مراحل تنفيذ الاستراتيجية
تتطلب تنفيذ الاستراتيجية الربط بين ما يجب أن تصل إليه والأسلوب الذي ينبغي أن تتبعه للوصول إلى ذلك الهدف. ولكي تستطيع المنظمة أن تقوم بتنفيذ الاستراتيجيات فإنها تحتاج إلى ما يلي:-
1. تحديد الأهداف التفصيلية (التشغيلية)
لقد سبق لنا أن تعرضنا فى مقالة سابقة للأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل، والتى تعتبر بمثابة موجه أساسى عام لتحديد الاستراتيجية العامة على مستوى المنظمة ومستوى النشاط، إلا أنها لا تفيد كثيرا فى توجيه وقيادة الاستراتيجيات التنفيذية والأنشطة اللازمة لتطبيق الاستراتيجيات الأساسية.
ومن هنا فإن تحديد أهداف تشغيلية قصيرة الأجل تنبع من الأهداف الاستراتيجية، يعتبر من الخطوات المهمة لتطبيق الاستراتيجية.وتعتبر مثل هذه الأهداف هى التعبير العملى الدقيق لمساهمة الإدارات الفرعية فى تطبيق الاستراتيجية الأساسية، ومن هنا كان من الضرورى مراعاة دقة وحسن تحديدها وصياغتها، بما ينعكس على نجاح عملية التطبيق الاستراتيجية.
وحتى تكون مساهمة الأهداف التشغيلية في نجاح تطبيق الاستراتيجية فعالة وحقيقية، يجب أن يتوافر لها العديد من المواصفات، والتى نذكر منها ما يلي:
- ارتباطها الوثيق بالأهداف الاستراتيجية.
- التكامل والتناسق.
- القابلية للقياس.
مقالة ذات صلة: الأهداف التشغيلية:
2. صياغة السياسات
تشير السياسات إلى الخطوات العامة المحددة والطرق والإجراءات والقواعد والأشكال والتطبيقات التي تعد لتوجيه العمل والنشاط بما يساعد على تحقيق الأهداف الموضوعة. وتساعد السياسات المديرين والعاملين في التعرف على ما هو مطلوب منهم. وتمثل أسس الرقابة الإدارية وتسمح بالتنسيق والتعاون بين الوحدات التنظيمية وتخفض من الزمن والوقت الذي يقضيه المديرين في اتخاذ القرارات. وحتى تكون السياسات جيدة” يجب أن تتصف:
- أن تكون داعمة للاستراتيجيات.
- أن تكون واضحة ومفهومة للجميع.
- الاستقرار النسبي فلا يتم تغييرها بصورة متكررة وسريعة من وقت لآخر، حتى لا تفقد فوائدها ودواعي وجودها.
- أن تتصف بالمرونة، أي أن تكون قابلة للتعديل أو التبديل.
3. تحليل وإدارة الهيكل التنظيمي
يعد الهيكل التنظيمي تابعاً للاستراتيجية لأن الهياكل ساكنة نسبيا، أي تتسم بالثبات والمرونة، بينما الاستراتيجية متحركة فعليا ومتغيرة باتجاه المستقبل. وبالتالي يجب أن يكون هناك توافق و تكامل بنيوي بين الهياكل والاستراتيجية، باعتبار أن الهيكل المصمم هو بمثابة المجال الحركي الحيوي الذي يجري من خلال تنفيذ الاستراتيجية في المنظمة. وفي دراسة أجراها ألفريد تشاندلر في كتابه:” الاستراتيجية والهيكل” أكد أنه من الضروري أن يتبع الهيكل التنظيمي للاستراتيجية التي تتبناها الإدارة العليا، لأن بعض الهياكل تناسب استراتيجيات معينة ولا تناسب كل الاستراتيجيات.
ويجب الأخذ بعين الاعتبار الهياكل التنظيمية الرسمية وغير الرسمية، وتضم الهياكل التنظيمية الرسمية العلاقات والوظائف والمسؤوليات والصلاحيات كما خططتها الإدارة، أما الهياكل التنظيمية غير الرسمية فتضم العلاقات بين الأفراد التي تنشأ على أساس غير رسمي، وقد يكون الهيكل التنظيمي غير الرسمي أداة لنجاح تنفيذ الاستراتيجية.
وحتى يتوافق تصميم الهيكل مع الاستراتيجية يتطلب:-
- التحديد الصحيح للأنشطة والمهام الرئيسية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية.
- إسناد الأنشطة والمهام للأفراد.
- اختيار كيفية توزيع سلطة اتخاذ القرار بالمنظمة للتحكم بأنشطة خلق القيمة بأفضل شيء ممكن.
- تحديد الوسائل المناسبة التي يمكن للمنظمة من خلالها توفر التنسيق بين جهود الأفراد والوظائف من أجل إنجاز وتحقيق المهام الخاصة بالمنظمة.
ويتم اختيار أي هيكل تنظيمي جديد وفقاً لعاملين:
- الأول: يتعلق بمدى ملاءمة هذا الهيكل للاستراتيجية وقدرته على تنفيذ كل الأنشطة والفعاليات ذات الصلة بتطبيق الاستراتيجية؟
- الثاني: المفاضلة بين مزايا الهياكل التي سيتم اختيارها وعيوبها وتنتاسب مع الاستراتيجية المراد تطبيقها.
أما أبعاد الهيكل التنظيمي فتتمثل بالمركزية أو اللامركزية، والمستويات الإدارية، ونطاق الإشراف، ودرجة المشاركة في القرار، ومستوى الرسمية وغير الرسمية، وجميعها تؤخذ بعين الاعتبار عند اختيار الهيكل التنظيمي-فمثلأ : قد تستهدف الاستراتيجية تخفيضا في النفقات، ما يتطلب إجراء تغييرات على الهيكل الموجود ذلك من خلال تخفيض عدد من الوظائف وإعادة النظر بنطاق الإشراف وتقليل المصروفات الإدارية، أو من الممكن أن تهدف الاستراتيجية إلى زيادة الربحية من خلال التوسع في خط المنتجات ما يتطلب إضافة وظائف جديدة تحقق الهدف
4. تخصيص الموارد
تظهر أهمية تخصيص الموارد فى أنه إذا تم التخصيص بشكل غير مناسب، فإنه من الصعوبة بمكان إنجاز إجراء تصحيحي؛ وذلك لأنه بمجرد تخصيص الموارد وتوزيعها على المجالات المختلفة يتم فقدها، كلها أو بعضها، ويصعب بعد ذلك استعادتها كما هى. ولذلك يجب عند تخصيص الموارد أن يتم ربطها بالأهداف المحددة حسب أولوية كل منها، وفى ضوء السياسة العامة التي تحكمها. ويمكن تصنيف الموارد التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المرغوبة فى أية منظمة إلى أربعة أنواع على الأقل، وهي:
- موارد مالية.
- موارد مادية.
- موارد بشرية.
- موارد تكنولوجية ومعرفية.
ولا يجب أن يتطرق إلى الذهن أنه بمجرد تخصيص الموارد فإن تطبيق الاستراتيجية سوف يتحقيق بصورة تلقائية، فإن الأمر يظل فى حاجة إلى هيكل تنظيمى مناسب لتطبيق الاستراتيجية، بالإضافة إلى ضرورة ملائمة الأسلوب الإدارى للاستراتيجية المختارة.
5. التوجيه والقيادة
إن التنفيذ الجيد للاستراتيجية يتوقف – بعد التوصل إلى توفير كل ما سبق من جهد وخطوات – على دور عملية التوجيه والقيادة فى توفير القدر المناسب من التحفيز، والرغبة لدى الأفراد حتى يتصرفوا بالأسلوب والطريقة المرغوبة. فالمدير الاستراتيجي الفعال هو الذي يحسن فن التفويض للسلطات، ويجيد عملية التنسيق بين الجهود المختلفة لتحقيق الهدف الاستراتيجي، ويحسن استثارة الهمم واستنفار الطاقات البشرية لتحقيق المزيد من الإبداع، والابتكار، والإتقان فى تطبيق الاستراتيجية.
فإن مجرد توظيف أفراد على درجة عالية من الكفاءة لا يضمن وحدة اتجاه المنظمة نحو التطبيق الفعال لاستراتيجياتها، وإنما يتطلب الأمر نظاما جيدا للتوجيه يقوم على الشورى والتحفيز، والتدريب المستمر، وزيادة دافعية الأفراد للانجاز، وتوفير مناخ عام مساعد على الابتكار والإنجاز، ولعل أسلوب الإدارة بالأهداف من الأساليب الجيدة لتحقيق ذلك.