ما هي إدارة الأعمال
يتبادر إلى أسماعنا كثيرًا مصطلح إدارة الأعمال، فماذا يعني هذا المصطلح بالتحديد؟ يشير مفهوم إدارة الأعمال (Business Administration أو Business Management) إلى إدارة وتنظيم وضبط مختلف أشكال العمليات والنشاطات التي تحدث في إطار شركة أو مؤسسة ما. يعتقد الكثيرون أن إدارة الأعمال هو تخصص مستقل لا يرتبط بغيره من مجالات العلم، والواقع خلاف ذلك تمامًا.
فالمدير يحتاج إلى معرفة وخبرة في العديد من المجالات لكي يتمكن من إدارة عمل الشركة بفعالية واحترافية، مثل مهارات القيادة والتصميم والتطوير والتسويق ومهارات تحليل البيانات واتّخاذ القرارات الحاسمة، بالإضافة إلى مهارة إدارة المعلومات تكنلوجيًّا، وأخيرًا مهارة المحاسبة وإدارة الشؤون المالية.
جوهر إدارة الأعمال يكمن في ضبط سلوك ومنهج عمل الأفراد ضمن المؤسسة بحيث يوجّه المدير هذا السلوك نحو تحقيق أهداف المؤسسة ورؤيتها. يشترك الإداريون، بغض النظر عن أنواع الشركات التي يديرونها، في خمس مهام أو أركان إداريّة، والتي أطلق عليها “هنري فايول” (Henri Fayol 1841-1925) (عناصر الإدارة الخمسة)، وهي:
- التخطيط Planning: يتمثل في وضع المراحل والخطوات التي ستسير وفقها الشركة خلال الأشهر أو ربما السنوات القادمة.
- التنظيم Organizing: يتلخص في وضع الموظفين وتخصيص الموارد والإمكانات في مكانها المناسب.
- توزيع المهام Commanding: يشير إلى إرفاد كل قسم ضمن الشركة وكل موظف ضمن القسم الواحد إلى عمل معيّن، بحيث تكون مهام كل فرد واضحة.
- الضبط Coordinating: يمثل عملية التنسيق بين الأقسام المختلفة ضمن الشركة الواحدة، بحيث تعمل بانسجام وتوافق مع بعضها لتحقيق أهداف الشركة.
- التحكّم Controlling: يعبّر عن دور المدير في بسط إدارته، وليست سيطرته، بحيث يكون زمام القرارات الحاسمة والتغييرات الكبيرة في الشركة في يده.
المفاهيم الأساسية في إدارة الأعمال
يمكنك تخيّل إدارة الأعمال على أنها أحجية تحتاج إلى جمع قطعها لكي تنجح في مهمتك، وقطع هذه الأحجية تتمثل في فهم واستيعاب المفاهيم الأساسية في إدارة الأعمال والتي تمثلل القواعد الأساسية لأي مشروع عمل ناجح على مستوى الشركات الكبيرة والصغيرة. هذه القواعد أو المفاهيم الأساسية تتمثل في النقاط التالية:
1. العميل
وهو المفهوم الجوهري والذي تدور حوله فحوى وهدف أي مؤسسة أو شركة ربحية. على الرغم من أن معظم رجال الأعمال يتعاملون مع هذا المصطلح في إدارتهم اليومية، إلا أن القليلين منهم من يعلم المعنى الحقيقي لهذا المفهوم، ومعرفة وإدراك هذا المصطلح هو الخطوة الأولى لبناء مشروع تجاري مربح.
يمثل العميل الفرد المستعد لشراء منتجك أو خدمتك لحل مشكلة معيّنة تواجهه. يجب أن يكون العميل نقطة الإنطلاق في إدارة الأعمال، فإن أحسنت تحديد فئة العملاء المستهدفة وخصصت ووجّهت موارد الشركة المالية والبشرية والتسويقية نحو هذه الفئة فستحصد نجاحًا حتمًا.
على الرغم من أن التعامل المباشر مع العملاء قد لا يكون من ضمن قائمة مهامك مديرًا لشركة معيّنة، إلا أن جميع قرارات الأقسام المسؤولة عن التعامل مع العملاء ستكون بين يديك، لذا إن لم تكن على دراية وعلم كافيين بالعملاء المستهدفين من منتجات الشركة والتسويق لهم والوصول إليهم وكيفية كسب ثقة العملاء فلن تستطيع اتّخاذ قرارات إدارية صائبة.
2. العرض والطلب
هذا المصطلح مرتبط بشكل مباشر بمهمة المدير في اتّخاذ القرارات المالية للشركة، وخبرته في هذا المجال ستكون الحكم الفيصل في النجاح أو الفشل في المشروع القادم. أما العرض فيشير إلى كمية السلع المتوفرة، ويتعلق بعدد المورّدين والشركات المصنعة لتلك السلعة في السوق، أما عن الطلب فهو مقدار إقبال العملاء والمتاجر الصغيرة إلى شراء تلك السلعة والحاجة العامة لها في سوق العمل.
إليك مثالًا بسيطًا: لنفرض أن قسم التصميم قدّم اقتراح تبنّي منتجات خاصّة بالأدوات الكهربائية المطبخية في شركتك المتخصصة بتصنيع الأدوات الكهربائية المنزلية التقليدية. يقدم لك فريق المبيعات والتصميم تقريرًا شاملًا يتضمن الميزانية المقدّرة للمشروع والأرباح المتوقعة ومعها مقدار العرض والطلب في سوق العمل.
عليك أنت الآن كمدير للشركة اتّخاذ القرار الحاسم بالموافقة على هذا المشروع أو استبعاده، لكن كيف ستبني ذلك القرار؟ الجواب بالطبع هو بإتقان وتعلم جميع الجوانب المالية المرتبطة بتصنيع المنتج وكمية العرض والطلب في السوق عليه.
3. العائد الربحي
يمثل العائد الربحي ما تحصده كل شركة في نهاية كل فصل عمل (أربع أشهر) من الأرباح الصافية التي تضيف قيمة عمليّة إلى أسهم الشركة. لمَ على المدير أن يُتقن هذا المفهوم؟ ببساطة لأن القرارات التي سيتّخذها سيكون لها إما تأثير سلبي أو إيجابي على هذا العائد. لذا، من الضروري لأي مدير شركة أن يضع العائد الربحي للشركة في مقدمة أولوياته في أي قرارٍ يتّخذه.
4. الدوران الوظيفي
يشير الدوران الوظيفي إلى عملية استبدال الموظفين في مختلف أقسام الشركة. بالطبع فإن كل الشركات بشتّى مجالاتها وتخصصاتها ومستوياتها تعاني من الدوران الوظيفي، ولكن بنسب مختلفة. ولضمان استمرارية الشركة لا بُد من أن يكون معدل الدوران الوظيفي في مستوياته الدنيا لأنه يؤثر سلبًا على أداء الشركة من خلال:
- إهدار الكفاءات والخبرات القديمة في الشركة، كأن يفصل المدير أحد الموظفين القدامى والذي لديهم خبرة كبيرة قد تفوق خبرة المدير نفسه لسبب غير منطقي، واستبداله بموظف آخر قد لا يملك الخبرة ذاتها.
- التكاليف الإضافية التي تتحملها ميزانية الشركة لتعويض الموظفين المُستبدلين.
- التأثير النفسي على بقية الموظفين، لا سيّما عندما يرون زملاءهم يستقيلون عن العمل بسبب الظروف السيئة في قسمهم مثلًا، الأمر الذي يجعلهم متوجّسين من مستقبل قسمهم الخاص ومستقبل الشركة عمومًا وقد يدفعهم إلى البحث عن شركات أفضل.
5. الرضا الوظيفي والإنهاك الوظيفي
وهما يمثلان حديّ السيف لأي شركة، فالرضا الوظيفي محرّك قوي لإبداع الموظفين في عملهم وإخلاصهم وسعيهم الدؤوب لإنجاح الشركة وتطوّرها، بالمقابل فإن الإنهاك الوظيفي الذي يشير إلى تحمل الموظفين أعباء وضغوط نفسية كبيرة في عملهم يؤدي إلى نفورهم من العمل ورغبتهم في الاستقالة دون أي اهتمام لمستقبل الشركة.
6. الذكاء العاطفي
يشير الذكاء العاطفي إلى قدرة المدير على الاختيار بين تحكيم عقله أو عاطفته في المواقف والظروف اليومية التي تمر بها الشركة بمختلف مستوياتها. هذه المهارة ضرورية في أي مدير ناجح، فالمدير الذي يعتمد على الوقائع ويتغافل عن الجانب النفسي والعاطفي للموظفين لن يتمكن من إدارة الشركة إدارة ناجحة.
وبالمقابل فإن المدير العاطفي الذي يعتمد على مشاعره في اتّخاذ القرارات الإدارية في الشركة سيفشل حتمًا في إصدار قرارات حكيمة ومناسبة في مواقف العمل الصعبة. لذا، من الضروري بالنسبة للمدير الناجح التوفيق بين الجانب العاطفي والجانب العقلي، بمعنى آخر لا بُد من تمتّعه بالذكاء العاطفي في إدارة الشركة.