ما هو الهدف الذكي SMART؟

الأهداف الذكية أو ما يُعرف اختصارًا بأهداف SMART، هي عبارة عن نموذج منظّم لوضع وتخطيط الأهداف في شتى مجالات ونواحي الحياة. يمكنك تخيّل الأمر على أنه دليل استخدام لجهاز جديد، يرشدك بخطوات متسلسلة كيف تتقن استخدام الجهاز، عوضًا عن التجربة والخطأ.

الميزة الأساسية التي يقدمها لك نموذج الأهداف الذكية، هي القدرة على وضع وترتيب أهدافك بهدوء وموضوعية، بحيث تكون قادرًا على تتّبع تطوّرك في تحقيق هذه الأهداف، بل حتى يمكّنك من تخيّل نجاحك في نهاية المطاف.

مصطلح SMART هو اختصار لخمس كلمات أو بالأحرى خمس شروط، يجب أن تتصف بها الأهداف التي تطمح لها لكي تتمكّن من النجاح في تحقيقها، وهي:

  1. Specific: وتعني “محددة”، أي أن هدف تعلقه على شجرة طموحك يجب أن يكون واضحًا بالنسبة لك أو لفريق عملك.
  2. Measurable: وتعني “قابلة للقياس”، أي أن أهدافك سواء كانت على مستوى كبير أم صغير، يجب أن تكون قابلة للقياس برقم أو مستوى محدّد.
  3. Achievable: وتعني “قابل للتحقيق”، بمعنى أنه يجب أن تضع أهدافًا يمكنك أو يمكن لفريقك أو شركتك تحقيقها بشكل كامل.
  4. Relevant: وتعني “ذات صلة”، أي أن الأهداف يجب أن تكون جزءًا من صورة أكبر تسعى للوصول إليها في واقعك أو عملك.
  5. Time-Bound: وتعني “محددة زمنيًّا”، فالأهداف يجب أن تكون مرتبطة بعامل زمني للبدء Star date وعامل زمني للانتهاء Due date.

نظرية تحديد الأهداف وعلاقتها بالأهداف الذكية

نظرية تحديد الأهداف Goal Setting Theory، هي نظرية وضعها الباحث الأمريكي Edwin Locke عام 1960، بعد دراسة مطوّلة لحالات النجاح وكذلك الفشل في تحقيق الأهداف على مستوى الأفراد والشركات والمجتمع عمومًا.

تنص هذه النظرية على أن التحديد الواضح والممنهج للأهداف مرتبط ارتباطًا وثيقًا بإمكانية تحقيقها، وكذلك مدى النجاح وجودة الأداء أثناء تنفيذها. لكن ما هي علاقة هذه النظرية بنموذج تحديد الأهداف الذكية SMART؟

ببساطة نموذج الأهداف الذكية هو امتداد لنظرية تحديد الأهداف، ويشترك كلا المفهومين في أن الأهداف التي ترغب في إنجازها يجب أن تكون واضحة ومحددة، وتطرح النظرية صفات وعوامل إضافية للأهداف الناجحة، من ضمنها:

  • الصعوبة أو التحدّي: فالأهداف التي يُشكل إنجازها تحدّيًّا للأفراد، تولد طاقة كبيرة ودافعًا قويًّا معنويًّا وجسديًّا لتحقيقها. فمثلًا هدف “قراءة 6 كتب خلال نصف سنة” يزيد من حماسك للمطالعة والقراءة أكثر من هدف “قراءة كتاب واحد” خلال المدة ذاتها، وبالتالي تحقق إنجازًا أكبر.
  • الالتزام أو التفاني: يجب أن تكون الأهداف مرتبطةً ارتباطًا قويًّا مع ما يريد الفرد تحقيقه في حياته، لأن هذه الرابطة ستكون المحرّك الأساسية للفرد للالتزام في تحقيق تلك الأهداف. فهدف تعلم لغة برمجية جديدة مثلاً كمبرمج، يزيد من التزامك أكثر من تحديد هدف بعيد عن دائرة اهتماماتك.
  • التقييم: على الأهداف الذكية أن تكون قابلة للتقييم، سواء من قِبل الفرد نفسه أو الفريق الذي يعمل لتحقيق الهدف. يساعد ذلك على اقتراح التحديثات التي تطوّر أسلوب عمل الفريق وقياس مدى النجاح في تنفيذ خطة العمل، بمعاينة النتائج والتطورات أولاً بأول.

كيف توظف نموذج الأهداف الذكية لتحقيق طموحك؟

يساعدك نموذج SMART على ترتيب أفكارك وتنظيم أهدافك، وكذلك وضع خطة عمل محكمة و”حقيقية” لتحقيقها. يضع لك النموذج 5 مسارات يمكنك تقسيم أهدافك وفقها، وهي:

  1. زيادة أمر ما: مثل زيادة مدخولك السنوي أو زيادة أرباحك من متجرك الإلكتروني.
  2. تحقيق أمر ما: مثل الانتهاء من قراءة عدد معين من الكتب في مجالك.
  3. تحسين أمر ما: مثل تحسين الأداء السنوي لشركتك أو مؤسستك.
  4. التقليل من أمر ما: مثل التقليل من عدد المرتجعات السنوية لمنتج معين في متجرك الإلكتروني.
  5. تطوير شخص ما: في المقام الأول ذاتك، فتطوير ذاتك ومهاراتك في أي مجال من مجالات الحياة أحد أبرز الأهداف التي يمكنك توظيف نموذج الأهداف الذكية لتحقيقه.

كيفية تحديد الأهداف باستخدام نموذج SMART

على الرغم من أن قالب نموذج الهدف الذكي Smart Model بسيط، إلا أن الكثيرين لا ينجحون في استخدامه لتحقيق أهدافهم، والسبب هو عدم الإلمام الكافي بالمبادئ الأساسية البسيطة للعمل من خلاله.

تعتمد كيفية تحديد الأهداف باستخدام نموذج SMART على ثلاث خطوات أساسية، وهذه الخطوات تبدأ بعد أن تضع الهدف أو الأهداف الأخيرة -وليس طرائق الوصول إليها- كأن تضع مثلًا هدف الحصول على درجة معينة في أحد الاختبارات. بعدها سيخضع الهدف إلى نموذج SMART لتقييمه، ووضع مخطط مناسب لتحقيقه عبر الخطوات التالية:

الخطوة الأولى: وضع مخطط تحقيق الأهداف

وهي المحطة الأولى والأكثر أهمية في عملية تحديد الأهداف الذكية، في هذه المرحلة يجب عليك أن تتأكد من أن أهدافك تستوفي محددات SMART الخمسة بدقة:

1. محددة

يجب أن تكون الأهداف الذكية واضحة تمامًا، وإلا فلن تتمكنّ من تركيز جهودك لتحقيقها، وستجد أنك تبعثر وقتك في ملاحقة شتات هدفك الأساسي، وهذا لن يولد لك الدافع الكافي لتحقيقه. لكي يكون هدفك محدّدًا، حاول أن تجاوب على الأسئلة الخمس التالية:

  1. ما الذي أود تحقيقه فعلًا؟ فكّر بدقة بما تريده، ولا مشكلة إطلاقًا في أن تنغمس مع نفسك في تفاصيل هدفك عند هذه المرحلة.
  2. لمَ هذا الهدف مهم؟ يجب أن تحدد أهمية تحقيق هذا الهدف، سواء كان على مستواك الشخصي أم مستوى فريق عملك أو شركتك، بذكر أثر تحقيقه ونتائجه.
  3. من سوف يشارك في تحقيق الهدف؟ يجب أن تحدد الأشخاص أو الفئات التي يجب أن تعمل معها أو من خلالها لتحقيق هدفك، كأن تحدد مثلًا عناصر فريق العمل.
  4. أين ستكون مراحل تحقيق الهدف؟ قد لا تحتاج إلى الإجابة على هذا السؤال إن كنت تضع أهدافًا شخصية لك، لكن إن كنت ستعمل مع فريق لتحقيق الهدف وكان هناك حاجة لتحديد مكان العمل، فيجب أن تحدده في هذه المرحلة.
  5. ما هي المتطلبات والعقبات التي قد تواجهني؟ يجب أن تكون يقظًا تمامًا لما تحتاج إليه لتحقيق هدفك، وما قد يواجهك من عقبات.

على سبيل المثال، إن كنت ترغب في افتتاح شركة خاصة بالأعمال الحرة، وأنت لا تملك أي معرفة مسبقة عن مجال العمل الحر، أو أن هناك عقبات قانونية لإنشاء مثل هذا المشروع في بلدك فهذه مشكلة، لذلك يجب أن تكون على دراية تامّة بما تريد فعله.

2. قابلة للقياس

من الضروري أن تكون الأهداف الذكية قابلةً للقياس، لكي تتمكن من تتبع خطة العمل لتحقيقه. يساعدك ذلك على البقاء مركّزًا وملتزمًا بموعد إنجاز كل مرحلة من مراحل الهدف، بالإضافة إلى الشعور الإيجابي عندما ترى نفسك تقترب من هدفك، وهذا الشعور سيكون مستحيلًا إن لم يكن هدفك محدّدًا مُقاسًا، وتعرف تقريبيًا متى ستحقق نصف هدفك.

خذ على سبيل المثال هدفًا مثل “تحقيق مبيعات بمقدار 30 ألف دولار خلال 6 أشهر”، يمكنك في مثل هذه الصيغة الواضحة للهدف أن تتبع مقدار الإنجاز، فمثلًا يمكنك بعد مضي شهرين، تحرّي إن كانت المبيعات قد تخطت حاجز 10 آلاف دولار أم أن هناك تقصيرًا أو خللًا في خطة العمل يتطلب تعديلًا فيه.

بمعنى آخر، ضع محطّات معيّنة أثناء رحلتك لتحقيق هدفك، هذه المحطات يجب أن تتضمن مقياسًا يوجّهك لمعرفة إلى أي مدى أنت أصبحت قريبًا من تحقيق الهدف.

3. قابلة للتحقيق

يجب أن تكون الأهداف الذكية حقيقيّة وممكنة، بمعنى آخر يجب أن تتحدّى إمكانيّاتك وعزيمتك، ولكن في الوقت ذاته تقع ضمن نطاق قدرتك أو الواقع. أجب عن هذه الأسئلة لتتأكد من قابلية هدفك للتحقيق:

  1. كيف يمكنني إنجاز الهدف؟
  2. ما هي المهارات أو الإمكانيات التي أحتاجها أو تنقصني لتحقيق الهدف؟
  3. إلى أي حد يمكنني تحقيق الهدف بناءً على مختلف العوامل التي يتطلّبها، مثل الإمكانيات الماديّة مثلًا؟
  4. هل يمكن تحقيق هذا الهدف في الظروف الاجتماعية والاقتصادية الراهنة؟
  5. هل المدة الزمنية المحددة لتحقيق الهدف كافية؟

على سبيل المثال، لنفترض أنك تهدف لأن تغدو مطور برامج محترف في شركة كبيرة وعالمية مثل جوجل، ولكنك بالفترة الحالية لا تملك أي خبرة لها صلة بالبرمجة والتطوير. يجب أخذ ذلك بالحسبان عند تحديد هدفك ووضع مراحل ووقت كافي وكبير، وإلا ستفشل. ننصحك بتقسيم الأهداف الكبير لأهداف أصغر لتصبح أكثر واقعية. ففي المثال المذكور، يمكنك البدء بهدف تعلم لغة برمجة محددة.

4. ذات صلة

في نموذج الأهداف الذكية يجب أن تتأكد أن صيغة الهدف هي فعلًا ما تريد تحقيقه، وأنه يتماشى مع أهداف أخرى متعلقة به، والأهم أن تتأكد أن الشخص المناسب هو المنوط لتحقيق الهدف. هذه الخطوة مهمة، لا سيّما إن كنت تعمل ضمن فريق لتحقيق هدف معيّن للشركة، فلا يصح أن يكون مدير الموارد البشرية مسؤولًا عن تحقيق المبيعات مثلاً.

الهدف ذو الصلة، يجب أن تجيب بـ “نعم” على الأسئلة التالية:

  1. هل الهدف يستحق العناء؟
  2. هل نتائج الهدف مرتبطة بخططي المستقبلية أو بتطلعات الشركة؟
  3. هل يتوافق الهدف مع متطلباتي أو متطلّبات شركتي؟
  4. هل أنا هو الشخص المناسب لتحقيق الهدف؟

5. محددة زمنيًّا

يجب أن يتضمن كل هدف في نموذج الأهداف الذكية رابطًا زمنيًّا لإنجازه، لكي تتمكن من التركيز على تحقيقه قبل بلوغ الموعد النهائي له. يساعدك هذا العامل أيضًا على تغليب أولوية السير، وفق خطة العمل على الأمور الحياتية التي قد تعيق تحقيق ذلك.

من المهم أيضًا عن تحديد مدة زمنية للهدف أن تكون المدة كافية لتحقيقه، فلا تهدف لإتقان مهارة متقدمة تتطلب عدة شهور في شهر واحد، أو أن تهدف لتحقيق عدد كبير من الإيرادات خلال أول أسبوع فقط من إطلاق خدماتك. يمكنك الاستعانة بهذه الاستمارة المختصرة أثناء وضع هدفك، والتأكد من أنه يستوفي محددات الأهداف الذكية الخمس السابقة.

 

الخطوة الثانية: وضع خطة العمل

بعد الخروج بصيغة نهائية لهدفك والتأكد من أنه يطاوع المحددات الخمس لنموذج الأهداف الذكية SMART، عندها يجب أن تبدأ برسم خطة العمل الخاصة بك أو بفريق عملك. تتضمن خطة العمل ثلاث عناصر أساسية:

  1. خطوات العمل: يتضمن ذلك تقسيم الهدف النهائي إلى أهداف فرعية، والفرعية بدورها إلى أهداف أصغر يوميّة أو حتى اسبوعيّة. على سبيل المثال، هدف “تصميم فيديو أنيميشن دعائي خلال شهر” يحتاج إلى عدة خطوات مثل: كتابة السيناريو والمحتوى ووضع الأهداف التسويقية وتصميم الفيديو. لذا قد تضع الخطوة الأولى خلال الأسبوع الأول، هي إنجاز السيناريو ووضع المحتوى.
  2. الأفراد المسؤولون عن تحقيقها: هذه الخطوة ضرورية إن كنت تعمل مع فريق عمل لتحقيق الهدف النهائي، الدقة في توزيع المهام الموكلة بكل فرد ضرورية، لضمان سلاسة سير العمل.
  3. تاريخ الإنجاز: يتضمن تحديد الموعد النهائي للانتهاء من كل مرحلة من مراحل العمل، والموعد الأخير لإنجاز العمل بالكامل.

 

الخطوة الثالثة: مراقبة الأداء والتقييم الأولي والنهائي

بعد وضع نموذج الأهداف الذكية والمباشرة بالعمل عليه، قد تحتاج في بعض الأحيان إلى التعديل على خطة العمل لتحقيق هدفك، فقد يتبيّن لك طريقة أفضل من التي اعتمدتها في بداية العمل. هذه المرحلة مهمة جدًا، لأنها قد توّفر عناءً ومجهودًا كبيرين، كما أنها سوف تصقل مهارتك التي يحتاجها هدفك لتحقيقه على أكمل وجه.

خذ على سبيل المثال أنك وضعت هدفًا لمتجرك: “زيادة المبيعات في متجرك الإلكتروني بنسبة 60% خلال السنة القادمة”. وقد وضعت خطّة تعتمد على التسويق عبر البريد الإلكتروني فقط، على الرغم من أنها طريقة جيدة لمقاربة عملائك وإرسال عروضك لهم، إلا أنها قد لا تكون كافية لتحقيق الهدف.

قد تدرك بعد مضي نصف الفترة المرصودة لتحقيق الهدف، أن وسائل التواصل الاجتماعي منبر ممتاز للتسويق إلى متجرك ومنتجاتك، عندها يجب أن تعدل في خطّتك وتدخل هذا العنصر الجديد ضمنها، وقد يحتاج الأمر إلى توظيف شخص متخصص في مجال التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

لذا لا تتردد إطلاقًا في تعديل خطة عملك أثناء تنفيذها، إن تبيّن لك طريقة عمل أفضل. هذا السلوك التكيّفي والتطويري ضروري إن أردت تحقيق أهدافك، لا سيّما الكبيرة منها والتي تحتاج إلى فترة زمنية طويلة.

اترك تعليقاً