كيف تصف مسيرتك المهنية؟ هل أنت مستقل؟ أو ريادي؟ أو صاحب عمل خاص؟ وهل هناك فرق بين كل منها؟ والأهم من ذلك هل هناك فرق بالنسبة إلى عملائك؟ قد تبدو هذه الأسئلة كثيرةً ومربكة، ولكن لا تقلق، فلدينا كثير من الإجابات.
لنبدأ بسؤال العملاء. بما أننا نتخذ منحى عمل منفصل، فإننا نمضي وقتًا كبيرًا في محاولة اكتشاف العميل المثالي، وتحليل شخصيته، ونرفض التعامل مع أي عميل لا يلبي معاييرنا. ولكن هل يتعامل العملاء معنا بنفس الطريقة؟ الإجابة باختصار: نعم، توصيفك لنفسك يهم العملاء. وإذا كنت تريد إجابةً مفصلةً حول تأثير وصفك لنفسك على نظرة العملاء إليك؟ واصل القراءة إذًا.
أنا أدير عملي الخاص
العمل الخاص هو تحصيل الدخل مباشرةً من تجارة أو مصلحة أو حرفة، وليس من راتب محدد كما هو حال الوظيفة.
- قاموس ميريام ويبستر
قانونيًا، عندما تدير عملك الخاص، فإن عملاءك يلعبون دورًا في الشكل النهائي لمنتجاتك أو خدماتك، ولكنهم لا يتدخلون في طريقة عملك. بمعنى آخر: أنت رئيس نفسك، ولا أحد يتحكم بك. مع ذلك بات مصطلح “العمل الخاص” للأسف مستخدمًا غالبًا للإشارة إلى العاطلين عن العمل، ففي الحقيقة، لم تَعُد معدلات العمل مرتفعةً كما كانت، وهو ما يفسر سبب النظرة المتشككة لدى العديد من الناس تجاه أي شخص يعمل خارج إطار الوظيفة التقليدية.
عندما تريد إصدار بطاقة ائتمان أو تأجير شقة، أو شراء سيارة جديدة، فسوف تواجه نوعًا من التشكيك بمجرد أن الاعلان عن أنك تدير عملًا خاصًا. وفي أحسن الظروف، قد تضطر إلى تعبئة المزيد من الأوراق، ولكنهم قد يرفضون أيضًا التعامل معك باعتباره “خطيرًا للغاية”.
أنا مستقل
المستقل هو شخص يعمل مستقلًا عن أي شركة أو مؤسسة دون أن يرتبط بصاحب عمل بعينه على المدى البعيد.
قد تكون اخترت العمل الحر بنفسك، أو اضطرتك إليه ظروف الحياة، ولكن الحقيقة الثابتة أن أعدادًا متزايدةً من الناس باتت تتجه نحو العمل الحر، إذ يشير آخر إحصاء سكاني في الولايات المتحدة إلى أن العمل الحر سوف ينمو خلال السنوات اللاحقة دون أن يظهر أي مؤشرات للتراجع.
وبأي حال، يُعد مصطلح “مستقل” الوصف الأقدم والأكثر شيوعًا لأصحاب الأعمال المستقلة واحدًا من بين المصطلحات الثلاثة التي نحن بصددها في هذا المقال.
يعمل المستقلون عادةً من المنزل، ولصالح أكثر من عميل في ذات الوقت، كما يتمتعون بجدول عملٍ مرن. ورغم أن المصممين والكتاب هم أكثر من يستخدم مصطلح “مستقل”، إلا أنه ينطبق على أي شخص يمتلك مهارةً قابلة للبيع والتسويق ويعمل مستقلًا.
مع ذلك، ثمة فكرة مغلوطة ومؤسفة تنتشر في بعض الأوساط، مفادها أن المستقلين يعملون مجانًا. ورغم أن المستقلين من أكثر العاملين اجتهادًا ومثابرة، إلا أن جيمس تشارتراند James Chartrand تشير إلى وجود فكرة منتشرة حول المستقلين “بأنهم متمردون وكسالى ومتعجرفون.” وبسبب هذه النظرة السلبية، فإن العديد من الشركات تتجنب توظيف المستقلين رغم ما يحمله ذلك من فوائد. وفي ذات الصدد، يشير كاتب آخر إلى أن “البعض ينظر إلى المستقلين على أنهم مجرد هواة.”
أنا ريادي مستقل
الريادي المستقل هو شخص يدير أعماله بنفسه، ورغم أنه قد يوظف آخرين لمساعدته، إلا أنه يحتفظ بالمسؤولية الكاملة عن إدارة أعماله.
- قاموس أوربان.
يُعد مصطلح الريادي المستقل حديثًا نسبيًا، ولذلك لا توجد تعريفات كثيرة له في القواميس، ولكن معناه بديهي، إذ يُقصد به غالبًا الشخص الريادي الذي يعمل وحيدًا.
يَستخدم هذا المصطلح عادةً أصحاب الأعمال التجارية الصغيرة، وغيرهم من العاملين في مجال الأعمال، مثل المستشارين والمساعدين الافتراضيين وكتاب الإعلانات ومطوري الإنترنت، وهم إما أن يكونوا أشخاصًا رياديين فعلًا -بمعنى أنهم يبتكرون شيئًا من لا شيء-، أو أنهم يستخدمون هذا التوصيف لمجرد التميز عن الآخرين.
يحظى هؤلاء الأشخاص عادةً بروح ريادية تساعدهم على تحقيق أهدافهم، فقد أظهرت الدراسات الأخيرة أن الرياديين يتمتعون بمهارات استثنائية في التسويق والتفويض الإداري، وهم أكثر سعادة، ويكسبون أكثر من نظرائهم من “المستقلين” أو “أصحاب الأعمال الخاصة”. ورغم أن الرياديين يتمتعون عادةً بالثقة -وما يصاحبها من فوائد وامتيازات-، إلا أن استخدامك لهذا الوصف قد يحدو بعض العملاء التقليديين إلى الاستغراب، إذ ما زال مصطلح “ريادي مستقل” حديثًا نسبيًا وغير شائع الاستخدام، ولذلك فإنك قد تواجه نوعًا من الازدراء عند استخدامه مع العملاء التقليديين.
جميعنا شيء واحد
أيًا كان التوصيف الذي تختاره (مستقل، ريادي، أو صاحب أعمال خاصة)، فنحن جميعًا شيء واحد. نحن أشخاص مثابرون ونعمل لصالح أنفسنا فقط.
في النهاية، أنت من يقرر توصيفك لنفسك، وكيف تريد أن تقدّم نفسك للعملاء، وكيف تريد أن تتعامل مع الصور النمطية والأفكار السلبية المصاحبة لكل توصيف. إن رؤية عملائك لك -وجديتهم في التعامل لك- تعتمد عليك بالكامل، عليك وحدك.
6 نصائح لجعل العملاء يتعاملون معك بجدية (بغض النظر عن مسماك)
- تحدث بثقة: أيًا كان ما تصف نفسك به، قله بثقة! قف أمام المرآة، وتدرب على نبرة صوتك، وكيفية تقديمك لنفسك. باختصار، افعل كل ما يمكن لتعزيز ثقتك بنفسك.
- قدّم نفسك بوصف العمل: قدّم نفسك بصفتك “كاتبًا” أو “فنانًا” أو “مطور برمجيات” أو غير ذلك من توصيفات العمل، وذلك دون أن تفصح عن هوية رئيسك (وهو أنت في هذه الحالة). احصل على العمل، وأبهر عملاءك، بعدها سيمكنك الإفصاح عن بقية التفاصيل لاحقًا.
- تعرف على سوقك المستهدف: إن طريقة وصفك لنفسك ليست مهمةً بقدر طريقة وصف العملاء لك. ما الذي يبحث عملاؤك عنه بالتحديد؟ هل يكتبون “مستقل” في جوجل عند البحث عنك؟ أم أنهم يستخدمون مصطلحًا آخر؟ إذا لم تكن متأكدًا من هذه النقطة، فيمكنك ببساطة أن تسأل عملاءك الجدد عن كيفية عثورهم عليك.
- لا تبرر: إذا حاول شخص التشكيك بعملك، فلا تتوتر وتبدأ بتقديم المبررات، لأن ذلك سوف يفتح الباب أمام المزيد من الأسئلة، ولكن حافظ على هدوئك، ووضح طبيعة الخدمات التي تقدّمها، وكيف يمكن أن تفيد عملاءك.
- التزم بمسمىً واحد: مستقل، أو ريادي، أو صاحب عمل خاص، جميعها تحمل معانيَ متشابهة، ولكن ليس هناك مبرر لاستخدامها جميعًا، لأن ذلك يربك العملاء. اختر المسمى المفضل بالنسبة لك والتزم به على الدوام.
- تعامل بجدية: لقد أصبحت تمتلك عملًا تجاريًا الآن، لذا تصرف على هذا الأساس. إذا تعاملت بجدية، فسوف يبادلك عملاؤك ذات المعاملة، وسوف تقدم نموذجًا حسنًا للمستقلين/الرياديين/أصحاب الأعمال الخاصة، وتساعد في القضاء على بعض الأفكار النمطية المنتشرة حول العمل المستقل.
ما سبب النظرة السلبية الشائعة للعمل المستقل؟
ليس من السهل معرفة سبب النظرة السلبية الشائعة تجاه المستقلين، ولكن يمكننا التخمين:
- النظرة السلبية عن الإنترنت: إننا جميعًا أصحاب أعمال، فلماذا لا نحصل على ذات الاحترام الذي يحظى به رواد الأعمال التقليديين؟ في الواقع، يواجه بعض العملاء صعوبةً في استيعاب حقيقة أن الشركات العاملة عبر الإنترنت قد لا تقل كفاءةً عن الشركات التقليدية.
- غفلة العملاء عن البدايات المتواضعة للشركات الكبيرة: في عصر الشركات الكبيرة والبحث عن النجاح السريع، ينسى الناس أحيانًا أن العديد من الأفكار العظيمة بدأت بشخص واحد.
- سهولة الدخول إلى العمل الحر (والخروج منه): كل شخص الآن يستطيع أن يبني موقعًا إلكترونيًا ويسمي نفسه “شركة”، لذا بات العملاء يواجهون صعوبةً في التفريق بين المحترفين الحقيقيين والهواة. لقد أدى التدفق المفاجئ للهواة إلى سوق العمل الحر إلى عدم تعامل العملاء مع العاملين في هذا السوق بجدية حتى لو كانوا من المحترفين وذوي الخبرة.
- الغيرة: عندما كنت موظفًا تعمل على مكتب، ألم تكن تشعر بالغيرة من أولئك الذين يمتلكون حرية العمل لأنفسهم؟ ضع نفسك مكان العميل، فهو قد يحمل ضغينة في عقله اللاواعي تجاهك بسبب غيرته منك.
سواءً كانت مستقلًا أو رياديًا أو صاحب عمل خاص، فإن ما يهم هو مدى جديتك واحترافيتك في أداء العمل، وليس مسماك. تعامل دائمًا باحترافية، وتذكر أنك تقدم صورة لجميع المستقلين.