إذا كنت تبحث عن نصائح حول كيفية الحفاظ على التوازن بين حياتك وعملك عبر الإنترنت، فنحن هنا لمساعدتك. من السهل جدًا أن نَعلَق في عملنا ونقضيَ مزيدًا من الساعات فيه، أو أن نتفقّد بريدنا الإلكتروني في ساعات متأخرة من الليل عندما تكون الشاشة بذلك القُرب منا، لكن حتى لو كنت تحب عملك كثيرًا، فلا تخفى أهمية أخذ استراحات للحفاظ على صحتك الجسدية والنفسية، والتي إن أهملتَها فستضطر في النهاية إلى أخذ إجازة (وهذا ليس عمليًّا بالنسبة للمستقلين).
ينجذب الناس عادةً إلى العمل عن بُعد لأنه يسمح لهم بالتحرر من نظام العمل المُرهِق من الساعة 9 وحتى 5، فنحن نتشوّق لوقت الاسترخاء، ونودُّ عيشَ حياة أكثر رضًا نستطيع فيها أن نعطيَ الأولوية لأنفسنا أكثر، ولكن تحقيق التوازن بين الحياة والعمل ليس بتلك السهولة، وسرعان ما سيكتشف العاملون عن بُعد أو على أساس العمل الحر، أنهم بحاجة إلى تغيير ذهنيتهم ليعطوا أولويةً للتوازن بين الحياة والعمل. إذًا كيف يمكننا التعامل مع هذا الموضوع؟ سنتطرق في هذا المقال إلى أهم النقاط المتعلقة بكيفية الحفاظ على التناسب الكافي بين الحياة الخاصة والعمل عبر الإنترنت.
ما أهمية التوازن بين الحياة والعمل؟
من الضروري -لأسباب مهنية وشخصية- أن تكرّس وقتًا للعمل ووقتًا للتسلية، خاصةً وأن المستقلين يُعَدون من بين أكثر الذين يعملون بجدّ؛ وإذا ما أردتَ مزاولة هذا العمل واخترتَ نمط الحياة هذا، فالتحلّي بالانضباط الذاتي والقدرة على التكيُّف والمهارة في حل المشاكل، ستكون أمورًا بديهيةً لتحقيق ذلك.
وبسبب الإرهاق المترافِق مع العمل عبر الإنترنت، فلا غنى عن الاستراحات لتجنُّب الاحتراق النفسي والانحصار (الانغلاق) الفكري. كما ينتج عن التوازن الصحي بين الحياة والعمل زيادةٌ في الإنتاجية بنسبة 21% وسطيًا، وانخفاض دراماتيكي في مستويات التوتر.
عادات بسيطة يمكنك تطبيقها لمساعدتك في الحفاظ على التوازن بين الحياة والعمل
تذكَّر أن الأمر قد يستغرق بين أسبوعين وشهرين ليعتاد دماغك على عادة جديدة على نحو كامل. لذا احرص على الالتزام بروتينك الجديد حتى يغدو جزءًا لا يتجزأ من طريقتك الجديدة في الحياة.
1. اتبع روتينا صباحيا ممتعا
قبل بدء يوم العمل الخاص بك، كرِّس وقتًا لنفسك واجعل ذلك أول خطوة تستهلّ بها يومَك. حقّق انسجامًا مع هذا الروتين بحيث يغدو جزءًا طبيعيًا من يومك وأمرًا تتطلع إليه، إذ لا يحتاج تحقيق ذلك إلى كثير من الوقت، كما لا يتطلّب منك الاستيقاظ في وقت أبكر من الذي تفضّله.
فكِّر فقط في الشيء الذي يُشعِرُك بالهدوء والتحفيز، مثل المشي في الشارع أو قراءة كتاب مع ارتشاف القهوة، أو جلسة يوغا لمدة عشىرين دقيقة، أو الاستحمام مع الاستماع إلى أنغام تمدّك بالطاقة.
2. خصص مكانا للعمل
للحفاظ على توازن حقيقي بين الحياة والعمل، فعليك ترك العمل في العمل، وستكتشف أن معظم النصائح التي نُسديها هنا تدعم تلك المقولة، فإذا كنت تعمل من المنزل؛ فلتُخصِّصْ مساحةً خالية مما من شأنه تشتيت تركيزك، ومكرَّسة للعمل فقط.
وإذا كنت رحّالةً رقميًا وغير مستقر في مكان واحد، فلتفكّر في بعض أماكن العمل أينما حلَلْت، مثل أماكن العمل المشتركة أو الكافتيريات، كما يمكنك حجزُ أماكن إقامة يتوفر فيها مقعد أو طاولة، أو استئجارُ نُزُلٍ (حيثُ يتوفر عادة مساحة للجلوس مع جهاز حاسوب)، وهنا طبعًا فأنت لستَ بحاجة إلى مكتب فخم للعمل من المنزل، ولكن يجب توفُّر مساحة لقضاء اليوم والاسترخاء تكون منفصلةً عن مساحة عملك.
3. أبعد عنك ما يشتت ذهنك أثناء العمل
ذكرنا للتو مكان العمل الخالي مما يشتت الانتباه، فما المقصود بذلك؟ إنه المكان المُنظَّم الذي لا يوجد فيه جهاز تلفاز، والبعيد عن الأعمال المنزلية غير المُنجَزة، كما يُفضَّل أن يكون الضوء الذي يغشى مكانَ العمل طبيعيًا.
قد يبدو ذلك الأمر مختلفًا من شخص لآخر بحسب المكان الذي يعيش أو يقيم فيه (إذا كان مسافرًا)؛ وهذا أمر طبيعي، لذا احرص فقط على إعادة ترتيب مكان العمل خاصتك، أو اعثر لك على مكان عمل يناسبك إلى أبعد حد ممكن، ولا ضير في أن تُبعِد هاتفك عن مكان جلوسك لفترات أثناء عملك أيضًا. وهناك بعض التطبيقات المخصصة لزيادة الإنتاجية التي يمكنك الاستعانة بها لتحديد الوقت الذي تمضيه على تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي.
4. أنشئ جدول عمل والتزم به
أثناء جلوسي وأنا أعمل طوال اليوم على حاسوبي، أُدرِكُ أنَّ من السهل أن يتشتت ذهني عن المهمة التي أُنجزها، أو أن أُنجز مهامًا متعددةً في آنٍ معًا.
لهذا أنشِئ جدولًا للعمل، وأغلِق جهاز الحاسوب عند نهاية يوم العمل، ورتِّب أولوياتك ضمن جدول بحيث تتمكن من تأجيل إنجاز المشاريع الأقل أهميةً من غيرها إلى اليوم التالي في حال احتجتَ إلى ذلك، ولا تُغرِق نفسك بالمهام التي ترتّبها ضمن ذلك الجدول!
وينطبق ذلك على فعل الأشياء التي تستمتع بها أيضًا، فكما قلنا سابقًا، يعمل المستقلون بجد، ولكي تضمن ألا تُغرق نفسك بالعمل، فلتُنشئ جدولًا لوقت فراغك أيضًا، مثل: متى ستُمضي وقتًا في ممارسة هواياتك؟ وفي الاسترخاء؟ وإذا كنتَ مسافرًا، فمتى ستمضي وقتًا في الاستكشاف؟ وهكذا.
قد يبدو الأمر سخيفًا، ولكنّ هناك فرصة أفضل لكي تكرّس الوقت لتلك الأمور إذا كانت جزءًا من الجدول الخاص بك فعليًا، إذ هناك وفرة في جداول العمل الجاهزة على الإنترنت، والتي يمكنك استخدامها، ولكنّ من المُرضي أيضًا أن تنشئ ذلك الجدول باستخدام قلم وورقة.
5. لا تهمل حياتك الاجتماعية
ينسجم هذا على نحو مثالي مع جدولة الأنشطة التي تستمتع بها، إذ ليس سهلًا دائمًا الخوض في العلاقات الاجتماعية أثناء العمل عبر الإنترنت، لأنك قد تكون مشغولًا دائمًا في إنجاز الأعمال أو على الأقل في البحث عن عمل جديد، لهذا خصِّص وقتًا للعمل عبر الإنترنت، ووقتًا لحياتك الاجتماعية مع أصدقائك، فمن الوسائل المثالية للقاء الأشخاص والتمتع بالحياة الاجتماعية؛ الاستفادة من أماكن العمل المشتركة ومجموعات الفيسبوك ودروس اللياقة.
6. خذ استراحات خلال اليوم
عندما تُنشئ الجدول الذي تحدثنا عنه في الفقرة السابقة، فلا تنسَ أن تُضمِّنَه استراحات، ولا تتناول طعام الغداء على طاولة حاسوبك، بل توقّف عن العمل بعض الوقت لتناول الغداء بحيث تُجدِّد طاقتك. وبالنسبة لي أحاول أن أستغل بعض اللحظات التي أقضيها هنا وهناك لاستنشاق هواء نقيّ وترتيب مكان العمل وقضاء بعض النزهات القصيرة، حيث يسمح لي ذلك بالتقاط أنفاسي، وغالبًا ما أعود إلى العمل بذهن أكثر صفاءً، وبعزيمة أكبر للانتهاء من إنجاز المهام التي تنتظرني.
7. خذ إجازة
يُنجِز الأشخاص الذين يعملون على الإنترنت عملًا ما على أجهزة حاسوبهم على مدى ستة إلى سبعة أيام في الأسبوع. ولكن هذا ليس التوازن المنشود بين الحياة والعمل، فقد يكون صعبًا أن نفصل أنفسنا عن العمل عندما تكون هواتفُنا مغلقة، في حين تكون أجهزة الحاسوب بقربنا، ولهذا فإنّ من شأن تخصيص يوم أو اثنين في الأسبوع -نبتعد فيها تمامًا عن العمل- أن يتيح لنا الحصول على الاستراحة التي نحتاج إليها ونستحقها، وإذا بدا لك أنّ العودة إلى العمل مُرهِقةٌ حتى بعد قضاء يومَي إجازة، وكان لديك جدولُ أعمال مَرِنٌ، فلتأخذ إجازة من العمل في منتصف الأسبوع، وأخرى في نهايته.
وبعيدًا عن إجازات نهاية الأسبوع؛ تمدُّنا العُطَل بشعور جديد بالتحفيز، كما تمنحنا الفرصة والوقت للابتعاد عن العمل وتركيز الاهتمام على أمور مهمة، إذ أظهرت دراسات عديدة أن لقضاء الإجازات فوائد صحية جسدية ونفسية.
لا تعمل من السرير
هذه النصيحة مهمة للغاية، ليس فقط لجودة التوازن بين الحياة والعمل، بل أيضًا لكي تحظى بنوم هانئ أثناء الليل؛ إذ ينبغي لغرفة نومك أن تكون ملاذًا للراحة لا مكانًا للعمل، فقد يكون من الصعب جدًا إراحة ذهنك والاسترخاء ما لم تكن قادرًا على الفصل بين العمل والراحة. لذا فإن جمعتَ بين العمل والسرير فالفصل بينهما سيغدو مُضنيًا.
وإذا كنت من الأشخاص الذين يتفقّدون رسائل البريد الإلكتروني من هواتفهم، فلتفكّر في فصل بريدك الإلكتروني الخاص بالعمل عن هاتفك (فغالبًا لن تندم على ذلك)، أو الجأ إلى حجب التطبيقات مؤقتًا.
لا تنس تقليل التعرّض لإضاءة الشاشات قبل ساعة واحدة من الخلود للنوم على الأقل، لتضمن أنك مستعد للنوم حالما تحتاج إلى ذلك.
أفكار ختامية
هناك العديد من المزايا المرتبطة بالعمل عبر الإنترنت، منها أنها تمنحك مزيدًا من المرونة، والفرص لتعيش الحياة التي تستمتع بها. ويكمن السرّ هنا في تجهيز نفسك لتحقيق التوازن بين الحياة والعمل، والذي ربما تتشوّق للوصول إليه، وتستحقه بلا شك. إذًا فلتُنفِّذ ذلك الروتين الصباحي، ولتُنشئ جدول أعمال، ولا تنس التمتع بحياتك الاجتماعية.