يُعرّف تعويم العملة أو سعر الصّرف العائم (بالإنجليزيّة: Floating Exchange Rate) بأنّه نظام ماليّ يُحدَّد فيه سعر صرف العُملات استناداً إلى سوق العملات الأجنبية (بالإنجليزيّة: Forex)، ويعتمد تعويم العملة على مبدأ العرض والطلب في تداول العُملة ذاتها مقارنةً بالعُملات الأخرى، وذلك عكس ما يُعرف بنظام سعر الصرف الثابت (بالإنجليزيّة: Fixed Exchange Rate) الذي يعتمد على تحديد البنوك المركزيّة الحكوميّة لسعر صرفٍ ثابتٍ لعُملة الدولة مقابل عملة عالمية رئيسية أخرى، مثل: الدولار الأمريكي، أو اليورو، أو الين، وتجدُر الإشارة إلى أنّ أسعار الصرف العائمة أصبحت أكثر شيوعاً على مستوى العالم بعد انهيار المِعيار الذهبيّ وفشل اتفاقية بريتون وودز.[١]
مبدأ نظام تعويم العملة
تتغيّر أسعار صرف العملة العائمة باستمرار تِبعاً للتغيّرات الناتجة عن المُضاربات والعرض والطلب اليوميّ على العُملات في سوق العملات الأجنبيّة؛ حيث يعتمد تعويم العملة على نظامٍ ماليٍّ مفتوحٍ ودائم التقلّب؛ لذا فإنّ زيادة العرض مقابل انخفاض الطلب على عملةٍ معينةٍ يؤدّي إلى انخفاض سعر صرفها، بينما يؤدّي زيادة الطلب عليها مع انخفاض العرض إلى ارتفاع سعر صرفها،[٢] كما أنّ هناك عوامل أخرى تُساهم في تغيّر أسعار صرف العملات العائمة من أهمّها أسعار الفائدة، والتضخّم، والاستقرار السياسي، والتدفّقات التجاريّة، والسياحة، والمُضاربات، وغيرها.[٣]
يجدر بالذكر أنّ نظام سعر الصّرف العائم لا يعني بالضرورة عدم تدخّل الدول في سعر عملاتها على الإطلاق؛ ففي بعض الأحيان تتدخّل الحكومات والبنوك المركزيّة في تحديد سعر الصرف بهدف الحفاظ على سعر عملتها عند مستوى مناسب للتجارة الدوليّة، وذلك في حال حدوث ارتفاع أو انخفاض شديدة في سعر صرف عملة الدولة.[١][٢]
إيجابيات تعويم العملة
من أهم الإيجابيات التي تُميّز نظام سعر الصرف العائم عن نظام سعر الصرف الثابت ما يأتي:[٤]
- التخلّي عن الإدارة الدولية لأسعار الصرف؛ ففي حال حدوث عجز في الحسابات الجارية لدولةٍ ما سينتهي الأمر بانخفاض عملتها الوطنيّة في ظل نظام تعويم العملة، دون الحاجة إلى تدخُّل صندوق النقد الدولي.
- عدم تدخُّل البنوك المركزية الحكوميّة باستمرار في أسعار الصرف؛ وذلك لعدم وجود سعر تعادل العملة بالقياس بالذهب (بالإنجليزية: Gold Parity) الذي يُجبِر الحكومات على التدخّل للمحافظة عليه كما هو الحال في نظام سعر الصرف الثابت.
- تعزيز كفاءة الأسواق الدولية من خلال تعويم أسعار الصرف؛ إذ تؤثّر الأساسيات الاقتصادية لمختلف دول العالم على سعر الصرف في الأسواق الدولية وتدفقات حافظات الأوراق المالية.
- عدم مساهمة نظام الصرف العائم في انتقال تأثير المشاكل والأزمات الاقتصادية إلى الدول الأخرى، فمثلاً لو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية شهدت ارتفاعاً في معدل التضخم المالي مقارنةً بمنطقة دول اليورو سيؤدّي ذلك إلى زيادة الطلب الأمريكي على السلع الأوروبية في ظل نظام سعر الصرف الثابت؛ مِمّا سيؤثّر على منطقة دول اليورو بارتفاع الأسعار فيها، أمّا في ظل نظام سعر الصرف العائم ستكون منطقة دول اليورو في معزل عن تلك الأزمة الاقتصادية؛ إذ سيؤدّي ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي؛ مِمّا يحدّ من الطلب الأمريكي على السلع الأوروبية.
- انعدام الحاجة للاحتياطيات المالية من العملات الأجنبيّة وعدم وجود قيود على تداولها؛ لذا يُمكن استغلال الاحتياطي من هذه العملات في تداول السلع الرأسمالية.[٣]
سلبيات تعويم العملة
تجدُر الإشارة إلى أنّ مزايا نظام الصرف الثابت هي ذاتها عيوب نظام تعويم العملة والعكس صحيح، وفيما يأتي ذِكر لأبرز عيوب نظام تعويم العملة من وجهة نظر الاقتصاديين:[٥]
- قلّة الاستثمارات الخارجية: تؤدّي التقلّبات السريعة في أسعار صرف العُملات في نظام تعويم العملة باستمرار في سوق العملات الأجنبية (فوركس) إلى ارتفاع قيم العُملات أو انخفاضها الشديد خلال دقائق معدودة، وبالتالي فإنّ ذلك قد يحدّ من المُتاجرة والاستثمارات الخارجية خوفاً من الخسائر أو الانخفاض الكبير في الأرباح نتيجة كثرة التقلّبات في أسعار العُملات.
- تخصيص الموارد: يؤدّي تذبذب أسعار الصرف إلى صعوبة وضع استراتيجيات اقتصاديّة طويلة الأمد والالتزام بها؛ لذا يتمّ اللجوء إلى تخصيص الموارد أيّ استخدام الموارد النادرة في محاولات للتنبّؤ بأسعار الصرف بهدف إدارة التعرّض إلى مخاطر هذه التذبذبات على المدى القصير بشكلٍ لا يتوافق مع الخطط والاستراتيجيات الموضوعة، ممّا قد يؤثر سلباً على اقتصاد الدولة الكلي.[٥][٤]
- ضعف الرقابة الماليّة الداخليّة: يُتيح نظام الصرف العائم الفرصة أمام الأشخاص من ذوي النفوذ المالية في الدولة لتحقيق مكاسب شخصيّة من خلال استغلال السياسة النقدية لمصلحتهم، على عكس نظام الصرف الثابت الذي ترتبط فيه السياسات النقديّة الوطنيّة بالعُملات العالميّة القويّة مثل الدولار أو اليورو.