لقد أصبح تعريف المشروع واضحًا جليًا، أما عمليات المشروع فهي الخطوة التي تلي المشروع مباشرةً من تنفيذ روتيني دائم وبشكل مُعتاد ومستمر؛ فلو افترضنا مثلًا أن مشروعك هو ترجمة كتاب، فإنّ عمليات هذا المشروع هو العمل المتكرر بشكل يومي حتى ينتهي، مثلًا ترجمة 10 صفحات يوميًا.
مراحل إدارة المشروع الخمسة
أي مشروع من المشروعات يمر بخمس مراحل رئيسية في إدارته، تبدأ هذه المراحل بالشروع في البَدْء، وتنتهي بتحقيق أهداف المشروع وإغلاقه، ولتوضيح عمليات إدارة المشروع الخمسة التالية سنفترض أننا نتعامل مع مشروع تَرْجَمَة كتاب إلكتروني:
المرحلة الأولى: إطلاق المشروع
قرأ محمد كتابًا قيمًا عن العمل الحر، فطرأت في عقله فكرة ترجمة هذا الكتاب لكي يُثري به المكتبة العربية، وسنفترض أن محمدًا حصل على الموافقة المبدئية لترجمة الكتاب من الناشر، إذن ستبدأ الفكرة في التحوّل لتكون مشروعًا قائمًا، وستكون اللحظة التي كُتب فيها ميثاق بَدْء المشروع إعلان بميلاده.
المرحلة الثانية: التخطيط للمشروع
لا يوجد مشروع بدون خطة، فهي من الأمور البديهية التي يعرفها كل المُقدمين على عمل مشروع جديد، وتطبيقًا على المثال الذي ذكرناه بالأعلى، سيكون على محمد تحديد الأنشطة اللازمة للانتهاء من المشروع؛ فمثلًا لإخراج كتاب بشكل كامل سيكون مطلوبًا: ترجمة الكتاب من الإنجليزية إلى العربية، سيحتاج إلى تدقيق لُغَوي، كذلك سيحتاج إلى توظيف مصمم لتصميم غلاف وإخراج الكتاب في صورة مُبهرة.
من جانب آخر، يجب تحديد المدة الزمنية اللازمة للانتهاء من المشروع، ولنفترض أن المدة المطلوبة للانتهاء من المشروع شهرين من لحظة التنفيذ، وبناءً على تحديد المدة الزمنية هذه سيكون تحديد الموارد البشرية العاملة على المشروع أكثر سهولة من قبل؛ فبناءً على هذه المدة الزمنية المحددة وعدد صفحات الكتاب سيعلم صاحب المشروع هل يحتاج إلى توظيف مترجم أم ثلاثة مترجمين لكي تنتهي المرحلة الأولى من المشروع خلال ثلاثين يومًا من التنفيذ.
المترجمين الثلاث سيكون مطلوبًا من كل واحدٍ منهم ترجمة صفحتين ونصف يوميًا، وبذلك سيكون الناتج اليومي سبع صفحات ونصف، وسيكون المشروع بحاجة إلى مُدقق لُغَوي ليعمل بالتتابع مع المُترجمين بشكل يومي؛ بحيث يُدقّق يوم الأحد أعمال المُترجمين الثلاث التي انتهت يوم السبت مثلًا وهكذا إلى أن ينتهي المشروع.
بذلك تكون مُعطيات مرحلة التخطيط هي خطة واضحة، تُبرز الأنشطة المطلوب عملها لكي يكون المشروع منتهيًا، وتوضح لكل نشاط مدة زمنية مُحددة، وموارد بشرية تُتمه وتكلفة مالية متوقعة.
المرحلة الثالثة: تنفيذ المشروع
من المفترض أن محمدًا بدأ في مرحلة التخطيط واختار الموارد البشرية الكفؤ لإتمام أنشطة المشروع؛ فذهب إلى موقع مستقل باحثًا في أمر توظيف مترجم خبير، وبدأ في تصفح أعمال المترجمين وتقييماتهم واختار من بينهم ثلاثة، شعر أنهم سينفّذون المشروع على أكمل وجه نتيجةً لما قرأه عنهم من تقييمات وما شاهده في معرض أعمالهم، ثم بحث في أمر توظيف مدقق لغوي ثم بحث في أمر توظيف مصمم واختار مُصممًا بارعًا، وبعدها اتفق مع المُستقلين فبدأت مرحلة تنفيذ المشروع كما هو مرسوم في الخطة البسيطة أعلاه.
المرحلة الرابعة: المراقبة والتحكم
المُستقلين في مرحلة التنفيذ، وصاحب المشروع في مرحلة المراقبة والتحكم؛ فمهمة محمد خلال هذه المدّة أن يتسلم من المترجمين الصفحات التي انتهت ويسلّمها إلى المدقق اللغوي، الذي بدوره يتأكد من أن صياغة الجمل سليمة ويُصحح الأخطاء النَحْوِيّة والإملائية ويُسلمه العمل النهائي.
وفي نفس الوقت، يعمل المصمم على تصميم غلاف الكتاب كجزء أول من المشروع، وبذلك فإن إدارة المشروع حاليًا تقوم بمراقبة العمل وتتحكم فيه، حتى لا يؤثر على الوقت أو الجودة المتوقعة.
بعد أن انتهى كل من المترجمين والمدققين من أعمالهم بدأ الجزء الثاني من المشروع بالنسبة للمصمّم؛ حيث سيكون مطلوبًا منه إخراج الكتاب في صورة مُبهرة وفقًا للمقاييس المطلوبة.
المرحلة الخامسة: إنهاء المشروع (الإغلاق)
بعد أن انتهى الجميع من تسليم أعالمهم وأصبح الكتاب بين يدي محمد وحصل كل مُستقل على مُستحقاته وانتهت الاتفاقات بسلام، بإمكاننا الآن أن نقول، أن المشروع انتهى وتم إغلاقه، وبذلك نعلم أن إغلاق المشروع يتم عندما ينتهي الهدف الذي من أجله بدأ.
ربما يتفق معي البعض أن ما ذكرته في المثال السابق يعد مرحلة أولى أو مشروع صغير ضمن مشروع أكبر، حيث من الممكن أن تكون المرحلة الثانية من المشروع أن يُسوّق محمد للكتاب أو ربما تكون هناك مرحلة أخرى لدى صاحب المشروع لتحقيق ربح من الكتاب المُترجم بطريقة ما يعرفها هو، ومما لا شك فيه، أنّ لكل مشروع أهدافه التي تُرسم وتُحدد في مرحلة البدء ويُرسم الطريق لها في مرحلة التخطيط.