إذا كنت تبحث عن مجال تطلق فيه شركة أو مشروعًا، فلماذا يقع اختيارك على تأسيس شركة ترجمة دون غيرها؟ للترجمة، مثل كل المجالات خبرات ضرورية لمن يريد أن يبدأ فيها مشروعًا، فقد لا يكون أي شخص مؤهّلًا لمثل هذا العمل لو لم تكُن لديه معرفة ثقافية ولغوية سابقة.
على أن الترجمة -أيضًا- مجالٌ مليء بالفرص الواعدة لمن يريد تأسيس شركة أو عمل له منفعة مادية ومنفعة عامّة للناس واللغة والثقافة، وهي من القطاعات النامية والمزدهرة إذ يتوقع أن يصل سوقها العالمي إلى 56 مليار دولار خلال العام الجاري 2021.
وفي زمن يميل بسرعة نحو العمل عبر الإنترنت والتوظيف الحرّ وتشجيع الأعمال التي لا تحتاج لمبالغ تأسيسية مرتفعة، فإن إطلاق مشروع تجاري في الترجمة قد يكون من أفضل الخيارات المتاحة ومن أكثرها تنوعًا ومتعة في طبيعتها. فيما يلي دليل لكيفية تأسيس شركة ترجمة خطوةً بخطوة وبالاستعانة بمنصة مستقل للعمل الحرّ.
هل تأسيس شركة ترجمة فكرة جيدة حقًا؟
للعمل في الترجمة ميزاتٌ عدّة قد تجعله جذابًا ومريحًا للمهتمين بالمشاريع الناشئة، وله كذلك شروط مهمّة. ولعل أبرز ميزات العمل في الترجمة أنه لا يحتاج إلى افتتاح مكتب عمل أو أي وجود واقعي، بل إن مثل هذا الوجود قد يُقيّده بحيز مكانيّ ضيّق لا يناسبه، لأن من يعمل بالترجمة العربية -مثلاً- يمكنه العمل مع جمهور من الموظّفين والعملاء موزّعين على اثنين وعشرين بلدًا، وإن حصر مكتبه في بلد ومدينة وحيّ واحدٍ لن يساعده شيئًا بالعمل مع هذا الجمهور.
هذا يعني أن من السائغ بل والجيد تشغيل شركة ترجمة عن بُعْدٍ من الألف إلى الياء، فيكون لصاحب العمل أن يُسيّرها من منزله المريح. وتؤدي هذه الفائدة الأولى إلى فائدة ثانية، وهي أن الأعباء المادية لتأسيس شركة ترجمة متدنية جدًا مقارنةً بالشركات الأخرى. فلا حاجة لاستئجار مكتب ولا لشراء معدات.
بل ولا حاجة لتسديد مرتّبات مستمرة، إذ أن العمل سيكون مع متعاقدين وموظفين مستقلين بدوام حرّ يتقاضون أجرًا بالقطعة، مما يعني أن صاحب العمل يدفع أجر موظّفيه حينما يكون لديه عمل، وأما لو تباطأت وتيرة العملاء -لأي سبب- فهو لا يتحمل تكاليف إضافية. وإضافةً إلى ذلك، فإن فرص التوسّع والعمل واسعة جدًا لأن عملاءك قد يأتون من أي بلد في العالم العربي بل والعالم أجمع عبر أهم اختراع حديث للبشرية: وهو الإنترنت.
مَنْ ينبغي له تأسيس شركة ترجمة؟
الترجمة مجالٌ نشط والكثير يسعى للعمل فيه لميزاته التي سلفت، ولهذا فإن صاحب العمل الذي لديه سمات تؤهله لتأسيس شركة ترجمة متميّزة يكتسبُ أفضلية وتفوقاً كبيرًا على منافسيه وتظهر أهليته في عمله. ومثل أي عمل تجاري فليس من الضروري على صاحب العمل أن يكون خبيرًا متمكنًا من مجال مشروعه، لكن يجبُ أن تكون لديه مؤهّلات أساسية ورغبة أو شغف بالتوسّع أكثر في هذا المجال.
من أهم الأمور التي يتطلبها العمل بالترجمة هو إتقان التواصل شفهيًا وكتابيًا. فالترجمة تتمحورُ أساسًا حول اللغة ومن الصَّعب على من يعملُ فيها أن يكسبَ ثقة العملاء دون أن يجيد استخدام اللغة في العرض؛ عند وصف عمله والإجابة عن أسئلة عملائه باحترافية، وفي الإقناع؛ عند التسويق لعمله وكيفية عرضه، وفي الإتقان؛ بألا يرتكب أخطاءً في اللغة التي يتواصل بها مع العميل، سواء كانت العربية أم لغة أجنبية.
ومن النافع جدًا أن تكون لصاحب العمل معرفة واهتمام سابق باللغة أو بما قاربها من مجالات المعرفة التي لها صلةٌ وثيقة بالترجمة، أو أن يكون مهتمًا بالثقافات الأجنبية وبالتعرف إليها. ولعلَّ معظم أصحاب الأعمال الناجحين في الترجمة من الشغوفين بالقراءة والعلم والثقافة، وهي كلّها أمورٌ تشجعهم على نشر المعرفة بلغات أخرى أو بالعمل لمصلحة اللغة وتشجيع القراءة والنشر وغير ذلك.
كيف تؤسس شركة ترجمة احترافية عبر الإنترنت؟
إن كنت ترى في نفسك بعضًا من الميزات السابقة أو كثيرًا منها، وكنتَ مهتمًا بإطلاق مشروع ناجح في مجال الترجمة، فقد يكون من المناسب أن تبدأ ببحث الخطوات الجادة للبدء.
1. تعرّف على سوق الترجمة
الخطوة الأساسية قبل اقتحام أي مجال هي أن تجري بحوثًا تسويقية لتستوعب فيه طبيعة هذا المجال وما فيه من منافسة وأسعار ومكامن قوة وضعف، وغير ذلك. ولأن تأسيس شركة ترجمة ليس مقيدًا بمكان جغرافي -كما أسلفنا- فإن بحثك لا يجب أن يتقيّد ببلدٍ واحد.
إن كنت راغبًا في العمل على اللغة العربية فمن المهم أن تبحث عن الشركات البارزة في الترجمة العربية، وإن كنت مهتمًا بالمنافسة على الترجمة من العربية إلى لغة أجنبية فعليكَ البحث أيضًا عن الشركات الأجنبية التي تقومُ بذلك، مع العِلْم بأنه من غير المنصوح للمترجم أن ينقل نصًا إلا للغته الأمّ.
سوف يفيدك هذا البحث بمعرفة أمور عدّة. فلا شك -مثلًا- بأن أسعار الترجمة تختلف كثيرًا بين بلد وآخر، سواء من حيث المبلغ الذي يدفعه العميل أو الذي يطلبه المترجم، وهذا أمرٌ يمكنك الاستفادة منه لصالحك أثناء التخطيط للعمل. قد يهمّك أيضاً أن تعرف مجالات الترجمة التي عليها طلبٌ أو التي فيها ربح أكبر.
2. حدّد مجال الترجمة الذي ترغب بالعمل فيه
إن كنتَ ترغب لشركة الترجمة الخاصة بك أن تتميز بين منافسيها فيجدرُ بك أن تختار مجالًا تتخصّص فيه هذه الشركة وتقدّمها بطريقة مختلفة عن غيرها، بحيث أن العملاء يعرفون متى عليهم أن يأتوا إليك ولماذا. عليك -مثلًا- أن تبدأ بتحديد ما إذا كانت الترجمة التي تعملُ فيها شفهية أم كتابية، مع العِلْم بأن الترجمة الكتابية هي الأكثر شيوعًا، وهي التي تركّز عليها هذه المقالة. بعد ذلك، قد ترغبُ بتصفّح بعض أهم مجالات الترجمة ومتطلبات كلّ منها، كما يأتي:
- الترجمة المهنية: ومنها الترجمة الفنية والترجمة التقنية. وهي تتخصّص بوثائق العمل مثل: ترجمة تعليمات مواقع الإنترنت، وكتيبات استخدام الأجهزة الإلكترونية، وما إلى ذلك. تستلزمُ هذه الفئة إتقانًا كبيرًا للكتابة وانتقاء الكلمات، ولعلّ معظم عملائها من الشركات وأصحاب الأعمال.
- الترجمة الصحفية: وموضوعها هو أخبار ومقالات الصحف، وهي من أشيع أنواع الترجمة لكثرتها في مواقع الأخبار والأنباء التي تتناقلُ يوميًا ما يحدث في كل جزء من العالم. وهي تحتاج دقّة في نقل المعلومة وخصوصًا معاني التصريحات والخطابات الرسمية، على أنها ربّما لا تتلقى اهتمامًا أو دخلًا كبيرًا.
- الترجمة القانونية: وهي تتطلّب ترخيصًا معتمدًا ودقّة فائقة لأهميتها في توقيع العقود وتحديد الحقوق فيها، وقد يؤدّي أي خطأ بها إلى دعاوى قضائية على المترجم أو صاحب العمل.
- ترجمة الوثائق: مثل الشهادات الدراسية وأوراق المعادلة وما يشابهها، وهي قريبة من الترجمة القانونية جدًا وتحتاج -مثلها- لترخيص معتمدٍ للشركة.
- الترجمة الأكاديمية: ومنها ترجمة الكتب المتخصّصة والأبحاث والمجلات العلمية، وتتميّز بكثرة المصطلحات الصعبة وبضرورة أن يفهم المترجم مجالها بعمق.
- الترجمة الأدبية: وقد تكون أشهر أنواع الترجمة، وهي تعنى بكل ألوان الأدب من كتب وشعر وقصص وخطابات ومسرحيات وروايات. وهي من أصعب أنواع الترجمة لأنها تشترط دقّة في نقل المعنى وإبداعاً في نقل الأسلوب وجمال النصّ، ومن المترجمين من يمضي عمراً في إتقانها.
- ترجمة المرئيات: وهي إضافة ترجمة نصّية إلى مقاطع الفيديو الأجنبية، من أفلام ومسلسلات وغير ذلك.
- ترجمة البرمجيات: وتقصد بها ترجمة البرمجيات الحاسوبية، كما قد تقصد بها ترجمة الألعاب ومواقع الإنترنت، وغالباً ما تطلبها شركات كبرى تريد نشر منتجاتها أو برامجها بمناطق متنوّعة حول العالم.
3. تعرّف على حقوق الملكية الفكرية
لو لم تكُن ذا اطلاع مسبق على حقوق الملكية الفكرية، فمن المهم جدًا أن تتوسّع فيها قبل خوض غمار تأسيس شركة ترجمة متخصصة في مجالٍ بعينه من مجالات الترجمة. وقد لا ترى هذه حاجة كبيرة لو كنتَ تنوي التعامل مع عملاء موثوقين حصراً، لكن حين الخوض في كثير من مجالات الترجمة مثل: الترجمة الأدبية أو الأكاديمية أو المرئية، فقد تضطرّ للتوثّق بنفسك من مسألة الحقوق التي يهملها الكثيرون، رغم تبعاتها القانونية الخطيرة جدًا.
لا يمكن ترجمة أي نصّ محميّ بحقوق الملكية الفكرية إلا بإذن خطيّ من صاحب الحقوق. وحقوق الملكية الفكرية تسقط بالتقادم دائمًا فيتحوّل النص إلى ملكية عامة بعد فترةٍ من الوقت، لكن الشروط التي يستلزمها هذا الأمر تختلف اختلافًا شاسعًا من بلدٍ إلى بلد، فراقبها بحذرٍ وإياك وخرقها أو الاستهتار بها.
4. حدّد هوية وأهداف الشركة
كلّ شركة لها هوية وأهداف، ولو كنتَ قد أكملت بحثك حول سوق العمل والمجال الذي تسعى إلى تأسيس شركة ترجمة فيه، فمن المناسب أن تضع هوية لشركتك بناءً على كلّ ذلك. تشمل الهوية اسمًا للشركة وشعارًا ورؤية، أي وصف لأهداف الشركة ومسعاها من عملها. مثلًا، رؤية موسوعة ويكيبيديا الشهيرة هي “بناء عالمٍ يصلُ فيه كل إنسان إلى خلاصة المعرفة البشرية”.
تستطيع بناء هوية بصرية مميزة عبر توظيف مصمم جرافيك محترف عبر مستقل، لكن راعِ أن تتناسب هوية وأهداف الشركة مع المجال الذي تسعى للتخصّص فيه. فمثلًا: من المناسب أن تكون هوية شركات الترجمة القانونية والمهنية هوية جادّة توحي بالجدية والالتزام، وأما التي تعملُ في الترجمة الأدبية أو المرئية فمن المفيد أن تكون هويتها جذّابة ولافتةً للأنظار وأن تظهرَ شغفًا بالكتب أو بالأفلام. وقد يلفتُ اسم الشركة وحده انتباه العميل قبل أن يعرف ماذا تفعل أصلًا.
5. أنشئ موقعًا إلكترونيًا
تحتاج كل شركة احترافية إلى إنشاء موقع إلكتروني يُعرّف بها، فبدلًا من الحديث مطولًا عن شركتك في كلّ مرة يمكنك أن تُوجّه أي عميل إلى الموقع بحيث يجدُ فيها كل المعلومات التي يحتاجها عن الشركة. بالطبع، سوف يتضمَّن الموقع هوية الشركة البصرية التي جرى تحديدها في الخطوة السابقة، ويجبُ أن تتصدر صفحته الأولى رؤية الشركة بجملة أو جملتين تصفان ما تتميَّز به عن غيرها ولماذا على العملاء التوجه إليها دون سواها.
من المهم أن يكون رابط الموقع الإلكتروني سهلًا وذا معنى واضح، لكي يتذكره العملاء بسهولة فيما بعد. ويجب أن تكون للموقع أقسام قليلة واضحة في الرأسية؛ خمسة أقسام كحدّ أقصى، على أن تكون فيها معلومات واضحة عن شركة الترجمة الخاصة بك وعملها ومنهجها، وبيانات التواصل لمن يريد التحدث إليك، إضافة إلى معلومات للعملاء عن كيفية العمل مع الشركة. وأي أمور إضافية ترى قيمتها في جذب العملاء.
6. ابدأ عملية تسجيل شركة الترجمة قانونيًا
يُعد التسجيل القانوني خطوة أساسية عند تأسيس شركة ترجمة، وأي شركة بشكل عام. وذلك للعمل باحترافية وتنظيم، وتجنّب التبعات الخطيرة للعمل بدون تصريح أو للتهرب الضريبي. قبل بدء عملية التسجيل، عليك أن تتعرف على أنواع الشركات في بلدك ونوع كلّ منها، ومن أكثرها شيوعًا ما يلي:
- شركة التضامن: وهي شراكة بين شخصين على الأقلّ يتشاطران المسؤولية بالتضامن في جميع أموالهما عن حقوق الشركة وديونها. وهي مناسبة في المشاريع الصغيرة لمن يرغب في العمل مع شخص قريب منه أو يعرفه جيدًا، لضرورة الثقة المتبادلة.
- شركة التوصية البسيطة: تتكون من نوعين من الشركاء، أولهما يتحملون مسؤولية الشركة والتزاماتها وديونها في مالهم الشخصي مثل شركة التضامن، ويعرفون بالشركاء المتضامنين. وثانيهما ذوي مسؤولية محدودة بحصّتهم من رأس مال الشركة، ويعرفون بالشركاء الموصين. فيما عدا هذا الفرق الذي يسهّل استقطاب الشركاء فإن هذا النوع شبيه جدًا بشركات التضامن في أحكامه.
- شركة ذات مسؤولية محدودة: لا يتحمّل فيها الشريك ذمّة شركته المالية إلا بقدر شراكته فيها. وفي هذا النوع من الشركات فإنَّ المؤسسين لا يخضعون للمساءلة بصفتهم الشخصية أمام القانون، مما يجعلها خيارًا مناسبًا للمشاريع الكبيرة. على أنها تحتاج لرأس مال مرتفع يصلُ في بعض الدول العربية إلى نحو خمسة عشر ألف دولار.
- شركة مساهمة: وهي فعليًا نوع من أنواع الشركات ذات المسؤولية المحدودة، إذ لا يتحمل الأفراد فيها مسؤولية قانونية بل الشركة وحدها هي التي تتحمل الالتزامات والديون في حالة الخسارة. وهذا النوع مخصّص للشركات الكبيرة جدًا، والتي يزيدُ رأس مالها عن مئة ألف دولار أو أكثر.
لكلّ بلدٍ إجراءات مختلفة في التسجيل القانوني، لكن بشكل عامّ فمن المهم -للتسجيل- أن يكون لديك رأسُ مال واضح وشريك، وأن يكون توزيع الحصص بين الشريكين واضحًا. وتحتاج الشركة إلى افتتاح حساب بنكي تجاري لاستقبال الأموال وبطاقة ائتمانية للشركة.
كما قد تحتاج إلى أوراقٍ قانونية مثل الهوية الشخصية والسجل التجاري. ويتطلب إصدار هذه الوثائق كلّها وتسجيل الشركة رسوماً تأسيسية متفرّقة قد تصلُ إلى 500 دولار أو أكثر، وهي جزء من الاستثمار المبدئي في العمل قبل الشروع بالخطوات اللاحقة.
7. احصل على التراخيص
لو كنتَ تسعى إلى تأسيس شركة ترجمة مختصة بالعمل في بعض مجالات الترجمة، مثل: الترجمة القانونية أو المهنية، فقد تحتاج ترخيصًا للعمل لتكون ترجمة الشركة “معتمدة”. وعليك أن تراجع شروط ترخيص الشركة المعتمدة في الترجمة ببلدك. مثلًا، بعض الدول العربية تشترط وجود ثلاث مترجمين مع شهادات ومؤهّلات كحدّ أدنى. يشارُ هنا إلى أنه ليست كل شركات الترجمة -في السياق العربي- معتمدة، على أن الترخيص قد يكون مفيداً لكسب ثقة العملاء، خصوصاً في بداية عمل الشركة.
8. سجّل في مستقل: أكبر منصة للعمل الحر عربيًا
يعتمد معظم العمل في مجال الترجمة والتحرير على موظّفين بدوام حرّ، ومن أفضل الطرق للعثور على موظفين بالجودة والسعر المناسب لك أن تبحث عنهم في منصّة مخصصة للعمل الحرّ، وأكبر هذه المنصات عربيًا هي موقع مستقلّ. يمكنك إنشاء حساب في مستقلّ خلال ثلاث أو أربع دقائق، فكلّ ما عليك هو إدخال اسمك وبريدك الإلكتروني واختيار كلمة المرور، وبعد ذلك سوف تسألُ عمَّا إذا كنتَ مستقلًا؛ أي موظّف مستقل يبحث عن عمل حرّ، أم صاحب مشاريع تبحث عن موظّفين لتنفيذ مشاريعك.
بعد هذه الخطوة، عليك تجهيز ملفّك الشخصي في الموقع ليتحدث عن شركتك والعمل الذي تقوم به ونوع الموظّفين الذين تسعى لاستقطابهم. وكلّما كنتَ أكثر دقّة في كتابة النبذة التعريفية ووصف الشركة سيكون من الأسهل عليك أن تجتذب الأشخاص المناسبين للعمل معك، مع توخّي الصدق والأمانة في صياغتها. كما قد يطلب منك تفعيل رقم الجوال لتوثيق حسابك، خصوصاً وأنك سوف تستخدمه في معاملات مالية متكرّرة.
9. وظف المترجمين
بعد إنشاء حسابك في مستقل، يمكنك البدء بتوظيف المترجمين، يجبُ أن تنشئ مشروعًا تصف فيه العمل المطلوب والمؤهّلات الضرورية والميزانية المتوقعة. ومن ثم يضع كلّ شخص راغب بالعمل معك عرضًا على هذا المشروع يصف فيه قدراته والسعر الذي يريده، وتستطيع مراجعة العروض والاطلاع على الملفات الشخصية للمتقدمين بما فيها من تفاصيل عنهم وعينات من عملهم السابق.
ومن الأسهل لك -غالبًا- أن تبحث عن موظّفين تعمل معهم بصورة مستمرّة بدلًا من توظيف مترجم لكل مهمّة، لأن البحث عن مترجم جيّد مهمة عسيرة مكلّلة بالصعوبات. لهذا، يمكنك إنشاء مشروعٍ بعنوان “وظيفة شاغرة لمترجم”، وتتحدث في وصف المشروع عن مجال العمل المتوقع وعن الجودة التي تريدها في العمل.
أما الميزانية فيمكنك تحديدها بحسب القطعة، فمثلًا تقول أن الميزانية المتوقعة هي سنت واحد لكل كلمة (أي أن مقابل ترجمة نص طوله 750 كلمة هي 7.5 دولارات). كُنْ مستعدًا لتلقّي عشرات العروض بعد دقائق من نشر مشروعك، وعليك تخصيص وقت وجهدٍ لا يستهان به في مراجعة هذه العروض إن أردت المزيج الصحيح بين الدقة والاحترافية والسعر الجيد. ومن الأفضل أن تُرشّح هذه العروض مرة أولى بقراءتها وبالاطلاع على عينات من عمل المترجمين.
ثمّ يمكنك أن تطلب ممّن ينجحون -في التصفية الأولى- أن يشاركوا في اختبار الترجمة الذي أعددتهُ مسبقًا، إذ ليس من اليسير عليك أن تطلب من كل المتقدمين أداء الاختبار. بعد مراجعة عشرات العينات وتقييمها والتدقيق فيها والمقارنة الدقيقة، قد تصلُ إلى صفوة من المترجمين للاختيار بينهم أو لتوظيفهم جميعًا، بحسب عدد الموظّفين الذي تحتاجه، وبذلك يكون لديك فريق كامل!
10. ضع معايير لاختيار المترجمين
قبل الشروع في إطلاق شركة الترجمة الخاصة بك وتكوين فريق المترجمين الذي سوف يساعدك، لا بد من وضع أسس للعمل تضمنُ أداءه بالجودة التي تريدها، ولا بدّ لذلك من بعض المقاييس وأنظمة الاختبار وتسيير العمل. وسوف يوفّر عليك وضع هذه الأسس والأنظمة منذ البداية جهدًا وتخبّطًا كبيرًا فيما بعد حينما تشغلك مهامّك اللحظية الكثيرة عن الالتفات نحو هذه الأنظمة.
يعتمد اختيار المترجم على نوعين من المعايير: مؤهّلاته، وأداؤه في اختبار عملي. ولعلّ المعيار الثاني هو المقياس الأهمّ دائمًا، فالترجمة مهنة قائمة على الخبرة والممارسة، ومن الضروري قبل توظيف أي مترجمٍ أن يترجم عيّنة تشبهُ بطبيعتها النصوص التي تتوقّع أن يعمل عليها. فلو كنت أسست شركة ترجمة تختصّ بتعريب برامج الحاسوب، لا بُدّ أن تكون العينة مأخوذة من برنامج حاسوبي فعليّ.
من الأساسي كذلك أن يخضع كل المترجمين للاختبار نفسه أو لاختبارات متقاربة جدًا في محتواها، وذلك لكي يظلّ المقياس ثابتًا للجميع. بعد الحصول على العينة منهم، عليك أن تراجعها بنفسك وتقيّمها، أو أن تطلب من خبيرٍ إجراء التقييم. على أن يكون للتقييم توزيعٌ واضح: مثلًا، 5 علامات لسلامة الإملاء العربي، و5 علامات لاختيار المصطلحات، و10 علامات للدقة في نقل المعنى. من الطبيعي أن يدخلُ في هذه المعايير مساحة للتقدير البشري فهي ليست حسابًا رياضيًا صرفًا، لكن ذلك لا يعني أنها غير فعالية في تحقيق الهدف.
11. ضع معايير لمراجعة الترجمة
لا يجب أن تقتصر عملية التقييم هذه على اختيار المترجم أول مرة. فالشّركة هي مؤسسة ثابتة لكن الموظّفين يجيئون ويذهبون، وقد يتفاوت مستوى الخبرة بين الموظفين الذي تتعاقد معهم أو قد يسهو بعضهم أحيانًا في العمل. وعلى الشركة -لهذا السبب- أن تضع معايير موحّدة لمراجعة وقبول عمل المترجمين كي تتمكَّن من تقديم جودة ثابتة وموثوقة لعملائها.
لذلك تحتاج إلى توظيف محررين ومدققين لغويين يحرصون على اتباع عملية تحريرية تُصحَّحُ فيها أخطاء الترجمة (وهي أخطاءٌ لا بدّ منها) ويجري تنبيه المترجمين للهفوات التي وقعوا فيها لعدم تكرارها مستقبلًا. وقد يتغيَّر محرّرو الشركة كذلك، لذلك فعليك وضع أسسٍ يعتمدُ عليها كلّ المحررين لمراجعة الترجمة مثل النظام المذكور أعلاه، ويمكنُ لهذه الأسس أن تصاغ ضمن مستندٍ أو جدولٍ يرجعُ إليه كل محرّر في عملية التقييم.
تتألَّف عملية الترجمة إجمالًا من ثلاث مراحل: الترجمة في مرحلة المسودة؛ وهي عمل المترجم الخام قبل مراجعته. ومرحلة التدقيق اللغوي؛ وهي مرحلة تدقيقٌ الأخطاء الإملائية واللغوية. ومرحلة التحرير؛ وهي مرحلة تنقيح وتصحيح الترجمة لأخطاء الأسلوب والمعنى، وليس الإملاء فقط. ويمكنُ أن تجتمع الخطوتين الثانية والثالثة في خطوة واحدة هي التحرير، على أن فصلهما يضمنُ جودة أكبر. كما أنك قد تضطرّ أحيانًا لإضافة خطوة رابعة للإخراج الفني، حينما يلزمُ ذلك.
12. ضع معايير لتسيير العمل
إضافةً إلى ما سبق من معايير ومقاييس للجودة، فإن من الأكثر احترافية وإتقانًا أن تضع منهجًا ثابتًا لتسيير العمل. فحينما تتعامل مع عميلٍ حقيقي يريد ترجمة وثيقة، غالبًا ما يطلب هذا العميل أن يستلم الترجمة في ميعادٍ محدّد، لكن قد تجدُ أن تنظيم مواعيد التسليم بين ثلاثة أو أربعة أشخاص؛ المترجم والمدقّق والمحرّر والمخرج، أمرٌ صعبٌ ومعقّد، كما أن بعضهم قد يكونون منشغلين بمهمة أخرى فتضطرّ للبحث عن شخص بديل للمهمة.
لا بُدّ -لهذا السبب- من تحضير تقويم أو جدولٍ مشتركٍ بين الجميع تحدّد فيه مواعيد التسليم مع وسائل تواصلٍ واضحةٍ يبلغُ فيه كلّ شخص من يليه بأنه أنهى مهمته. ويمكنك اللجوء في هذا الأمر إلى منصّة لإدارة المشاريع، مثل أداة أنا التي تتميز بواجهة سهلة الاستخدام تمكنك من بناء لوحات عمل لمتابعة مشاريعك والتواصل مع فرق عملك بفاعلية.
13. ضع نظامًا محاسبيًا لشركة الترجمة
قد يبدو التعامل مع المال أسهل الأمور وأكثرها متعة في أي مشروع، لكن المال هو أخطر جزء من أي مشروع، وقد تكتشف بسرعة أنه عرضةٌ للفوضى والبلبلة بدون أنظمة صارمة تحكمُه. فإذا وظفتَ عددًا من المترجمين معك سيكون عليك احتساب أتعابهم دوريًا وتحويلها إليهم بوتيرة ثابتة بعد انقضاء مدّة محدّدة على تسليم عملهم.
تحتاج لهذا الغرض إلى نظام تعرفُ فيه بكم تدينُ لمن يعملون معك وكم ومتى سددتَ لهم من أتعابهم. كما أن لكلّ عملٍ تجاري ربحًا كليًا (مجموع ما استلمتهُ من عملائك) وربحًا صافيًا (بعد خصم رسوم التأسيس والاستثمار وأتعاب الموظفين والضرائب والتحويل وغير ذلك)، وعليك أن تعرف بدقّة فائقة ربحك الصافي كل شهر وإلا قد تصرفُ من المال أكثر ممّا بحوزتك فتمسي بحالة عجز. ومن الأفضل أن توظف محاسب محترف للقيام بهذه المهامّ.
14. جهّز عقدًا نموذجيًا للعملاء
لا يجب على شركة ترجمة احترافية قطّ أن تبدأ عملًا بدون إبرام عقد موقّع مع العميل، وبما أن معظم هذه العقود متشابهة في نوعها فإن من الجيّد أن توظف محامٍ محترف لمرة واحدة فقط لتجهيز عقدٍ نموذجي لك ينصّ على الخدمات التي تقدّمها إلى العميل وعلى الالتزامات التي تؤدّياناها لبعضكما، وعلى التبعات التي تترتب على الإخلال بهذه الالتزامات.
بالتأكيد، يمكنك تعديل بيانات بسيطة في هذا العقد لتناسب كلّ عميل، مثل كمية العمل ومدته وموعد التسليم والأتعاب المستحقة وموعد تسليم الأتعاب. والأفضل تنظيم هذه العقود وحفظها في مكانٍ مرتّب، ولا بأس بأن تكون العقود إلكترونية بالكامل.
15. ابنِ فريقًا قويًا متناغمًا
لعلّ العمل الحر من أقل بيئات العمل في التواصل الإنساني، وهذه نقطة ضعف جوهرية عليك أن تتهيأ للتعامل معها. إذا لم يشعر الموظفون بأنهم في عمل مؤسساتي منظّم فقد يشعرون بقلة المسؤولية والجدية وقد لا يلتزمون بمواعيد التسليم والمهام المحدّدة. لهذا احرِصْ على أن التواصل معهم بانتظام -أسبوعيًا مثلًا- وعلى شرح نظام العمل بوضوحٍ شديد، وشجعهم على طرح أسئلة عن طريقة العمل لو أرادوا ذلك.
أيضاً، من المفيد جدًا أن تفتح مجالًا للتواصل بين هؤلاء الموظّفين ليشعروا أنهم في فريق وليتبادلوا الخبرات فيما بينهم، فلا يمكنك بناء عملٍ ناجحٍ إلا بفريقٍ ناجحٍ من الموظّفين الذين يعملون معًا، واليد الواحدة لا تصفّق والموظّف الوحيد لا يتحمس للعمل.
16. ابحث عن العملاء
متى ما كونتَ فريقًا من الموظفين المستقلّين فإنك جاهزٌ تمامًا للبحث عن العملاء واقتحام عالم الترجمة والتعرّف إلى الشركات والمؤسسات القائمة في هذا المجال لبناء صلاتٍ قوية. قد يساعدك توظيف مسوق رقمي محترف في الترويج لشركتك بحسب الأهداف والرؤية ومجال الاختصاص الذي حدّدتهُ سابقًا. كما يساعدك في الاستفادة من منصات الإنترنت في عرض خدماتك والترويج لما تتميّز به.
قد تكونُ البداية صعبة، مثل كل عمل، على أنّه ليس من الضروري أن تتعجل في الحصول على عملاء كُثُر.. في البداية، من الأهمّ أن تُركّز على خدمة العميل والحِرْص على رضاه بجودة الخدمة ونوعها، ولو نلتها فإن العميل نفسه سوف يطلب منك خدماتٍ أخرى وسوف يُعرِّف المزيد من العملاء إليك. ابدأ بكسب الثقة، وليس بالدعاية المبالغ فيها.
17. ابدأ بالترجمة
لعلَّ الطريق نحو تأسيس شركة ترجمة احترافية قد يبدو طويلًا من البحث المبدئي إلى وضع تصوّر عن الشركة ثم استكمال إجراءات التسجيل ووضع نظم العمل وتوظيف فريق من المستقلّين والبحث عن العملاء، على أن هذه الخطوات لن تبدو فائقة الصعوبة حينما تباشر العمل عليها بحماس وشغف وتجدُ نفسك أمام آلة كاملةٍ مستعدّة للعمل والإنتاج باحترافية حقيقية وقد بنتها يداك.
ويبقى الآن الجزء المستمر والروتيني من المهمّة؛ وهو تشغيل هذه الآلة لتبدأ بالعمل على الترجمة. سوف تنخرط من هذه المرحلة فصاعدًا في أعباء تشغيل العمل وصيانته. وقد تقوم في يوم العمل العادي بمهامّ عِدّة من هذا النوع منها:
- التسويق لعملك، والبحث عن حملة أو وسيلة دعائية جديدة لكسب المزيد من العملاء
- كتابة رسالة أو إجراء مكالمة مع عميلٍ للتفاوض على السعر وتجهيز العقد
- كتابة رسائل للمترجمين لمعرفة تقدمهم أو تذكيرهم بمواعيد التسليم
- التنسيق بين المترجمين وبين المحرّرين لإتمام التعديلات التحريرية بالوقت المطلوب
- تحضير فواتير للعملاء أو طلبها من الموظّفين
- تدقيق الحسابات الشهرية وحساب الأرباح
- البحث والتعمّق في مجال الترجمة لتحسين مستوى العمل ورفع أداء الموظّفين