة عن غيره.
سيحظى المستقل الذي يسعى إلى اكتساب وتطوير المهارات التقنية الخاصة بمجال عمله، بفرص عمل أكبر، وسيبقى في مقدمة منافسيه. وهنا نذكر بعض فوائد تطوير المهارات التقنية:
1. الشعور بالإنجاز
إن تعلم وتطوير المهارات التقنية تجعل الشخص قادرًا على التكيف مع أي موقف قد يواجهه في عمله، وهذا ما يمنحه الشعور بالإنجاز، ليس على الصعيد المهني فقط، بل على الصعيد الشخصي أيضًا، ويتيح له إمكانية الوصول إلى فرص جديدة ومختلفة.
2. تحسين الدخل
يفتح تعلم مهارات تقنية جديدة، وتطوير المهارات الموجودة؛ آفاقًا جديدةً أمام المستقل، ويجعله يحظى بالمزيد من اﻷعمال، وهذا ما يساعد في زيادة دخله. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يعمل ككاتب محتوى، واكتفى بذلك دون تعلم مهارات تقنية جديدة، فسيبقى في مكانه، ولن يحرز أي تقدم مهني فعلي. في المقابل، إذا تعلم كتابة المحتوى بما يتوافق مع معايير تحسين محركات البحث SEO، فقد عمل بذلك على تحسين مستواه ودخله.
3. جذب العملاء
ينجذب العملاء إلى المستقل الذي يُبقي نفسه على اطلاع دائم على كل ما هو جديد في مجال عمله، ويحاول تطوير ما لديه من مهارات تقنية باستمرار بما يتناسب مع متطلبات العمل. وهكذا يبني المستقل لنفسه شبكة عملاء مخلصين يعودون إليه كلما احتاجوا، ويعطونه الأولوية في أي عمل مستقبلي.
للأسباب المذكورة أعلاه، يحتاج كل مستقل إلى تطوير مهاراته التقنية التي تجعله شخصًا متميزًا في مجال عمله. وهذا ما يفتح أمامه آفاق عمل جديدةً وفرصًا رائعة.