يمثل المستقلون -الآن- فئة لا يستهان بها من إجمالى القوى العاملة العالمية. وبالتالي أصبح مألوفًا لدى مسؤولي إدارة الموارد البشرية اللجوء إلى توظيف مستقلين في تنفيذ بعض المهام في الشركة، مثل: التسويق والبرمجة وكتابة المحتوى والتصميم، وغيرها من المهام التي يمكن للشركة فيها اللجوء إلى الاستعانة بمصادر خارجية عن الشركة. لكن، لماذا يلجأ مسؤولو إدارة الموارد البشرية إلى توظيف المستقلين؟
1. خبرة المستقلين في تخصصاتهم المختلفة
من أهم وظائف الموارد البشرية هي إحضار أفضل الكفاءات للعمل في الشركة. وهذا يتمثل في بحث المواهب الموجودة في بيئة العمل ومحاولة استقطابهم للتقديم على الوظائف الشاغرة، ومن ثم المفاضلة بين المتقدمين حتى تعيين أكثر الأشخاص خبرة وملاءمة للوظيفة.
يترتب على هذا الأمر، الحاجة إلى عقد أكثر من مقابلة مع المتقدمين للوظيفة لتقييم خبراتهم وكفاءاتهم. فتكون هناك مقابلة مع مسؤول التوظيف ثم مقابلة مع المسؤول المباشر عن الوظيفة، وقد يتضح في نهاية الأمر أنّ المتقدمين دون المستوى المطلوب بعد كل هذه المقابلات.
لكن عندما يتعلّق الأمر بتوظيف المستقلين، يمكن لمسؤولي التعيين في إدارة الموارد البشرية الوصول إلى قاعدة كبيرة من الخبراء في التخصصات المختلفة التي تبحث عنها الشركة بسهولة. يوفر توظيف المستقلين العديد من المقاييس التي يمكن من خلالها تقييم مستوى الخبرة والتأكد من مناسبتها للشركة. يمكن الوصول إلى هذه الخبرات من خلال موقع مستقل، وتقييمهم كذلك من خلال العناصر التالية:
- الملف الشخصي للمستقل: يمثل الملف الشخصي للمستقل سيرة ذاتية خاصة به، يمكن من خلالها معرفة المزيد عن المهام التي يجيد تنفيذها، وسنوات الخبرة التي يملكها في مجال تخصصه، كذلك المهارات التي يملكها و يمكن الاستعانة بها عند تعيينه.
- التقييمات السابقة: يحظى كل مستقل بتقييم للأعمال السابقة التي نفّذها على الموقع بواسطة أصحاب هذه المشاريع. كما يشمل التقييم أيضًا نقاطًا معينة تقيس مدى خبرة المستقل واحترافيته بالتعامل، وقدرته على التواصل والمتابعة والالتزام. مع وجود تعليقات مكتوبة من العملاء عن رأيهم في المستقل. وهو الأمر الذي يمكّن مسؤولي إدارة الموارد البشرية من تقييم سلوك المستقل جيدًا من الناحية الشخصية ومن ناحية الأداء.
- معرض الأعمال: يملك كل مستقل أيضًا معرضًا للأعمال الخاصة به. حيث يعرض فيه المشاريع التي نفّذها سواءً داخل الموقع أو خارجه. يُتيح معرض الأعمال تقييم جودة الإنتاج الخاصة بالمستقل. ويسهّل على مسؤولي إدارة الموارد البشرية معرفة النتائج المتوقعة والإمكانيات التي يمتلكها المستقل المرشح. مع إمكانية طلب الحصول على عمل مماثل لأحد مشاريعه الموجودة في المعرض، وبالتالي ضمان كفاءة التعيين.
2. توفير الوقت على إدارة الموارد البشرية
تقسّم عملية التعيين داخل إدارة الموارد البشرية إلى مجموعة من المراحل: الإعلان عن وجود وظيفة شاغرة لاستقطاب أفضل الخيارات المتاحة للعمل. وتقييم المتقدمين للوظيفة واختيار الأنسب من بينهم، للدخول لمرحلة المقابلة الشخصية. ثم إجراء المقابلات حتى اختيار أفضل شخص للعمل، انتهاءا بكتابة عقد العمل.
تستغرق كل هذه الخطوات عادةً وقتًا طويلًا، حتى تصل الشركة إلى مرحلة الاختيار. وقد يتضمن الأمر عقد مقابلات مع عدد كبير من الأشخاص. والشخص ذاته يتعرض لأكثر من مقابلة شخصية إمّا مع مسؤول الموارد البشرية أو مع مدير القسم المسؤول عن الوظيفة. وفي حالات الاحتياج للتعيين العاجل، فإنّ الأمر يؤثر على سير العمل حتى انتهاء مراحل عملية التوظيف.
وبعد الاستقرار على تعيين شخص معين وعرض عقد العمل عليه، قد يرفض الشخص المتقدم الوظيفة لأي سبب. فتضطر الشركة لاختيار فرد آخر من المتقدمين، وهو ما يؤدي إلى زيادة في الوقت من ناحية، ويؤثر على جودة الاختيار من الناحية الأخرى.
أمّا إذا قرر المسؤول عن التوظيف اللجوء إلى تعيين المستقلين، فهو في هذه الحالة يضمن توفير الكثير من الوقت، فكل ما يحتاج إليه هو كتابة عرض للمشروع بالشكل المناسب الذي يحتوي على التفاصيل كافة، ليبدأ في تلقي العروض وتقييمها حتى يقع اختياره على الأنسب منها لتنفيذ المهمة المطلوبة.
3. توفير تكاليف عملية التعيين
تنفق إدارة الموارد البشرية الكثير من الأموال على إجراءات عملية التعيين في خطواتها المختلفة. مع اضطرار الشركة لتحمل دفع راتب كبير وفقًا لمستوى الخبرة المطلوب، للوصول لأفضل الخيارات المناسبة. أمّا في حالة تعيين أشخاص بخبرة قليلة، فإنّ الشركة تلجأ إلى واحدة من وظائف الموارد البشرية الأخرى وهي التدريب، بحيث يصل الشخص إلى المستوى المطلوب للعمل.
كذلك تتعدد أوجه الإنفاق التي تتحملها الشركة لاحقًا بعد التعيين بجانب الراتب، مثل تحمل الضرائب والعطلات المدفوعة وتأمينات العمل المطلوبة. هذا إلى جانب التكاليف المدفوعة في عمليات التشغيل، مثل: توفير الأدوات المطلوبة للعمل من المكاتب والحواسيب والبرمجيات المتخصصة، لا سيّما عند تعلّق الأمر بوظائف التصميم والبرمجة وغيرها.
وبالتالي يضمن قرار تعيين المستقلين الوصول إلى أفضل الخبرات بميزانية قليلة قد لا تقارن مع تعيين موظف بشكل دائم والحاجة إلى دفع الراتب له شهريًا. ولن تتحمل الشركة أي تكاليف في إجراءات التعيين مع إعفائها من بنود عقد العمل المتعلّقة بالتأمين وبدلات الانتقالات وخلافها. وتتحمل الشركة تكلفة تنفيذ المشروع فقط.
4. إضافة فكر مختلف للشركة
تسعى إدارة الموارد البشرية دائمًا إلى وجود تنوع في الفكر والثقافة بين الموظفين، فهذا يزيد من إنتاجية فريق العمل، ويضمن للشركة ثراء في الأفكار المطروحة لتنفيذ المهام المختلفة. يمكن تحقيق هذا الأمر عبر تعيين المستقلين في الشركة، لأنّه يُتيح وجود أشخاص من أي مكان في العالم لكلٍ منهم فكره المميز.
يساعد هذا الفكر الشركات التي تعمل في مجالات متعددة ومتخصصة في الوقت ذاته. حيث يؤثر اقتصار الوظيفة على شخص واحد على جودة نتائج العمل، بسبب تفاوت المستوى في هذه المجالات. ومن ثم فالشركات تفضل التخصصية في هذه الحالة، ويكون الخيار الأنسب اللجوء إلى المستقلين لتنفيذ المطلوب بتكلفة يمكن تحملها.
يمكن كذلك لمسؤولي إدارة الموارد البشرية الاستفادة من تنوع ثقافات المستقلين عند توسع الشركة. فعندما تمارس الشركة أنشطتها في أماكن متفرقة، يكون من الأنسب تعيين أشخاص للعمل معها من الأماكن التي ينتمي إليها عملائها، إذ يكون لديهم القدرة على فهم احتياجات العملاء وكيفية إرضائها بالشكل الأمثل. هذا التنوع يساهم في رفع جودة المهام المنفذة في الشركة، ومن ثم تحقيق أهداف الشركة بكفاءة عالية.
5. اختيارات متنوعة في تنفيذ المهام
يلتزم الموظف في الدوام الكلي بعقد مع الشركة لفترة طويلة. هذا يجعل أحد وظائف الموارد البشرية الهامة هي التأكد تمامًا من اختيار الشخص المناسب للوظيفة، وإلّا فإن تكلفة استبداله بعد تعيينه ستؤدي إلى إهدار الكثير من الوقت والمال للشركة في محاولة للوصول لحل للمشكلة وتعيين موظف آخر.
لذا، يساعد التعاون مع المستقلين في تجنّب حدوث هذه المشكلة. إذ عادةً يُعين المستقلين لتنفيذ مشروع محدد، فإذا اكتشف المسؤولون عن إدارة الموارد البشرية وجود نقص في كفاءة المستقل بعد تعيينه، يمكنهم عدم التعاون معه مرة أخرى في المستقبل، ثم البحث عن بديل مناسب لتنفيذ المطلوب دون أي مشكلة.
من جهة أخرى، يمكن تعيين أكثر من مستقل للعمل على المشروع ذاته، وهو ما يمنح الفرصة للحصول على أكثر من تنفيذ للمشروع الواحد، مما يضمن الوصول إلى أعلى مستوى من الجودة بالنسبة للشركة، وبناءً على النتيجة يمكن للشركة اختيار المستقل الأمثل لمتابعة العمل معه.
كذلك يمنح تعيين المستقلين للشركة ميزة هامة وهي إمكانية الوصول إلى أفضل الكفاءات على مستوى العالم، دون التقيّد بالحاجة إلى توظيف شخص من الدولة أو المدينة التي يتواجد بها مقر العمل، كما يحدث في عملية التوظيف التقليدية، التي تقيد التنوع في الاختيارات أمام الشركة.
6. التحكم في حجم العمليات في الشركة
تواجه الشركات تغيّرًا في حجم العمليات من وقتٍ لآخر. يظهر هذا أكثر في طبيعة عمل الشركات الناشئة التي تسعى إلى تطوير نموذج العمل الخاص بها باستمرار، مما قد ينتج عنه تعديل أو إضافة في حجم المهام داخل الشركة، وبالتالي من الطرق التي تساعد على التحكم في الأمر هي الاعتماد على تعيين المستقلين.
من الأمثلة على هذا الأمر، إمكانية التحكم في هيكلة الوظائف في الشركة. فبدلًا من التوسع والاضطرار لتحمل راتب موظف بدوام كلّي، لأداء مجموعة من المهام القليلة لكنّها تتكرر من حين لآخر، يمكن لمسؤولي إدارة الموارد البشرية تعيين مستقلين لتنفيذ المشروع المطلوب والانتهاء منه، وتكرار هذا الأمر عند الحاجة، فهذا يضمن عدم وجود تكلفة دائمة، وفي الوقت ذاته جودة عالية في المهمة المطلوبة.
كذلك يسهّل تعيين المستقلين على الشركة تغيير أهدافها. لا سيّما عند الحاجة إلى تقليص حجم العمليات نتيجة لأي ظرف، وما يترتب عليه من تغيّرات في حجم العمالة، فلا تضطر إدارة الموارد البشرية إلى تسريح أحد العاملين الدائمين معها، بل ما ستفعله هو عدم طلب الخدمة من المستقل مرة أخرى، أو تقليل حجم المهام المطلوبة منه تبعًا للتغيّر الحادث في الشركة.