إن أعظم منتج في التاريخ ليس له قيمة بدون سوق يباع فيها، أو قائمين على تسويقه للفئة التي تحتاجه، فالتجارة يلزمها تسويق كي تنجح وتستمر في السوق، وإن عصب تجارتك في العمل الحر هو أعمالك السابقة، وأخلاقك مع العملاء، إضافة إلى سلوكك العام سواء على الويب أو خارجه.
البصمة الرقمية

ولا شك أن سمعة التاجر في السوق هي رأس ماله الأكبر، وبما أن سوقك سيكون الإنترنت من الآن فلا شك أن عليك الانتباه إلى سمعتك فيه، فلا تظن أن حساباتك الاجتماعية وتعليقاتك الساخرة أو صورك مع عائلتك التي تنشرها فيها بمعزل عن عملائك.

وقد ترى أن هذه حياتك التي تخصك وحدك، لكن اعلم أن الإنترنت ليس فيه حدود جغرافية ولا سياسية تمنع أحدًا من المرور من مكان لآخر، وعليه فلا يصح قياس حدود العالم الحقيقي به، فإن بيتك في العالم الحقيقي له حرمته وحدوده وآدابه التي يلتزمها من يدخله، بل لا يكاد يدخله أحد إلا بإذنك، وكذلك جلساتك مع أصدقائك ومعارفك ونزهاتك في الحدائق، فلا يُتصور أن يقتحم هذه المواطن غريب عليك وإلا عده الناس من التجسس والتطفل.

لكن الإنترنت يختلف في هذا، إذ يستطيع أي شخص أن يستطلع بصمتك التي تتركها على الإنترنت بضغطة زر، فيعرف الأماكن التي زرتها والأشخاص الذين تعرفهم وتقابلهم، والأحداث التي تتابعها والصور التي تنشرها، إذ أن أغلب الناس -بكل أسف- لا يتحرجون من نشر هذه البيانات على الملأ في حساباتهم الاجتماعية هذه الأيام.

وبغض النظر عن خطر ذلك بشكل عام على من يفعل هذا إلا أننا لن نذكر هنا إلا أثر هذه البصمة الرقمية لك في الإنترنت على عملك الذي تريد البدء فيه، فإن هذه البصمات لا تكاد تُمحى من ذاكرة الإنترنت.

وذلك أن العميل قد لا يعرفك أنت في البداية، بل يبحث عن “تصميم ديكور داخلي مثلًا” فتظهر له أنت من بين نتائج البحث، ويبدأ في تصفح المعلومات المتوفرة عنك بما فيها معرض أعمالك وتقييمات العملاء الذين تعاملوا معك، وسيصل في الغالب إلى حساباتك الاجتماعية إن كنت تستخدم نفس الاسم فيها.

فإن رأى العميل أن عملك ممتاز لا غبار عليه لكنه كذلك وجد شكاوى من عملائك السابقين عن سوء تعاملك معهم، ووجد ألفاظك وسلوكك العام على الشبكات الاجتماعية غير سوي فإنه قد يحجم عن التعامل معك!

ونعود لحجة أن هذه حساباتك الاجتماعية وليظن من شاء ما شاء، ونعود لتذكيرك مرة أخرى أن الإنترنت يختلف عن العالم الحقيقي، لكنه يتشابه معه في أن العميل يسأل محركات البحث أولًا ويجمع البيانات الكافية عن المستقل قبل التعامل معه.

ونصيحتنا لك في هذا الشأن أن تكون واعيًا بما تنشره في الإنترنت بشكل عام، لا من أجل عملائك فقط، بل من أجل نفسك وأهلك من بعدك، فإن محو البصمات الرقمية صار في غاية الصعوبة هذه الأيام، وإن عملك الحر سيضطرك إلى استخدام اسمك الحقيقي وبعض بياناتك الحقيقية، فلا تسمح لنفسك بأمور صبيانية قد تندم عليها لاحقًا.

وإن هذا الباب واسع ويطول التفصيل فيه مما قد ينقل المرء من درجة الوعي بما ينشر إلى الحذر مما ينشر، لكننا رأينا أن نقصر الحديث عما يخص سمعتك مع عملائك فقط، وننصحك في هذا الشأن بقراءة مقالة تأثير شخصيتك في وسائل التواصل على عملك المنشورة في أكاديمية حسوب.
عناصر التسويق الناجح للمستقلين

يندفع الكثير عند التسويق لأنفسهم أو لشركاتهم إلى البدء مباشرة في هذه القناة أو تلك دون أن يكونوا على علم بفحوى الرسالة التسويقية التي يريدون إيصالها، تلك الرسالة التي ستخبر العميل المحتمل بأنك هنا وأنك خبير في مجالك ويستطيع الاعتماد عليك عندما يحتاجك في عمل ما.

ولا شك أننا نرغب كلنا بأن نكون “خبراء في تصميم الغرافيك” مثلًا أو “الأفضل على مستوى العالم العربي” أو “الأول في كذا وكذا”، أو غير ذلك من تلك الكلمات التي قد تكون مبالغة في الوصف، والتي لا يفضّل العميل سماعها أبدًا، فالأسلوب الأمثل للتسويق لا يعتمد على مثل هذه المبالغات. وفيما يلي بعض العناصر الأساسية للرسالة التسويقية الفعالة التي يجدر الاهتمام بها:

تحديد الهدف من الرسالة التي تريد أن تصل إلى العميل.
التركيز في تلك الرسالة على الفوائد التي ستقدمها للعميل.
الإجابة عن الأسئلة التي لدى العميل تجاه خدمتك.
ذكر كيفية خدمتك لعملائك بالشكل الأمثل لهم.

لذا قبل أن تبدأ بالتسويق لنفسك بطريقة تبعث الملل في نفس العميل حاول أن تتأكد من أنك تعرف ما يلي:

نقاط قوتك.
رسالتك التسويقية.
عملاؤك، وأين هم، وكيف يمكن أن تصل إليهم؟
الأسئلة التي لديهم والمشاكل التي ستحلها لهم (إن كنت تقدم خدمة محددة واحدة)؟
كيف ستستخدم خبرتك في حل مشاكل العميل؟

ثم ننظر بعدها في بعض عناصر التسويق وقنواته التي يجب أن تجهزها على أكمل وجه، والتي نوردها فيما يلي.
الملف الشخصي

لعلك سجلت على إحدى منصات العمل الحر، مثل مستقل أو خمسات، لكنك لم تحصل على أي فرصة للعمل حتى الآن، وربما حاولت مرارًا وقدمت عروضًا هنا وهناك لعدد من العملاء، لكن عرضك يُقابل بالرفض رغم شعورك بأنك الشخص الأنسب لتنفيذ المشروع!

قد يكون السبب هو المنافسة الشديدة، هذا وارد في أي سوق، لكن قد يكون السبب الجوهري في أغلب الأحيان هو عدم وجود معرض أعمال في حسابك أو حتى ملف شخصي يجذب العملاء إليك ويقنعهم أنك مناسب للعمل.

والملف الشخصي هو سيرتك الذاتية المختصرة التي تضعها في صورة موقعك الشخصي أو على منصات العمل الحر لتعكس هويتك المهنية أي خبراتك ومهاراتك وأعمالك وحياتك المهنية والعلمية وغير ذلك، ومن المهم في الملف الشخصي أن تركّز على مهاراتك من ناحية، وعلى ما تقدمه للعميل من ناحية أخرى.

فلا تكتب فيه مثلًا كل ما تعلمته وعملته وأقمته وأقعدته فقط كي تقول للعميل أنك المستقل الخارق الذي سيفعل كيت وكيت، بل اذكر فيه ما يجعل العميل يقول أنك الشخص المناسب لمشروعه.

حدث مرة أني طلبت من يوغرطة بن علي -المدير الأسبق لأكاديمية حسوب- أن يراجع سيرتي الذاتية، فأرسل لي أن سيرتي لا تصلح لعرضها على شركة أو حتى عميل عادي، ذلك أني كتبت فيها سيرتي كلها مفصلة، ما تعلمته وعملت فيه ودرسته، ظنًا مني أني أبهر من يقرؤها.

ثم أخبرني مستطردًا أن أذكر في سيرتي الذاتية ما يجعله يوافق على توظيفي لوظيفة س أو ص، فإن كنت درست الهندسة الميكانيكية وأنا أتقدم إلى وظيفة مترجم مثلًا فإن هذه الدراسة لن تؤثر في قرار توظيفي بالقدر الذي يحدثه ذكر أني عملت في مجلة كذا وكذا من قبل، أو ترجمت كتاب كذا وكذا في نفس المجال الذي أتقدم إلى الترجمة فيه.

وهكذا نريدك أن تجعل صفحة ملفك الشخصي محددة للغاية وذات هدف واضح ورسالة بارزة، وقد جمعنا لك بعض النقاط التي يجب أن تنظر فيها عند صياغة ملفك الشخصي:
1- الوصف الواضح لعملك

كأن تكتب: مطوّر تطبيقات ويب، مسؤول تسويق إلكتروني، وغير ذلك. واحرص على ما يلي:

الكلمات المفتاحية التي تعبّر عن عملك.
استخدام كلمات بسيطة وموجزة تصف مهاراتك بدقة.
استخدام وصف مخصص ودقيق، فتجنب الوصف الفضفاض لعملك.
كتابة عدد سنوات خبرتك إن كان لديك خبرة زمنية.

واعلم أن المنافسة بين المستقلين كبيرة للغاية، وأن اﻷخذ بالنقاط السابقة يظهر عملك وهويتك ويميزك عن المنافسة.
2- صورتك الشخصية

لقد صارت جودة الصور التي تخرجها كاميرات الهواتف الآن جيدة جدًا موازنة بما مضى، وإنا لنعلم أن هذا يدفع الكثيرين إلى الاكتفاء بالصورة التي التقطوها من كاميرا الهاتف لاستخدامها كصورة في الملف الشخصي لهم، فقد كان أغلبنا من هؤلاء ذات يوم.

وإن هذا لا بأس به إن كانت لديك خبرة بالتصوير والإضاءة ونظريات الألوان، لكننا نرى أن الاستثمار في استئجار مصور محترف لاختيار صورة مناسبة بكاميرا عالية الدقة سيكون مثمرًا على المدى القريب والعاجل، ذلك أن كاميرا الهاتف وإن كانت جيدة فإنها تقصر عن تسجيل التفاصيل الدقيقة التي توصل الانطباع الأولي الممتاز الذي ترغب به.

وذلك شيء ليس بوسعك التحكم به، إذ أن حساس الكاميرا ضئيل جدًا موازنة بالموجود في الكاميرات الاحترافية، والحساس الأكبر يعني ضوءًا أكثر ومساحة أكبر لالتقاط ذلك الضوء، بل مساحة أكثر لكل بكسل في هذا الحساس.

ومن ثم فإن الصورة الملتقطة بكاميرا SLR ومن مصور محترف ستحمل الكثير من التفاصيل لوجهك وملابسك وملامح نظرتك، وكل ذلك يوصل الانطباع الأولي للعميل، موازنة بصورة الهاتف الفاقدة لكل هذه التفاصيل. ولك أن تتخيل أن الصور الملتقطة بالكاميرات عالية الدقة تحتاج إلى معالجة بالفوتوشوب لتصحيح “عيوب العدسة” المستخدمة في التقاط الصورة، فما بالك بكاميرا الهاتف؟

واعلم أن الصورة الاحترافية لا يعني أنها ستكون مليئة بالتعديلات التي تخفي العيوب والجوانب التي لا تعجبك في الصورة، ولا يعني أنك يجب أن تكون مرتديًا زيًا رسميًا حتى، بل يكفي أن تكون لطيفة وملائمة كصورة عمل.

كذلك، احرص ألا تكون صورة حسابك الشخصي للعمل بها حيوانك الأليف أو أحد أبنائك مثلًا، أو صورتك على شاطئ البحر أو في نزهة مع أهلك، أو حتى صورة ممثل أو لاعب كرة مشهور! بل هي الصورة التي يراها العملاء فيعرفوا أنك أهل للثقة، فلا تبالغ في تعابير وجهك لا بالضحك ولا بالحزم، بل تعبير هادئ وبسيط ويوحي بالثقة من النفس في غير غرور ولا كِبر.

طيب، لنقل أنك ترفض وضع صورتك الشخصية لسبب ما، فما العمل حينها؟ تستطيع رفع صورة بها اسمك -لا تكتبه بيدك- على خلفية بسيطة أو أحادية اللون، وإن كنت تمثل شركة أو لديك شركة فيمكنك وضع شعار الشركة، وهكذا، لكن لا تنحرف إلى ما نهينا عنه قبل قليل من استخدام صور الأبناء أو الحيوانات أو الورود والممثلين والسيارات وغير ذلك.

أو تستطيع استخدام صور الوجوه المرسومة بشكل ثنائي الأبعاد كصور الأفاتار الافتراضية في المواقع أو المولدة عبر تطبيقات مخصصة، وذلك بديل وخيار مناسب أيضًا.
3- الإشارة إلى أعمالك في الملف الشخصي

إن كنت مبرمجًا فإن هذا يعني حسابك في GitHub مثلًا، وإن كنت مصممًا فموقع Behance، وهكذا، إذ يريد العميل أن يطلع على خلفيتك ليتأكد من صدق دعواك في العرض الذي وضعته.

لكن، ليس لدي أعمال سابقة! ماذا أفعل؟

ننصحك هنا بالبدء بالعمل التطوعي لبناء نماذج لأعمالك، أو تنفيذ أعمال خاصة بك في مجالك ثم عرضها في المعرض، فلا بأس بإنشاء بعض التصميمات أو عرض بعض البرامج أو عينات الترجمة أو غيرها وفق مجالك الذي تعمل فيه، ليرى العميل نموذجًا عن جودة عملك.

ذلك أن أول مشروع ينفذه المستقل يمثل هاجسًا لدى الكثير منهم، فيشعرون أنهم بحاجة لمشروع مكتمل صدّق عليه عميل من قبل، كي يعرضوه للعملاء المحتملين كنموذج عن العمل، وهذا الإشكال يمكن حله بعمل خدمات تطوعية بما أنها متاحة أكثر من الخدمة المدفوعة أو أن تحاول تقديم نموذج مجاني يعبّر عن عملك كما ذكرنا.

فمثلًا إن كنت تعمل في مجال التحرير أو الترجمة، ابدأ فورًا بترجمة مقالات أو مواضيع يسمح أصحابها بترجمتها بشكل تطوعي وانشرها على مدونتك الخاصة أو على أحد المواقع المناسبة للنشر أو حتى حساباتك الاجتماعية إن لم يكن لديك شيء تنشر عليه، كما يمكنك مثلًا التطوع لترجمة مقطع فيديو في TED وبالتالي تستطيع إضافة هذا العمل لمعرض أعمالك.

أو إن كنت مصممًا، فابدأ الآن كذلك بعمل تصاميم دون طلب من عميل معين، وابنِ معرضًا لأعمالك على موقع بيهانس Behance مثلًا بشكل يعكس اهتمامك واحترافيتك في العمل.
4- أضف لمحة عنك

أجب عن هذه الأسئلة التي تمثل بعض التساؤلات الشائعة عند العملاء، ومن ثم لخصها في عدة مقاطع بسيطة، لتستطيع كتابة لمحة مختصرة ووافية عنك:

ما هو مجال عملك أو اختصاصك؟
ما هي عدد سنوات خبرتك؟
ما هو مدى كفاءتك في استخدام البرامج والتقنيات اللازمة ضمن مجال عملك؟
ما هي أبرز إنجازاتك؟
ما هي المهارات التي تمتلكها؟

وهنا يجب الحديث عن نوعي المهارات التقنية والفنية (مثل اللغة التي تتقنها) والشخصية مثل (إدارة فريق عمل)، ويجب أن يقدم هذا الملخص للعميل أهم ما يرغب بمعرفتك عنك، فحاول أن يكون متوسط الطول، واذكر فيه من مهاراتك وخبراتك ما يمكن أن تقدمه لعميلك، وما الذي يميزك عن بقية المنافسين.

وابدأ بأهم المعلومات التي تحب أن يقرأها العميل، لأن نسبة كبيرة منهم لن يقرؤوا كامل الملخص الذي ستكتبه، وإنما ستتصفحه أعينهم بشكل حرف F، بمعنى أنهم سيقرؤون أول سطرين مثلًا ثم يتجاوزون المكتوب إلى أسفل قليلًا ثم يقرؤون سطرًا أخر ثم يمرون لأسفل مجددًا، وهكذا.

لذا، يجب أن يكون المستقل واضحًا فيما يكتب وقادرًا على إعطاء العميل انطباعًا أوليًا جيدًا وبسرعة بحيث يستطيع جذب اهتمام العميل خلال الثواني المعدودة التي سيقرأ فيها صفحة المستقل الشخصية.
نصائح إضافية

إن كنت تستطيع تقديم ملخص مرئي عنك فهذه إضافة محمودة، ولا يُعد الفيديو أمرًا ضروريًا أو أساسيًا لكنه يعزز ثقة العميل بك ويعبّر عن مدى احترافيتك في العمل، واستخدم فيه لغة سليمة وخالية من الأخطاء اللغوية، واستعن بمتخصص لغوي إن لم تكن واثقًا من عدم وجود أخطاء.

وإن هذا من الأهمية بمكان، إذ لا يُتصور مثلًا قبولك في مشروع للتدقيق اللغوي أو الترجمة والكتابة وأنت تخطئ في هجاء الكلمات وتصريفها في نص عرضك على المشروع! فترفع المنصوب وتجر المرفوع، وتضع ألفًا مكان الفتحة، ولا تعرف الفرق بين النهي والنفي وأيهما مجزوم بالحذف مثلًا.

وبشكل عام، انتبه لما يلي عند صياغة ملفك الشخصي:

توضيح صياغتك وتسهيل قراءتها، كأن تقسم الفقرات وتستخدم التعداد الرقمي والنقطي.
وضع وسيلة تواصل أو أكثر تناسب أغلب أو كافة العملاء.
تحديث ملفك الشخصي بشكل دائم، فهو سيرتك الذاتية.

تدريب: استخدم النصائح التي تعلمتها قبل قليل لتعدّل حسابك الشخصي الذي أنشأته في المنصات التي اخترتها، سواءً مستقل أو خمسات.

مثال على الملف الشخصي لسارة شهيد في موقع مستقل:
bio-example.png
معرض الأعمال (Portfolio)؟

معرض أعمالك هو المكان الذي تعرض فيه سوابق أعمالك التي تقول للعميل أنك تفهم مجالك جيدًا، وهذا المكان إما موقعك الشخصي أو منصة عمل حر على الويب، إذ توفر بعض المنصات مثل موقع مستقل إمكانية إضافة معرض أعمال شخصي داخل حساب كل مستقل

ويجب أن يحتوي المعرض على أهم الأمثلة ونماذج الأعمال والمشاريع التي نفذتها سابقًا بحيث يمكن للعميل الاطلاع عليها واستشفاف خبرتك وجودة عملك منها.

ويُعد معرض الأعمال من المتطلبات الأساسية لأي مستقل سواء كان مطورًا أو مصممًا أو معدّ محتوى أو غير ذلك، وقد تكتفي بمعرض الأعمال الموجود داخل منصة التوظيف أو العمل الحر التي تستخدمها أو قررت استخدامها إن لم تكن قد عملت من قبل على إحدى تلك المنصات، لكن بشكل عام فإنك بحاجة لمعرض أعمال خاص بك إذا قررت التعامل مع العملاء خارج منصات التوظيف تلك.

وكما قلنا، لا تضع كافة أعمالك ضمن معرض الأعمال بل تكفي الأعمال المميزة فقط، وإن كان هناك أي عمل لست راضيًا عنه فلا تضفه، لكن المهم أن يضم كافة مهاراتك وخبراتك مهما كانت متنوعة، كما يجب أن يتم تحديثه بشكل دائم.

وتذكر أن الملف الشخصي ومعرض الأعمال الاحترافيين هما العاملان الرئيسيان عند اختيار أي شخص لتوظيفه في عمل ما، ولو أحسنت تقديمهما مع كتابة عرض مناسب على المشاريع المختلفة فإنك تزيد بذلك حصولك على فرصة العمل التي تتقدم إليها.
أين هو معرض أعمالي؟

قلنا أن بإمكانك إنشاء معرض أعمال في منصة العمل الحر التي تعمل بها، وأن الأفضل هو إنشاء موقع شخصي لك يكون بمثابة محطة للعملاء الذين يقصدونك أو الذين يبحثون عن مثل خدمتك، فيروا عليه أعمالك السابقة و”سيرتك العملية” إن شئت أن تسميها كذلك.

فإما أن يكون لك موقع شخصي، أو تكون منصة العمل التي اخترتها -سواء مستقل أو خمسات أو غيرهما- بها إمكانية إضافة أعمالك السابقة. فمثلًا، توفر منصة مستقل قسمًا لتضيف فيه معرض أعمالك ليطلع عليه العملاء، فانظر مثلًا صفحة، معرض الأعمال.

هناك خيار ثالث وهو أن تكون أعمالك في موقع يختص بمجال بعينه مثل التصميم أو البرمجة، إذ من المشهور أن مصممي الجرافيك بشكل عام يرفعون أعمالهم إلى مواقع مثل behance، وكذلك يرفع المبرمجون برامجهم ومساهماتهم في البرامج إلى مواقع مثل GitHub وإن كان يُستخدم كأداة لمتابعة العمل على المشاريع وتطويرها إلا أن برامجك ستكون معروضة فيه، ذلك إلى جانب المواقع التي تتيح إنشاء معارض أعمال في هيئة مواقع كاملة تصلح لأغلب الأغراض العامة سواء كانت هندسية أو إبداعية أو قانونية أو غير ذلك من الأنشطة التجارية، مثل squarespace.
الهوية التجارية

ستدرك بالتدريج أثناء عملك على الإنترنت كمستقل أنك بحاجة إلى هوية شخصية لك، وسترى أن هذه الهوية تختلف من مستقل إلى آخر وفق مجاله وشريحة العملاء التي يستهدفها، فالمبرمج مثلًا لا يهمه تصميم شعار منمق ذي ألوان زاهية مثلًا مراعيًا فيها النسبة الذهبية في عناصره، ذلك أن العملاء يحتاجون من يبني لهم تطبيقًا أو موقعًا يعمل بكفاءة وسرعة ودون أخطاء، فهوية المبرمج هنا يجب أن تقول هذا للعملاء، ومهما كان الشعار جميلًا فإن العملاء لا يلتفتون إليه.

وكذا قل في مجالات مثل الترجمة والتدقيق اللغوي وإدخال البيانات وإنشاء دراسات الجدوى والمساعدة الافتراضية وغيرها، إذ أن فلسفة الشعار تعبر عن مضمون الخدمة التي يقدمها صاحبه، ففي بعض الحالات قد تكفي صورتك الشخصية فقط وكل ما زاد على ذلك يعد بهرجة لا فائدة منها وقد توحي للعميل أنك تبالغ في تجميل نفسك لتغطي على فقر جودة عملك.

ولا نقول أن الحالات أعلاه لا تحتاج إلى شعار بالضرورة، وإنما يُنظر في الفئة التي يستهدفها المستقل، فإن كان يستهدف شركات وأعمال مثلًا فإن الشعار هنا قد يكون ضرورة، مما رأيناه من خبراتنا في التعامل مع الشركات أو العمل فيها، أن الهوية التي تقدم بها الأطراف نفسها تلعب دورًا مهمًا للغاية في قرار إبرام الصفقة.

بل إن الأمر يتعدى مجرد اختيار شعار إلى تصميم قوالب بريدية متسقة مع الهوية التي اختارها المستقل، واختيار برامج محددة للتواصل وأخرى بديلة لها إن حدثت طوارئ، وصياغة عقود واضحة البنود ومراجعةٌ من قانونيين وفق البلاد التي يتعامل المستقل مع شركاتها، وتحديد شروط العمل بدقة من البداية وأيام الإجازات ومواعيد الردود على الرسائل وغير ذلك.

ذلك أن المستقل لا يتعامل مع شخص طبيعي هنا فيتفاوض معه بسهولة ومرونة على أي طارئ يحدث أثناء العمل، ولا يدقق العميل كثيرًا إن اجتمع المستقل معه من غرفة نومه أو من مكتبه أو من حديقة منزله -رغم أننا ننصح بتطبيق هذه القواعد في سائر عملك ومع جميع عملائك، إلا أننا نبين أهمية بنود معينة لبعض العملاء-، وذلك على خلاف التعامل مع شركات، إذ يتعامل المستقل مع موظف داخل الشركة يكون مسؤولًا عن إنجاز مهمة ما عن طريق تفويض طرف خارجي -هو أنت في هذه الحالة-، أو قد يضيق به الوقت عن إنجازها فيتجه إلى توظيف أطراف خارجية، أو قد يكون بين يديه مشروع فيه قسم خارج نطاق خبرته فيحتاج استشارة من متخصص غير موجود بالشركة، فكل هذا يصب في جيب المستقلين في النهاية.

وبالعودة إلى أهمية الشعار المرئي المناسب، فهو ضرورة في مجالات مثل التصميم ثلاثي الأبعاد وثنائي الأبعاد وتصميم تجربة الاستخدام وغيرها من الأمور الفنية، إذ يجب أن يعرف العميل من مجرد النظر إلى شعارك أنك الشخص المناسب لإنجاز عمله، ويجب هنا أن تدرس بعناية نظريات الألوان والنسب الذهبية في شعارك، إذ هذا هو شعار عملك، حرفيًا.

فاختر النمط المناسب لك مما سبق ليعبر عن عملك ويعكس الفكرة والرسالة التي تريد إيصالها إلى العملاء. ويمكن تلخيص عناصر بناء الهوية التي يجب عليك مراعاتها عند التخطيط لعلامتك التجارية فيما يلي:
1- اتساق الهوية ووحدتها

تظهر وحدة هويتك في تناسق وثبات أنواع خطوطك، وألوانك التي تستخدمها في النصوص والإطارات والرموز وغير ذلك، بين مستنداتك إلى ملفات تسليم أعمالك إلى موقعك، … إلخ. وتجنب التغيير العشوائي في هذه الهوية، فكلما استقرت وتعامل معها العملاء زاد احتمال حفظهم لها وتعرفهم عليها بمجرد رؤيتها.

وبحكم عملي في تصميم تجربة الاستخدام والتصميم المرئي من قبل فإني أقول لك بكل ثقة أن ثبات الهوية ذاك أمر مهم جدًا جدًا، فقد لا يحفظ العميل سوى هويتك تلك وينسى اسمك أو وسائل التواصل الأخرى معك، ويظل يبحث عن شعارك أو شكل مستنداتك أو موقع يحمل هويتك دون جدوى، وقد يكون مر عليك وتركك لأنه رأى هويتك اختلفت فلم يميزك.

لهذا مثلًا فإن شركة باناسونيك (Panasonic) ظلت تبيع منتجات تحت اسم ناشيونال (National) لأكثر من ثمانين عامًا، ولما قررت أن توحد تسمية منتجات الشركة تحت مظلة باناسونيك بعد أن كانت تبيع تحت أسماء ناشيونال (National) وسانيو (SANYO) وغيرها، نفذت ذلك على مراحل استمرت أكثر من خمس عشرة سنة!

فإني أذكر أن غلاف التلفاز لدينا كان مكتوبًا عليه أن “تلفاز ناشيونال صار الآن تلفاز باناسونيك”، لكن التلفاز نفسه حمل شعار ناشيونال، وكنا نظن وقتها أن باناسونيك اشترت ناشيونال، وأن منتجات ناشيونال أجود من باناسونيك! ولو أن الشركة غيرت اسمها فجأة لفقدت قطاعات كبيرة جدًا من أسواقها التي كانت تشتري منتجاتها دون أن تعلم أنها تابعة لها.
2- التميز

لعلك قد علمت إلى الآن أنك ستدخل سوقًا كبيرة وفيها منافسة قد تأتيك من أي بقعة على المعمورة، فأنت الآن بين أمرين إذا قدمت خدمة تتشابه كثيرًا مع الموجود في المحيط أو المجال أو المنصة التي ستعمل عليها، إما ستضطر إلى المنافسة على السعر، أو ستقرر التميز عن هذه المنافسة بأمر أو أكثر لا ينافسك فيه أحد أو تكون المنافسة قليلة موازنة بالنمط المنتشر لأسلوب تقديم خدمتك.

فمثلًا، قد تتيح للعميل عدد مرات مراجعة أكثر من غيرك، أو تنجز له العمل في وقت أقل، أو تقلل سعر خدمتك إذا زاد التعامل بينك وبين العميل عن قيمة معينة، فتخصم له من تكلفة العمل أو غير ذلك.

وقد جربت مثل ذلك سواء في عملي على الإنترنت أو تجارتي على الأرض، فقد عرف عملاء التصميم أني أبني جمال المظهر على كفاءة العمل، وليس العكس، فكان يأتيني من يعرف أني قد أحذف له نصف بنود قوائم تطبيقه واستماراته، وأصبغ له موقعه بلون أساسي ثم أبني عليه، مع تقليل الألوان المستخدمة قدر الإمكان، وإعطاء أهمية كبرى للمساحات البيضاء في التصميمات، وتناسق مظهرها الهندسي وترتيب ظهور بنودها، هذا بعد اجتماعات ونقاشات حول خلفية مشروعه ومجال عمله، من أجل اختيار التصميم المناسب سواء في تجربة الاستخدام أو التصميم المرئي.

وقد عرفت أن هذا قد لا يفعله عديد من المصممين، لكني استغللت خلفية فنية وعملية من مجالات مختلفة في إتقان هذا الجانب، وعليه فلم أكن أقلق كثيرًا من المنافسة.

كذلك فإني مضطر لطبيعة عملي إلى تغيير جدول أعمالي بمرونة وفق الظروف التي قد تطرأ عليه، وقد كان يتسبب هذا في تأخير تسليم أعمال إلى عملائي، فماذا أفعل؟

كنت أقدم اعتذاري للعميل وأرفق ما يثبت مبرر تأخري إن دعت الحاجة، وأخصم له من قيمة العمل ما يقابل تأخري عليه، أو أخصم له من قيمة المشاريع التالية بيني وبينه.

فهذا تميز كذلك ورفع لما تقدمه إلى مرتبة يقل منافسوك فيها، ويطلبك عملاؤك الذين يبحثون عما عندك ولا يجدونه عند غيرك.

وقد يظهر التميز في القيمة المضافة التي يقدمها المستقل، مثل جودة الخدمة وطريقة تقديمها، والخدمات المكملة لها مثل خدمة ما بعد البيع، فمثلًا، لي تجارة على الأرض في إصلاح الهواتف، ويريد العاملون معنا أن يتميزوا عن السوق المحيط بهم، فماذا اختاروا أن يفعلوا؟

لقد درسوا السوق جيدًا ورأوا أن مشاكل العملاء محصورة في سوء المعاملة وخوفهم من سرقة بياناتهم أو أجزاء من هواتفهم، وكذلك رداءة القطع المستخدمة في الإصلاح.

فقرروا أن يحسنوا معاملة العملاء بتقديم الهدايا لهم فوق عملية الإصلاح نفسها، وإحسان مخاطبتهم وتنسيق بياناتهم، ومراجعة حالة الهاتف على فترات متعاقبة بعد تسليم الهاتف.

وكذلك رفضوا التعامل مع أي شيء يمس بيانات العميل من بطاقات ذكية ونسخ بيانات أو غير ذلك، كي يطمئن العميل أن بياناته في أيد أمينة، ولا تُطلب كلمات المرور إلا عند الحاجة الملحة، وتكون أمام العميل.

كذلك فإن عملية الإصلاح نفسها يستطيع العميل أن يطلع عليها إن أراد أن يستوثق من أمانة العمل، وقد قرروا كذلك رفض أي عملية إصلاح يطلب العميل فيها تركيب قطعة أردأ أو أقل ثمنًا، بل يرشدونه بلطف حينها إلى من يقدم هذه الخدمة.

فكان نتيجة هذا “التخصص” أن امتازوا عن غيرهم من السوق، وصار لهم شريحة محددة من العملاء الذين رأوا أنهم أفضل من يلبي طلباتهم بالشكل الذي يريدونه. وهذا يجعل العملاء يذكرونك تلقائيًا عند احتياجهم لإحدى خدماتك، ذلك أن تخصصك وتميزك عن السوق في أمر بعينه شكل العلاج المناسب للمشكلة التي يعاني منها العملاء.
التقييمات وتوصيات العملاء

تُعد آراء العملاء وتقييماتهم إحدى أهم العوامل التي تؤثر على سمعتك أو علامتك التجارية كمستقل، فالتسويق باستخدام الكلمة الطيبة (Word of Mouth Marketing) هو أقوى طريقة للتسويق عند المستقلين أو غيرهم.

فإن عميلًا واحدًا راضيًا يساوي عددًا أكبر من العملاء المحتملين الذين سيخبرهم عن جودة عملك وضرورة التعامل معك عند الحاجة. في حين أن عميلًا واحدًا غير راضٍ يعني أنك أمام خسارة عدد لا بأس به من العملاء المحتملين الذين اقتنعوا بأن جودة خدماتك غير مناسبة وعليهم إيجاد مستقل آخر للتعاون معه.

وقد تعتقد بأن خسارة عميل واحد ليست أمرًا ذا شأن، لكن عليك التفكير بالأمر مرة ثانية. سواء كنت تستخدم منصات العمل الحر أو تتعامل مع العملاء عبر منصات وقنوات تواصل أخرى، ذلك أن تقييمات العملاء وتوصياتهم ستلعب دورًا مهمًا في حصولك على المزيد من العملاء لاحقًا، وأن هذه التقييمات لا تُمحى بسهولة كما ذكرنا أول كلامنا.

وفي حال عدم حصولك على تقييم من العميل مباشرةً، يمكنك طلب التقييمات والتوصيات من العملاء بأي وقت لعرضها على موقعك أو حتى عبر صفحتك في مواقع التواصل الاجتماعي. سيكون لها تأثير جيد على أي عميل محتمل يقوم بتصفح موقعك للاطلاع أكثر على خدماتك وطبيعة عملك. لكن، وفي الوقت نفسه، فإن حصولك على تقييمات سلبية لا يعني أنك فشلت في مهنتك وعليك إيجاد مهمة أخرى.

فحتى لو أمضيت ساعات من العمل الجاد، سيكون من الطبيعي أن ينتقد أحد العملاء عملك أو إبداء عدم إعجابه به. فاعلم أن آراء أو ردود الفعل التي يقوم بها العملاء هي آراء غير شخصية وغير موجهة لشخصك أنت كمستقل.

وقد يكون تلقي الانتقادات أمرًا صعبًا للغاية، لكن عقولنا تولي أحيانًا الكثير من الأهمية للمواقف أكثر مما تستحق في الواقع. وفي معظم الحالات يُنقد العمل فقط، ولا تُنتقد أنت شخصيًا.

بل، في الواقع، قد يكون الشخص الذي تتعامل معه يحترمك بشدة ولا يرغب بإيذائك بأي شكل من الأشكال، لكنه في الوقت ذاته صادق بآرائه – سواء اتفقت معها أم لا، وكلما تعاملت أكثر مع مواقف كهذه يصبح من الأسهل بالنسبة إليك التعامل مع النقد الموجه للعمل بشكل أفضل.

فمثلًا، إن وظفت شخصًا لتصميم موقعك فإنك سترغب في التعبير عن رأيك بشأن رؤيتك للموقع حسب الصورة التي رسمتها أنت له، فقد يكون هناك بعض الجوانب التي تريد تغييرها أثناء ذلك العمل، وعليه فإن ردود فعلك هي تأثير طبيعي لما تراه في العمل.
وسائل التواصل الاجتماعي

قد يبدو خيار التسويق عبر الشبكات الاجتماعية هو الإجابة البديهية للتسويق لنفسك، ولعلك محق في الغالب، فقد صار من المعتاد أن تلجأ إلى هذه الشبكات حين تبحث عن مصور لزفافك أو مطعم أثناء نزهتك أو حتى عن نجار يصلح لك باب بيتك، فإنها قد استحوذت على نصيب وافر من التسويق حقًا، لكننا نريدك أن تعيد النظر فيها قبل اتخاذ قرار اعتمادها كوسيلة من وسائل التسويق والتعامل مع العملاء.

فيجب أن تنظر أولًا إلى مناسبتها لشريحة العملاء الذين تستهدفهم، فإن موقع فيس بوك وإنستجرام مثلًا يصلحان للأعمال العامة مثل البيع والشراء والخدمات المحلية ونحو ذلك، ومن ناحية أخرى فإن موقعًا مثل لينكدإن يصلح للأعمال الإدارية والخدمات التقنية، أما يوتيوب فهو يتسع ليشمل كل ما سبق، وإن كان يبرز في المجالات التي تحتاج إلى عرض بصري، مثل الخدمات الفنية واليدوية، إضافة إلى التسويق الشخصي حين تدعو الحاجة إلى ربط العمل أو الخدمة بمن يقدمها في ذهن العميل.

وهكذا فمن المهم دراسة مدى مناسبة الشبكة الاجتماعية التي تريد التسويق فيها لمجالك قبل البدء في التسويق هنا وهناك وإضاعة الوقت في تخطيط المحتوى والتسويق والتدوين والتسجيل المرئي والصوتي وغير ذلك ثم لا تجد مردودًا من حيث عدد العملاء القادمين إليك من تلك الشبكات.

واحرص على اتباع إرشادات الهوية التي عرضناها فيما سبق، فإن الحسابات الاجتماعية امتداد لهويتك الشخصية والتجارية، خاصة إن كنت تستخدم نفس الاسم فيها.
العلاقات العامة والتشبيك

لا يخفى على كل ذي عقل متابع للسوق أن شبكة العلاقات التي يبنيها تلعب دورًا لا يقل أهمية عن كفاءته وشهاداته التي حصل عليها، بل قل إن شئت أنها أهم من شهاداتك وخبراتك! وقد كُتب في أهمية التعامل مع الناس في السوق بالحسنى وبناء الروابط والعلاقات الصادقة معهم ما لا يمكن حصره.

فأصحاب الأعمال يختارون العمل مع شخص يرتاحون بالتعامل معه وبينهم وبينه معرفة سابقة ما استطاعوا، فلن تجد شخصًا يغامر بماله ووقته مع غريب لا يعرفه، بل سيفضل العمل مع شخص يعرفه من قبل أو يعرف شخصًا رشحه له.

وهكذا تتضح لك أهمية العلاقات العامة بينك وبين عملائك وزملائك في السوق، والتي يحلو للبعض في السوق الرقمي تسميتها بالتشبيك، حصرًا لها في تشبيك أطراف العمل ببعضهم وتعريفهم ببعضهم بعضًا.

لكن التشبيك أو العلاقات العامة لا تقف عند من يوصلك بصاحب عمل أو يعرفك عليه، بل هذه العلاقات مفيدة لأنها تنشئ شبكة واسعة من المعارف، وأعني هنا بالمعارف العلوم التي يمكن اكتسابها بالتواجد مع هذه الشبكة، فقد تتعرف على زميل لك في منصة العمل الحر التي تعمل عليها أو في مجتمع أو منتدى أو شبكة اجتماعية، يكون عنده من العلم ما ليس عندك في مجال ما، فتسأله وتستشيره لتستفيد من خبرته وتطور من أسلوب عملك وسوق عملائك.

وكما ستنشئ شبكة من الزملاء فإنك لا محالة ستتعرف على عدد غير قليل من العملاء المحتملين سواء أشخاصًا أو شركات، وليس شرطًا أن تتعرف عليهم بنية العمل معهم لاحقًا، لكننا نقول هذا لعلمنا أن فئة غير قليلة من العاملين على الإنترنت هي من الشخصيات التي لا تفضل التعامل مع الناس وجهًا لوجه، فنوضح هذا لهم كي يدركوا أهمية التواجد في مجتمع عوضًا عن الانعزال وحدهم، فإنه وإن كان ما يفضلونه لحياتهم الشخصية إلا أن ذلك يضر عملهم ولا يفيده.

ذلك أننا لا نريد أن يُفهم كلامنا على أننا نشجع على بناء علاقات من أجل العمل فقط، بل العكس تمامًا، فإن العلاقات من أجل العمل تكون أحيانًا ضيقة الأفق وقصيرة الردود، وهذا من تجربتي الشخصية مع المحيطين بي من العملاء سواء في تجارتي على الأرض أو في عملي على الويب، وإنما أدعوك إلى محاولة بناء رابطة حقيقية مع العميل أو الزميل الذي تتعامل معه في حدود المسموح عُرفًا ودينًا واللائق أخلاقًا وأدبًا.
كيف يمكن للتشبيك أن يساعدك؟

في بداية عملك ستحتاج للبحث عن فرص العمل، إلا أن بناء شبكة من العلاقات يعني أن فرص العمل قد تبحث عنك أيضًا. سيعرف الأشخاص من حولك الخدمات التي تستطيع تقديمها، ومن ثم سيعملون معك أو يزكونك عندما يسمعون بأن شخصًا يحتاج إلى الخدمات التي تقدمها.
1- الحصول على الخدمة الأولى

إننا نؤكد مرة أخرى على أننا لا نقصد بالتشبيك هنا بناء علاقات تدفعها المادة والمصلحة فقط، لكن ما يحدث في السوق هو المنطق الطبيعي للتوظيف، فإن كنتَ في دائرة معارفي وأعرف أنك مصمم أو كاتب أو مبرمج جيد، فإني سأرشحك أنت حين أُسأل عن شخص في مجال خبرتك وعملك، لأني ببساطة أعرفك وأطمئن إليك وأثق بك.

وهذا ما حدث معي شخصيًا في أغلب الأعمال التي عملت بها في العقد الماضي، وأنا الذي حذفت موقعي الشخصي وحذفت حساباتي الاجتماعية لخمس سنوات كاملة! فهذا يعني أنني قللت وجودي على الويب بشكل كبير، لكن رغم ذلك فإن الأشخاص القلائل الذين تعرفت عليهم وبنيت معهم رابطة قوية قبل تلك المرحلة كلفوا أنفسهم عناء البحث عن وسيلة للتواصل معي للسؤال حينًا ولعروض أعمال أحيانًا أخرى معهم أو مع غيرهم، كأن يخبروني أن جهة ما سألتهم عن كذا وكذا فرشحوني أنا للعمل ويستأذنونني في إرسال بريدي إلى تلك الجهة.

فما بالك إن كان لك حضور قوي على الويب سواء بموقع شخصي أو بحسابات نشطة على لينكدإن وغيره؟
2- بناء العلاقات

كما ذكرنا قبل قليل، فإن بعض الدراسات تشير إلى أن أصحاب العمل يميلون لتوظيف الأشخاص الذين يميلون إليهم بشكل متكرر وليس بالضرورة الأشخاص الأكثر تأهيلًا. إذا كنت تعرف عميلًا بشكل شخصي، فمن المرجح أن يمنح العمل إليك بدلًا من منحه لشخص لا تربطه به أية علاقة.
3- التعاون

عند بناء شبكة واسعة من المستقلين الآخرين، قد تتم دعوتك للمشاركة في مشاريع معينة بالتعاون مع أحد المستقلين. في الوقت نفسه، يمكنك أيضًا المحاولة للحصول على فرص عمل أكبر لأنك على تواصل مع أشخاص يمكنك مشاركة العمل معهم.
نصائح لتساعدك في التشبيك وبناء العلاقات

إن العثور على أشخاص آخرين في مجال العمل نفسه طريقة جيدة لتوسيع شبكة علاقاتك، إذ يجب ألا ترى المستقلين الآخرين كمنافسين، واعلم أن أغلبهم سيكونون سعداء بتبادل المعرفة والنصائح والأدوات بالإضافة إلى تقديم التوصيات أو العمل معك في مشاريع أكبر.

وفيما يلي بعض النصائح لإنشاء شبكة علاقات جيدة مع غيرك من المستقلين:

1- استخدم التشبيك كأسلوب دائم

تتوفر فرص التواصل وبناء العلاقات في كل مكان: الحفلات، اجتماعات الأصدقاء، المناسبات الاجتماعية وحتى المؤتمرات والندوات وغير ذلك. طالما هناك مجموعة من الأشخاص، هناك فرص لتوسيع شبكتك. هذا لا يعني توزيع بطاقة العمل على جميع الأشخاص، بل يعني الاستماع إلى أولئك الأشخاص وبناء روابط حقيقية مع المناسب منهم كما ذكرنا مما لا ينافي العرف والدين والصالح من التقاليد السائدة، فحينها قد يخبرك أحدهم بوجود مشكلة ما في عمله، أو أنه يحتاج إلى المساعدة في مشروع معين، فتستطيع التواصل معه وتقديم المشورة إليه.

عمومًا، من أفضل الطرق للحصول على عمل جديد هي أن تكون كريمًا بتقديم المساعدة، فدعم الآخرين هو أسلوب مناسب لجذب انتباه العميل المحتمل لمهاراتك وقدراتك. كمان أن مساعدة الآخرين بالاعتماد على خبرتك يجعلك مصدرًا مهمًا للمعلومات القيمة بالنسبة لهم كما يتيح لهم معرفة مهاراتك وطلبها كخدمة لاحقًا. والأهم من ذلك، أنها تجعلهم ممتنين وسعداء بتزكيتك لأصدقائهم ومعارفهم لاحقًا.
2- تكوين صداقات مع مستقلين آخرين

سيكون من الممتع أن تتحدث مع أشخاص مهتمين بنفس الأمور والمواضيع التي تهمك. لذلك، يعد التواصل مع المستقلين الآخرين فرصة لبناء كل من شبكة علاقاتك الشخصية والمهنية.

لدى سارة شبكة كبيرة من المستقلين الآخرين الذين تتشارك معهم بعض المشاكل وكيفية حلها مثل تحويل الأرباح، كما يناقشون العديد من المشاريع الكبيرة ويتشاركونها من أجل لتقديم جودة أفضل، وخاصةً إن كان لكل منهم اختصاص دقيق يبرع به.
3- حضور الفعاليات

من المهم أن تلتقي بأشخاص آخرين بهدف التواصل وتطوير عملك. ولعل إحدى أسهل الطرق للقيام بذلك هي حضور الفعاليات المرتبطة بالعمل المستقل أو المرتبطة بعالم الأعمال بشكل عام والتي يمكن أن تضم بعض العملاء المحتملين.
4- استخدم مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات المهنية على الإنترنت

تعتبر المواقع الاجتماعية والمهنية مكانًا رائعًا للعثور على العملاء المحتملين. كما أنها تسمح لك بإظهار معرفتك في مجال عملك وجذب العملاء وبناء العلاقات.

عليك أن تبدأ بتحسين ملفك الشخصي بجميع تفاصيله لتبدو محترفًا ولا تنسَ إضافة عبارة تحث العميل على اتخاذ إجراء معين أي التواصل معك على سبيل المثال.
خلاصة المقال

وهكذا نأمل أن تكون بعد قراءة هذا المقال قد عرفت عناصر التسويق الناجح للمستقلين، وأهمية التقييمات وتوصيات العملاء والعلاقات العامة لك في عملك كمستقل. وفي المقال التالي سننظر في الإدارة الفنية للمشروع.

اترك تعليقاً