تتعدد تقنيات التنبؤ بالمبيعات وتختلف حسب اختلاف المجال التجاري، لكنها عمومًا تشترك في كونها لا تخرج عن أن تكون “فنية” أو “علمية” وسنشرح كلًا على حدة بطريقة مبسطة ومختصرة:
أولًا: الطرق النوعية (Qualitative Methods)
وتسمى أيضا بالطرق “الفنية، الوصفية، الشخصية..” وهي إحدى أهم أنواع طرق التنبؤ بالطلب وأقدمها، تعتمد أكثر على الحدس والحكم الشخصي، وهي في مجملها غير دقيقة أو حاسمة لأنها تخمينية أكثر، لكنها تبقى إحدى أكثر طرق التنبؤ بالمبيعات شيوعًا لبساطتها وسرعتها وانخفاض تكلفتها لحد ما، أهمها:
1. المسح الميداني (طريقة رجال المبيعات)
أهم المصادر الميدانية للمعلومات حول المبيعات وطبيعة نشاط المؤسسة ككل على أرض الواقع، فهم وسطاء التوزيع والواجهة العملية للمؤسسة أمام العملاء وممثلوها الدائمون، ولأنهم يحتكون بالعملاء باستمرار وعلى علم بنفسياتهم وميولاتهم وظروفهم وظروف منطقتهم، وهم الأجدر في إعداد تقارير مصغرة عن حجم المبيعات التي يتوقعونها في مناطقهم على أساس حكمهم الشخصي المرتكز على عدة عوامل متداخلة كما قلنا، لتقديم إجابة حول هل ستتراجع المبيعات أم سترتفع؟
والمعرفة الشخصية والأحكام الشخصية تبقى ذات تأثير كبير حتى في عصر الرقمنة اليوم، فالعواطف الإنسانية لا يُمكن قياسها بواسطة برامج المحاسبة المستخدمة في التنبؤ بالمبيعات، أو باستخدام العمليات الرياضية والحسابية المعقدة فقط.
هذه الإجابات والأحكام الشخصية تدوّن على شكل تقارير تُرفع إلى رئيس وكلاء البيع أو رجال البيع ثم تُعالج من قِبله، قبل أن تُرفع إلى مجلس إدارة المؤسسة ليتخذ القرار حول الخطط الإنتاجية والتسويقية والتوزيعية، كما أسلفنا اكتفاءً بهذه الطريقة الوصفية أو مع الاعتماد على طرق أخرى من أجل التنبؤ بالمبيعات، كما سنرى بعد قليل.
- التقدير النهائي لرجل المبيعات لحجم المبيعات = حجم المبيعات المتوقع من طرفه (X) ضرب “نسبة تفاؤله أو تشاؤمه” ثم طرح (-) قيمة التفاؤل أو جمع (+) قيمة التشاؤم لحجم المبيعات المتوقع من طرفه في البداية. (انظر المثال بالجدول):
ملاحظة: تسمى طريقة رجال المبيعات أيضا بـ “طريقة مجموع الآراء” لأنها تضم تقديرات المبيعات المستقبلية ليس من جهتهم فقط، بل من جهة مدراء المناطق البيعية، ومدراء المنشآت، بشكل متسلسل حسب التدرج الهرمي الإداري للمؤسسة، لكنها تشتهر باسم “طريقة رجال المبيعات” لأنهم النواة الرئيسية فيها.
- نسبة التفاؤل أو التشاؤم يضعها مدير منطقة البيع بشكل تقريبي، وهو المسؤول عن عددٍ محددٍ من رجال المبيعات نظرًا لمعرفته بطبيعة شخصياتهم ونفسياتهم.
- رئيس مديري مناطق البيع هو الآخر يقوم بنفس العملية مع مديري المناطق البيعية لاستخراج الحجم النهائي للمبيعات المتوقعة مستقبلًا، ثم يرفع التقرير النهائي لمجلس الإدارة.
سلبيات التنبؤ بواسطة تقديرات رجال البيع
هي طريقة لا تخلو من بعض الثغرات والسلبيات كونها غير موضوعية وحدسية أكثر، نذكر أهمها:
-
- هذه الطريقة لا تصلح للتنبؤ بالمبيعات طويلة الأمد لأنها لحظيةٌ أكثر منها استشرافيةً.
- السمات الشخصية لرجل المبيعات قد تؤثر على توقعاته فهناك المتشائم بطبعه وهناك المتفائل.
- عدم تفريق بعضهم بين رغبة العميل وبين حاجته للمنتج، فالحاجة هي ما لا يُمكن الاستغناء عنه مثل الأغذية الأساسية ووقود السيارات، فيما الرغبة هي حاجة غير ملحّة ويمكن الاستغناء عنها كالكماليات.
- تأثّر رجال المبيعات بالأخبار السائدة في السوق حول الكساد أو الانهيارات المرتقبة في الأسعار وما إلى ذلك، وهي قد تكون في النهاية مجرد تخمينات أو شائعات لا أساس لها من الصحة.
- بعض المؤسسات ترصد حوافز مالية لكل رجل بيع يُحقق أعلى قدر من المبيعات بالنسبة لما يتم توقعه، ولهذا يميل أغلبهم لخفض توقعاتهم عمدًا، لكيلا يُورطوا أنفسهم في حال لم يحققوا نسبة مبيعات مرتفعة مستقبلًا حسب تطلعات الشركة.
2. طريقة آراء إطارات الشركة
تعني آراء أهل الخبرة في المؤسسة من مديري التسويق والمبيعات والإنتاج والمالية والمديرين الفرعيين بناءً على آرائهم الشخصية النابعة من تجارب كبيرة، بالإضافة للاستعانة بـ “أدوات التنبؤ بالمبيعات”. وتحدث عملية التنبؤ بالمبيعات من خلال إطارات الشركة في تناسق وتعاون ثم تعرض على مدير المؤسسة للفصل فيها.
من سلبياتها:
- احتمال حدوث تنافس بينهم أو تداخل صلاحياتهم في أثناء العمل الجماعي.
- عدم تحمل أحد لمسؤولية الخطأ في حال حدوثه، وتحميل الجميع لخطأ ربما لم يرتكبوه!
3. الاستعانة بخبير من خارج المؤسسة
يمكن الاستعانة بخبير من خارج المؤسسة كما في مكاتب الدراسات الاقتصادية والمالية وغيرها، فيتم تكليف أحد الخبراء أو مجموعة منهم بإعداد تقرير مفصل حول التنبؤ بحجم المبيعات لمدة محددة، وتعتمد دقة التنبؤ على مدى كفاءة الخبير، وقد تستغرق أحيانًا مدة طويلة تستمر لأشهر أحيانا من أجل تقدير المبيعات خاصة المبيعات طويلة الأمد.
- تستخدم عادة من أجل التنبؤ بالمبيعات على المدى الطويل وهي مناسبة لذلك.
- من سلبيات هذه الطريقة ارتفاع تكاليفها.
ملاحظة: إذا تم المزج بين طريقتي آراء إطارات الشركة والاستعانة بخبراء من خارج الشركة تسمى الطريقة بـ “طريقة لجنة الخبراء” أو طريقة دلفي (Delphi Method)
4. تحليل نوايا العملاء
تحليل نوايا العملاء أي محاولة معرفة ما الذي يريده العملاء بالتحديد وكم يحتاجون، إما بالتواصل معهم بشكل مباشر من خلال رجال المبيعات أو موظفين ينزلون إلى الشارع، ولا يُشترط عدد كبير من العملاء بل يكفي عدد محدود منهم، بشرط أن يكونوا عملاء معروفين بولائهم للعلامة التجارية، كما يمكن أيضًا القيام بـ:
- استبيان تقليدي أو إلكتروني لسبر آراء العملاء وتطلعاتهم وما يخططون له وما يرونه.
- الاطلاع والاهتمام بالمراجعات Reviews التي تُعد من أفضل مصادر معرفة نوايا العملاء.
سلبيات التنبؤ بواسطة تحليل نوايا العملاء:
- لا تصلح للتنبؤ بحجم الطلب طويل الأمد بسبب احتمال تغير قناعات العملاء في أي لحظة.
- تغيّر الظروف المعيشية والاقتصادية قد يؤثر في قرارات الشراء المستقبلية للعملاء.
- التكلفة مرتفعة نوعًا ما خاصة عند إجراء استبيانات واستجوابات ميدانية.
- الوقوع في فخ عدم الموضوعية من العملاء في إجاباتهم بسبب ميلهم نحو المثالية.
الطرق الكمية (Quantitative Methods)
وهي طرق تعتمد على الأساليب الإحصائية والرياضية، لذا فهي أدق إلى حد ما، وتنقسم لطرق استقرائية مثل الطريقة التاريخية، وطرق رياضية مثل الطريقة الأسية ونموذج الانحدار، وهي أكثر من أن تُذكر كلها لذا سنذكر بعضها:
1. الطريقة التاريخية
حسب الخبير الإداري “إدموند بيرك” فإنّه لا يمكن التنبؤ بالمستقبل دون دراسة وتمحيص أرقام الماضي، وهذه هي فكرة استخدام الطريقة التاريخية للتنبؤ بالمبيعات، على افتراض أنّ الظروف تتكرر دومًا، مع هامش تغير ضئيل يقدره البعض بـ 5 إلى 10% وتسمى أيضًا “طريقة المراحل الزمنية”
- جيدة للتنبؤ متوسط المدى.
- غير مناسبة للتنبؤ بأقل من سنة.
- غير مناسبة في حال رغبت المؤسسة بإطلاق منتج جديد والتنبؤ بمبيعاته.
- جيدة للمؤسسات التي يرتكز نشاطها على العمل الموسمي أو يزدهر عملها في مواسم معينة في السنة.
معادلة الطريقة التاريخية
مبيعات السنة القادمة (S ͭ+¹) = “مبيعات السنة الحالية ͭS” قسمة / “مبيعات السنة الماضية S ͭ -¹” ثم نضرب X الناتج في مبيعات السنة الحالية ويُعبر عنها رياضيًا كالتالي:
إذا يُتوقع أن تبلغ المبيعات السنة القادمة 1960 مدفأة.
2. الطريقة الأسّية
هنا يتم التنبؤ بالمبيعات اعتمادًا على حجم المبيعات لفترة سابقة معينة، مع استخدام معامل التسوية أو المُرجح الذي يُرمز له بالحرف B حسب القاعدة الآتية:
S¹ = B X S ͭ -¹ + (1-B) X M ͭ -¹
معادلة الطريقة الأسية
مبيعات السنة القادمة (S¹) = معامل التسوية B ضرب X مبيعات آخر فترة S ͭ -¹” جمع + 1 طرح – معامل التسوية B ضرب X متوسط المبيعات لآخر الفترات M ͭ -¹
مع العلم فإنّ معامل التسوية B يتم حسابه كالآتي: 2 قسمة 1 + عدد الفترات. وإليك مثالًا عمليًا: هذا الجدول يُمثل مبيعات شركة هواتف لآخر 6 أشهر والمطلوب هو التنبؤ بمبيعات الشهر 7
سنحسب أولًا معامل التسوية: 2 قسمة 1 + 6 = 0.2
ثم سنحسب متوسط المبيعات لآخر فترة (6 أشهر) = 100 + 150 + 120 + 170 + 200 + 90 = 138
والآن سنطبق المعادلة كالآتي:
S¹ = (0.2 X 90) + (1-0.2 X 138) = 18 + 110.4 = 128.4
3. طريقة نموذج الانحدار
نموذج الانحدار فكرته الأساسية؛ تحديد شكل العلاقة بين متغير مستقل أو عدة متغيرات ومتغير تابع وقياس هذه العلاقة، ويتم الاعتماد في ذلك على معامل الارتباط وهو مؤشر إحصائي. ويسمى نموذج الانحدار بسيطًا، إذا كانت العلاقة ثنائية أي متغيرين فقط، ومتعددًا إذا تعددت المتغيرات.
ومن أشهر برامج المحاسبة المستخدمة في التنبؤ بالمبيعات نذكر برنامج Excel أحد برامج شركة مايكروسوفت وهو غني عن التعريف، ورغم بساطته إلا أن أغلب المؤسسات والشركات تعتمد عليه خاصة الصغيرة والمتوسطة لأنه ربما لا يُناسب الشركات الكبرى لأنه مصمم للتعامل مع عدد محدود من المعطيات والعمليات.