لماذا تعد مهارات التفويض أساسية للمديرين؟
يتمثل دورك بوصفك مديرًا في المساعدة على إعطاء أولوية للعمل الذي ستنتج عنه القيمة الأعلى بالنسبة لفريقك وشركتك، وعلى توجيهه، ودفعه قُدُمًا؛ أما إذا كنت عالِقًا في إعداد التقارير وإدارة المهام اليومية، فلن تكون قادرًا على امتلاك النظرة عالية المستوى التي تحتاجها لوضع الاستراتيجيات واتخاذ القرارات. فبعيدًا عن تكريس وقت للتركيز على العمل ذي التأثير الكبير، يوفر لك تفويضُ المهام فرصة تعلّم وتطوير ممتازة لفريقك، ولك أيضًا.
فعلى سبيل المثال، يمكنك تحديد معالم حملة تسويقية. ولكن، ورغم أن هذا النوع من المهام قد يكون مهمًا، فمن الأفضل أن ينجزه أعضاء فريقك. وإذا لم يكن أحد موظفيك قد تولى قيادة هذا النوع من المشاريع، فسيمنحه التنازلُ له عن هذه المهمة فرصة تعلّم مهارات جديدة. وبحسب دراسة مسحية أجراها موقع Officevibe:
لا يشعر 30% من الموظفين بأن لديهم شخصٌ يسهم في نموهم وتطويرهم.
يمكنك عبر تفويض العمل المساهمة في النمو والتطوير المستمرَّين لموظفيك، إذ يبقيهم ذلك مندمجين، وهو ما يأتي بمجموعة من الفوائد لفريقك، كما يساعدك تفويض العمل في كسب مزيد من الوقت للتركيز على تطوّرك الشخصي والمهني.
هل تخشى تفويض العمل؟ اعلم أنك لست الوحيد
لماذا يبدو تفويض العمل بتلك الصعوبة أحيانًا؟ طرحنا هذا السؤال على بعض المديرين ضمن شبكتنا. فبينما يدرك العديد من المديرين قيمة التفويض، إلا أنهم قد يجدون صعوبةً في التخلي عن جزء من عملهم لموظفيهم. وإليك بعض أسباب ذلك:
1. الحفاظ على تركيز الفريق
يقول جون غاتريل Jon Gatrell، وهو شريك رئيسي في شركة ماركت- دريفن بيزنس Market-Driven Business:
لا أفوض العمل غالبًا عندما يكون تركيز الفريق مُنصبًّا على أولويات أخرى، ولستُ أحاول تشتيتهم بالأهداف الحالية البرّاقة. كما أعتقد أنه يمكن للمقدرة المتاحة والمهارات المجهولة أن تلعب دورًا مع أعضاء الفريق الجدد.
وبما أنّ النية هنا حَسَنة، فالأمر برمته متعلق بإحداث توازن. فرغم أنك لا تريد تشتيت أعضاء فريقك بتفويض العمل، إلا أنك -إذا لم تفعل ذلك- فقد يظنون أنك لا تثق بهم، أو لا تريد أن تشاركهم العمل الممتع والمشوّق. إنّ من شأن منح موظفيك الفرصة (والوقت المناسب لانتهازها) أن يعزز ثقتهم بك بوصفك مديرًا، وأن يُبقيَهم مندمجين في العمل.
2. مزيد من العمل الاستباقي
يقول آدم مورغان Adam Morgan وهو مدير تنفيذي فني لدى شركة أدوبي Adobe:
يُنجز بعض المديرين العمل بأنفسهم، لأن تنفيذه بعد تفويضه إلى الموظفين يأخذ وقتًا أطول من ذلك. تُعد هذه الممارسة سيئةً عمومًا، ولكن ذلك لا يعني أنه ليس بوسع المدير تنفيذ عمل إبداعي أحيانًا؛ فهو تصرف يهدف إلى تحقيق التوازن.
أما ميليسا وونغ Melissa Wong، وهي مديرة ماركة تجارية لدى شركة ريكس ماركتنغ + ديزاين Rex Marketing + Design، فتقول:
يساعد التفويض في إيجاد الوقت والوضوح الكافِيَين لإعطاء توجيه مناسب وإعداد الفريق للنجاح.
ومن جانبه، يقول نك باتيرسون Nick Patterson، وهو مؤسس شركة ستورم آند شيلتر Storm&Shelter:
هي بالتأكيد حالة تحتاج إلى كثير من الإيجاز أحيانًا، بحيث يكون إنجازها أسرع بعشر مرات. ولكن ذلك لا يساعد البتة ما دام يبعدك عن الأمور التي عليك متابعتها باستمرار.
قد يبدو تفويض العمل صعبًا في البداية لأنه قد يتطلب من الشخص المفوَّض ضعفَ الوقت المعتاد لإنجاز المهمة أثناء فترة تطور مستواه. لكنك لو ركزت على هذه السلبية كي تمتنع عن التفويض، فستكون نظرتُك محدودة، وسيكلفك ذلك مزيدًا من الوقت على المدى الطويل. إذ لن يتمكن موظفوك من تطوير مهاراتهم، وستجد نفسك تجهد في محاولة لإنجاز مهامك التي لا تنتهي.
3. لا يريدون فقدان السيطرة
يقول جون فرانكو Jon Franko، الشريك المؤسس لوكالة التسويق المسماة غوريلا Gorilla 76:
لطالما كنا أنا وشريكي المؤسس مهووسَي سيطرة. ولكننا عندما تخلّينا عن ذلك الهوس، نادرًا ما كنا نندم على هذه الخطوة. فوِّض، ثم فوّض، ثم فوِّض! فهو قرار صحيح دائمًا تقريبًا، ولهذا السبب توظّف الأشخاصَ في المقام الأول.
أما أندي لونغلي Andy Longley، الأخصائي في علم نفس الأداء والرئيس التنفيذي لدى شركة تيم أب Teamup Inc، فيقول:
عندما نمتلك السيطرة، يقلل ذلك من الريبة (عدم اليقين)، وهو ما تعشقه أدمغتنا، لأنها تتعامل مع الريبة على أنها تهديد. لذا، فعندما نمتلك السيطرة، نحدّ من التهديد المتصوَّر، والأمر هنا إذًا بسيط. وأفضل الطرق للتخفيف من ذلك، تعلُّم مهارات فريقك، وتكريس ثقة شخصية في علاقاتك مع أعضائه، ودعمُهم حتى يتمكنوا من تحمّل المسؤوليات، وبذلك تحافظ على حس بالسيطرة دون الاضطرار إلى إنجاز العمل بنفسك؛ فأفضل الأوقات تلك التي تقضيها مع أفضل الفرق.
قد يكون مردُّ ذلك إلى ضعف ثقة المدير -الذي يخشى فقدان السيطرة إذا فوض العمل إلى موظفيه- بأعضاء فريقه، أو لخشيته من أنه لو فوض عمله إليهم، فقد يُنظَر إليه على أن لا حاجة له بعد ذلك، ولكنّ أفضل المديرين مَن يجد في نجاح فريقه نجاحًا له، ولا يشعر بالتهديد عند مساعدة الآخرين على النجاح.
4. لا يعرفون كيفية التفويض
ببساطة، قد لا يكون قد سبقَ لبعض المديرين أن فوضّوا عملًا في حياتهم، ولذا لا يعملون كيف يفعلون ذلك. فإذا كنتَ مديرًا، يُحتَمل أن تواجه ضغوطًا في محاولة لتعلّم كيف تفعل كل شيء، وكيف تمتلك جميع الأجوبة. وربما يبدو مخيفًا لك أن تمارس مهارةً جديدةً مثل التفويض؛ لكن الجيد في الأمر، أنك ربما تكون قد وظّفتَ أشخاصًا أكفأ منك في إنجاز مهام معينة، وبذلك يعود تفويض تلك المهام لهم بالفائدة على الفريق ككل.