حتى لو كنت تقدّم أفضل منتج أو خدمة في العالم، إن لم يكن أحد يعرف عنها شيئا، فلن ينجح مشروعك. لذا فإن التسويق هو الشاغل الأكبر لرواد الأعمال، خصوصًا في ظل المناخ التنافسي الشديد، فلا يكاد يكون هناك قطاع إلّا وتجد المنافسة فيه على أشدّها، فالجميع يريدون أخذ أكبر حصة ممكنة من السوق، والجميع يريدون الاستحواذ على أكبر عدد من العملاء.
السؤال هو كيف تتعامل مع هذا المناخ التنافسي؟ كيف تجعل الناس يعرفون عن مشروعك؟ وكيف تقنعهم بالشراء؟ هنا يأتي دور التسويق لمشروعك، وهو العامل الحاسم الذي يُمكن أن يُنجح مشروعَك. التسويق مجال واسع، وفيه اختصاصات كثيرة، في بداية المشروع قد تكون ميزانيتك صغيرة، وقد لا تكون قادرًا على تعيين فريق تسويق، أو تمويل حملات تسويقية كبيرة، لذلك سيكون عليك تسويق مشروعك بنفسك في البداية. عليك أن تتعلّم كيف تستخدم تقنيات التسويق الإلكتروني المختلفة.
إذا أنشأت مشروعًا صغيرًا في مجتمع محلي، فيمكنك الاستفادة من بعض الأساليب التسويقية القديمة والتقليدية مثل: الإعلانات المطبوعة، وإعلانات الراديو، واللوحات الإشهارية. ليس عليك أن تستخدم كلّ الأساليب التسويقية، ولكن حاول استخدام أكثرها فعالية، وخصوصًا التسويق بالبريد الإلكتروني، والتسويق الاجتماعي. يمكنك أيضًا الاستعانة بمسوّق ليساعدك على التسويق لمشروعك، فالتسويق مجال واسع كما قلنا، والأفضل أن تستعين بخبير في التسويق عبر مستقل.
ابدأ البيع
مستقبل مشروعك يعتمد على الإيرادات والمبيعات. لذلك عليك أن تعدّ استراتيجية للبيع. ولكن كيف يمكنك بيع أول منتجاتك أو خدماتك؟ ابدأ بالبحث عن المشترين الأوائل، وابحث عن قنوات واستراتيجيات البيع المناسبة لتحويلهم إلى عملاء، واعمل على توسيع قاعدة عملائك رويدًا رويدًا.
عليك أن تحافظ على كل المعلومات المتعلقة بالمبيعات، إن كنت تملك متجرًا إلكترونيًا مثلًا، فعليك أن تسجّل كل عملية بيع قمت بها في قاعدة بيانات مركزية لأجل تحليلها لاحقًا، واستخدامها للتسويق، وكذلك لمتابعة العملاء والحفاظ عليهم.
الخطوة الأولى هي جعل العملاء يشترون منك، ثمّ بناء قاعدة عملاء دائمين، أي مجموعة من العملاء الذين يعودون للشراء منك. لكي تبني قاعدة عملاء ثابتة، تحتاج إلى أن تقدّم لهم خدمة عملاء في المستوى المطلوب، وتستمع إلى ردود أفعالهم وتعقيباتِهم، خصوصًا السلبية منها، وتبني معهم علاقات متينة. وتجيب عن أسئلتهم، وتقدّم لهم الدعم.
كيف تجعل مشروعك ينمو؟
عملية البيع الأولى هي الأصعب، أحيانًا قد تُضطرّ إلى الانتظار لعدة أشهر قبل أن تحصل على عميلك الأول، فلا تيأس، لأنّه بمجرد أن تحقق أوّل عملية بيع، فالأمور ستصبح أسهل بعد ذلك. بمجرد تحقيق أول عملية بيع، واكتساب أوّل العملاء، عليك البدء بالعمل على تنمية مشروعك، وتوسيع قاعدة عملائك، وحجم المبيعات لأجل زيادة الأرباح والاستمرار في المنافسة.
في هذه المرحلة ستكون قد بدأت بتحقيق المداخيل، لكن تذكر أنّ هذه المداخيل ليست أرباحًا، إذ أنّك ستحتاج إلى بعض الوقت قبل أن تعوّض الأموال التي استثمرتها، بعض التقديرات تقدّر أنّ المشاريع الناشئة لا تحقق أرباحًا في السنة الأولى، لأنّ معظم المداخيل يُعاد استثمارها لتنمية وتوسيع المشروع، سواء عبر التسويق أو التوسّع في السوق، أو تعيين المزيد من الموظفين.
ينبغي أن تكون لك استراتيجية نمو واضحة، مثلًا، إن أنشأت متجرًا إلكترونيًا لبيع قطع غيار السيارات، فهناك عدة أبعاد ممكنة للتوسّع، فقد ترغب مثلًا في: زيادة عدد العملاء المُحتلمين، وتوسيع الفئة المستهدفة، أو بيع منتجات أخرى، مثل المعدات الرياضية. مهما كانت استراتيجيتك للنمو، فهناك شيء واحد أساسي لا يمكن لمشروعك أن ينمو بدونه، وهو الحفاظ على العملاء، فمهما اكتسبت من العملاء، فمشروعك لن ينمو إن لم تنجح في الحفاظ عليهم.
كن مستعدّا للمفاجآت
إنشاء مشروع تجاري جديد لن يكون سهلًا، بل قد يكون أحد أكبر التحديات التي ستواجهها في حياتك، ستتعثّر وتسقط، ستواجهُك عقبات في ثنيّات الطريق، ستمرّ عليك لحظات تشكّ فيها في نفسك وفي فكرتك وفي قدرتك على النجاح.
لا تدع هذه المطبّات تحول بينك وبين النجاح، كن عنيدًا، وتمسّك بفكرتك ما دمت تؤمن بها، لكن هذا لا يعني أن تكون متصلّبًا في التفاصيل والوسائل، فالمهم هو الرؤية والهدف، أما الوسائل والتفاصيل فيمكن تغييرها ومراجعتها، وقد أحسَنَ جيف بيزوس حين وصف فلسفة أمازون قائلًا: “نحن عنيدون في رؤيتنا. ولكن مرنون في التفاصيل”.
حتى بعد بدأ مشروعك ملامسة النجاح فإنّ الأمور لن تكون سلسلة دائمًا، إذ سيمرّ مشروعك بمدّ وجزر، ومرتفعات ومنخفضات على طول الطريق. ستحدث أخطاء وانتكاسات. بعضها خارج عن إرادتك، مثل كارثة طبيعية أو أزمة في اقتصاد البلد. وبعضها سيكون بسبب قرارات خاطئة.
هذا كله طبيعي، فبوصفك رائد أعمال، فأنت حرّ، وأنت رئيسُ نفسك، لذلك سيكون على عاتقك اتخاذ كل القرارات المهمة، أمّا إن كنت تريد أن تعيش حياة مِهنية خالية من المفاجآت، فقد يكون الأفضل لك أن تبحث عن وظيفة، وتجلس وراء مكتب لبقية حياتك. ولو أردت الحريّة والحماس والفرص التي تتيحها لك ريادة الأعمال وإنشاء مشروع تجاري خاصّ بك، فكن مستعدًّا لحياة مهنية مليئة بالمفاجآت.