تمثل العلامة التجارية قوةً خفيةً تساعدك على التميز بين المستهلكين داخل السوق ذات الصلة، وفي بيع المنتج أو الخدمة بكفاءة أكبر. وينطبق ذلك على عالم العمل الحر أيضًا؛ فأنت أشبه بمشروع تجاري في حال كنت رائد أعمال منفردًا، أو عندما تقدم خدمات بوصفك مستشارًا مستقلًا. اجذب مزيدًا من العملاء المحتملين والراضين إذا أردت النجاح فيما تفعله. وبالنتيجة، من الضروري أن تعرّف علامتك التجارية، وتروّج لها. ستجد في هذا المقال نصائح وخدعًا عمليةً تمنحك استيعابًا للخطوات التالية لمسيرتك المهنية بوصفك مستقلًا.

ما معنى تمييز العلامة التجارية الشخصية للمستقلين؟

يدرك كل منا قوة العلامات التجارية ذات الأسماء الرنانة، مثل نايكي Nike ونيتفلكس Netflix وريد بول Redbull؛ فلتلك العلامات التجارية تأثير كبير على الجمهور المستهدف؛ إذ يمثّل مجرد نشر رسائل موجزة منها على تويتر، جزءًا من استراتيجياتها الهادفة إلى ترسيخ نفسها بوصفها علامات تجارية. ولكن، كيف يتجلى تمييز العلامة التجارية الشخصية في حالة المستقل العادي الذي يقدم خدمات تصميم على سبيل المثال؟ سنشرح لك ذلك.

افترض أنك غارق في إنجاز مهام مسك الدفاتر في بلدك، وتأمل العثور على محترف يمكنه مساعدتك في الجزء الرسمي من عملك التجاري، ثم تبدأ بالبحث عن ذلك الشخص، فتعثر على عدد ممن تنطبق عليهم تلك الصفات؛ لتجد نفسك أمام سؤال مفاده: كيف تختار المناسب منهم لعملك التجاري؟

عليك البدء باستكشاف ملفاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو على مواقعهم الإلكترونية الشخصية، ثم الاطلاع على الخدمات التي يقدمون، والتأكد مما إذا كان لديهم خبرة وقتية وفنية كافية في المجال الذي تحتاجهم لأجله، والاطلاع على المواضيع التي يكتبون عنها، وكيفية تعاملهم مع الاستشارات التي تقدم لهم، ونماذج التسعير الخاصة بهم، إلخ؛ كما يُنصح بالبحث عن المراجعات ودراسات الحالة الخاصة بهم لتتمكن من اختيار الأفضل منهم. باختصار، نحن “نقرأ” الأشخاص، لنقرر في النهاية بمن سنستعين.

إذًا، أنت واجهة عملك التجاري بوصفك مستقلًا، وتتمثل سمعة علامتك التجارية فيما تقوله، وفي كيفية تقديمك للخدمات؛ فالفكرة هنا أن تساعد الآخرين على “قراءتك” على النحو الأكثر ملاءمة، واختيارك لتقدم لهم خدماتك التجارية في حال تناغمت رؤيتك مع احتياجاتهم.

ولنختتم هذا الجانب، يمكن القول إن تمييز علامتك التجارية الشخصية بوصفك مستقلًا يتضمن خبرتك ومهاراتك وشخصيتك وكيف تُموضع نفسك بالنسبة لجمهورك المستهدف. يقول السيد توم بيترز Tom Peters، وهو الرئيس التنفيذي لشركة Me Inc: “إننا نحن الرؤساء التنفيذيون لعلاماتنا التجارية الشخصية، ونسوّق لأنفسنا باستمرار بصرف النظر عن مكان عملنا أو إقامتنا”.

فوائد بناء علامة تجارية شخصية للعمل المستقل

سنذكر تاليًا أهم فوائد بناء علامة تجارية شخصية لعملك الحر:

1. مصداقية أكبر وأسعار أعلى لخدماتك

عندما تنشئ علامةً تجاريةً شخصية، ستغدو قادرًا على بيع أفكارك الفريدة، واستثمار تأثيرك وفرصك. ستساعد علامتك التجارية الآخرين على الاستجابة لمقترحاتك حول الخدمات التي تنوي بيعها لهم، كما ستعزز مصداقيتك. وستغدو نتيجةً لذلك أكثر شعبيةً وقابليةً للوصول إليك على الإنترنت؛ كما ستصبح -بفضل علامتك التجارية المبنية جيدًا- أكثر استعدادًا لطلب أسعار عالية مقابل خدماتك، مما يمكّنك من تقاضي مقابل مالي ممتاز من عملائك المستفيدين من تلك الخدمات.

نلاحظ على نحو متكرر أن زملاءنا أو منافسينا -الذين يفوقوننا شهرةً ويتمتعون بتعرّف أوسع على علاماتهم التجارية من طرف الجمهور- يتقاضون أموالًا أكثر منا مقابل خدماتهم. ولا يعني ذلك بالضرورة أن خدماتهم أو منتجاتهم أفضل من تلك العائدة لنا، لكنهم أحسنوا الاستثمار في التسويق، وأثبتوا أنفسهم على أنهم رائدون في عملهم ويأتون بالجودة المتوخاة منه.

2. استمل الجمهور والمجتمع

يمكنك بوصفك مستقلًا استغلال تمييز العلامة التجارية الشخصية لجذب العملاء وأصحاب العمل ذوي الفكر المشابه لفكرك؛ إذ يميل الناس إلى الثقة بمن يعرفون، وقد يوصون بك أصدقاءهم؛ كما بوسعك استخدام علامتك التجارية لتعزيز مصداقيتك، وبالنتيجة لجذب الفرص المتناغمة مع هدفك في الحياة.

يرغب الآخرون في العمل معك حالما يتكون لديهم شعور إيجابي نحو علامتك التجارية. وحتى لو عجزت عن تحقيق ذلك، فما يزال بوسعك استخدام تمييز علامتك التجارية الشخصية للتواصل مع عملائك.

3. إعلان بالمجان

من المستحسن أن تستخدم علامتك التجارية الشخصية للدعاية لنفسك أيضًا. فإذا أظهرتَ إنجازاتك وجعلت عملك يبدو جديرًا بالمشاركة، فستكون كأنك استخدمتَ قناةً مجانيةً لجذب عملاء محتملين. وهنا يمكنك نشر شهادات ودراسات حالة، كنت قد تلقيتها من عملاء راضين بالأعمال التي أنجزتها لهم، وذلك لإظهار قدراتك. ويساعدك تطوير علامة تجارية شخصية في جذب مزيد من العملاء، والمشاريع بطبيعة الحال.

تُظهر الأبحاث ذات الصلة أن أفراد جيل الألفية لا يثقون بالإعلانات التقليدية. ولذا، علينا حاليًا التسويق لأنفسنا وأعمالنا على نحو أكثر إبداعًا، وإضفاء شخصياتنا على علاماتنا التجارية.

4. عملاء ذوو ولاء ومعدل احتفاظ عال بهم

يأخد الناس الاعتبارات العقلانية والعاطفية بالحسبان قبل شراء منتج أو طلب خدمة؛ إذ لا يقل الدافع العاطفي أهميةً عن العقلاني. افترض أنك لا تقدم خدماتك للعميل وجهًا لوجه، لكنك تنسج معه علاقة إيجابية، وتحافظ على تواصل عاطفي متين معه. ستجده في هذه الحالة راغبًا في العمل معك مجددًا، أو سيستمر في إسناد المشاريع إليك على نحو منتظم.

5. فرصة للتأثير في كثير من الأشخاص ومساعدتهم

تؤدي علامتك التجارية الشخصية دور الدليل الذي تهتدي به في مسيرتك المهنية، وأشبه ما تكون بالبوصلة التي تبقيك على المسار الصحيح، وتساعدك في تجنب الأخطاء التي قد تضر بعملك. فمتى نجحت في بلورة علامتك التجارية الشخصية، ستغدو دليلَك الذي لا يقدّر بثمن نحو المستقبل؛ كما بوسعك توظيفها لمساعدة الآخرين وتسهيل حياتك. فبمجرد انتهائك من تأسيس علامتك التجارية، ستصبح قادرًا على استخدامها للتأثير في الآخرين، وهو ما يساعدك في تحقيق ما تريد.

خطوات تطوير تمييز العلامة التجارية الشخصية

سنتحدث اﻵن عن الخطوات الواجب اتباعها لتطوير وتمييز العلامة التجارية الشخصية:

1. اعثر على شغفك

تتمثل الخطوة الأولى نحو بناء علامتك التجارية في إيجاد مشروع يتملكك الشغف به؛ فمن شأن ذلك مساعدتك في تحديد تخصص سوقي تود العمل فيه. وبمجرد ما أصبحت لديك قائمة بالمشاريع الشغوف بها، يمكنك البدء بنشرها على حساباتك في وسائل التواصل الاجتماعي أو على موقعك الإلكتروني. وإلى جانب معرض الأعمال، ينبغي لموقعك الإلكتروني أن يُظهِر آخر مشاريعك وصور ذلك المعرض.

2. حدد هويتك

من الخطوات الأخرى في بناء علامتك التجارية الشخصية بوصفك مستقلًا، أن تكرس لنفسك وسمًا أو علامة؛ ويُقصد بها هويتك التجارية التي ينبغي لها أن توصل رسالةً متسقة المضمون حول تقديم خدماتك للآخرين.

العمل الحر مجال يشهد تنافسًا حادًا، ولكن العلامة التجارية الشخصية كفيلة بتمييزك عن بقية المنافسين. وسواء أكنت تعمل مصممًا أو كاتب إعلانات أو غير ذلك، فمن الواضح أن هناك كثيرًا من المستقلين الآخرين الذين يقدمون مجموعة الخدمات تلك. لكن إن كان لديك عبارة مميزة وشاركت خبراتك؛ فسيميزك عملاؤك من بقية المستقلين.

3. أوصل رسالة علامتك التجارية

 

بعدما تكون قد حددت مضمون عملك التجاري وقيمك الرئيسية، يحين الوقت ليراك الآخرون؛ إذ لن يعثر عليك أحد إن أبقيت أفكارك ومعرفتك وإنجازاتك حبيسة دماغك.

ثمة الكثير من الطرائق التي تمكّنك من إيصال علامتك التجارية الشخصية. ونستعرض لك أدناه أنجع الأمثلة عن المنصات التي تساعدك على الظهور والوصول إلى العملاء، وذلك وفقًا لقصص نجاح مئات من المستقلين حول العالم.

لكن، لا تحصر نفسك بها فقط؛ إذ يمكنك -بحسب المجال الذي تعمل فيه- الترويج لنفسك وخدماتك عبر أي برنامج أو وسيلة رائجة حاليًا.

مواقع التواصل الاجتماعي

من الضروري للمستقلين تكريس حضور لهم على الإنترنت. ولا يقل أهميةً عن ذلك أن يكونوا نشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. هناك الكثير من المستقلين الذين يروجون لأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعني أن عليهم الحضور بفعالية على الإنترنت لجذب العملاء. بالإضافة إلى ذلك، تساعد العلامة التجارية الشخصية المستقل في التواصل مع العملاء، كما يمكن أن تُسبغ لمسات شخصية على مشاريعه. ومن الضروري استيعاب أن تمييز العلامة التجارية مشروع مستمر ينبغي ألا يتوقف.

يُنصح بهذا الصدد استخدام منصة لينكد إن LinkedIn أو فيسبوك Facebook لبناء حضورك وإظهار خبرتك على الإنترنت. فمنصة لينكد إن إحدى الأدوات الرئيسية بالنسبة للمستقلين. وينبغي لسيرتك الذاتية المنشورة عليها أن تكون شاملة، وتستعرض تاريخ عملك، وتتضمن توصيات العملاء ومصادقاتهم على مهاراتك، أي تأييدها والثناء عليها. ابق نشطًا على لينكد إن عبر مشاركة محتوى قيّم، غني بالأفكار، والتشبيك الحقيقي مع الأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة؛ فتمييز العلامة التجارية الشخصية يعني أن تكون على طبيعتك، أولًا وأخيرًا. لذا، كن حقيقيًا وشفافًا؛ فمن شأن ذلك جعلك متميزًا في مجالك.

تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي أداةً لا غنى عنها لبناء علامتك التجارية الشخصية بوصفك مستقلًا؛ لذا انشر سيرتك الذاتية على تلك المنصات، مع إيراد المعلومات ذات الصلة بخبرتك العملية وآراء العملاء المؤيدة لك والمصادِقة على جودة عملك. تظل حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي نشطةً إذا شاركت المحتوى ذا الصلة باستمرار، وحافظت على تشبيك حقيقي، وتواصلت مع الأشخاص الذين يمثلون مصدرًا لفرص مستقبلية. وتُعَد العلامة التجارية الشخصية المكرسة جيدًا طريقةً مثلى للتميز عمن سواك؛ إذ يتمكن العملاء بفضل ذلك من التعرف عليك بوصفك متفوقًا على أقرانك من المستقلين، ويرغبون في توظيفك لإنجاز مشاريع لهم.

المواقع الإلكترونية الشخصية

لم يَعُد امتلاك موقع إلكتروني شخصي ميزةً حصريةً حاليًا، بل يمكن القول إنه بات أمرًا ضروريًا مع توجه العالم اليوم نحو الأتمتة والخدمات عبر الإنترنت. ومن شأن الموقع الإلكتروني الشخصي الواضح والجذاب أن يضفي مصداقيةً على عملك، وجوًا من الانتماء؛ وأن يجعل عملاءك يلمسون جديةً لديك بوصفك مستقلًا.

عليك أن تُظهر على موقعك الإلكتروني معلومات الاتصال العائدة لك، وقائمة الخدمات التي تقدمها، ودراسات الحالة. وهي ليست موجهةً فقط إلى عملائك الحاليين؛ بل سيساعدك نشرها على الموقع في كسب ثقة عملائك المحتمَلين. صحيح أن إنشاء موقع إلكتروني متقن أمر صعب ومكلف، ولكن هناك -لحسن الحظ- الكثير من الحلول للمستقلين والمستشارين؛ إذ يمكنك بسهولة إنشاء موقع إلكتروني بسيط وجذاب في آن معًا عبر منصات عديدة تقدم قوالب وأدوات سهلة ﻹنشاء المواقع.

المجتمعات والمنتديات الإلكترونية

يميل الناس إلى البحث عن مجتمعاتٍ أفرادها متناغمون معهم فكريًا، أو إلى إنشائها لطلب النصيحة، أو تلقّي الدعم، أو مشاركة آرائهم، حيال المواضيع المهتمين فيها. ولذلك السبب، نجد أن منتديات حسوب I/O وكووره Quora، وريديت Reddit، والآلاف من مجموعات فيسبوك، تجمع أشخاصًا من جميع أنحاء العالم.

من المؤكد أنك ستجد مئات المجتمعات الإلكترونية -الصغيرة منها والكبيرة- ذات الاهتمام المشترك بين أعضائها، سواءٌ أكان المجال الذي تعمل فيه تسويقًا أو تصميمًا أو تصويرًا فوتوغرافيًا، أوغيرهم. انشط على تلك المجتمعات والمنتديات، وشارك معرفتك، وأضف قيمةً ما؛ إذ يمثل ذلك مصدرًا غنيًا يجعلك مؤثرًا لغرض تطوير علامتك التجارية الشخصية وجذب مزيد من العملاء.

4. استخدم قوة التشبيك ووسائل الإعلام

ينمو أي مشروع تجاري بفضل التعرف المتزايد إلى العلامة التجارية؛ إذ تستثمر علامات تجارية كبرى بآلاف الدولارات لتُذكَر على وسائل الإعلام، ولتعريف مزيد من الأشخاص بمنتجاتها أو خدماتها؛ كما يؤدي ممثلو العلامات التجارية عملًا عظيمًا في استقطاب شبكة من العملاء، والترويج للشركة، وتطوير علامة تجارية شخصية. وهناك لحسن الحظ العديد من الطرائق الإبداعية لزيادة التأثير في الجمهور بوصفك مستقلًا.

يمكنك الانضمام إلى منصات مثل هارو HARO لتظهر على وسائل الإعلام، وهي منصة مجانية للصحفيين الباحثين عن نصائح الخبراء. وللانطلاق على تلك المنصة، عليك إنشاء حساب فيها، واختيار مجال خبرتك، والإجابة على أسئلة الصحفيين ذوي الصلة بمجالك. ستُنشر مشورتك المبنية على خبرة على مختلف المدونات، لتصل بعدها إلى آلاف الأشخاص؛ كما ستحصل على رابط خلفي إذا كان لديك موقع إلكتروني، وهي من النقاط المهمة بالنسبة لتحسين محركات البحث (سيو)، أي لتحسين ظهور موقعك الإلكتروني في نتائج البحث على الإنترنت. وبالحديث عن التشبيك، يمكنك الانضمام إلى المجتمع ذي الصلة بتخصصك، أو إنشاء مجتمعك الخاص؛ وتذكّر أن الناس يميلون إلى العثور على زملاء وداعمين لهم.

نحب أن نُحاط بأشخاص يشبهوننا فكريًا، وأن نتابع من يلهمنا؛ فأدمغتنا مبرمجة على ذلك. وينطبق ذلك حتى على الأشخاص الانطوائيين. لذا يمكنك البحث عن اجتماعات على نطاق محلي، وعن نوادٍ وفعاليات بغرض إظهار نفسك بوصفك خبيرًا في مجال ما، والالتقاء بأشخاص مثيرين للاهتمام قد يصبحون عملاء أو شركاء لك؛ أو يمكنك البحث عن مجتمعات عالمية على الإنترنت، فقد عززت اﻷوبئة التشبيك عبر الإنترنت، لذا من السهل أن تعثر على أشخاص لديهم اهتمامات مشابهة للتي لديك على وسائل التواصل الاجتماعي أو المنتديات، إلخ.

اترك تعليقاً