مفهوم جذب العملاء

تغيرت سلوكيات العملاء مع تطور الإنترنت، فانتقلوا من مجرد مقارنة الأسعار بين المنتج الواحد وبين منتج آخر على المتجر الواحد إلى مقارنتها مع المتاجر المنافسة، ثم مقارنة آراء المستخدمين أو كما يطلق عليها: (تجربة الزبون) ، ووصل الأمر إلى أن تصبح لكلمة ”أفضل“ الصدارة على نتائج محركات البحث، بالنظر لعدد مرات ظهورها وبالمقارنة مع كلمة ”أرخص“ حسب الإحصائيات.

وبالحديث عن الإحصائيات فقد أجرت شركة ماكنزي McKinsey إحصائيا خلٌصت إلى أن 44% من الزبائن يستعرضون البضائع إلكترونيًا Webrooming، حيث يبحثون عنها عبر صفحات الإنترنت، ثمّ يشترونها لاحقًا من المتاجر الواقعية، فيما يتبنّى 23% من العملاء آلية استعراض المتاجر Showrooming.

فيجربون المنتجات داخلها، ثم ينتقلون للمتاجر الإلكترونية لابتياعها بعد التأكد من جودتها وقياساتها وغير ذلك، مما جعل رحلة العميل ”هجينة“ تتطلب تقديم الخدمات افتراضيًا وواقعيًا بالتزامن لتوفير تجربة مثالية تحقق أهداف العملاء ورغباتهم.

بالمجمل إذن؛ لم يعد التسعير فقط هو المعيار في المفاضلة، بل عدد من الأسباب النفسية المشتبكة، مثل كيفية تقييم العملاء للمنتج والخدمة، وطريقة الشراء والاستخدام، ثم التوصية بالمنتجات للآخرين، والتي تجعل المنتج والعلامة التجارية ذات قيمة جذابة وفعّالة بالنسبة للعميل، وهذا ما يجعل لـ كيفية جذب العملاء للشراء أولوية عند العلامات التجارية الواعية التي تطمح للتموضع الفعّال واستدامة الأرباح.

”ثلاثة أرباع الزبائن قالوا بأن تجربة زبون رائعة ستؤكد ولاءهم، وإن الزبائن سيتقبلون زيادة أعلى في السعر بنسبة 16% مقابل تجربة زبون أفضل“ -فيليب كوتلر

يُقصد بمفهوم ”جذب العملاء“: الطريقة التي تبني بها العلامات التجارية علاقة دائمة وممتدة مع عملائها؛ وتكون كيفية جذب العملاء للشراء من خلال التفاعل الهادف طوال رحلة العميل، وذلك عبر التحفيز المستمر بين العملاء وتعزيز الولاء. في الواقع، يُعد جذب اهتمام العملاء دليل على (جودة الاتصال) بين العلامة التجارية والعملاء، وهي علامة فارقة التي تؤدي لتحفيزهم على إجراء قرار الشراء عن طريق النقر على أيقونة ”الإضافة للسلة“، أو عن طريق كود خصم خاص يظهر ببريد إلكتروني موجّه، أو عبر منشور جذاب على صفحات الشبكات الاجتماعية، وغيرها من وسائل الجذب التي تعزز الانتماء والولاء للعلامة التجارية على المدى الطويل، وبالرغم من وفرة المنافسة.

أهمية جذب العملاء

كيفية جذب العملاء للشراء تتطلب دراية بمفهوم جذب العملاء بالمستوى الأول، وفي دراسة أجرتها Amazon على شريحة مكونة من 1000 مستهلك بالولايات المتحدة خلال عام 2021م أظهرت ارتفاع نسبة المنجذبين للإعلانات المتصلة -بشكل مباشر- باهتماماتهم والذين تفاعلوا معها إيجابيًا عبر إتمام عملية الشراء، حيث شكلوا 88% من النتائج، بينما 89% أبدوا تفاعلًا مع الإعلانات التي تتقاطع مع مرحلة حياتهم الحالية، وبالمجمل يميل المستهلك للتفاعل مع الإعلانات التي تلبّي احتياجه بفاعلية. خذ على سبيل المثال التذكيرات التي تظهر بعد اختيارك لمنتج رياضي،

فمن الخطوات التي تفتح شهية المستهلك لإضافة منتجات أخرى -غير مخطط لها- للسلة الإلكترونية، أن تظهر رسالة ثانوية بعد إجراء (أضف للسلة) تستعرض عدد من المنتجات المتصلة بالمنتج الأول، ويمكن تضمين عبارة مفادها ”شاهد العملاء أيضًا“، ومثل هذا الإجراء جذّاب ومؤثر بالنظر لمدى تأثيره السايكلوجي من حيث الرغبة بالتأييد، ويعد طرفًا من كيفية جذب العملاء للشراء.

ولكي نجعل الأمر أكثر وضوحًا، فكلما حزت على اهتمام المستهلك عبر فهم احتياجه، أدى ذلك لارتفاع مستوى الثقة والولاء لعلامتك التجارية؛ فكأن الرسالة غير الظاهرة تقول ”نعرف ما تحتاج إليه ومستعدون لتلبية طلباتك“.

غالبًا سيخطر ببالك (كيف أفهم احتياج العميل؟) حتى أنتقل لـ كيفية جذب العملاء للشراء، وللإجابة عن هذا السؤال، علينا أن نعرف المسار الذي يمر به العميل في رحلة الشراء.

1- استثمر في رحلة العميل

من المتفق عليه في الأوساط التسويقية أن هنالك (رحلة عميل Costomer’s Journey) مكونة من 5 محطات (تُدعى 5A’s)، ولا يشترط فيها التتابع دائمًا، بل يمكن أن يقفز العميل من مرحلة لأخرى دون المرور بالمراحل التي تنتصف هذا المسار، وهي كما يلي:

الوعي Awareness 

تبدأ بتعرض العميل للعلامة التجارية عبر الإعلانات والتوصيات أو بالتجربة.

الانجذاب Appeal 

تشغل رسائل العلامة التجارية ذهن العميل، ويفكر باختيارها.

السؤال Ask

يزداد الفضول حيال العلامة التجارية، ويصبح العميل في حالة تأهب وتحفيز للبحث عن معلومات إضافية عنها.

الفعل Act

تساهم المعلومات التي جمعها العميل في تعزيز موقفه، فيتخذ ردة فعل عملية عبر اتخاذ قرار استخدام منتجات العلامة التجارية أو ابتياعها.

تلميحة: قرار الشراء ليست الوجهة النهائية، بل تتبعها تفاعلات إيجابية عبر ”خدمات ما بعد البيع“ مثل:

  • طريقة استخدام المنتج.
  • عروض استثنائية للعملاء (خصم للعملية التالية) وغيرها.
  • مدونة تقدم مقالات إثرائية متعلقة بالصناعة التي يتضمنها المنتج.

التأييد Advocate

يتبنى العميل موقفًا داعمًا ومناصرًا لعلامته التجارية المفضلة مع مرور الوقت وتكرار التجارب المُرضية، فيكون سفيرًا مؤيدًا لها أمام الآخرين.

بمجرّد النظر في رحلة العميل تصبح أكثر إدراكًا لحقيقة أن الحياة ذات الرتم السريع الذي نعيش وسطه لم يعد يسمح للتجربة الشخصية بالتمظهر بشكل كثيف، مما جعل القرارات الشرائية ليست شأنًا شخصيًا -كما كانت في السابق-، بل هي شأن اجتماعي، حيث يختار العميل أن يلتفت للآراء الموثوقة من حوله (كالأهل والأصدقاء). فإذن حتى تصل لـ كيفية جذب العملاء للشراء عليك أن تعزز العلاقة بين العلامة التجارية والعميل لتخلق الولاء وتزيد الروابط عبر التوصيات الشخصية اللاحقة.

نعم صحيح؛ تداول التوصيات قيمة سوقية تستحق أن تعمل بجد لتجعلها شريكًا لنجاحك، فالهدف النهائي لكل تاجر وكل علامة تجارية هو ”قيادة الزبائن من الوعي إلى التأييد بتقديم تفاعلات ممتازة لهم أثناء هذه الرحلة“ كما يشير كوتلر في كتاب (التسويق 5.0).

2- كيف تحول عميلك الحالي لعميل دائم؟

تحفيز العميل الحالي لاتخاذ قرار الشراء ليس كل شيء إذا شئت أن تتعلم كيفية جذب العملاء للشراء، فهذا ما يفعله كل تاجر، لكن التاجر ”الشاطر“ -استنادًا للمثل السائر الذي يشير لأن التجارة شطارة- هو القادر على تحفيز العميل الحالي ليصبح عميلًا دائمًا؛ فيكرر عمليات الشراء ويساهم في زيادة المبيعات عبر الترويج بالتجربة الذاتية والتوصية بالعلامة التجارية لمحيطه الاجتماعي بناءً على تجربته المُرضية. إليك عدد من النصائح العملية:

أبقه متصلًا على متجرك الإلكتروني

  • حافظ على مبدأ البساطة: من أكثر الأسباب شيوعًا لمغادرة المتجر الإلكتروني بسلة ممتلئة دون إتمام عملية الشراء، أن يواجه العميل صعوبة في السداد، ولذا فوضع خيارات محفزة مثل ”الشحن المجاني“ يساهم في تسريع عملية الشراء، كما أن من الأسباب المنفرة أن يكون الانتقال بين الخطوات مشتتًا ويستغرق مدة زمنية طويلة، ولذلك تحرص سلّة على تقديم تجربة سلسة بتيسير عملية البيع والشراء.
  • استهدف العميل المتردد: رسالة محفزة من نوع ”انتبهنا لامتلاء سلتك، ولدينا عرض خاص لأجلك لاتمام الشراء“ مع تمرير ”كود خصم“ سيؤدي لنتيجة مرضية، كما سيعزز من ولاء العميل.
  • كافئ الولاء: تشير الدراسات إلى أن 1% من عملاء العلامة التجارية بوسعه أن ينفق خمسة أضعاف العملاء 99% من بقية العملاء! اصنع برامج ولاء خاصة لعميلك الرائع، واجعله عميل دائم.

3- فن استقطاب العملاء المحتملون

المحافظة على العميل الحالي أيضًا ليس كافيًا في تطبيق كيفية جذب العملاء للشراء، وإنما عليك استدراج العميل العابر (المحتمل) ليلتفت نحو علامتك التجارية، ومن المهم أن تستحضر بأن عملية خلق الانجذاب تتضمن تحسين جودة التواصل بين العلامة التجارية وبين العميل، ويعد ذلك ممكنًا بما يلي:

أبقه متصلًا: على الشبكات الاجتماعية

  • الكلمة المفتاحية النشطة: من الوسائل النافعة في جذب العملاء على الشبكات الاجتماعية، أن تتبّع الكلمات المفتاحية المتعلقة بنشاط علامتك التجارية عبر استخدام أداة فعالة تعمل على مراقبة الكلمات المفتاحية المتداولة عند جمهورك، فتضع تنبيهًا يُعلمك بمجرد تداول إحدى هذه الكلمات لتكون استجابتك لحظية.
  • فإن كان متجرك مختص بالقهوة -على سبيل المثال-، فقد تتبع عبر محركات البحث في تويتر مثلًا كلمات مثل ”قهوة – تقهويت“، ثم كل ماعليك أن تتجاوب مع المحتوى بلمسة إنسانية، بحيث يكون التفاعل مباشر بتقديم منتجك والتعريف البسيط بمتجرك بعرض سبب ملاءمة المنتج لحاجة الباحث.
  • عميل مستاء من منافسك: بوسعك استقطاب العميل المحتمل عن طريق الخطوة السابقة مع إضافة علامات تجارية منافسة لقائمة الكلمات المفتاحية المستهدفة، كما يمكنك استثمار النتائج لتعرف مناطق الفرص المتاحة لتحسين علامتك التجارية بعد ملاحظة نقاط الضعف عن المنافسين.
  • اندمج: تعرف على المجتمعات التي تهتم بنشاط علامتك التجارية، واندمج لتفهم تطلعات المهتمين ورغباتهم حتى يسهل عليك جذبهم. الاندماج كذلك يتيح لك الترويج الفعّال لعلامتك التجارية ومنتجاتك، نظرًا لوجود شريحة واسعة من المهتمين بالصناعة التي تقدمها، والمنتجات التي توفرها بمتجرك.

أخيرًا، هذه لمحات سريعة في كيفية جذب العملاء للشراء، تنتظر منك التنفيذ على متجرك الإلكتروني. هل امتلكت متجرًا في سلة؟ هذه فرصتك، انضم لقائمة التجار الذين يؤمنون بأن ”التجارة شطارة“ بنقرة زر.

اترك تعليقاً