مفهوم وأهمية التطور المهني
التطور المهني هو التركيز على المهارات الأساسية والجوانب المختلفة ونقاط القوة، وتطويرها باستمرار بالصورة التي تساعدك على التقدم في المسار المهني الصحيح. فإذا أردت وضع نفسك في المكانة التي تستحقها وتقديم نفسك كموظف عالي الأداء، فمن الضروري تثقيف نفسك واكتساب الوعي بذاتك.
على المستوى الفردي، فإن لكل منا قدرات ومهارات ونقاط قوة مختلفة ومتباينة، إذا استخدمناها بالشكل الصحيح يمكن أن تساهم بصورة كبيرة في زيادة درجة الإنتاجية والأداء. يساعدنا التطوير المهني المستمر على اكتشاف وتطوير هذه المهارات وزيادة قدرتنا على تسويقها بالشكل الصحيح، وهنا تكمن الأهمية الحقيقية للتطور المهني. وفي هذه المقالة ركزنا على أهم الجوانب الشخصية والمهنية التي يمكن بها تحقيق تقدم وظيفي ملحوظ وتأثير مميز داخل بيئة العمل.
تطوير الحافز لزيادة الإنتاجية
يعتمد نجاحك المهني وتقدمك الوظيفي على أهدافك بعيدة المدى، ولا يمكن تصور الحفاظ على خطط طويلة الأمد دون وجود الحافز والحماس الذي يدفعك بشكلٍ مستمر لمواصلة العمل والإنتاجية والاحترافية في العمل. لذلك، فإنه على عكس الشائع، يعد إيجاد الحافز وتنميته أحد أهم المهارات الوظيفية التي لا تلق اهتمامًا بالقدر الكافي، مما يتسبب في ضعف إنتاجيتك بمرور الوقت، ما يهدد تقدمك المهني على المستوى القريب والبعيد. وقد تساعدك الخطوات التالية في العمل على تطوير الحافز لديك لزيادة نجاحك:
1. اصنع محفزاتك بنفسك
تختلف المحفزات من شخصٍ لآخر، فليست جميع الأهداف والطموحات تحفز جميع الناس، قد يكون المحفز هو البحث عن الترقية وقد يكون العائد المادي. على كلٍ، عليك في البداية أن تُوِجد الدافع ثم تحدد أهدافًا واضحة تسعى إليها حتى لا تشعر في منتصف الطريق أنك تسير بلا هدف أو غاية، لذلك قبل بَدْء العمل عليك النظر عميقًا داخل نفسك وإيجاد الدافع الذي يعينك على المواصلة والتركيز عليه.
2. ابدأ بالأسهل دائمًا
الخطوة الثانية في خطَّة تطوير الحافز هي إنجاز المهام السهلة أولًا، فهي لا تتطلب الكثير من التحفيز أو الجهد، لكن مع هذا فهي تعود بالكثير من الطاقة الإيجابية المحفزة، وتجعلنا أكثر رغبة في إنجاز المزيد، والأهم أنها لا تعطي عقولنا فرصة للتسويف والمماطلة، يمكنك كذلك تقسيم المهام الكبيرة لأجزاء صغيرة، فهذا سيساعدك على الاستمرارية وبناء العادات الجيدة التي تساعدنا على الاستمرار في الإنتاجية والأداء المتميز وتوفر علينا الكثير من الوقت والجهد.
3. وازن بين الحياة الشخصية والعملية
قد تكون هذه هي الخطوة الأصعب، فمن الصعب الحفاظ على المستوى نفسه من التوازن بين حياتك العملية والشخصية، خاصةً مع انتشار ظاهرة الاحتراق الوظيفي، ولكن التقصير في أي من هذين الجانبين سيعقبه تأثير سلبي على تقدمك الوظيفي على المستوى القريب.
لذلك، من المهم ألا تصل لمستوى الاحتراق الوظيفي حتى تحقق نجاحات ملموسة، النجاحات ستأتي مع التطوير المهني المستمر وزيادة الإنتاجية والتواصل الفعال في بيئة عمل صحية، وليس بواسطة عيش كامل حياتنا داخل نطاق العمل متجاهلين تمامًا حياتنا الاجتماعية وواجباتنا الأسرية واحتياجاتنا الشخصية، فالتقدم الوظيفي هو نتيجة التكامل الفعال بين هذه الجوانب.
4. الحفاظ على عقلية إيجابية
التفكير الإيجابي هو العمود الفقري لتطوير الدافع الداخلي للنجاح، تجنب التفكير السلبي المتشائم، فهو سيعيقك عن رؤية نجاحاتك السابقة التي تمنحك الطاقة لمواصلة العمل، المتشائمون الذين لا يمكنهم رؤية الفرص والنجاحات في ما حولهم ومن حولهم لا يمكنهم أبدًا أن يصبحوا قادة، ولا يمكنهم أن يطوروا علاقات قوية وممتدة بزملائهم والمحيطين بهم.
يساعدك التفكير الإيجابي على مواجهة التحديات والصعاب التي من المحتمل أن تعترض طريقك للنجاح والتقدم الوظيفي مستقبلًا، لذلك عليك تطوير مهارة التفكير الإيجابي بواسطة الكتب أو حضور الندوات ومرافقة الإيجابيين الذي سيكونون بمنزلة الدعم والحافز الخارجي في مسار تقدمك الوظيفي.
5. اعرف نِقَاط قوتك
إذا أردت أن تتميز عن باقي الموظفين عليك أن تعرف بالضبط ما الذي يميزك، ما هي نِقَاط قوتك ومهاراتك الفريدة التي يمكن أن تصل بك إلى التميز وتجعلك من القلة الفريدة في مجالك، كل يوم تستيقظ فيه عليك البحث عن هذه المهارات وتطويرها والأهم أن تعرف كيفية إبرازها وتسويقها ببراعة واحترافية.
معرفة نِقَاط قوتك وقدرتك على تأدية المهام المناسبة لهذه المهارات بشكلٍ فعال يمنحك ثقة عالية بنفسك وقدرة كبيرة على المنافسة في سوق العمل، ويجعلك أكثر كفاءة وموثوقيه بالنسبة للمديرين والعملاء على حد سواء، وهي إلى ذلك تمنحك حافزًا لمواصلة العمل الذي تعلم تمامًا في داخلك أنك قادر على أدائه بأفضل طريقة ممكنة.
الصفات الشخصية للموظف المتميز
طبقًا للدراسات فإن ثمة مجموعة من السمات الشخصية للموظف المتميز ويوليها خبراء الموارد البشرية ومديري الشركات أهمية كبيرة عند التوظيف وعن الترقيات، تتعدد هذه الصفات وتتنوع طبقًا لمعايير كل مؤسسة ومتطلباتها، ولكن هناك مجموعة معينة من السمات الشخصية تحظى باتفاق كل خبراء الموارد البشرية تقريبًا، وهذه السمات بالرغْم من أنها لا تتعلق بشكل مباشر بالمهنة، إلا أنها تمنح الموظف أفضلية عند التوظيف والترقي. لذلك، عليك العمل على تطوير هذه المهارات جنبًا إلى جنب مع مهاراتك العملية والأكاديمية:
1. أضف قيمة وكن فاعلًا
الكسل والتراخي ليس مؤشرًا جيدًا بالنسبة للموظف المتميز، عليك أن تظهر دائمًا الحماس والرغبة في العمل والأداء المتميز، وعليك أن تظهر للمديرين والزملاء والعملاء من حولك أنك جدير بالثقة، وأنه بإمكانهم الاعتماد عليك في أداء المهام الموكلة إليك بكفاءة وفاعلية، وأنك قادر على المنافسة في سوق العمل.
2. كن شغوفًا بعملك
حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، لا ينبغي أن تتعامل مع وظيفتك على أنها عقوبة مملة، يجب أن تظهر حبًا واهتمامًا بوظيفتك واطمح دائمًا لتحقيق نتائج باهرة في المهام الموكلة إليك، أظهر دائمًا الشغف والثقة وكن فخورًا بعملك وقدرتك على أداء مهامك بكفاءة عالية.
3. كن واثقًا من نفسك
احرص دائما على إظهار العزم والثقة بالنفس، واعمل على إبراز مهاراتك وتسويقها. وهذا لا يعد تباهيا أو غرور، فمسؤولي الموارد البشرية لا يعلمون من أنت وما الذي يمكنك فعله، كل ما عليك هو إخبارهم بهذه المهارات، ودائمًا أظهر الثقة مع الرغبة في التطور والتعلم بشكل مستمر.
4. التزم بالأخلاق المهنية العالية
الغاية لا تبرر الوسيلة، وبقدر رغبتنا في التطوير المهني والتقدم الوظيفي لا ينبغي أن ننسى الأخلاق المهنية والنزاهة في العمل. علينا كموظفين متميزين أن ندمج ما بين التطور المهني والأخلاق المهنية، إذ يبحث المديرين وخبراء الموارد البشرية عن الكفاءات التي تعمل بصدق ونزاهة وتمتلك المبادئ والأخلاقيات المهنية التي تعد مِيزة قليلة في بيئة العمل التنافسية في العصر الحديث.
5. امتلك مهارات اتصال فعالة
الإنسان كائن اجتماعي وكلما ازداد ذكاء الشخص، كان أكثر قدرة على التواصل والتفاعل والتأثير في بيئة العمل والمجتمع المحيط به، فلا يمكن تصور نجاح منقطع النظير دون القدرة على تكوين وإدارة شبكة علاقات عامة قوية وممتدة داخل وخارج المؤسسة. ينبغي لك العمل على تطوير مهارات اتصال قوية وفعالة مع المديرين والزملاء والعملاء على حدٍ سواء، وأن تتمكن من إيصال أفكارك ووجهات نظرك بالطريقة الصحيحة التي تجعلك ذا قدرة على التواصل مع محيطك والتأثير فيه.
بناء مهارة التعلم المستمر
التطور المهني والتعلم المستمر وجهان لعملة واحدة، العالم في تطور مستمر وإذا لم تعمل على تطوير مهاراتك وزيادتها بشكل دائم، فسوف يتم الاستغناء عنك في أقرب فرصة. لا تساعدك مهارة التعلم المستمر فقط في منحك فرصة للمنافسة والقتال حتى النهاية في صراع البقاء المهني، بل هي أيضًا دليل ومؤشر جودة على رغبتك في أن تصبح الأفضل، رغبتك في الوصول للقمة والبقاء فوقها لأطول وقتٍ ممكن. كلما ازددت مهارة، ارتفعت قيمتك في سوق العمل، ولتطوير قدرتك على التعلم المستمر إليك النصائح التالية:
أولًا: ابحث عن المزايا التنافسية
سلّح نفسك بأفضل المهارات التنافسية التي تجعل منك شخصًا لا يمكن الاستغناء عنه أو تعويضه داخل المؤسسة، مهارة التعلم المستمر في حد ذاتها مِيزة تنافسية تجعلك أكثر قدرة على الاعتماد على نفسك ،وفي الوقت نفسه مصدرًا للخبرات بالنسبة لزملائك في العمل.
ثانيًا: التسويق الذاتي
تنمية مهارة التسويق الذاتي يمنحك أفضلية على الأشخاص الذين لا يجيدون التسويق لمهاراتهم، فإذا تمكّنت من تطوير مهارة الدعاية الذاتية بشكلٍ فعال ومتوازن بعيدًا عن الغرور والتباهي، ثق تمامًا بأنك ستكون الخِيار الأول لخبراء التوظيف عند البحث عن الموظفين المتميزين.
ثالثًا: احرص على تبادل المعرفة
كن مصدرًا للمعلومات بالنسبة للآخرين واحرص على الاستماع لما لديهم من معلومات وخبرات ولا تقلل منها مهما حدث. قدم لهم يد العون فهذا سيجعلك تحظى بدعمهم طوال الوقت، وسيفيدك هذا مستقبلًا في مسار تقدمك المهني، ثم أن تبادل المعرفة ينشئ بيئة تنافسية بين الزملاء ويحفزهم على التطوير والتعلم المستمر
رابعًا: تمتع بالمرونة وشجع التغيير
يخاف الناس من التغيير، فالغالبية العظمى من الموظفين يحبون الرتابة والاستقرار. أما عنك، فالتغيير هو فرصة لإبراز المجموعة الواسعة التي تمتلكها من المهارات المختلفة، ويتيح لك أيضًا العديد من الخيارات الواسعة لتختار فيما بينها بالشكل الذي يخدم تقدمك الوظيفي.