عام 1995 التقى لاري بيج وسيرجي برين في أروقة جامعة ستانفورد، لم يكن لاري حينها يعرف أنه التقى الشريك المؤسس لشركته المستقبلية العملاقة “جوجل”، كان الاثنان قد التحقا لمتابعة درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر في الجامعة عندما تحتّم على لاري أن يكون دليل سيرجي في الحرم الجامعي لطلبة الدكتوراه، لم يكونا مقربين في البداية حتى عام 1996، فقد كانا يتشاجران ولم تكن هناك أي بوادر لأن تنشأ بينهما أي صداقة محتملة ولكن الرجلين وجدا نفسيهما يعملان في مشروع بحثي معًا، كان هو النواة لتأسيس شركة جوجل العملاقة التي تتسابق مع أبل وأمازون لبلوغ قيمة سوقية تريليون دولار. يعد اختيار شريك مؤسس من الأمور المحورية التي يجب التفكير بها قبل بدء شركتك الناشئة، فما الذي يدفع العديد من رواد الأعمال إلى البحث عن شريك مؤسس، وما هي أهم القواعد التي يجب مراعاتها عند الاختيار؟
أهمية اختيار شريك مؤسس
الشركات الناشئة لا تتطلب الفكرة والمال والخطة فقط بل وتتطلب وجود شريك قوي ومناسب أيضًا ليعزز نمو الشركة معك، إذا كنت تفكر في إشراك شخص آخر في أعمالك فاعلم أنك تمضي في الطريق الصحيح، الأهم دوما أن تختار الشريك المناسب تمامًا لأن اختيار الشريك المناسب من أهم أسباب النجاح في عالم الأعمال. فإذا كنت تسعى لتثبيت موقعك في السوق وتطوير أعمالك لا شك أنك ستحتاج إلى من يأخذ بيدك، وهذه أهم الأسباب التي تشرح لك لم ينبغي عليك اختيار شريك مؤسس معك قبل أن تبدأ شركتك الناشئة:
لن تحمل العبء وحدك
يقول الملياردير كارلوس سليم الحلو: “مع هذه الموجة الجديدة في التكنولوجيا لا يمكن أن تنجز كل شيء بنفسك، أنت مضطرّ لِتُشكّل التحالفات”، تأسيس شركة ناشئة ليس بالشيء الهيّن، فهو أمر يتطلب القيام بعديد من الأعمال ومواجهة كثير من التحديات، حتى وإن كنت تمتلك الفكرة المناسبة والحماس والرغبة إلا أن ذلك غير كاف لتبدأ الرحلة وحدك، هناك الكثير من العمل في انتظارك.
ثم إنك قد تكتشف أنك تركض من مكان إلى آخر دون أن تمتلك الفرصة لتلتقط أنفاسك من أجل أن تخطط وتنفذ العديد من المهام ومقابلة عشرات الأشخاص، والحصول على بعض التمويل وإدارة الموظفين والتسويق وغيرها، هناك تفاصيل وتعقيدات أكبر مما تتوقعه والتي لن يتحملها معك إلا شريك مؤسس، شخص واحد لا يكفي للقيام بكل تلك الأشياء، من الضروري أن اختيار شريك مؤسس مناسب يتقاسم معك الأعباء والمهمات والتوتر.
شركة واحدة وأفكار متعددة
أليس الكثير من الأفكار أفضل من فكرة واحدة؟ ستحتاج إلى وجهة نظر شخص آخر يفهمك ويفهم ما تريده، لا يؤمن بالفكرة ذاتها معك وحسب بل ويقدم حزمة لا حصر لها من الأفكار المتنوعة والجديدة التي تضيف قيمة لأفكارك، الواقع أن الأفكار المتعددة والمختلفة تمنح المشروع قوة أكثر، يقول إرنست هولير: “كل فكرة تصبح حقيقة بقدر قوتها، فأدنى فكرة تدور في عقلك توجد قوة بنفس المقدار لتنتج شيئا مطابقا”، تخيّل أن تكون هناك قوتان تدفعان فكرة واحدة؟
يعتقد الكثيرون أنك يمكن أن تستشير عائلتك أو أصدقاءك في أفكارك، ولكن الأمر لكن يكون بفاعلية أن يكون هناك شريك يعمل معك على إنجاح الفكرة يوميًا، يتحجج البعض أيضًا بأنك لست بحاجة إلى شريك لأنك يمكن أن تطلب المشورة من مستشار، لكنك ستدفع له ليقدم لك الحل حسب الحاجة فقط وفي وقت محدد، كما أن الحقيقة تقول أنك لا يمكن أن تتصل بمستشار لتوقظه في منتصف الليل ليحل معك مشكلة طارئة تحدث في شركتك الناشئة بينما لن تدفع لشريكك الذي سيكون معك على مدار الساعة لحل المشكلات العديد التي تطرأ طوال كل يوم.
سيتقاسم معك الأعباء المالية
بدء شركة ناشئة قد يكون مكلفًا، تتيح لك فرصة اختيار شريك مؤسس أن تعثر على متنفّس مالي تثق به وتتقاسم معه التكاليف الأولية التي من شأنها أن تثقل كاهلك، كما أن الشريك المؤسس سيبحث معك عن أفضل المستثمرين أو عن طرق أخرى للتمويل من أجل ازدهار الشركة وبناء أسس قوية، إضافة إلى الضغوط والمخاطر المالية التي يتحملها معك شريكك يؤكد الخبراء في مجال ريادة الأعمال أن المستثمرين يكونون أقلّ حماسًا من الاستثمار مع الشركات الناشئة التي يديره شخصٌ واحد. بينما تمتلك الشركة التي يديرها شريكان فرص أكبر للحصول على رضا المستثمرين.
وفي سياق متصل، يقول بول غراهام المستثمر المعروف ومؤسس مشارك لـ واي-كومباينيتور الشركة الحاضنة التي تمول عديد من الشركات في وادي السليكون: عدم الحصول على شريك هو مشكلة حقيقيّة؛ الشركة الناشئة هي أكبر من أن يتحمّلها شخص واحد، على الرغم من أننا نختلف عن المستثمرين الآخرين في كثير من المسائل لكننا نتفق جميعًا في هذا الأمر؛ كل المستثمرين بلا استثناء أكثر ميلًا لتمويلك إذا كنت مع شريك مؤسس من أن يقوموا بذلك إذا كنت بلا شريك.
الشريك المؤسس يكمّل نقصك
لا يمكن لشخص واحد أن يمتلك جميع المهارات التي تحتاجها شركة ناشئة، الشريك لا يُكمّل نقصك المالي والفنّيّ والقيادي والمعنوي فقط، بل سيغطي نقصك في مجالات متعددة، يمكن أن تكون شخصًا طموحًا جدًا ومغامرًا ولكن شريكك الأكثر حذرًا سيخلق توازنًا ملحوظًا عندما تظهر حاجة ملحّة لاتخاذ قرارات حاسمة، وقد يهتم أحدكما بالأمور الكبيرة بينما يدقق الشريك الآخر في التفاصيل الصغيرة، وقد يمتلك أحدكما مهارات التواصل بينما يميل الآخر إلى الاهتمام بالأمور التقنية أكثر وهكذا.
إضافة إلى كون الشريك يكمّل النقائص التي لديك سيقدم لك الدعم اللامشروط؛ بالتأكيد سيكون هناك الكثير من الفشل، وستكون هناك لحظات ستفكر فيها بالتراجع ورفع الراية البيضاء، أو حتى ستشعر بالكسل والخمول وتخبو حماستك للفكرة برُمتها، وجود شخص إلى جانبك سيقدم لك دعمًا لا مشروط وسيرفع معنوياتك في كل مرة تفكر فيها بالاستسلام، وسيقدم الدعم أيضًا من خلال شبكة علاقاته التي من شأنها أن تسهل عليكما الكثير من الأمور.
أن تختار الشخص الذي يمتلك الخبرة والمهارات اللازمة لتحقيق الأهداف المتوقعة معك هو أمر حيوي لشركتك الناشئة؛ شخصان يُخططان أفضل من واحد، ويدان تبنيان أقوى من يد واحدة، وجود شريك مؤسس معك هو أكثر فائدة وجدوى لكن من المهم أن يكون ذلك الشريك المثالي الذي يتجاوز معك الخلاف ويستثمر في الاختلاف ويتبادل معك الثقة للوصول إلى النتائج المرجوة، فأنت “تحتاج أن تحيط نفسك بتلك النوعية من البشر التي تمتلك الذكاء والرؤية الثاقبة” كما يقول فينس مكمان.