لم تعد مصطلحات مثل: (مستقل والعمل الحر وفريلانسر Freelancer والعمل من المنزل) مصطلحات غريبة على المستخدم العربي، فالتطور الذي شهدته السنوات الخمس الأخيرة تحديدًا غيّر من شكل خريطة الإنترنت العربية كليًّا، وفرض نمطًا جديدًا من الحياة على الشاب العربي لم يكن متواجدًا من قبل. على الرغم من ذلك، فما زال يتحدث بعض الناس عن العمل الحر على الإنترنت بنوع من الارتياب والتردد، فما هي مميزات العمل الحر التي قد تدفعك إلى ترك وظيفتك بدوامٍ كامل لتتحول إلى موظف حر ومستقل يعمل لحسابه شخصي؟
1. الحرية الكاملة
لن تدرك معنى الحرية الكاملة إلا حينما تقديم استقالتك إلى مديرك الذي يترقب عثراتك كل يوم ليوبخك عليها أو يخصم من راتبك، وحينما نتحدث عن مفهوم مثل «الحرية» فنعني بها الحرية الكاملة بحق التي تكون فيها مدير نفسك. ليس هناك من يجبرك على الاستيقاظ كل يوم الساعة 7 أو ربما في ميعاد مبكر عن هذا، حتى يمكنك الوصول إلى مقر عملك في الموعد المحدد، ولا من يطلب منك مهام أنت لا تطيق تنفيذها أو التعامل مع أشخاص أنت لا تحب التعامل معهم، ليس هناك من يجبرك على تحقيق هدف معين ويعاقبك على التقصير فيه.
في العمل الحر أنت غير مرتبط بالإجازات والعطلات الرسمية، سواء الأسبوعية أو الشهرية أو السنوية. تستطيع الذهاب إلى أي مكان في أي وقت، تستطيع السفر لأي عدد من الأيام دون الارتباط برصيد الإجازات المتاح أو التعرض للخصم من الراتب، تستطيع قضاء وقت أطول وأفضل مع عائلتك. من مزايا العمل الحر أيضًا أنه يوفر لك الكثير من الوقت الضائع في الذهاب إلى العمل والإياب منه، ويوفر عليك الكثير من الضغط العصبي الذي تتعرض له مع الاحتكاك بالبشر في كل مكان وكل وقت من لحظة خروجك من المنزل حتى عودتك إليه.
غير مرتبط بمكان
من أهم فوائد العمل الحر أنه يعفيك من الارتباط بمكان محدد للعمل، فأنت كمستقل يمكنك العمل من أي مكان تجد راحتك فيه، هذا المكان من الممكن أن يكون منزلك، أو المكتبة أو المقهى المفضل، أو شركة أحد الأصدقاء، أو أي مكان آخر. يحطم العمل الحر صنم «الدوام» إلى الأبد. أعد ضبط ساعتك البيولوجية على مواعيد عمل جديدة بدلًا من منظومة (من 5 إلى 9) التي أهدرت الكثير من الوقت في حياتنا.
غير مرتبط بزمان أو ساعات عمل محددة
تستطيع اختيار نمط ساعات العمل التي ترغب فيها وعددها وتوقيتها، هل ترغب في العمل 8 ساعات في اليوم فقط؟ أم أكثر؟ أم أقل؟ متى تحب أن تبدأ عملك في اليوم؟ من الفجر؟ أم من الساعة 12 ظهرًا؟ أو حتى من بعد منتصف الليل؟ هل تحب أن تعمل بشكل متصل من ساعات العمل؟ أم تحب تقسيمها وأخذ قسط من الراحة خلال اليوم؟ الأسئلة السابقة كافة، أنت وحدك من يملك حق الإجابة عليها، حينما تعمل كمستقل.
كمستقل أنت تعمل في أهدافك الشخصية وتحقق طموحاتك المهنية وليس أهداف وطموحات الآخرين، وتعمل من أجل ذاتك بشكلٍ مباشر ولست ترسًا في كيانات أكبر منك. نماذج الحرية في العمل الحر غير محدودة وسردها يأخذ الكثير، ولكنك تلمسها من أول يوم تقرر فيه العمل لحساب نفسك. ولكن بقدر ما يشير إلى الحرية، فهو كذلك يشير إلى المسؤولية الذاتية، فأنت شخص ناضج تعرف التزاماتك جيدًا وتختار نمط العمل الحر الذي من شأنه تغطية تلك الالتزامات عن طريق مستوى مرتفع من الانضباط.
2. العمل في مجال شغفك
بالتأكيد سمعت القاعدة المشهورة «حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب»، ربما تكون فرصة العمل كمستقل هي النقلة الذهبية لمرحلة «أن تعمل ما تحب»، وهذه من أهم إيجابيات العمل الحر إذ إنه لا يوجد أحد من المستقلين يعمل فيما لا يحب، لماذا بالأصل يعمل في مجال يكرهه باختياره؟ ربما نكره الوظيفة لطبيعتها الملزمة، ونلتزم نحن بها لأنها تمثل مصدر الدخل المنتظم وبالتالي الأمان المالي، ولكن حينما نقوم بالاستقالة من الوظيفة ونختار بيئة العمل الحر فنحن -يقينًا- نختار أن نعمل ما نحب.
3. الربح غير المحدود
حينما تعمل في إحدى الشركات، فأنت تبيع وقتك من أجل مبلغ محدد شبه ثابت من المال، والعقد الذي بينك وبين صاحب العمل ينص على أن تعمل لديه بنظام الدوام المنتظم لمدة 8 أو 9 ساعات في اليوم طوال 5 أو 6 أيام في الأسبوع، لتحصل على مقدار ثابت محدد سلفًا من الأجر. هذا الأجر قد يزيد في حالات ومناسبات خاصة، ولكنه يظل مبلغ ثابت يدور في فلك محدود.
أهمية العمل الحر والعمل كمستقل تكمن في أنه لا توجد حدود لما يمكن أن تربحه، فأنت الذي يحدد التسعيرة المناسبة بناءً على الخبرة ومستوى جودة العمل، وتقرر كم العمل الذي ستتناوله في فترة زمنية معينة، والذي يعكس مقدار إيراداتك. في العمل الحر مقدار إنتاجيتك وجودتها هو الشيء الذي تُقايض عليه بالمال، وكم المال الذي ستربحه سيدخل رصيدك بالكامل، دون المرور على من يقوم بإجراء استقطاعات غير مرغوبة عليه. وكم المال مرتبط بكم وكيفية العمل، ومن ثم سيكون لديك -بعد فترة- مقياس معين تحدد عن طريقه كم المال الذي ترغب في اكتسابه في فترة زمنية معينة.
4. شريحة العملاء الأوسع
بينما يتحول أي نوع من أنواع الأعمال من المحلية إلى العالمية كهدف بعيد وشاق، يحطم العمل الحر هذه القيود. واحد من أهم مميزات العمل الحر أنه يوفر لك فرصة التعامل مع عملاء من جميع أنحاء العالم العربي مثل: مصر والسعودية والإمارات والأردن والبحرين وفلسطين، وغيرها من البلاد العربية. المجال مفتوح والفرص غير محدودة، ولكن يعتمد بشكلٍ كبير على حسن تسويق نفسك ومدى حاجة عملائك لخدماتك.
5. كنز الخبرة
هناك قطاع عريض من البشر على استعداد أن يدفع المبالغ مقابل أن يحصل منك على كم الخبرات والتجارب التي تعرضت لها في صنعتك، مثل هذه الممارسة توفر على المتلقي سنوات من البحث الذاتي والعمل الشاق حتى يصل إلى مستواك في وقت قصير، فهي صفقة رابحة للطرفين: أنت تتقاضى المال مقابل بيع خبراتك، وهو يحصل على المعلومات التي تنير له الطريق.
آلية بيع الخبرات قد تكون في برنامج تدريب يُباع على الإنترنت، أو كتاب إلكتروني، أو موقع اشتراكات Membership Site أو حتى برنامج تدريبي خارج الإنترنت، في هذه المرحلة المتقدمة يدخل المستقل خانة «العمل الاستشاري»، ويصل إلى هذا المستوى بالكثير من العمل والجهد والاحتكاك لمعالجة المشاكل والتحديات التي تقابله، حتى يصبح مع الوقت علامة تجارية شخصية Personal Brand في صناعة ومجال معين، ويبدأ في بيع خبراته للمبتدئين.
ما هي التحديات التي يمكن أن تواجهني عند التوجه للعمل الحر؟
قبل أن تدخل سوق العمل الحر عليك الأخذ بالحسبان عدة تحديات قد تواجهك حتى تستعد لها، ما سيساعدك على التعامل معها والتغلب عليها والتميز في مجتمع العمل الحر وبناء سمعة في مجالك. ومن أهم هذه التحديات هو عدم وجود مصدر دخل ثابت، حيث أنك قد تواجه أشهر من السنة تكون مليئة بالمشاريع والعمل المستمر وأشهر أخرى عجاف، يتطلب العمل الحر إدارة جيدة للأموال ومهارات تنظيم الوقت وسعي مستمر للحصول على عملاء الجدد، ولعل أحد النصائح التي قد تساعد في البداية:
- العمل على ادخار مبلغ من المال يكفي لوفاء التزاماتك وإنفاقك الشخصي لمدة 6 شهور، وذلك قبل الاستقالة من الدوام المنتظم.
- تقديم بعض التنازلات الخاصة (بالتسعير) في بداية عملك كمستقل، مع الاحتفاظ بنفس المستوى المرتفع من الجودة للتغلب على المنافسين.
- السير بالتوازي ما بين الوظيفة المنتظمة والعمل الحر، حتى تصل لمستوى معين من الاستقرار تستطيع معه الاستغناء عن الوظيفة، والتفرغ للعمل الحر كمستقل.