ما هي تجربة المستخدم User Experience؟
هي مجموع التفاعلات والتصورات النهائية للمستخدِم “العميل” تجاه المنتجات والخدمات المقدمة له، بالإضافة لتطلعاته ورغباته. ويتم قياس تجربة المستخدم UX بعدة طرق أشهرها الأساليب الرقمية مثل: معدلات النقر والاستجابة لدعوات الإجراء، معدل التحويل، نسبة الوصول لصفحة الهبوط، التعبير الصريح من المستخدم بواسطة تركه لتقييم مكتوب أو مرئي أو رمزي يُنبأ بإعجابه من عدمه… إلخ.
ولا يرتبط تصميم تجربة المستخدم فقط بالمنتجات الرقمية، فقد ظهر المفهوم منذ زمن طويل لكن بدأ التركيز عليه في منتصف القرن الماضي مع انتعاش الصناعات، ثم تبلور واكتسب سمعته وأهميته في أواخر التسعينيات، بعد ظهور مصطلح تجربة المستخدم أول مرة على لسان “دونالد نورمان” أحد أعضاء فريق شركة آبل، الذي رغب في استحداث مصطلح يجمع ويُعبر عن رغبات العملاء وآرائهم وتفاعلاتهم وتطلعاتهم، مع مراعاة مصالح الشركة. ليُصبح تحسين تجربة المستخدم من أهم اهتمامات الشركات والأعمال التجارية.
تصميم تجربة المستخدم
عملية ذهنية حسية تعتمد على تعمّق مصمم تجربة المستخدم في عقل العميل لفهم ما يريد بالضبط وما لا يريد، أي أنّ لها شقًّا تحليليًا يعتمد على الملاحظة وتحليل البيانات التي تعبّر عن مدى رضى المستخدم واقتراحاته وتطلعاته، ثم ترجمتها في نهاية المطاف لتصميم جديد أو تعديل، وهذا هو الجانب التقني في العملية.
ما الفرق بين تجربة المستخدم وواجهة المستخدم؟
بالرغم من كونهما مترابطين ويشتركان في الأهمية بالنسبة للمنتج إلا أنّ بينهما فوارق من أهمها:
أولًا: تصميم تجربة المستخدم User Experience
تعتمد على جانب الملاحظة والتحليل، كما أنّها خطوة تسبق تصميم واجهة الاستخدام، حيث أنّ الأخيرة تابعة لها، كما أنّ الأولى بعد أن تتم يكون على صاحب المنتج التفكير في حلول أخرى لجذب العملاء وإصلاح الخلل الذي قد يُزعجهم… وعليه فالمصمم الجرافيكي هنا ليس الوحيد المسؤول عن اقتراح الأفكار وإصلاح الخلل، ولكن التطبيق العملي يكون من اختصاصه الأصلي باستخدام أدوات تصميم تجربة المستخدم.
ثانيًا: تصميم واجهة المستخدم User Interaction Design
عملية تقنية بحتة، تندرج ضمن مجال التصميم الجرافيكي، ولا دخل لها في مراعاة رضى المستخدم ورغباته، لأنّها تستمد الفكرة النهائية للتصميم أو التعديل من مصمم تجربة المستخدم الذي قلنا أنه قد يكون موظف بالشركة متخصص في مجاله، لذا تصميم واجهة المستخدم هي آخر مرحلة في تصميم تجربة المستخدم، فمن خلالها تُصبح تجربة المستخدم واقعًا.
حسنًا! لقد ركزنا على المصطلحات الثلاثة لأنّ هناك فرقًا بينها على الرغم من كونها متكاملة ومتداخلة، فالكثيرون يخلطون بينها، أضف إليها مفهوم الكتابة لتجربة المستخدم UX Writing وهي تجربة المستخدم في شقها التدويني.
أهم أهداف تجربة المستخدم المثالية
تسعى الشركات لتوفير تجربة مستخدم جيدة لمعرفة دوافع المستخدم وأسباب تعلّقه بالمنتج أو الخدمة لعدة أسباب:
- الحفاظ على نقاط قوة المنتج وإصلاح الخلل، للوصول لمرحلة تكون فيها الشركة قادرة على تلبية احتياجات العملاء، ومواكبة تطلعاتهم وتوقعاتهم.
- صُنعِ الفارق والتأثير على المستخدم، فجزء كبير من أسباب تفضيل المستخدم لمنتج ما على منتج آخر هو نفسي بحث. والدليل على ذلك هو عدم قدرة المستخدم على الإجابة على كل الأسباب التي دفعته لذلك، بل حتى تعديد بعضها فقط!
- زيادة ولاء العميل وتفاعله مع المنتج، باعتباره أهم ركن من أركان العمل التجاري، مع افتراض أنّه دائمًا ما يكون على حق.
المبادئ الرئيسية لتجربة استخدام مثالية
وفقًا لنموذج قرص العسل (User Experience Honeycomb) لـ “Peter Morphil”، يجب أن تتوفر هذه الصفات في أي خدمة أو منتج حتى يعد ذا قيمة وتجربة مستخدم مثالية:
1. نافع (Useful)
أي له فائدة ودور ما بالنسبة للعميل، فلا أحد سيشتري أو يستخدم منتجًا ما لاستخدامه دون هدف، وفي هذا يقول رئيس أبل السابق “ستيف جوبز”:
طريقة عمل التصميم أهم من جماليته وشعور الناس نحوه
2. يُقدّم قيمة مضافة للمستخدمين (Valuable)
والقيمة المضافة تختلف عن الفائدة لأنها أوسع منها، فهي تُعبّر عن تقديم المنتج لحلٍ معين كان المستخدمون في حاجة إليه، أو فائدة لم يجدوها عند المنافسين الآخرين.
3. قابل للاستخدام (Useable)
أن يكون استخدامه سهلًا، فلا يكون معقدًا ولا غير واضح المعالم، وهذا يشمل واجهات الاستخدام والتفاعلات المرافقة لها. مثلًا لو تصفح أحدهم متجرًا إلكترونيًا وكان المتجر جيدًا جدًا، ثم قرر العميل الشراء لكنه وجد صعوبة في إتمام مراحل الشراء لكثرة الخطوات الطويلة أو عدم وضوح زر الشراء.. إلخ.
أو توفر منتج تحقق عنصر المنفعة فيه، ولكن تصميم المنتج كان أسفل جدار! هنا تكون تجربة المستخدم سيئة جدًا لأن قابلية الاستخدام لم تؤخذ بالاعتبار، ويُحتمل معها ألا يعود العميل أبدًا للمتجر مستقبلًا!
4. مرغوب (Desirable)
أي أنّ هناك مؤشرات تدل على وجود طلب كبير على المنتج أو الخدمة، لأنّ ذلك يدل على رضى المستخدمين وقبولهم للمنتج كتعبير صريح منهم على نجاح تجربتهم في الاستخدام.
5. شامل لكل الفئات ومناسب لها (Accessible)
وليس مقصورًا على فئة واحدة، بحيث من الأفضل لمصمم تجربة المستخدم أن يأخذ احتياجات ورغبات عدة فئات في المجتمع، ويجعل نفسه مكانهم للحظة. على سبيل المثال، كبار السن أو الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة “أصحاب الهِمم العالية”، وغيرها من الفئات التي عليه مراعاتها لتكتمل تجربة المستخدم وتكون أفضل.
يمكنك أن ترى هنا مثلًا أنّ تصميم ممر الراجلين الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة مكتمل، لكن في منتصفه رصيف غريب يجعل من الصعب مرور شخص مُقعد؛ وبناءً عليه لم يوفر مبدأ “الإتاحة أو الوصول” بالشكل المطلوب.
6. موثوق (Credible)
بحيث قد يشتريه العميل حتى دون النظر إليه، ثقةً في العلامة التجارية. مثل هواتف آيفون iPhone التي يصطف عملائها لأيام قبيل صدور آخر نسخة وحتى قبل أن يُجربوها! لأنهم ببساطة يثقون في شركة أبل. ما يعني أنّ مبدأ الموثقية مجسد تمامًا في منتجات الشركة.
خطوات تصميم تجربة المستخدم
عند الرغبة في تصميم أو تحسين تجربة المستخدم ينبغي التركيز على مبادئ التفاعل بين الإنسان والحاسوب (Human-Computer Interaction) ويسمى اختصارًا بـ HCI ويشمل:
أولًا: إدارة المشروع (Project Management)
تركز هذه المرحلة على البدء في تشكيل فريق العمل، وتوجيهه بكفاءة إلى غاية انتهاء العمل على تصميم تجربة المستخدم. وهذا يشمل التخطيط والتنظيم وتجهيز الموارد وإدارة العمل.
ثانيًا: نفسية المستخدم
فهم أنماط سلوك المستخدمين وكيفية تفكيرهم حول المنتج، وسَبر أغوار تفاعلاتهم النفسية مع المنتج من أهم مبادئ تصميم تجربة المستخدم. وما سيُعزز المعلومات التي لدينا حول نفسية المستخدم وسلوكه هو الخطوة القادمة “بحوث المستخدمين”.
ثالثًا: بحوث المستخدم (User Research)
هنا ينبغي محاولة فهم سلوكيات المستخدم وما يريده بالضبط ودوافعه وحاجاته، بواسطة الملاحظة والتحليل والتعمق في نفسيته والاعتماد على الإحصائيات الموجودة الناتجة عن التغذية الراجعة إن وُجِدت.
رابعًا: تقييم قابلية الاستخدام (Useability Evaluation)
وتهتم بقياس مدى رضى المستخدم على المنتج أو الخدمة وفهم طريقة استخدامه له.
خامسًا: هندسة المعلومات (Information Architecture)
هنا يكون التركيز على كيفية تنظيم المعلومات وهيكلتها وتقديمها وعرضها على المستخدم.
سادسًا: تصميم واجهة المستخدم (User Interaction Design)
عملية تقنية بحتة، تقوم على جهد تصميمي جرافيكي، بواسطة التأكد من وجود جميع العناصر الضرورية التي توفر سهولة في الاستخدام بالتصميم.
سابعًا: التصميم التفاعلي (Interaction Design)
ويرمز له اختصارًا بـ IXD وفكرته تقوم على إيجاد وخلق نوعٍ من التفاعلات بين المستخدم والمنتج، وذلك حسب سلوكيات مدروسة جيدًا، لنأخذ روبوتات الدردشة كمثال على تحقيق التصميم التفاعلي، لأنّ توفر نوعًا من التفاعل الآني مع المستخدم وِفق تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ثامنًا: التصميم المرئي (Visual Design)
خاص بالجانب الجمالي الذي ينبغي أن يجذب المستخدم ويمنحه نوعًا من التعلق العاطفي والانبهار… دون التعارض مع الرسالة الكاملة للعلامة التجارية.
تاسعًا: استراتيجية المحتوى (Content Strategy)
وتقوم هذه الاستراتيجية على فكرة إنشاء محتوى مفيد ومنظم.
عاشرًا: تحليلات الويب (Web Analysis)
وتختص بجمع البيانات ثم تصنيفها وإعداد التقارير حولها ثم تحليلها.
بشرح مبسط ومختصر تدخل المراحل السابقة تحت هذه المراحل الخمسة التالية:
1. فهم المُستخدم
يتم تحليل المستخدم من جميع النواحي النفسية والتقنية، بحيث يتم إجراء مقابلات مع المستخدمين بشكل جماعي أو فردي إن تيسّر ذلك، أو إجراء استبيانات على أرض الواقع أو إلكترونيًا أو الاعتماد على تقييماتهم الإلكترونية. وغيرها من الطرق التي تُتيح لك معرفة آرائهم ومتطلباتهم والعوائق التي يُواجهنها، لفهم ما الذي يريدون أو ما الذي ينبغي إصلاحه وتحسينه؟ وبعد فهم المستخدم، يتسنى لفريق التصميم وأعضاء فريق إنشاء المنتج تحديد من هم الذين سيتم التعامل معهم بالتحديد.
2. دراسة المنافسين
لن يتم الوصول لتجربة المستخدم المثالية إذا لم يعلم منتجوه شيئًا عن منتجات مشابهة له أو منافسة له بشكلٍ مباشر، فتحليل منتجاتهم يتضمن ملاحظة طبيعة تصميم المنتج وواجهة استخدامه وتقييمًا لتجربة مستخدميه، وهكذا لن تضمن الحصول على أفضل تجربة استخدام فقط، بل ستحصل على الإلهام وأفكارٍ جديدة وتدارك للأخطاء الموجودة عندهم وتفاديها.
3. إعداد نموذج أولي
البدء بتحويل المعطيات لواقع بواسطة إعداد نموذج أولي، سيتم بناءً على المخرجات المتحصل عليها سابقًا، والتي تمثل الإرهاصات الأولية لتحديد تجربة المستخدم المثالية. هنا يبدأ المصممون والفريق بالعمل على تصاميم أولية للمنتج وواجهة استخدامه، مع مراعاة الوصول لتجربة المستخدم المنشودة، ويفضل أن تتكرر هذه المرحلة حتى الوصول لتجربة المستخدم المثالية والمنتج الأمثل.
4. التصميم
الآن تكون قد وصلت إلى المرحلة النهائية التي تُعنى بالتنفيذ، وسيكون عليك مراعاة مبادئ التصميم الجرافيكي (التباين، التوازن، المحاذاة، القرب، التكرار، الألوان..) أو أيًا كان ما تسعى لتصميمه. فكما قلنا، تصميم تجربة المستخدم لا تقتصر على الجرافيك أو المنتجات الرقمية.
لكن عمومًا اليوم كل من يتكلم حول تحسين تجربة المستخدم يقصد غالبًا المنتجات الرقمية كمواقع الويب وتطبيقات الهواتف الذكية والهوية البصرية للشركات، لأنّ هذه المجالات أصبحت هي الأكثر انتشارًا واعتناءً بتجربة المستخدم.
5. التقييم
المرحلة التي تأتي بعد آخر مرحلة والتي يمكن أن تصبح أول مرحلة، وهي ما تسمى بـ “دورة حياة المنتج”، أي أنّ المنتج يبقى في دورة مغلقة (تخطيط وبحث، تنفيذ، تقييم، ثم تطوير أو تصحيح أو حفاظ على المكتسبات). وهنا يتم استقراء ردود أفعال المستخدمين وإعادة القيام باستبيانات أو مقابلات شخصية، وطرح أسئلة على المستخدمين إن تطلّب الأمر، والاعتماد أيضًا على معدل التحويل ومعدلات الوصول إلى صفحة الهبوط في حالة المتاجر الإلكترونية مثلًا.
كما يُنصح بالقيام بـ اختبارات A/B Testing الذي يقوم على فكرة المقارنة بين متغيرين لتحديد الأفضل. مثال: لدينا موقع ويب يتوفر على زر دعوة لاتخاذ إجراء “اشتراك بالموقع” ونريد أن نعرف أي كلمة ستكون أكثر قبولًا وتأثيرًا عند المستخدم وتحقق أكبر تفاعل، هل “اشترك بالموقع” والتي نرمز لها بالمتغير (A) أم كلمة “سجل معنا” ونرمز لها بالمتغير (B)؟
طبعًا وِفق اختبارات A/B لن نقوم بالمقارنة بأنفسنا في حالة هذا المثال الذي يُعبّر عن منتج رقمي له ارتباط بمجال تحسين محركات البحث، بل سنستخدم أداة Google Optimize المجانية أو أداة Crazyegg المدفوعة، لمنحنا فكرة عن أكثر متغير معدل التحويل عنده أكبر.
وكما قلنا، فكل منتج أو خدمة تُنتِج تجربة مستخدم إيجابية أو سلبية، لذا فدورنا نحن تحسينها وليس خلقها من الأساس، إلا في حالات نادرة. وعلى هذا الأساس وكملخص حول ما سبق يمكن القول أنّ لـ تجربة المستخدم رُكنين أساسيين هما:
- أهداف المشروع: والتي قد تكون زيادة الأرباح أو التموقع داخل السوق، أو غير ذلك من الأهداف حسب حجم الشركة وحداثة تأسيسها. ويجب ألا يُقدّم هدف المستخدم على الهدف النهائي للشركة، وإلا أصبح المنتج بلا معنى.
فمثلًا قد يبحث موقع إلكتروني في مرحلة متقدمة من إنشاءه على موافقة قواعد السيو وزيادة الظهور في نتائج محركات البحث، لرفع موثقية وأرشفة الموقع لدى خوارزميات البحث، فتكون الدعاية بالنسبة له أولوية في البداية أكثر من الدعوة لاتخاذ إجراء كالشراء مثلًا.
- رغبات المستخدم: سواء كانت هادفة أو لا، في النهاية ينبغي مراعاة كثيرًا مما يريده العميل ويتطلّع إليه، وأخذ آرائه وتعليقاته وتقييماته في الحسبان، وإلا أصبح هدف المشروع ناقصًا لا محالة.
مثال: شركة يوتيوب تعتمد على الإعلانات كأهم مصادر دخلها، وعليه فلو تمّ إلغاء تلك الإعلانات نهائيًا نزولًا عند رغبة المستخدمين، فلن يصبح ليوتيوب أي مصدر دخل وتُفلس. وهنا تظهر عبقرية مسئولي منصة يوتيوب، حيث قاموا بتقليل وقت وعدد مرات ظهور الإعلانات في مقاطع الفيديو، بحيث يتناسب الإعلان مع طول الفيديو ولا يتكرر إلا مرة أو مرتين على الأكثر، حتى لا يملّ المشاهد أو يشعر بالإزعاج، وبالتالي تصبح هناك “تجربة استخدام سلبية”. هذا التوفيق بين رغبة المستخدم وأهداف الشركة، هو ما يضمن تحقيق تجربة مستخدم ناجحة وممتازة.