لا توجد في الواقع طريقة واحدة صحيحة للقيادة في جميع الظروف، وإحدى الخصائص الرئيسية للقادة الجيدين هي مرونتهم وقدرتهم على التكيّف مع الظروف المتغيرة. يؤكد أصحاب العمل على ضرورة وجود المهارات القيادية لأنها تنطوي على التعامل مع الناس بطريقة تحفّز وتُبنى على الاحترام.

سنقدّم في هذا المقال الكثير من المعلومات التي يمكن أن تساعد على فهم وتطوير الإمكانات القيادية.

هناك عدد من المهارات الأساسية التي يمتلكها معظم القادة الجيدين من غير شك، ويمكن تعلّم هذه المهارات مثل أيّ مهارات أخرى، سواءً كان من الممكن تدريس القيادة نفسها أم لا.

المهارات التي يحتاجها القادة الجيدون

هناك عدد من المهارات الواسعة التي تُعد مهمةً خصيصًا للقادة، ويشمل ذلك التفكير الاستراتيجي، والتخطيط والتنفيذ، وإدارة الأفراد، وإدارة التغيير، والاتصال، والإقناع والتأثير.

1. مهارات التفكير الاستراتيجي

تُعد القدرة على التفكير الاستراتيجي من أهم المهارات التي يحتاجها القائد، وهي ما يميّز القادة عن المديرين. وهذا يعني أن تكون لدى القائد فكرة أو رؤية للمكان الذي يريد أن يكون فيه والعمل على الوصول إليه.

يرى المفكرون الاستراتيجيون الصورة الكبيرة، ولا يلتفتون للقضايا الجانبية أو التفاصيل الصغيرة، وتستند جميع قراراتهم على إجابتهم على السؤال “هل يقربني هذا من المكان الذي أريد أن أكون فيه؟”

يجب أن يكونوا بالإضافة إلى قدرتهم على إنشاء رؤية مقنعة قادرين على توصيلها بفعالية، ويُعَد هذا سبب أهمية مهارات التواصل عند القادة.

إنّ تكوين رؤية ليس مجرد مسألة امتلاك فكرة، إذ يجب أن يعتمد التفكير الاستراتيجي الجيد على الأدلة، وهذا يعني القدرة على جمع وتحليل المعلومات من مجموعة واسعة من المصادر، والأمر هنا لا يتعلق بالأرقام فقط، بل يتعلق أيضًا بمعرفة وفهم السوق وعملائك، واستخدام هذه المعلومات بعد ذلك لدعم القرارات الاستراتيجية.

تُعَد بعض مهارات التفكير الاستراتيجي أكثر تحديدًا: ففي مجال التسويق على سبيل المثال، تجد أن العناصر السبعة وتقسيم العملاء أدوات حيوية.

مهارات التخطيط والتنفيذ

من المهم أن يكون القائد قادرًا على التخطيط والتنفيذ، بالإضافة إلى أن يكون منظمًا ومتحمسًا كقائد. وهذه المجالات هي مهارات إدارية أساسية، فأفضل رؤية في العالم لا تنفع بدون خطة لتحويلها إلى حقيقة؛ لذا يجب مراعاة التنظيم والتخطيط إلى جانب التفكير الاستراتيجي، فكلاهما ضروريان لإيصال الرؤية والاستراتيجية.

تُعد إدارة وتخطيط المشروع من المهارات المفيدة للمدراء والقادة، كما تنطوي الإدارة الجيدة على أهمية كبيرة أيضًا، إذ تساعد في تجنب الأخطاء وإدارتها عند حدوثها.

يتمتع القادة الجيدون أيضًا بمهارات تسيير قوية جدًا لإدارة المجموعات بفعالية، إذ يحتاج القادة لأن يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات جيدة لدعم تنفيذ استراتيجيتهم وحل المشكلات، ويمكن أن تصبح المشكلات فرصًا وخبرات تعليمية من الناحية الإيجابية، كما يمكن للقائد أن يكتسب الكثير من المعلومات من مشكلة يعالجها.

3- مهارات إدارة الأفراد

لا يوجد قادة بدون أشخاص حولهم، لذلك يحتاج القادة إلى مهارات العمل مع الآخرين على أساس فردي وجماعي، كما يحتاجون إلى مجموعة من الأدوات للتعامل مع كافة المواقف، وتكون العديد من هذه المهارات ضروريةً أيضًا للمديرين. ويُتوقع من القادة أن يحفزوا ويشجعوا الأفراد، سواءً بطريقة مباشرة، أو من خلال خلق بيئة تحفيزية.

إحدى المهارات الأساسية التي يحتاج القادة الجدد لإتقانها أيضًا هي كيفية التفويض، وهي مهارة صعبة للعديد من الأشخاص، ولكن يمكن أن تمنح أعضاء الفريق المسؤولية ومتعة القيادة بأنفسهم إذا طُبّقت تطبيقًا صحيحًا، كما تساعدهم على البقاء متحمسين.

هناك تحديات أخرى أمام تفويض العمل داخل الفريق، بما في ذلك موازنة أعباء العمل، وضمان منح الجميع الفرص لمساعدتهم على التطور؛ لذا يحتاج كل من القادة والمديرين إلى فهم كيفية بناء الفريق وإدارته، ومعرفة كيفية التوظيف بفعالية، كما يحتاجون أيضًا إلى فهم أهمية إدارة الأداء على أساس منتظم، وإدارة الأداء الضعيف.

4- إدارة التغيير ومهارات الابتكار

قد تبدو إدارة التغيير مرتبطةً بإدارة الأفراد والتواصل، لكن القيادة غالبًا ما تكون مهمةً في أوقات التغيير على وجه الخصوص.

يحتاج القائد إلى فهم إدارة التغيير من أجل قيادة المنظمة خلال العملية، فقد تتطلب إدارة التغيير على سبيل المثال خلق رؤية مقنعة وإيصالها، كما يتطلب التغيير أن يُدفع بحزم إلى الأمام، ويتطلب القيادة لجعله “ثابتًا”؛ لذا يُعَد الابتكار عنصرًا محددًا لإدارة التغيير، ويَعرف القادة الجيدون كيفية الابتكار، وكيفية تشجيع الابتكار في الآخرين.

5- مهارات التواصل

يحتاج القادة والمديرين إلى مهارات التواصل كونها مهمة للجميع، وتُعَد هذه المهارات مهارات شخصية عامة وليست خاصةً بالقيادة، ولكن القادة الناجحين يميلون إلى إظهار مستويات عالية من المهارة عند التواصل.

يميل القادة الجيدون إلى أن يكونوا مستمعين جيدين للغاية، وقادرين على الاستماع بنشاط واستنتاج المعلومات من خلال الاستجواب الجيد، ويجب أن يُظهروا في بعض الأحيان مستويات عالية من الحزم، وذلك لتوضيح وجهة نظرهم دون عدوان، وهم يعرفون كيفية بناء العلاقات بسرعة وفعالية لتطوير علاقات جيدة وقوية مع الآخرين سواءً أكانوا زملاؤهم أم المرؤوسين، وتجتمع هذه المهارات معًا للمساعدة في بناء الكاريزما، وهي ما تجعل الأفراد يرغبون بإتباع القائد.

يحتاج القادة أيضًا إلى معرفة كيفية إبداء آرائهم للآخرين حول الأداء الشخصي بطريقة بنّاءة وليست مدمرة، وكذا الاستماع إلى آراء الآخرين عنهم.

يكون القادة في العادة جيدين في التحدّث الفعال، ولديهم مهارة في إيصال وجهة نظرهم من خلال عرض تقديمي أو اجتماع مجلس الإدارة، أو حتى في اجتماع غير رسمي أو محادثة غير رسمية في الممر، كما يدركون كيفية التصرف في المواقف الصعبة، ويكتسبون ذلك من خلال الممارسة ومع مرور الوقت.

مهارات الإقناع والتأثير

أخيرًا، تُعَد القدرة على إقناع الآخرين والتأثير عليهم هي إحدى المهارات المهمة التي يجب أن يتمتع بها القادة.

يستخدم القادة الجيدون مجموعةً من الأدوات لمساعدتهم على فهم الطريقة التي يتصرف بها الآخرون، ولخلق تفاعلات إيجابية، وقد يكون من المفيد كخطوة أولى، فهم المزيد عن الذكاء العاطفي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة من الأدوات، بما في ذلك تحليل المعاملات ومؤشرات نوع مايرز بريجز.

فهم القيادة

يَعُد الكثير من الأشخاص أن القيادة هي سمة موجودة في بيئات العمل فقط، ولكن الأدوار القيادية موجودة حولنا في كل مكان وليس فقط في بيئات العمل.

يصبح القادة كذلك لأن لديهم المصداقية ولأن الناس يريدون إتباعهم، وهكذا يتبين أنه يمكن تطبيق المهارات القيادية في أي موقف يتطلب تولي زمام المبادرة فيه، سواءً كان مهنيًا، أو اجتماعيًا، أو في المنزل مع الأسرة، وفيما يلي أمثلة عن المواقف التي قد يُطلب فيها القيادة:

  • تخطيط وتنظيم لقاء عائلي كبير، مثل الاحتفال بذكرى زواج أو عيد ميلاد.
  • الاستجابة لمرض أو وفاة في الأسرة، واتخاذ الخطوات لتنظيم الرعاية أو اتخاذ الترتيبات اللازمة.
  • اتخاذ قرارات بشأن نقل المنزل أو تعليم الأطفال.

بمعنى آخر لا يُعيّن القادة دائمًا، وقد تكون المهارات القيادية مطلوبة في العديد من الظروف.

لذا يمكن القول ومع كامل الاعتذار لشكسبير:

ولد البعض قادة، والبعض الآخر حقق القيادة، والبعض الآخر لديه عبء قيادة ملقىً عليهم.

من هو القائد بالضبط؟

يمكن تعريف القائد ببساطة على أنه الشخص الذي يقود مجموعةً، أو منظمةً أو دولة.

هذا التعريف واسع ويشمل كلًا من الأدوار الرسمية وغير الرسمية، أي القادة المعينين وأولئك الذين يظهرون استجابةً للأحداث.

ظهرت أدلة كثيرة في السنوات الأخيرة على أن المنظمات والمجموعات الأقوى تميل إلى السماح، وتشجع كل عضو في المجموعة أو المنظمة لأخذ زمام المبادرة في الموقف المناسب، وعلى العكس من ذلك، فقد تميل المنظمات والعائلات التي لديها قادة متحكمون إلى الاختلال الوظيفي.

لذلك فالقيادة مرنة إلى حدٍّ ما في الممارسة العملية، فالقادة يُصنعون حسب الظروف. القضية الحاسمة هنا هي أن الناس على استعداد للحاق بهم في الوقت المناسب.

يلتبس الناس في مفهوم اختلاف القائد عن المدير، وهناك فكرة رائجة تقول:

يفعل القادة الشيء الصحيح، في حين يفعل المدراء الأشياء بطريقة صحيحة.

هذه الفكرة دقيقة إلى حدٍّ ما، إذ أن العديد من القادة هم أيضًا مدراء والعكس صحيح، ويكمن الاختلاف الرئيسي في التوّقع من القادة خلق رؤية مقنعة ونقلها، وغالبًا ما ترتبط بالتغيير. ومن جهة أخرى، يرتبط المديرون في كثير من الأحيان بالحفاظ على الوضع الحالي.

تطوير القيادة

يتساءل الكثير من الناس عمّا إذا كان من الممكن تعليم القيادة. ويقتنع الأشخاص ذو الاهتمامات الخاصة (مثل الأكاديميون وأولئك الذين يدربون على القيادة) بإمكانية ذلك، ولكن في الحقيقة لم يتلقَ أي من القادة الناجحين أي تدريب رسمي، فالقيادة بالنسبة لهم هي حالة ذهنية، وشخصياتهم وسماتهم هي التي تجعلهم قادةً ناجحين.

من الواضح أنّ هناك توازنًا يجب تحقيقه بين هذه الموقفين، إذ ينجذب بعض الناس بطبيعتهم إلى الأدوار القيادية أكثر من غيرهم، ولكن من غير المنطقي أن الأشخاص الذين لديهم سمات جسدية أو شخصية معينة هم فقط من يمكنهم القيادة. على سبيل المثال، لا يُعَد كل رجل أو طويل قامة قائدًا جيدًا، على الرغم من أن العديد من القادة الجيدين هم من الذكور وطويلي القامة.

تتطلب القيادة مهارات معينة، سيكتسبها بعض الناس بسهولة أكثر من غيرهم.

يمكن التعرف على مهارات وإجراءات القيادة الفعالة، ولكن القدرة على تنفيذها تتطلب مجموعةً مختلفةً تمامًا من المهارات والمواقف، فسؤال “هل يمكن تعلّم القيادة؟” ليس له إجابة بسيطة.

أساليب القيادة

تتناسب أساليب القيادة المختلفة مع الأشخاص المختلفين والظروف المختلفة، ويتعلم أفضل القادة استخدام مجموعةً متنوعةً من الأساليب.

هناك العديد من النماذج المختلفة لأسلوب القيادة، وأشهرها هي أساليب القيادة الستة لدانييل جولمان، وهي من أكثر الأساليب تجذرًا في البحث، وهو ما يُفسّر شعبيتها.

هذه الأساليب الستة هي:

  1. قسريًا أو أمرًا: افعل ما أقول
  2. ضبط السرعة: افعل ما أفعل الآن
  3. موثوق: تعال معي
  4. الانتماء: يأتي الناس أولًا
  5. ديموقراطي: ما رأيك؟
  6. التدريب: جربه وانظر

ريادة الأعمال والتوظيف الذاتي والعمل الحر

ترتبط ريادة الأعمال في الغالب بإدارة التغيير، وتتطلب بالمثل المهارات القيادية، ولكن المهارات المطلوبة لإنشاء العمل الخاص ليست هي نفسها تمامًا مثل قيادة مؤسسة كبيرة.

أصبح العمل الحر جزءًا مهمًا جدًا من الاقتصادات المتقدمة، إذ يوجد في المملكة المتحدة مثلًا، أكثر من 2 مليون عامل مستقل يدرون ما مجموعه 109 مليار جنيه إسترليني سنويًا، وذلك بحسب جمعية المهنيين المستقلين وأصحاب الأعمال الحرة.

يعمل ما يصل إلى 55 مليون شخص في الولايات المتحدة كصحفيين مستقلين (35% من السكان العاملين) ويساهمون بمبلغ 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد، ومن المتوقع أن يصبح المستقلون قريبًا هم أغلبية القوى العاملة.

تمتلك كل من الهند وأستراليا ونيوزيلندا أيضًا مجموعةً ضخمةً من أصحاب العمل الحر الموظفين الذاتين.

مجموعة واسعة من المهارات

هناك عدد كبير من المهارات التي قد تكون مفيدةً للقادة. وبطبيعة الحال، يعرف القادة أنه لا يزال لديهم الكثير ليتعلموه، كما يواصلون محاولة تطوير مجموعة واسعة من المهارات طوال الوقت.

اترك تعليقاً