يعاني الكثير من رواد الأعمال من ما يسمى بمتلازمة الانجذاب نحو الأشياء البراقة، فهم دائمًا ما يجدون صعوبةً في تجنب اقتناص فرص جديدة، على الرغم من أن لديهم دائمًا الكثير من المشاريع التي ما زالوا يعملون عليها.

ومن المحتمل أن تزداد أعراض هذا المرض عندما تقع عينيك على نشاط تجاري “مثالي”، والذي قد يتوافق مع نشاطاتك الحالية على نحو جيد، لذا عليك أن تكون حذرًا من تعريض عملك الحالي لأي مخاطر محتملة.

فكّر بالموضوع وكأنك تشتري نطاق موقع إلكتروني. قد تخطئ في تقدير فرص نجاحك، لكنك في حالتنا هذه لن تخسر 12.95 دولارًا أمريكيًا فقط ثمن نطاق غير مناسب، بل ستكون خساراتك بآلاف أو ملايين الدولارات جراء عملية استحواذ تجارية فاشلة؛ لذا إليك 8 أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك قبل أن تندفع نحو الاستحواذ على نشاط تجاري:

هل تعرف ما هي أسباب البيع؟

يمكنني أن أجيب على هذا السؤال عوضًا عنك: لا، ليست لديك أي فكرة!

قد يقولون أنهم يبيعون لأنهم يريدون التركيز على مشاريع أخرى أو قضاء المزيد من الوقت مع أطفالهم، وهذا قد يكون صحيحًا إلى حد ما؛ لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد أحد في العالم أجمع يمكنه تحديد أفضل وقت للبيع من المالك الحالي للشركة، لذا في حال كانت سنوات خبراتهم الطويلة في المجال قد قادتهم إلى التنبؤ بأن مستقبل الشركة أو الموقع الإلكتروني لن يكون مشرقًا، فعندها يمكنك أن تكون متأكدًا أنهم لن يعرضوا ذلك في نشرتهم التسويقية marketing prospectus (وهي عبارة عن وثائق تسويقية وقانونية تستخدمها الشركة لتسويق أسهمها للجمهور، والتي تتضمن كافة المعلومات الجوهرية حول الشركة وعمليات الاكتتاب التي يحتاجها المستثمر من أجل اتخاذ قرار استثماري).

باختصار شديد، يجب أن تتأكد من أنك تشتري شيئًا له إمكانات طويلة الأمد.

هل لديك المهارات اللازمة للتأكد من ما تشتريه؟

هل تملك الخبرة الكافية لاستخدام تحليلات جوجل Google Analytics؟ هل يمكنك إنشاء بيان للدخل لعدة بطاقات ائتمانية وكشوف مصرفية؟ هل يمكنك إجراء تدقيق للروابط الخلفية المستخدمة في تحسين محركات البحث؟

آمل أنك تملك المهارات الكافية للتأكد من كل سبق، فلو كنت مكانك كنت سأتأكد من كل تلك الأمور قبل أن أشتري متجرًا إلكترونيًا قد يكلفني ثروةً طائلةً. ودعني أخبرك أنه في حال لم تكن مطلعًا على جميع حيثيات العمل، فقد تشتري عن غير قصد متجرًا على الإنترنت يخفي بين طياته العديد من المشكلات المتعلقة بحركة الزوار، أو في حركة الزيارات العضوية، والتي قد تختفي بعد أول تحديث لشروط عمل جوجل، أو قد تكتشف أنه قد زُورت الكشوفات المالية للشركة لتبدو وكأنها تحقق أرباحًا طائلة.

هناك بعض الشركات التي تقدم خدمات قد تساعد في التخفيف من مخاطر الشراء، تقدم خدمات مثل ما يسمى بـ Due Diligence (وهي الإجراءات التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة)، كما تقدم تقييمات لمواقع الإنترنت وخدمات التحقق الحي من أجل أن تساعد مشتري مواقع الإنترنت والشركات العاملة في الشبكة العنكبوتية على اتخاذ قرارات الشراء.

لكن بالطبع، لا شيء يضاهي التشمير عن سواعدك والتأكد بنفسك.

هل اطلعت على سمعتهم؟

منذ فترة وجيزة، كانت إحدى الشركات الاستثمارية تفكر في شراء شركة جديدة. في بداية الأمر، بدا كل شيء مثاليًا: حيث تأسست الشركة منذ عدة سنوات، وكان لديها منتج معروف جيدًا يحبه عملاؤها الحاليين، كما أن السعر كان معقولًا. وبالطبع كانت هناك بعض المشكلات القديمة فيما يتعلق بالعلاقات العامة، لكن المشترون لم يهتموا بالأمر.

فيما بعد، وبعد التحدث مع عملاء تلك الشركة، اكتشفوا أن سمعة العلامة التجارية قد تلطخت بشدة جراء ممارسات الإدارة الحالية، ومن غير المحتمل أن تكون الإدارة الجديدة قادرة على تحسين تلك السمعة.

بالطبع لن تجد مثل هذه المشكلة في معظم عمليات الاستحواذ التي ستقدم عليها، لكن باعتبار أن جميع الشركات قد بنت سمعةً ما أثناء عملها، فمن المهم أن تتطلع عليها قبل البدء بعملية الاستحواذ.

هل تستطيع تحمل تكلفة الاستحواذ؟

ما أقصده هنا ليس الجانب المادي، فمعظم عمليات الاستحواذ حتى الصغيرة منها، تحتاج ما يقارب الشهرين إلى ثلاثة أشهر على أقل تقدير، كما يمكن أن تستغرق عمليات البيع أو الشراء الكبيرة حوالي 6 أشهر أو أكثر، وقد سمعت أن بعضها استمر لمدة عام كامل.

لذا عليك أن تعرف ما إن كنت جاهزًا لتوجيه كامل تركيزك نحو عملية الاستحواذ خلال تلك الفترة من السنة.

إن شراءك نشاطًا تجاريًا مناسبًا يُعَد خطوةً استراتيجيةً رائعةً نحو تنمية أعمالك، لكن تأكد من أنك على دراية تامة بالإطار الزمني الذي قد يستغرقه الأمر.

هل ستتسبب في حرمان عملك الأساسي من التمويل؟

أحد أكبر التحديات التي تواجه شركات التجارة الإلكترونية هو التمويل. ونظرًا لطبيعة الدورة النقدية السلبية التي تميز الأعمال القائمة على البضائع المخزنة (أي الحاجة إلى دفع ثمن البضائع قبل أن تتمكن من بيعها)، فإن العثور على تمويل كاف من أجل دعم شركة تجارة إلكترونية سريعة النمو قد يكون أمرًا صعبًا.

لذا إن كنت تمول عملية استحواذ، فإنك تضيف ديونًا جديدةً على شركتك. وكلما زاد الدين عليك، قل احتمال أن يقرضك المصرف، أو أيًا كانت الجهة التي تمولك في المستقبل من أجل شراء مخزون جديد من البضائع.

نعم، ستساعد الأرباح التي ستأتيك من الشركة الجديدة على تعويض هذا العبء الإضافي من الديون، لكن يجب أن تجلس مع المصرف الذي تستدين منه وتفهم كيف سيؤثر الدين الإضافي على قدرتك على الاقتراض في المستقبل.

هل تملك ورقة ضغط؟

تحدث أفضل الصفقات عندما تتفاوض من موقع قوة. وهذه القوة تتعلق بعاملين اثنين يتمثلان في الآتي:

  • عوامل صغرى.
  • عوامل كبرى.

العوامل الكبرى تأخذ في الحسبان البيئة الاقتصادية وحالة السوق وبيئة الاندماج والاستحواذ. ففي السنوات اﻷخيرة، يبدو أن سوق الاندماج والاستحواذ لشركات التجارة الإلكترونية أصبح شديد التنافسية، حيث ارتفع عدد عمليات تقييم الشركات على نحو كبير في الأشهر الثمانية عشر الماضية، وهناك تدفق كبير للأموال في السوق، كما أن عدد المشترين أكثر بكثير من البائعين.

أي أنه وفي ظل الظروف الراهنة، لن تكون لديك أوراق كثيرة للضغط، كما أن فرصك في الحصول على صفقة رابحة، والتفاوض على شروط تصب في مصلحتك، منخفضة جدًا.

أما العوامل الصغرى، فهي عندما يكون لدى البائع أطرًا زمنية معينة، أو شروط مهمة يمكنك استغلالها لصالحك أثناء التفاوض، أو ربما تملك وفرةً كبيرةً في التمويل تسمح لك بإنفاق المزيد على الأعمال أكثر من غيرك.

من الناحية المالية، ستتمكن من إنجاز أفضل الصفقات عندما تتوفر لديك ورقة ضغط معينة يمكنك استخدامها لتكون في موضع قوة أثناء التفاوض على عملية الشراء، لذا تأكد من أنك تفهم حالتك وحالة الطرف الآخر في الصفقة.

ملاحظة: إن ورقة الضغط لا تعني بالضرورة أن تتصرف بطريقة غير أخلاقية، بل هي على سبيل المثال، إن اضطر شخص ما إلى بيع شركته خلال أسبوعين فقط، فعندها ستكون في موضع قوة لتقديم عرضك خلال ذلك الإطار الزمني، وسيكون هو مضطرًا للموافقة على شروطك من أجل أن يبيع خلال المدة التي يملكها.

من شأن ورقة الضغط أن تساعدك على إتمام صفقات مربحة تنمي عملك، طالما أنك توفي بوعدك ولا تستغل الطرف الآخر بشروط مجحفة.

هل استثمرت كل الفرص المتاحة في في عملك الحالي؟

عندما تقرر شراء شركة أو نشاط تجاري جديد، فستكون أمامك الكثير من التكاليف، لذا ماذا لو استثمرت هذه التكاليف في تطوير عملك الحالي بدلًا من التسرع لشراء آخر جديد؟

أما إن كنت قد استفدت من كل الفرص المتاحة في عملك الحالي، فلن تستطيع تطبيق هذا الكلام. لكن رغم ذلك، أنا متأكد أنه سيكون أمامك الكثير من الأمور في قائمة المهام لديك، والتي من شأنها أن تضيف قيمةً فوريةً إلى نشاطك التجاري الحالي.

هل المنتجات الجديدة متوافقة مع شريحة عملائك؟

هل أنت واثق من أن خط الإنتاج الجديد الذي تشتريه سيكون خيارًا مناسبًا لعملائك الحاليين؟

تتمثل إحدى أكبر مزايا شراء شركة جديدة في قاعدة العملاء الجدد التي ستتمكن من الوصول إليهم، والقدرة على الاستفادة من قاعدة عملائك الحاليين لبيع المزيد من المنتجات الجديدة التي أُضيفت إلى نشاطك التجاري.

لذا إن لم تكن المنتجات الجديدة متشابهة مع منتجاتك الحالية، فأنت بذلك تتخلى عن واحدة من أكبر مزايا الشراء.

 

اترك تعليقاً