قد يبدو لك الأمر مقلقًا عندما تفكر في العمل الحر بدوام كامل، وأن تخاطر بترك وظيفتك التي اعتدت عليها، لتصبح مسؤولًا عن وقتك والتزاماتك المالية ومواعيد التسليم وراتبك.

إن مجرد التفكير في الأمر يجعلك تخشى الإقدام عليه، لكن بالنظر إلى أن هناك نحو 18 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها قد اتخذوا قرارهم في العمل مستقلين ونجحوا في المجال، ومع الأخذ بالتجارب الخاصة التي ستُعرَض لك في هذا المقال، يمكن القول وبثقة، أن الأمر ليس مخيفًا إلى هذا الحد، لكن مع ذلك لا داعي لسماع هذا الكلام فحسب، بل استمع لآراء المحترفين في هذا المجال. لهذا السبب أجريت لقاءً مع عدة مستقلين ناجحين ليحدثونا عن قصصهم ونصائحهم وما الأمور التي يجب أن تتوقعها عندما تبدأ مسيرتك في العمل الحر.

بول جارفيس المصمم والكاتب

يعمل بول جارفيس مصممًا وكاتبًا ومدربًا. إن نشرته البريدية التي تصلني كل أحد عبر بريدي الإلكتروني هي واحدة من الرسائل الإخبارية القليلة التي أقرأها باهتمام، كما أن كتبه فريدة وتستحق القراءة، وله أيضًا مساقات تعليمية عبر الإنترنت ويستضيف بالمشاركة برنامجًا إذاعيًا عبر الإنترنت.

يعمل بول مستقلًا منذ 17 عامًا تقريبًا، أي أن معظم مسيرته المهنية كانت في العمل الحر، فصنع لنفسه اسمًا في هذا المجال، وبالطبع كان لابد من بعض الدروس المهمة التي تغلغلت في مسيرته، والتي سيحدثنا عنها لنستفيد منها في هذا المقال.

الدخول إلى المجال

في أي مرحلة أدركت أنك بحاجة إلى العمل مستقلًا بدلًامن التقدم لوظيفة “تقليدية”؟ حتى أكون صادقًا معك، يجب أن أخبرك أن الأمر كان بالمصادفة، ففي التسعينيات عملت في شركة لمدة عام تقريبًا، وخلال تلك الفترة شعرت أن رؤيتهم وقيمهم لم تكن متوافقةً مع نظرتي، والأهم من ذلك، أن الطريقة التي تعاملوا بها مع عملائهم لم تناسبني أبدًا، لذلك استقلت.

في اليوم التالي قررت البحث عن وظيفة أخرى، حتى بدأت أتلقى مكالمات من عملاء في الشركة يخبرونني أنهم على علم أنني أنا من أنجزت كل العمل السابق، وأنهم يريدون نقل أعمالهم إلى مكان عملي الجديد. بعد المكالمة الثالثة أو الرابعة، جائتني الفكرة، ففكرت في نفسي لماذا يجب أن آخذ كل هؤلاء العملاء إلى شركة جديدة، لما لا أعمل معهم بنفسي؟ وهذا ما حدث.

في اليوم التالي بدأت العمل على كافة الإجراءات اللازمة لفتح شركة وبدأت في العمل. لقد كان ذلك منذ أكثر من 17 عامًا ومع ذلك فهي مازالت قائمةً حتى يومنا هذا.

السيطرة

كيف كانت عملية اتخاذك لمثل هذا القرار؟ كانت خياراتي في ذلك الوقت، إما أن أذهب للعمل لدى شخص آخر قد لا تتوافق رؤياه مع أسلوب عملي، أو البدء بعملي الخاص وأكون مسؤولًا عن العمل الذي أنجزه (أو الذي لم أنجزه) والتعامل مع العملاء. بالنسبة لي كان الأمر سهلًا، لأنني أردت أن أكون أنا المتحكم في مجريات الأمور.

التكيف مع أسلوب حياتك الجديد

ما هي الإيجابيات التي حدثت في نمط حياتك منذ أن بدأت العمل مستقلًا؟ في البداية لن ترى إيجابيات، لأنه أصبح لديك ساعات عمل أطول ومهام أكثر، دون أن تكون هناك أي حوافز أو استقرار مالي. ولكن بعد ذلك وبمرور الوقت، تبدأ في التكيف مع نمط حياتك ليتماشى مع أسلوب عملك الجديد.

“ستتمكن مع مرور الوقت من تكييف أسلوب حياتك ليتماشى مع الأسلوب الذي تريد أن تعمل به”.

بالنسبة لي أفضل الحرية على المال، لذلك تراني أعمل بجد عندما يتعين علي الأمر، ثم لا أعمل على الإطلاق لعدة أشهر على الأقل من كل عام، وذلك حتى أتمكن من التركيز على أشياء أخرى؛ لكن هذا لم يكن حالي عندما بدأت عملي الحر، لأنني أردت كسب الكثير من الأموال.

البحث عن مجتمعك

ما هي محاسن ومساوئ العمل الحر أو العمل عن بعد؟ جميع عملائي بعيدون، لذلك لا يهمني المكان الذي أعيش فيه، لهذا السبب أعيش في منزل في ضواحي المدينة بعيدًا عن ازدحام المدن أو القرى المجاورة. بالنسبة لي أرى هذا الأمر ميزةً رائعةً، كوني أستطيع اختيار المكان الذي أعيش فيه.

مع ذلك يمكن القول أن العيب في العمل الحر أنه قد يجعلك تشعر بالوحدة، لذلك أحاول تخصيص بعض وقت من كل أسبوع للتحدث مع مستقلين آخرين عبر برنامج للمحادثة عبر اﻹنترنت، بالإضافة إلى أنني نشط جدًا في بعض القنوات على برنامج سلاك، والتي تكون أشبه بجلسات للدردشة أكثر من كونها محادثات تتعلق بالعمل.

إنشاء مساحتك الذهنية

هل لديك أي نصائح للاشخاص الذين يفكرون في العمل الحر أو العمل عن بعد؟ إن أهم شيء في العمل عن بُعد هو أن تكون قادرًا على التعامل مع عوامل التشتيت التي لا يمكنك تجنبها وإنشاء مساحتك الذهنية الخاصة لتزيل فيها أكبر عدد ممكن من عوامل التشتيت التي يمكن أن تقوض عملك.

بالنسبة لي، لدي غرفة في منزلي أعدها مكتبًا للعمل، أي أنني عندما أكون فيها، فهذا يعني أنني في العمل، فهي لا تحوي أي شيء من شأنه أن يشتتني. وعندما أنتهي من المهام التي لدي، أغادر تلك الغرفة. كذلك، لا أدع أحدًا يزعجني عندما أكون في مكتبي إلا في حالات الضرورة، وبالعكس، أي أنني لا أجيب على الرسائل الإلكترونية أو المكالمات المتعلقة بالعمل عندما لا أكون في مكتبي. إن الفصل بين العمل والحياة الشخصية يساعد الإنسان في الحفاظ على سلامة عقله.

كارلي أيريس محللة المحتوى في carlyayres.com

قابلت كارلي لأول مرة في مناسبة اجتماعية كان فيها كلانا يجبر نفسه على البقاء والتحدث مع الناس رغم عدم رغبتنا بذلك. ومنذ ذلك الوقت أصبحنا صديقتين مقربتين، ربما لأنها أيضًا من نفس المدينة التي ترعرعت فيها، أو ربما لأنها واثقة من نفسها، وهو ما أحترمه. في ذلك الوقت، كانت تعمل في مجال صناعة المحتوى بدوام كامل لدى شركة كرييتف مورنينغ. لكن منذ حوالي سبعة أشهر، قررت الانطلاق في مجال العمل المستقل وحصلت على بعض المشاريع الرائعة بمفردها، بينما تستمتع بممارسة ما تحب بحرية ودون الالتزام بدوام ثابت.

إيجاد عمل تحبه

ما الذي تعملين عليه حاليًا؟ حاليًا أنا سعيدة للغاية للعمل مع شركة ذا جريت ديسكونتنت في مشروعهم The100DayProject (مشروع المئة يوم)، إذ أساعد على تسليط الضوء على المحتوى المميز من خلال تضمينه برسائل إخبارية أسبوعية عبر البريد الإلكتروني. لقد كان أسبوعًا حماسيًا أن أعمل معهم وأرى كل تلك المشاريع الرائعة التي يعملون عليها، وأتطلع بشوق لرؤيتها وهي تتطور على مدار الأسابيع القادمة.

من جهة أخرى أنا أعمل أيضًا على كتابة رسائل إخبارية أخرى لصالح موقع unti-tled.com، بالإضافة إلى تولي إدارة الوسائط الاجتماعية والمحتوى لمكتب الصندوق التعاوني وعدة عملاء آخرون، أي ببساطة يمكنني القول أنني منهمكة في العمل.

اتخاذ القرار

ما الذي دفعك إلى ترك وظيفتك اليومية للحاق بركب العمل الحر، كيف كانت عملية اتخاذ مثل هذا القرار؟ كان قرار ترك العمل أحد أصعب القرارات التي كان علي اتخاذها، وذلك نظرًا لكونها كانت وظيفتي الأولى بعد التخرج من الجامعة، وقد وفرت لي الشركة التي كنت أعمل بها فرصةً رائعةً للبحث والمساعدة في تطوير استراتيجية المحتوى لشركة في مراحلها الأولى، فقد انضممت لهم مباشرةً بعد أن أطلقوا حملةً لجمع تمويل انطلاقة الموقع الجديد وشاهدنا مجتمع الداعمين ينمو حول العالم.

يجب أن أقول أنني ممتنة جدًا لمقدار الثقة والحرية التي منحوني إياها في عملي السابق، بالإضافة إلى فرصة أن أكون جزءًا من المجتمع المذهل المليء بالأشخاص الموهوبين. فكوني محاطةً بالعديد من الأشخاص الأكثر خبرةً مني، والذين كانوا دائمًا سعداء لتقديم المشورة والدعم عند الحاجة، قد أثر إيجابيًا على حياتي وخبرتي في العمل.

لكن رغم كل ذلك وبعد عدة سنوات من عملي في شركة كرييتف مورنينغ، وجدت رغبةً في نفسي لتجربة شيء جديد. كنت قد بدأت سابقًا بتسلم المزيد من الأعمال المستقلة وأدركت أن العمل الذي كنت أخاف منه والذي دفعني حقًا إلى الخروج من منطقة الراحة وتحدي نفسي، هي المشاريع التي كنت أعمل عليها بعد انتهائي من عملي في الشركة وفي عطلات نهاية الأسبوع. أدركت أنني إن كنت أرغب في النمو أكثر، فهذا هو العمل الذي يجب أن أتفرغ له.

إن إدراكي لهذه الحقيقة جعل الأمور أسهل بعض الشيء، بالإضافة إلى أن لدي الكثير من الزملاء الذين عملت معهم في عملي السابق ومستعدون لمساعدتي في حال لم أنجح.

الإقدام على الخطوة الأولى

ما هي الإيجابيات التي حدثت في نمط حياتك منذ أن اخترتِ العمل مستقلةً؟ بعد سبعة أشهر من العمل مستقلةً، يمكنني أن أقول بصدق إن التغيير كان إيجابيًا على نحو مذهل، لكن لو سألتني منذ خمسة أو ستة أشهر، ربما لن يكون الأمر كذلك.

لقد استغرقني الأمر بضعة أشهر لأخطو خطواتي الأولى، من حيث تحديد مقدار العمل الذي يمكنني إنجازه على نحو واقعي، ومعرفة كم يجب أن أطلب من العملاء لقاء ذلك العمل، بالإضافة إلى تطوير العمليات والأنظمة اللازمة لتتبع المشاريع وإدارة سير العمل.

لقد اضطررت إلى تجاوز العديد من العقبات التي واجهتني وما زلت أتعلم كثيرًا، لكن لو لم أقدم على هذا الأمر من البداية، لما كنت وصلت لما أنا عليه اليوم.

أستطيع أن أقول وأنا سعيدة، أنني أصبحت أمارس الرياضة الآن وأحيانًا أطهو وجبة العشاء بنفسي عوضًا عن طلب طعام جاهز، وهو ما يجعلني أشعر أنه إلى حد ما هناك توازن في حياتي بين العمل والحياة الشخصية.

البحث عن مجتمع يحتويك

ما هي محاسن ومساوئ العمل الحر أو العمل عن بعد؟ بالنسبة لي أعتقد أن القدرة على التحكم في وقتي وتحديد أهدافي والعمل على المشاريع المثيرة للاهتمام تُعَد جميعها محاسن العمل الحر، وهي أيضًا مساوئ في الوقت نفسه.

لهذه الأسباب يكون من المهم أن تنضم إلى مجتمع يضم مستقلين آخرين، يقدمون لك النصائح والمشورات ويساعدونك. وبالنسبة لي، أعتقد أنني بحاجة دائمة إلى البحث عن أفكار أخرى وسماع آراء جديدة.

“من المهم أن تنضم إلى مجتمع يضم مستقلين آخرين”.

تحديد السبب الحقيقي للمشكلات

هل لديك أي نصائح للاشخاص الذين يفكرون في العمل الحر أو العمل عن بعد؟

  • ابحث عن مجتمع يناسب اهتماماتك.
  • توقع دائمًا الأفضل، ما لم يثبت عكس ذلك.
  • كل مشكلة قد تحدث بينك وبين العميل هي في الأساس سوء تواصل بينكما.
  1. طور نفسك على نحو دائم.
  2. مارس بعض التمارين الرياضية كل يوم.

جولي شابين المصممة في syswarren.com

عملت مع جولي في أحد المشاريع في شركة تدعى منشن، ورأيت أنها مصممة موهوبة للغاية واستمتعت كثيرًا بالعمل معها. عندما غادرت الشركة لم تكن متأكدة تمامًا من خطوتها التالية وبالتأكيد لم ترغب في الاستقرار في وظيفة أخرى ثابتة، لذلك بدأت في استلام بعض المشاريع الجانبية وتطوير مسيرتها المهنية في العمل مصممةً مستقلةً بدوام كامل، وأصبحت خدماتها محجوزةً لستة أشهر مقدمًا، وهي غالبًا ما تعمل مع نفس العميل في عدة مشاريع مختلفة.

الاستفادة من المرونة

باعتبار أن لديك مشروعك الخاص، كيف ساعدك العمل الحر (أو أعاق) قدرتك على مزاولة ريادة الأعمال؟ لأكون صريحةً معك، لقد حُجزت خدماتي بالكامل خلال الأشهر الماضية، وعلى الرغم من أن هذا أمر رائع بحد ذاته، إلا أنه يعني أيضًا أنه لم يكن لدي الكثير من الوقت للعمل على مشروعاتي الشخصية، لكن مع ذلك تمكنت بفضل التخطيط بمرونة أن أكون أكثر فعاليةً في إصلاح الأخطاء التي ظهرت في مشاريعي أكثر مما كنت أعمل عليه عندما كنت أعمل في وظيفتي السابقة. لذا إن كنت تحاول إنشاء شركتك الخاصة، فإن العمل بدوام جزئي هو ما يناسبك.

ستتحسن صحتك

ما هي الإيجابيات التي حدثت في نمط حياتك منذ أن اخترت العمل مستقلًا؟ لقد تحسن نظامي الغذائي، فأصبحت أتناول الكثير من الأطعمة الصحية. بدلًا من تناول الوجبات السريعة مع زملائي في العمل. كما صرت الآن أستطيع بكل ارتياح أن أطهو طعامًا صحيًا وأحظى بوجبة حقيقية ولذيذة.

بالإضافة إلى إيجابية أخرى، وهي عد منزلي هو نفسه مكان عملي، فيجب أن يكون نظيفًا دائمًا، فأنا لا أستطيع التركيز إن كانت الفوضى تعمّ المكان. وخلاف ذلك، أعمل تمامًا مثلما كنت من قبل، مع نفس البرنامج ونفس الحاسب ونفس الأسلوب.

التواصل بوضوح أكبر

ما هي محاسن ومساوئ العمل الحر أو العمل عن بعد؟ بغضّ النظر عن فوائد الطعام الصحي، فإن وقتي لا يضيع في حضور الاجتماعات، كما أنني أصبحت أكثر ثقةً بعملي ومهاراتي في التواصل. إن العمل عن بعد يجبرك على التعبير عن نفسك على نحو أكثر وضوحًا، بالإضافة إلى أن المسافة البعيدة بيني وبين العميل تكسبني منظورًا أشمل لم يكن لدي أثناء العمل داخل شركة.

“إن العمل عن بعد يجبرك على التعبير عن نفسك على نحو أكثر وضوحًا”.

تأكد من أنك جاهز

هل لديك أي نصائح للاشخاص الذين يفكرون في العمل الحر أو العمل عن بُعد؟ قبل ممارسة مهنة ما بدوام كامل في العمل الحر، تأكد من قدرتك على ترك وظيفتك. لا تبدأ إن لم يكن لديك بعض العملاء أو عقود عمل واضحة في الأفق.

حاول أن تنضم إلى إحدى المنتديات لتشاركهم مشاريعك وتجمع آرائهم. بالنسبة لي، أنا على تواصل يومي مع العديد من الأفراد في قنوات برنامج سلاك، وهذا يعطيني الشعور بالانتماء إلى شيء ما.

ستحتاج أيضًا إلى قدر كبير من المثابرة لتستيقظ في الصباح الباكر وتبدأ بالعمل دون أن تأجل مهامك إلى وقت لاحق. وإن كنت تعمل من المنزل، فستحتاج إلى أن يكون لديك سبب للخروج كل يوم ومقابلة الناس، وضع في حسبانك هنا أن قطتك ليست شخصًا حقيقيًا، لذا لا تستمع إليها إن أخبرتك بآرائها السلبية.

كيت كيندال الرئيس التنفيذي لشركة كلاود بيبس

تعمل كيت في الوقت الحالي في منصب الرئيس التنفيذي لشركة كلاود بيبس. استطاعت في السابق أن تسافر حول العالم بالاعتماد على عملها المستقل في إدارة وسائل التواصل الاجتماعي لشركات مختلفة، بالتزامن أيضًا مع إدارتها لشركتها الأخرى التي تدعى فيتش.

أدركت كيت أثناء عملها أن هناك فائضًا من المستقلين الموهوبين المتاحين في السوق في حين أن الشركات كانت متعبةً من إدارة تواجدها على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بمفردها، فالوكالات الإعلانية المتخصصة في هذا المجال مكلِفة للغاية والتعاقد معها يستنزف وقتًا ومواردًا، وهو الأمر الذي دفعها لإنشاء شركتها كلاود بيبس، التي يبلغ عمرها حتى كتابة المقال بنسخته الأصلية، عامًا ونصف، بحيث يعمل فيها أربعة موظفين بدوام كامل وبعض المتعاقدين الموزعين في عدة مدن من الولايات المتحدة وفي برلين في ألمانيا.

التركيز على الحرية

لماذا اخترت جعل موظفي شركتك يعملون عن بعد؟ لم يكن قرارًا مخططًا له منذ البداية بل كان تقدمًا طبيعيًا، إذ لطالما كنت من أشد المعجبين بجويل جاسكوين، وهي المديرة التنفيذية لشركة بافر المتخصصة في مجال إدارة الشبكات الاجتماعية، وفريقها. وقد كنت شاهدةً على نجاحهم في توسيع قدرات فريقهم عن بُعد.

ما أحبه في العمل عن بعد هو أنه يركز على الإنتاجية والمساءلة والشفافية والثقة أثناء تلبيته لأنماط العمل المختلفة. وبما أنني شخص إنطوائي، أجد نفسي قادرةً على إنجاز المزيد من العمل عندما أكون في مكان هادئ؛ أما بيئة المكاتب في الشركات، فهي عكس ذلك تمامًا.

“ما أحبه في العمل عن بعد هو أنه يركز على الإنتاجية والمساءلة والشفافية والثقة”.

ومع طبيعة سوق العمل، أجد أنه من المنطقي بالنسبة لنا أن نمارس ما نؤمن به. ما أحاول قوله هو أن الأمر يتعلق بحرية اختيار ما يناسبك أثناء تأديتك لعملك.

الشعور بالامتنان من جديد

ما هي محاسن ومساوئ العمل الحر أو العمل عن بعد؟ عندما تعتاد على العمل عن بعد والإدارة الذاتية والحرية غير المحدودة، يصبح أمرًا عاديًا لا حماس فيه، لذا عندما أشعر بالإكتئاب من العمل من المنزل بين الحين والآخر، أو أشعر بانعدام الحماس والتحفيز؛ أفعل شيئًا لا أحب فعله، مثل الذهاب لمكتبي أثناء ساعة الذروة والازدحام الشديد، أو قضاء يوم كامل في اجتماعات أو الرد على الكثير من المكالمات التي لا تنتهي، مما يجعلني أستشعر النعم التي أعيشها في العمل الحر.

إن إحدى الانتقادات الموجهة للعمل عن بعد هو أنه لا يسهل التفاعل الاجتماعي العفوي الذي يحدث في بيئة المكاتب. نحن في عصر يتسم بوفرة التواصل الاجتماعي، حيث يمكنك التواصل مع أي شخص في أي وقت تريده، وفي أي مكان في العالم أو حضور عدد كبير من الفعاليات في أي مكان أو في أي شبكة أعمال ترغب بها.

بالنسبة لي، لا أبحث عن المزيد من التفاعل الاجتماعي، بل أسعى إلى تقليله وزيادته مع الأصدقاء والعائلة الذين يعنون لي أكثر وأهتم بأمرهم. يتيح لنا العمل عن بُعد قضاء وقت أكبر مع الأشخاص الأكثر أهميةً بالنسبة لنا. قد نرى الكثير من الوظائف عن بُعد التي يتباهى أصحابها بإمكانية سفر وعيش المتقدم في أي مكان يريده، لكن الشيء الرائع فيها ليس السفر فحسب، بل هو التأثير الإيجابي على عائلات هؤلاء المتقدمين عندما يتمكنون من قضاء وقت أكبر مع عائلاتهم.

اترك تعليقاً