بالنسبة لمعظم رواد الأعمال العاملين في مجال التجارة الإلكترونية، تُعَد المحاسبة آخر ما قد يدور في أذهانهم، فهي مهمة معقدة تستهلك الكثير من الموارد، ولكنها في الوقت نفسه ضرورية من أجل نجاح أي عملية تجارية قابلة للتطبيق، حيث توفر المحاسبة الدقيقة نظرةً ثاقبةً على عملياتك المالية المتمثلة في كل من الآتي:
- الإيرادات
- المصاريف
- الضرائب
- الهوامش الربحية
- التدفقات النقدية
كما تظهر الأبحاث أن 82% من الشركات تفشل بسبب سوء إدارتها لتدفقاتها النقدية، ولذا فإن وجود رؤية واضحة لحالتك المالية يُعَد أمرًا بالغ الأهمية من أجل نجاح أعمالك على المدى الطويل.
وتكمن المشكلة في كون البيانات معقدة ومبعثرة بين العديد من الأنظمة والمنصات، مما يجعل المحاسبة في مجال التجارة الإلكترونية أمرًا محفوفًا بالتحديات. أي أن إدارة جميع العمليات يدويًا سيكون كابوسًا حقيقيًا، ولهذا السبب يجب على تجار البيع بالتجزئة وأصحاب العلامات التجارية أن يستفيدوا من البرامج الحاسوبية التي تؤتمت أعمالهم، وذلك لكي يبقوا مرنين ومنظمين، بحيث يسمحوا لتلك التقنيات بأن تتولى إدارة حساباتهم المالية وتنظمها، فتوفر لهم المزيد من الوقت للتركيز على تنمية أعمالهم.
في هذا المقال، سوف نرى كيف تسهل أتمتة المحاسبة أعمال التجارة الإلكترونية:
تحافظ على امتثالك الضريبي وتعلمك بالتزاماتك الضريبية
تحتاج الشركات إلى المحاسبة من أجل أغراض الامتثال الضريبي وتحديد التزاماتها الضريبية. ويومًا بعد يوم، يرى تجار البيع بالتجزئة عبر الإنترنت أن مشهد ضريبة المبيعات يزداد تعقيدًا، وبذلك يصبح الحساب اليدوي لما عليهم من ديون مهمةً شاقةً، مما يستدعي وجود رؤية واضحة للإيرادات ومعدلات الضرائب في كل منطقة جغرافية تبيع فيها. ولكن إن كنت لا تعرف مقدار ما تجنيه، فسيكون من المستحيل حساب معدل ضرائبك، وهنا تكمن أهمية وجود برمجيات مثل Avalara وTaxjar التي من شأنها مساعدتك في حساب معدلات ضرائب المبيعات والإيداع تلقائيًا. لكن رغم ذلك، لا يزال يتعين عليك إدخال التزاماتك الضريبية بدقة في نظامك المحاسبي.
وهنا، يأتي دور الأتمتة، فمن خلال ربط قنوات المبيعات بنظام المحاسبة، تُلتقط جميع البيانات المتولدة عن المعاملات المالية، بما في ذلك معدلات الضرائب، وتسجل تلقائيًا، حيث أن الالتزام بالمواعيد والدقة في حساب الضرائب سيوفر على محاسبيك الكثير من المتاعب، كما أن استخدام نظام محاسبي دقيق سيتيح لك معرفة إن كان عملك في التجارة الإلكترونية يتقدم إلى الأمام أم يتراجع. وكل ذلك دون أن تحرك ساكنًا.
تتيح لك تتبع تدفقاتك النقدية
يجب الاهتمام بشيء آخر هو التدفقات النقدية. حيث أن فهمك ودرايتك بمقدار دخلك ونفقاتك سيجعلك تستشعر مقدار الأموال التي يمكنك إعادة استثمارها، ومقدار الأموال المتوفرة لديك من أجل إعادة تعبئة مخازنك مثلًا أو تعيين موظفين جدد. باختصار، إن تدفقاتك النقدية قادرة على إما أن تشل حركتك أو تطور أعمالك.
وقد يظن البعض أن كشوفات حساباتهم المصرفية ستكون كافيةً لإعطائهم نظرةً شاملةً على تدفقاتهم النقدية، لكنها عمليًا لن تكون ذات فائدة، فهي تعرض صورةً مصغرةً على تعاملاتك النقدية ولا تأخذ في الحسبان المدفوعات المعلقة ومعالجة المرتجعات والرسوم المتغيرة. وأفضل مثال على ذلك، هو كيف أن أمازون تسوي حساباتك كل أسبوعين فقط. وحتى عندما يسوونها اعتمادًا على معدلات المرتجعات والتصنيفات والفئة التي تبيع فيها؛ فهم يتركون جزءًا كبيرًا من أموالك معلقة في حسابتهم، وبذلك لن تعرف مقدار أرباحك، أو قد لا يتوفر في حسابك المصرفي المقدار التي تعتقد أنك تملكه.
تكمن أهمية الأتمتة هنا في أنها تقدم الوضوح التي تحتاجه كي تتمكن من رؤية التدفقات النقدية الواردة والصادرة دون بذل جهد كبير في تجميع البيانات من جميع قنوات البيع أو عبر التخمين، كما تتيح لك معرفة حالة حساباتك المصرفية وأين توجه نفقاتك.
تسهل عملية إدارة المستودعات
التحدي الآخر الذي يواجه الباعة هو إدارة مستودعاتهم، خاصةً الذين تتجاوز مبيعاتهم أرقامًا من 7 خانات، وهم الذين لديهم تدفقات مستمرة للشحنات الواردة وطلبات العملاء الصادرة عبر العديد من قنوات البيع الرقمية (وربما الفعلية)؛ فالفكرة تكمن في خلق توازن دقيق يسمح بالاحتفاظ بمخزون كافٍ من البضائع من أجل تجنب الإفراط في البيع، وفي نفس الوقت لا يترك المخزون راكدًا في المستودعات، فتدفع رسوم تخزين دون أن ترى أي عائد على الاستثمار، بالإضافة إلى تتبع تكاليف الطلبات: مثل الاختيار والتغليف والشحن والبضائع المرتجعة.
لذا وعبر أتمتة تدفقات العمل هذه، ستتجلى أمامك صورة أوضح تبين كيفية تأثير المخزون وتكاليف الطلبات على إيراداتك وتدفقاتك النقدية وارباحك. فوجود رؤية مالية شاملة يُعَد أمرًا مهمًا لأي نشاط تجاري، خاصةً في مشاريع التجارة الإلكترونية ذات التعاملات النقدية المستمرة، والتي قد تعرضك وتيرتها السريعة لخطر فقدان تفاصيل مهمة في حال لو كنت تدير حساباتك يدويًا.
تبسط عملية تسوية حسابات نهاية الشهر
ستتمكن في نهاية كل شهر من تسوية حساباتك دون الحاجة إلى الكثير من الأعمال اليدوية، فبمجرد توفر جميع البيانات اللازمة، ستقضي وقتًا أقل في تفسير هذه البيانات، وإجراء أي تعديلات في نهاية كل شهر. وبذلك تضمن صحة حساباتك، وتطابق حسابك المصرفي مع ما هو موجود في نظامك المحاسبي؛ كما ستوفر على نفسك الكثير من الموارد التي قد تحتاجها لمراجعة حساباتك.
كما أنه في حال كان نظامك المحاسبي متصلًا بقنواتك على نحو صحيح، وكان تدفق المعلومات – سواءً من إيراداتك، أو ضرائب، أو النفقات والرسوم، أو تكاليف الشحن، أو الشراء – متناسقًا؛ فعندها ستكون مطلعًا على سير العمل وقادرًا على حديد ما إن كنت بحاجة إلى إجراء أي تعديل قد يلزم.
تبسيط الربحية
على الرغم من أن الربحية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتدفق النقدي، إلا أنه من المهم الحديث عنها في فقرة منفصلة، إذ يُعَد معدل الأموال الصادرة والواردة من عملك مؤشرًا مهمًا للأداء، ولكن ما يهم في الواقع هو أن يتجاوز إجمالي دخلك إجمالي نفقاتك، فالربحية تحدد إلى حد كبير ما إذا كان عملك سينجح على المدى الطويل أم لا.
وغالبًا ما يعاني تجار البيع بالتجزئة عبر الإنترنت في فهم ربحيتهم، خاصةً وأن قنوات البيع في مجال التجارة الإلكترونية لا تقدم معلومات مفصلة عن معاملات الشراء والإنفاق (التحديات ذاتها التي رأيناها في التدفق النقدي تنطبق على مفهوم الربحية أيضًا)، مثل حساب المصاريف الثابتة مثل الإيجارات وكشوف المرتبات، والمصاريف المتغيرة، مثل الإعلانات والأجور الموسمية لعمال المستودعات. مرةً أخرى، يمكننا أن نقول أن أتمتة قنوات البيع ونظام المحاسبة سيوفر وقتًا ويقدم وضوحًا يمكنك من رؤية هوامش الربح وتعديل الإنفاق بحسب ما يقتضيه الأمر.
في الختام
بالنسبة للباعة أصحاب النمو المتزايد، لا تُعَد المحاسبة مشكلةً واحدةً، بل هي مجموعة متنوعة من العوامل التي تؤثر على عملياتك اليومية، وكيف تسوي حسابات كل شهر، وما تفعله على المدى الطويل من أجل تنمية نشاطك التجاري. وكلما استثمرت في الأتمتة، توفرت بيانات أفضل في متناول يدك، وزاد تحكمك في مصيرك، وتحسنت قدرتك على اتخاذ القرار الصحيح.