هل تعلم أن 88% من العملاء، على الصعيد العالمي يمنحون خدمة العميل دورًا محوريًا عند اتخاذ قرارات الشراء، بصرف النظر عن أعمارهم؟ تلك النسبة منطقية، إذ يميل الناس إلى الشراء من العلامات التجارية المعروفة. وإذا أخذنا بالحسبان أن خدمة دعم العميل هي واجهة كافة الشركات؛ فلا شك بأن تأثيرها على العلاقة مع العميل كبيرٌ جدًا.
سنجري في هذه المقالة دراسةً عميقةً حول السؤال التالي: ما تعريف علاقات العملاء؟ وسنبحث عن الفوائد التي تجلبها العلاقات الناجحة مع العميل، ونعطيك بضع نصائح حول بناء علاقات العملاء بكفاءة.
ما المقصود بعلاقات العملاء؟
تصف علاقات العملاء كافة الخطوات التي تتخذها الشركة لضمان حصول العميل على أفضل تجربة خلال كافة مراحل الشراء. لا تقع المسؤولية على عاتق الفرق التي تواجه العميل فحسب مثل خدمة دعم العملاء والمبيعات مثلًا، بل تشمل قسم العلاقات العامة والإنتاج والتسويق أيضًا. وتساهم كافة تلك الأقسام في تكوين صورة الشركة بنظر العملاء.
ما سرّ بناء علاقات تواصل ناجحة مع العملاء؟ يمكن السر في اتخاذ مزيجٍ من الإجراءات التفاعلية والاستباقية، والتي تقيّم بدورها العلاقة الحالية مع العميل، وتساعد على تحسينها باستمرار.
ما فائدة تأسيس علاقات ناجحة مع العملاء؟
قبل مناقشة بعض الاستراتيجيات، لا بد لنا من التحدث عن فائدة تأسيس علاقات مع العملاء أساسًا.
تنشئة ولاء العميل
هل سمعت بقاعدة 80/20 في مصطلحات الأعمال؟ تقول القاعدة أن 80% من الأرباح يجلبها 20% من العملاء الأكثر ولاءً للشركة (تدعي شركة أمريكان إكسبريس أن المعدل قد يصل إلى 90 مقابل 10 في بعض الأحيان). هذه الحقيقة غير غير مفاجئة بصراحة، إذ تتحسّن قدرتك على تخصيص تجربة العميل كلما علمت المزيد عن أهداف العملاء وتفضيلاتهم المحددة.
تحسين معدل الاحتفاظ بالعملاء
الحفاظ على تدفق ثابت من العملاء الجدد عملية صعبة، ويتفق أي شخص يعمل في قسم التسويق والمبيعات الصادرة مع هذا الكلام. تبيّن أن الحفاظ على قاعدة العملاء الحالية يوفّر النفقات بمعدل 6 مرات مقارنةً مع استراتيجية الاستحواذ على عملاء جدد. ستوفر الكثير من النفقات إذا كانت استراتيجية علاقة العملاء التي أنشأتها تحفّز عمليات الشراء المتكررة (كعرض برنامج ولاء أو تخفيضات استثنائية مثلًا).
يمثل العميل السعيد وكيلا لعلامتك التجارية
قد تثير بعض الخدمات إعجاب الشخص، ولا يتوقف عن الحديث عنها أمام أصدقائه. يُعَد العميل الراضي أفضل مصدر للتحويلات، ويعزز أيضًا موثوقية علامتك التجارية إلى حد كبير. فإذا شارك العميل السعيد مراجعةً عن منتجاتك على شبكة الإنترنت، أو منحك تقييمًا مرتفعًا في صافي نقاط الترويج (وهو ما سنتحدث عنه لاحقًا)؛ فيمكنك التواصل مع العميل وطلب رأيه الشخصي لاستخدامه ضمن منشورات التسويق.
هل أثار الموضوع اهتمامك حتى الآن؟ تابع المزيد لمناقشة أفضل أساليب بناء علاقات العملاء.
9 خطوات لبناء علاقات العملاء
بعدما تعرفنا على علاقات العملاء ومحاسن تقوية هذه العلاقات، سننتقل إلى الخطوات التي يجب اتخاذها لبناء علاقات ناجحة مع هؤلاء العملاء.
1. فهم احتياجات العملاء
معرفة العملاء قلبًا وقالبًا هي الخطوة الأولى لبناء علاقات طيبة مع العملاء؛ إذ يجب عليك فهم احتياجات العملاء، وإدراك أهدافهم ونقاط الألم.
ما الأشياء التي تحمل قيمة كبيرة بنظر العميل؟ وما المشكلات التي يواجهها؟ قد تمتلك إجابةً مبدئيةً عن هذه الأسئلة، لكن الجمع المستمر للمعلومات أمرٌ شديد الأهمية. وتوجد عدة أساليب لجمع تلك المعلومات، حيث يمكنك إجراء استبيانات ومقابلات، أو قراءة مراجعات المنتجات، أو تفقّد حسابات العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي.
بصرف النظر عن الطريقة التي تختارها، احرص على أن تكون عملية إجراء الأبحاث عن العميل عمليةً مستمرة، وألا تكون مجرد مهمة تجريها مرةً واحدة.
2. اجعل استعلامات العملاء العاجلة أولوية
يعترف 60% من العملاء بأن الحصول على إجابة فورية عن أسئلتهم أمر شديد الأهمية. تصعب الإجابة عن كافة تساؤلات العملاء فوريًا، فيجب الاعتماد على عملية معينة تولي الاستعلامات العاجلة أولوية أكبر. تتطلب بعض الحالات انتباهًا فوريًا -عندما لا يتمكن العميل من تسجيل الدخول إلى المنصة مثلًا-، في حين يمكن تأجيل بعض الحالات الأخرى الأقل أهمية.
ننصحك بوسم استعلامات العملاء المدرجة ضمن حلول إدارة علاقات العملاء، وترتيبها تنازليًا وفق أهميتها، وذلك بدءًا بالاستعلامات العاجلة والاضطرارية؛ إذ ستتمكن حينها من حلّ القضايا الخطيرة والجدية قبل أن تتحوّل إلى مشكلات كبرى.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكنك فرز المشكلات وتقسيمها إلى قسمين: الأول قابل للأتمتة، والثاني قابل للحل على يد فريق دعم العملاء. وسنتحدث عن هذا الأمر في النقطة التالية.
3. اختر نوع الأسئلة/المهام التي يمكن أتمتتها أو حلها عبر قسم الأسئلة الأكثر شيوعا
لا يتطلب حلّ كافة استعلامات العملاء جهودًا شخصيةً من فريق الدعم. إذ يمكنك حلّ الأسئلة التي تتكرر عدة مرات في المحادثات مع العميل عبر تضمينها في صفحة الأسئلة الأكثر شيوعًا، وهو ما يمنحك مزيدًا من الوقت للتركيز على مشكلات العملاء الأكثر تعقيدًا. يمكنك الإجابة عن أسئلة معينة باستخدام روبوت الدردشة، وتلك أسئلة على سبيل “متى ينتهي عقدي؟” أو “ما تكلفة الترقية إلى حزمة من مستوى أعلى؟”.
لا تترك أي سؤال بدون إجابة. إذا كان العملاء يعيشون في مناطق زمنية مختلفة، وليس بمقدور فريق الدعم الإجابة عن تساؤلاتهم على مدار اليوم؛ فالأفضل لك هو اللجوء إلى برامج الدردشة الحية أو روبوت الدردشة. فعند التواصل مع تلك البرمجيات، سيدرك العملاء أن الشركة تلقّت استفساراتهم، وستعمل على الإجابة عنها في أقرب فرصة، ويمكن لتلك البرمجيات أن توجه العملاء إلى الصفحة أو المكان الذي يحوي الأجوبة المناسبة. يفضّل العميل الغاضب أو المتوتر الحصول على تفاعل بشري، فإذا أردت الحفاظ على علاقات حسنة مع العملاء، فمن الضروري حلّ هذه المشكلة.
4. اضمن توفير خدمة دعم مثالية
يُعد فريق دعم العملاء واجهة الشركة، لذا من الضروري تدريب الفريق جيدًا، وذلك لأن التعامل مع بعض العملاء قد يكون عمليةً شاقة. تدفع التجربة السلبية مع فريق خدمة العميل إلى مغادرة العملاء، وفي سيناريوهات أسوأ، قد تصل الأمور إلى التحدث سلبيًا عن الشركة. يميل البشر إلى معالجة المشاعر السلبية بطريقة أكثر تفصيلًا مقارنةً بالمشاعر الإيجابية (وهذا الكلام من وجهة نظر علم النفس)، فيميل الناس إلى تكرار الحديث عن المشاعر السلبية واستخدام كلمات أقوى وأقسى. لذا لا تسمح لخدمة العميل السيئة بأن تتحوّل إلى مصدر خيبة العميل.
درّب فريق دعم العملاء جيدًا، وراقب أداءه بانتظام.
5. سهل وصول العملاء إلى الخدمة
يتوقع العملاء في هذا العصر خدمة عميل شاملة؛ إذ لا يرغب العملاء في معرفة سبل التواصل معك فحسب، بل يتوقعون إجراء تواصل ثابت الجودة، ومتوافقٍ مع كافة قنوات التواصل. ووفقًا لشركة Adobe، تشهد الشركات التي تنجح في تحقيق هذا التواصل نموًا سنويًا بنسبة 10%، وزيادة بنسبة 10% في متوسط قيمة الطلب، وارتفاعًا بنسبة 25% في معدلات إغلاق عمليات البيع، وتلك نسب كبيرة تستحق العناء.
يفضل بعض العملاء، خصوصًا جيل الألفية، التواصل معك عبر الدردشة الحية، في حين يميل آخرون إلى التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني. لذا، احرص على بقاء سبل التواصل متوافقةً مع بعضها ضمن كافة القنوات، وذلك بصرف النظر عن الوسيط الذي يختاره العملاء.
6. اظهر تعاطفا مع العميل
ينجذب البشر طبيعيًا، إلى الأشخاص الذين يصغون بانتباه ويظهرون شيئًا من التعاطف، وينطبق هذا الأمر على الشركات التي نقرر التعامل معها. ولهذا السبب، تُعد طريقة التواصل مع العميل إحدى أهم عناصر نجاح صورة العلامة التجارية.
تُعَد شركة إيباي أبرز مثال عن الشركات التي تجتهد من أجل بناء علاقات عملاء ناجحة، وذلك عبر إظهار التعاطف مع العملاء. لقد أطلقت الشركة حملة “جاهز ومفتوح” في ربيع عام 2020 عندما اضطرت الكثير من الشركات إلى إغلاق متاجرها التقليدية. وتعهّد البرنامج التحفيزي بتقديم ما يصل إلى 100 مليون دولار أمريكي للمشاريع التجارية المتعثرة، وإعفاء المشاريع التجارية الصغيرة من العمولة ورسوم المبيعات.
إن إظهار التعاطف مع العميل يعني الاعتراف بوجهة نظره، والسعي وراء إيجاد حلول ملائمة. تبرز ضرورة هذا التعاطف عندما تسمع المشكلة نفسها عشرات المرات، مما يشير إلى وجود خلل حقيقي يصادفه العملاء في الخدمات أو الموقع.
تأكد أن فريق الدعم يملك المعرفة الكافية لحل هذه القضايا داخليًا، وادفعه إلى إنشاء محتوى تعليمي في قاعدة المعارف لـ”مساعدة العملاء على حلّ هذه المشكلات بأنفسهم”. قد يغيّر العملاء الغاضبون سلوكهم عندما يتواصلون مع فريق دعم بشوش ونافع، وقادرٍ على إزالة كافة العقبات التي تواجه العميل.
7. ابذل أكثر مما يتطلب الواجب لإرضاء العميل
نعيش في عالم تكثر فيه العلامات التجارية، فيسهل على العميل استبدال علامة بعدد كبير من البدائل الموجودة في السوق. وإذا أسست علاقات ناجحة مع العملاء، فسيصعب على هؤلاء التخلي عن خدمتك. ووفقًا لبحثٍ أجرته شركة Motista، تزداد القيمة الدائمة للعميل CLV بنسبة 306% مقارنةً بالمشتري “الاعتيادي” عندما تنشأ رابطة عاطفية بين العميل والعلامة التجارية.
بعد معرفة هذه الحقائق، قد ترغب بإرسال هدية متخصصة إلى العميل أو منحه رمز خصم احتفالًا بمناسبة معيّنة، مثل الاحتفال بعيد ميلاده، إذ سترسم هذه الاستراتيجية ابتسامةً على وجه العميل، خصوصًا إذا كانت الهدية مفاجِئة.
8. اطلب ردود العملاء لتحسين العلاقة معهم
اجعل قياس مستويات رضا العميل عادةً دائمة، لأنها عنصر مهم من عناصر بناء علاقات العملاء. يُعَد إجراء استبيانات رضا العميل بانتظام إحدى أفضل تلك الطرق، ويمكنك إجراؤها باستخدام روبوت الدردشة أو الدردشة الحية. ويُنصح هنا بقياس صافي نقاط الترويج NPS، وهو المؤشر الذي يسمح بحساب النسب بين مروّجي علامتك التجارية والمحرضين عليها.
يجب عليك إضافة أسئلة أخرى إلى استبيان صافي نقاط الترويج، كي تتعلّم أفضل طرق تحسين علاقات العملاء. اطلب من العميل الذي يمنحك نقاطًا منخفضةً تقديم إجابة عما يجب فعله لتحسين تجربته ورأيه في المستقبل؛ وينطبق الأمر أيضًا على المروجين، لذا ابحث عن الأشياء التي تجعلهم سعداء بمنتجاتك، كي تتمكن استغلال هذه الميزات أثناء التفاعل مع عملاء آخرين.
9. استخدم مزيجا من الإجراءات الاستباقية والتفاعلية
يجب عليك وضع استراتيجية لسمعة العلامة التجارية إذا أردت بناء علاقات ناجحة مع العملاء. الجأ إلى الإجراءات الاستباقية والتفاعلية كي تتجنّب المشكلات المتعلقة بسمعة العلامة التجارية، وتشمل هذه الإجراءات متابعة حسابات التواصل الاجتماعي والاستجابة للتعليقات والمراجعات السلبية فوريًا.
يساعدك البقاء متيقظًا على كشف المشكلات المتعلقة بالمنتجات والخدمات قبل أن يلاحظها العملاء أساسًا. فإذا علمت بوجود عطبٍ ما في إحدى المنتجات التي تقدمها؛ ابعث رسالة بريد إلكتروني إلى كافة العملاء الذين اشتروا هذا المنتج. اعترف بالمشكلة بدلًا من انتظار ردٍّ من العملاء، ففي بعض الأحيان، قد تنتاب العميل مشاعر سلبية تجاه الشركة ويعيد التفكير في قرارات شرائه مجددًا.
حدوث الأخطاء أمر حتمي، لكن إجراء مراجعة بعد العمل مع الفريق تضمن ألا تتكرر هذه الأخطاء.