يتولى المدقق اللغوي أداء عدة مهام تبدأ من لحظة استلامة النص مكتوبًا على ورق إلى الانتهاء من تصحيحه على كل الأوجه، يمكن إيجاز هذه المهام في خطوات التدقيق اللغوي الآتية:
أولًا: مطابقة الأصل بالنسخة الرقمية
إذا كان النص الأصلي يأخذ هيئة ورقية سواء مصورة أو Pdf، ثم كُتبت على الحاسوب أو ما يطلق عليه بلغة النشر “طباعتها” بواسطة مدخل بيانات، فإن مهمة المدقق الأولى هي التأكد من تطابق النصين معًا، والانتباه إلى هذه الأخطاء الشائعة التي قد تقع في مرحلة النسخ إلى الحاسوب: مثل إسقاط بعض الحروف أو الكلمات أو العبارات سهوًا أو العكس تكرارها، بالإضافة إلى تبديل الأحرف أو الجمل على سبيل المثال “حبر” بدلًا من “حرب”.
ثانيًا: تصحيح الأخطاء اللغوية
هي المهمة المركزية في عمل المدقق إذ يتولى الكشف عن وتصحيح الأخطاء الإملائية وهي الأخطاء الأكثر وقوعًا، بالإضافة إلى الأخطاء النحوية وفقًا لقواعد الإعراب الأساسية، وأيضًا الأخطاء التركيبية في بناء الجمل التي قد تنجم عن ضعف القدرات اللغوية للكاتب.
ثالثًا: ملاحظة مواضع الغموض
قد يتضمن النص كلمات غير واضحة معنىً أو كتابة، أو تناقض في ثنايا الفقرات، لذلك يتولى المصحح اللغوي مسئولية ترك ملاحظات بهذه المواضع إلى الكاتب لكي يغيرها أو يعدلها بما يناسب.
قد يجري المدقق اللغوي تعديلات وفقًا لخبرته وعلمه بقدر الضرورة فقط، وقد يكون منوطًا به تحويل نص ركيك إلى آخر متماسك سليم المعنى في حرية تامة للتعديل وإعادة الصياغة، يعتمد كل ذلك على مستوى حرية التصرف الممنوحة له من صاحب العمل.
6 من مهارات التدقيق اللغوي اﻷساسية
لكل مهنة مهاراتها التي لا تغني المعرفة الفنية بدقائق المهنة عنها، إذ ينبغي أن يمتلك المدقق اللغوي إلى جانب المهارات العلمية، مهارات التدقيق اللغوي الوظيفية وسمات أخرى من أبرزها:
1. دقة الملاحظة والانتباه للتفاصيل
يزود المدقق عن اللغة بسيف علمه ضد كل التباس في حرف أو معنى، ما يعني أنه يجب أن يكون متيقظًا أثناء الفحص، لديه عيون صقر تجيد ملاحظة الأمور الجوهرية وأدق الأخطاء والتفاصيل.
2. البحث
لن يتولى المدقق اللغوي في كل مشاريعه مهام التدقيق في الموضوعات التي يملك دراية بها، بل على العكس سيصادف الجديد منها على الدوام. لذلك ينبغي أن يكون لديه القدرة على البحث عن الموضوعات التي لا يملك دراية كافية بها، لكي يستطيع الحكم على أي إشكال يراه في النص.
أضف إلى ذلك، أنه بقدر ثراء اللغة العربية واتساع بحورها في المفردات والنحو، فقد يواجه إشكالات في بنية الكلمة أو الإعراب ما يحتاج إلى الرجوع إلى مصادر اللغة والبحث فيها بعمق للوصول إلى الصواب.
3. إدارة الوقت
تدقيق النص ما هو إلا مرحلة إعداد أخيرة تمهيدًا لنشره، لذلك ينبغي على المدقق اللغوي أن يجيد مهارة إدارة وقته، لكي يستطيع الالتزام بمواعيد تسليم المشروع إلى عملائه دون تأخير.
4. التواصل
قد يكون التدقيق بمنزلة اشتباك ذهني مع الكاتب الأصلي للنص لتصحيح أخطاءه وفهم مقاصده من المعنى. لذلك فإن المدقق يحتاج بشدة إلى امتلاك مهارة التواصل الجيد مع عملائه، من ناحية لكي يستطيع فهم مرادهم من المكتوب ومقاصدهم من الأسلوب، ومن ناحية أخرى لكي يتمكن من شرح تعديلاته وأحكامه على بعض الأخطاء بأسلوب يفهمه العميل ويقتنع به.
5. مهارات فنية
تُدَّقق النصوص حاليًا عبر أجهزة الحاسوب، لذلك ينبغي على المدقق أن يجيد التعامل مع عدة أدوات مثل برامج معالجة الكلمات وبرامج التحرير، إلى جانب ذلك يشترط بعض أصحاب المشاريع وبخاصةٍ من طلبة الدراسات العليا دراية المصحح اللغوي ببعض أنظمة توثيق المصادر مثل أسلوب شيكاغو، ما يعني وجوب إلمام المدقق بالمتطلبات الدقيقة لمثل هذا النوع من المشاريع.
6. حفظ الحقوق الفكرية للعمل
يطلع المدقق على النص في مرحلة شديدة الخطورة من إنتاجه وهي مرحلة ما قبل النشر مباشرةً، لذلك يجب أن يتحلى بأكبر قدر من الأمانة محافظًا على حقوق الملكية الفكرية للعمل، وصائنًا له عن التسريب أو اطلاع الغير عليه ولو بحسن نية. على سبيل المثال ينبغي أن يحافظ على سرية عنوان رسالة الدكتوراه التي يدققها وأفكارها عن أعين أي شخص قد يسرقها.