يوجد طريقتين لإدارة أسعار صرف العملات المختلفة للدول، وهاتين الطريقتين هما: أسعار الصرف الثابتة، وأسعار الصرف العائمة؛ والتي يُقصد بها تعويم العملة التي سنتناول في هذا المقال الحديث عن مفهومها وكيف تتم في الأسواق المالية.
تعريف تعويم العملة
يُقصد بتعويم العملة أو سعر الصرف العائم (بالإنجليزية: Floating Exchange Rate) بأنّه نظام تحديد سعر صرف العملة في الدولة بناءً على العرض والطلب عليها، أي عدم وضع سعر صرف ثابت في تحديد سعر العملة بل جعلها متغيرة، حيث لا يتم تحديد سعرها الصرفي بتدخّل الحكومة المتمثلة بالبنك المركزي.[١]
لذا يكون هناك سعر صرف عائم للعملة يتغيّر بناءً على العرض والطلب على هذه العملة في الأسواق المالية المفتوحة، بخلاف سعر الصرف الثابت الذي تحددّه الدولة، وتجدر الإشارة إلى أنّ سعر الصرف العائم لا يعني عدم تدخّل الدولة في أسعار العملة والتلاعب بها، فغالب الدول تحاول إبقاء أسعار عملتها مناسبة للتجارة الدوليّة العالمية.[١]
كيفية تعويم العملة
لفهم عملية تعويم العملة لا بُدّ من الرجوع إلى النظام المالي الذي كان سائداً في عام 1944م، وهو نظام بريتون وودز؛ والذي يعني ربط أسعار العملات بسعر الدولار الأمريكي والذي بدوره يرتبط بقيمة معدن الذهب آنذاك، وفي عام 1973م انهار نظام بريتون وودز بعد الارتفاع الحاد لسعر الدولار الأمريكي، ومنذ عام 1973م إلى الآن أصبحت الدول تتمتع بحريّة مستقلة في عمليات تحديد أسعار صرف عملاتها.[٢]
لذلك فإن معظم العملات المتداولة على نطاق واسع مثل؛ الدولار الأمريكي، واليورو، والجنيه الإسترليني، والين الياباني، أصبحت ذات سعر صرف عائم؛ أي لم يتم تحديد سعر صرف ثابت لها، ولم ترتبط أسعار عملاتها بسعر مرجعيّ معيّن، بل اعتمدت على قوى العرض والطلب الناشئة عن حجم الاستثمارات الخارجيّة العالمية، بالإضافة إلى السياسة النقدية.[٢]
فوائد تعويم العملة
يوجد عدّة فوائد لتعويم العملات المختلفة للدول، وهذه الفوائد تتمثّل في:
استقرار ميزان المدفوعات (BOP)
يُعرف ميزان المدفوعات بأنه يجل يبين المعاملات التجارية بين دولة معينة ودول العالم الأخرى خلال فترة زمنية محددة، وبالتالي فإن أي خلل يطرأ عليه سيغير من أسعار الصرف لعملة هذه الدولة.[٣]
ومن هنا، يُساعد تعويم العملة على استقرار ميزان المدفوعات، من حيث عدم حدوث خلل يؤثر على عجز المدفوعات، فمثلاً؛ إذا انخفضت قيمة العملة لدولة ما، فإنّ أسعار صادرات هذه الدولة ستنخفض، مما يؤدي إلى زيادة الطلب عليها، والتي بدورها ستعيد التوازن في ميزان المدفوعات للدولة في النهاية.[٣]
عدم تقييد الصرف الأجنبي
يقوم تعويم العملة على تسهيل تداول العملات المختلفة المعروف بسوق الفوركس بدون أي قيود على عكس العملات التي تتمتع بسعر صرف ثابت، بالإضافة إلى عدم احتياج الحكومات والبنوك المركزية للجوء إلى عملية إدارة مستمرّة لأسعار العملات.[٣]
تعزيز كفاءة السوق
تعزز فكرة تعويم العملة أساسيات الاقتصاد الكلي للدول، والتي تؤثر بدورها على الأسواق العالمية عن طريق تنظيم تدفق العملات إلى محافظ الدول المختلفة.[٣]
عدم الاحتياج للاحتياطي من العملات
في حالة تعويم العملة، لا يتعيّن على البنوك المركزية الاحتفاظ بمبالغ كبيرة من احتياطي العملات الأجنبية من أجل الحفاظ على أسعار صرفها، وبالتالي يمكن توجيه هذه الاحتياطيات لتعزيز النمو الاقتصادي عن طريق استيراد السلع من هذه الدول.[٣]
الحماية من حدوث التضخم على عمليات الاستيراد
تواجه الدول التي لها أسعار صرف ثابتة مشكلة التضخم في ميزان المدفوعات أو ارتفاع أسعار الواردات المختلفة التي تأتيها من الدول الأخرى، أمّا في حالة تعويم العملة فإنّ هذه المشكلة ستكون غير موجودة.[٣]