العمل بروح الفريق ينفع الطرفين معاً: (الفرد) العامل ضمن إطار جماعي، والجماعة التي تأتلف ضمن فريق عمل موحّد. فلننظر إلى الإيجابيات التي يجنيها كلٌّ منهما ضمن الفريق:
1- الإيجابيات التي يحظى بها الفرد في فريق عمله:
أ) العمل الجماعي بطبيعته وروحه التعاونية يقلل ويقلص من درجات الأنانية وحبّ الذات، هو أقرب إلى (التواضع) من الأعمال الفردية المحضة، لأنّ المنخرط مع الجماعة في فريق عمل يقدّم إقراراً ضمنياً انّه مستعدٌّ للتعاون مع الفريق وأن يضع تجربته وموهبته وخبرته في خدمتها، وانّه -وإن امتاز ببعض المميزات- فردٌ في جماعة وعضوٌ في فرقة، مع الاحتفاظ لكلّ ذي خبرة أو تجربة بموقعه داخل الفريق.
ب) مهارتي كفرد -مهما علت- تبقى تدور في حلقتها الخاصة التي لها مستويات معيّنة من النمو والارتقاء، لكن احتكاك هذه المواهب وتلاقحها مع مواهب أخرى، سيصقلها أكثر، وينمها أكثر، ويدفعها إلى مستويات أعلى خاصةً في أجواء التنافس (المحمود) لا (المحموم).
ت) مثلما يكتسب الآخرون من تجربتي وخبرتي وموهبتي، فإنّني بالمقابل سأكتسب من تجاربهم وخبراتهم ومواهبهم، لاسيّما إذا كان الفريق منسجماً من حيث الكفاءات والمؤهلات المشكّلة له. وتلك حقيقةٌ إنسانيةٌ مهمّة يجب الإيمان بها، وهي أنّ كلّ إنسان -مهما تواضعت إمكاناته- آتاه الله من المواهب المميزة التي يستطيع من خلالها أن يرفد غيره ويعضده ويشدّ من أزره بها. ولذلك كانت واحدة من غايات الخلقة المتباينة أو المتعددة الأذواق والمشارب والاتجاهات هو تحقيق حالة من الثراء البشري والإبداعي على أكثر من صعيد. يقول تعالى:
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ﴾ (الأنعام/ 165).
قيل في معناها: فاوت بيننا في الأرزاق، والأخلاق، والمحاسن، والمساوئ، والمناظر، والأشكال، والألوان لحكمة من بعض ما نلحظهُ منها هو هذه (السعة) وهذا (الثراء) في التنوّع في العطاء. (انتبه أنّ التفاوت ليس جبرياً قهرياً، وإنّما هو تابع للاستعدادات).
وقال عزّوجلّ:
﴿نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ (الزخرف/ 32). هذا المعنى الذي استوحاه الشاعر في قوله:
الناسُ للناس من بدوٍ ومن حضرٍ *** بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خَدمُ
ث) لا يُعدم الفرد في العمل ضمن فريق أيادٍ مساعدة كثيرة لإنجاز عمل هو المسؤول الأول فيه، حيث يمكنه الاستعانة بأعضاء الفريق لتحقيق المهمّة التي انيطت به، بل سيجد متطوعين للعمل معه، مثلما يجدونه حاضراً مستعداً لخدمتهم إذا انتدبوه لخدمة ما. (تذكّر مثال (العونة) بين الفلاحين).
جـ) العمل ضمن الفريق يقلل نسبة الأخطاء التي أقع فيها بمفردي، لأنني لا أعدم (ناصحاً) مشفقاً، ولا (ناقداً) هادفاً، ولا (حريصاً) يهمه أن ننجح جميعاً، (هذا بالطبع في أجواء فريق عمل إيجابي يشعر فيه كلّ فرد أنّه عضو في أسرة تعاونية تتعالى على أنانياتها وآفاقها الضيقة).
حـ) العمل الجماعي -خاصة مع سيادة روح التعاطف والنشاط والمثابرة- يقلّص أيضاً من حالات الإحساس بالخمول والتقاعس والكسل. (في خلية النحل، وهي مثل لفريق عمل متكامل، ليس هناك مكان للنحلة الكسولة، تُطرد خارج المملكة إذا لم تقم بواجبها على خير وجه… لاحظ أنّ ثمة معزوفة موسيقية كأنّها تُعزف على وتر واحد داخل الخليّة، وما نسمعهُ من طنين النحل وهو منشغل بعمله ومتفاعل مع بعضه البعض هو صدى لتلك السمفونية).. النحل مثال رائع لروح الفريق.
خـ) الشعور بالقوة لا يتأتى للفرد الأعزل، هو شعور ينتاب الذين يضعون يداً بيد. ولذلك قيل: (الاتحاد هو أقوى الحصون). في الحديث: «عليكم بالجماعة فإنّ الذئب إنّما يصيب من الغنم الشاردة». لهذا خلق الله للإنسان يدين اثنتين لتساعد كلٌّ منهما الأخرى على حمل الحمل وتخفيفه على اليد الواحدة. في (الكونغو) يقولون: «إسوارة واحدة لن تخشخش». لقد كان بإمكان موسى (عليه السلام) أن يمارس النبوّة بكلّ مهامها الصعبة فريداً وحيداً، من غير استعانة بأخيه، لاسيّما وانّه يستمد قوته من الله تعالى، فلماذا طلب أن يشدّ الله تعالى أزره بأخيه؟ إنّه (عليه السلام) كان يريد للمهمّة الصعبة أن تنجز بأفضل وأتمّ وجه من خلال (فريق العمل). وفي الأمثال العالمية: «الفأس بلا يد سوف لن يهدد الغابة». ولذلك ورد في الأثر: «المرء قليلٌ بنفسه كثيرٌ بأخيه»! يمكنك أن تبقى ملتصقاً بالأرض بجناحك الواحد، امّا إذا أردت أن تحلّق إلى الأعلى فلابدّ لك من جناحين.. أخوك (فريق عملك) جناحك الذي به تطير.
في الحديث: «الله في عون العبد ما دام العبدُ في عون أخيه»!
د) يمكن لحماسي المتقد أن يكون كافياً لإنجاز بعض أعمالي وأنا منفردٌ بها، لكن نسبة معنوياتي ترتفع أكثر، حينما أكون ضمن طاقم عمل يحفّزني ويشجعني ويسددني ويدفعني ويتكامل بي وأتكامل به. العمل كفريق ليس بناء قصيدة على الورق يصفّق لي مستمعوها، هو بناء عمراني يحتاج إلى جهود كثيرة وكبيرة حتى تسعد بسُكناه عائلة، تجد فيه أمنها وأمانها ومأواها وعشها الذي تربي فيه أبناءها.. العمل كلما كان أكثر خدمة للغير، كان أدعى لرفع الحماسة وشحذ الهمّة.. وأقرب إلى الله. هذا فضلاً عن سرعة الإنجاز التي ما كانت لتكون لولا هذه (العونة) أو المعونة أو التعاون الذي ألقاه ضمن فريق عملي. في الأمثال النيجيرية: «طالما القطيع متحد سوف يبقى الذئب جائعاً»!.
2- الإيجابيات التي يحظى بها الفريق كمجموعة:
إذا كان هذا هو بعض حصاد الفرد العامل ضمن فريق عمل، فكم يا ترى هي الأرباح التي تجنيها المجموعة المنظمة من خلال الروح التي تتحلى بها (روح الفريق)؟ إليك بعضها:
أ) تحسين العلاقات وتهذيب المشاعر، حتى ليشعر الجميع داخل المنظمة أو المؤسسة أو الفريق بروح أُسرية عالية، فكبيرهم بمثابة الأب وصغيرهم بموقع الابن، ومساويهم في العمر بمكانة الأخ، وفي مرحلة متقدمة من شيوع الروح الأُسرية بين الفريق تصل هذه الروح إلى درجة الروح الأخوية عندما تذوب الفوارق أو تذوّب نتيجة الشعور المرهف بإنسانية الآخر، وأن تحبّ له ما تحبّ لنفسك وتكره له ما تكره لها. كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يحبّ ويحبّذ العمل الجماعي، ولم يكن يميز نفسه عن فريق العمل: لاحظ ذلك في المسجد، حتى إذا دخل شخص غريب لم يرَ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل، سأل: أيّكم محمّد؟! ويمكنك ملاحظة ذلك في بناء المسجد النبويّ، فلم يكن (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس تحت مظلة يراقب العمل والعاملين، بل كان منخرطاً معهم يحمل الحجارة واللبنة كما يحملون، وإذا قيل له: نكفيك يا رسول الله! قال بما معناه: شأني شأنكم ولا أستغني عن أجر. و يمكنك ملاحظة ذلك في انغماسه مع الفريق العسكري في حفر الخندق، حيث نراه حاملاً فأسه أو معوله من غير تمييز، وهذا -لعمري- أفضل طرق استثارة الهمم ورفع مستوى الحماس عند فريق العمل، عندما يلاحظ أعضاؤه أنّ عميدهم أو رئيسهم أو كبيرهم يساوي نفسه بأنفسهم ليقف الجميع صفاً واحداً في خدمة العمل. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ (الصف/ 4).
من هذه الآية الكريمة يمكن أن نستلّ أو نستلهم فقهاً نسمّيه (فقه البنيان المرصوص): إذ ليس معنى البنيان المرصوص، البناء الذي على مستوى واحد من الطوب أو الطابوق، بل هو البناء الذي فيه الطابوق الكامل، وأنصاف الطابوق، وأرباع الطابوق، بل وقطع الطابوق الصغيرة التي تُسدّ بها الفُرج والفجوات والثغرات.. بكلّ هذه الأشكال من الطابوق يكون البنيانُ مرصوصاً.
في البناء الاجتماعي، والثقافي، والتربوي، والسياسي، .. في فرق العمل كافةً، لا غنى عن أية طاقةٍ مهما كانت صغيرة، بل ليس هناك طاقةٌ صغيرة: (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً).. في فريق العمل المنتخب ضمن مواصفات ومؤهلات معينة، كلّ طاقةٍ إيجابية، مهما كان حجمها، ولو سألت النهر الكبير، البحر الغزير: من أين ماؤك؟ لقال: من قطرات المطر (البحر مدادهُ من نُقط)!
وعلى ضوء هذه النظرة، فإنّ إهمال الطاقات الصغيرة، وتهميشها، وتقزيمها وركنها جانباً، لا يخلخل البنيان فقط، وإنّما يدفع المهمّشين إلى إسقاطه أيضاً، وبالتالي، فلكلّ طاقة -صغيرة أو كبيرة- موضعها من البناء، إذا أحسن البنّاءون توظيفها بشكل سليم.. البناء المرصوص هو كلّ هذه اللبنات المؤتلفة، وحينما تندغم القطعة الصغيرة (بروح الفريق) في القطع الكبيرة، لا تبدو صغيرة حينذاك، وإنّما يُنظر إليها من خلال النظرة العامّة الكلّية للبناء.
وهذا هو أكبر ما تحققه المشاريع الضخمة من استخدام روح الفريق في الوصول إلى أهدافها، إنّها لا تهمل أية طاقة، فحتى المُستَخدمون أو المنظّفون يساهمون في الإنجاز، ولولا ما يتيحونه من بيئة صالحة للعمل لتلكأ وتعوّق سير العجلة عن دورانها المنتظم.
فقه البنيان المرصوص المستنبط من (روح الفريق) يعلّمني كيف أكون فرداً أو عضواً في فريق العمل حتى وإن لم انتسب إليه، ربّما لا تسعفني قواي على أن أساهم في الخدمة، عندها يجمل بي أن أشجّع البنائين، وأشدّ على أياديهم، وأثني على إنجازهم، وأقدّر ما يعانون من صعوبات، وأمنع مَن يريد هدم ما بنوه.. عملي هذا مشاركة.. أنا عضوٌ فخريٌّ في الفريق وإن لم أنتمِ له!!
ب) روح الفريق تزيد في الإنتاج وتحسّن نوعيته، وترفع من المكاسب والأرباح، وهذه الإيجابية المادية تقابل تلك الإيجابية المعنوية، وإذا سارت الأمور سيراً حسناً، فالجميع من أعضاء الفريق مستفيد، طالما انّ لكلّ عامل في إنجاز المشروع يداً وله مكافأة، فإنّه يندفع إلى تطوير الإنتاج بأقصى طاقة. وبسبب من هذا لم يقبل (ذو القرنين) مجرد الاقتراح ببناء السدّ بين الجبلين اللذين كان ينفذ منهما الأعداء، ولا أن يتقاضى أجراً على عمله، بل قابل الاقتراح بضرورة اعتماد (فريق العمل) حتى يعرف المشاركون قيمة العمل الذي أنجزوه، ومن ثمّ يحافظون عليه لأنّهم مَن ساهم في ردمه أو بنائه. النصّ القرآني صريح في التعبير عن روح الفريق في قصة ذي القرنين: ﴿قالُوا يا ذا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ (الكهف/ 94-95).
هم يقترحون أن ينجز العمل بطريقة فردية كونه قد أوتي من كلّ شيء سبباً (أي منحه الله تعالى أسباب القوة على الإنجازات الخارقة العظيمة). وهو يجيب (أعينوني بقوة) أي لا تعتمدوا على قوتي الموهوبة من قِبَل الله تعالى فقط، بل استعملوا قوّتكم الممنوحة من قِبَله أيضاً، بمعنى: شمّروا عن سواعدكم لنعمل عمل الفريق، لا عمل (المقاول) الذي يعمل العمل كلّه وأنتم تتفرجون.. تابع بقية القصة:
﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ (الكهف/ 96)، أمرهم أن ينقلوا قطع الحديد من أماكنها إلى موضع السدّ حتى تكون المواد الخام للبناء جاهزة. فلما آتوه بها وسدّ بها الفراغ بين الجبلين أراد لها أن تلتحم حتى يصعب اقتحامها: ﴿قالَ انْفُخُوا﴾ (الكهف/ 96)، أمرهم أن ينفخوا في الكير وربما أكثر من كير (الذي يهيّج النار التي تصهر الحديد). ﴿حَتّى إِذا جَعَلَهُ نارًا قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ (الكهف/ 96)، وهذا هو الطلب الثالث، أن يضيف إلى الحديد المنصهر نحاساً ذائباً حتى تزداد صلادته وصلابته فلا يتمكن الأعداء من نقبه أو ثقبه، فنقلوا إليه النحاس أيضاً.
إنّ حكمة ذي القرنين جعلته يوظّف طاقات أهل المدينة المستضعفة في ما هم قادرون عليه من (النقل) و(النفخ)، وهكذا أُنجز أضخم سدّ في التأريخ عن طريق فريق العمل.. ويبقى الكلّ دائماً أكبر من مجموع أجزائه. وفي الحكمة: «كلّ قوة ضعيفة ما لم تكن موحّدة»!
3- الأعمال الجماعية مباركة، يباركها الله تعالى:
«يد الله مع الجماعة»، ويباركها الناس لأنّ فيها مصلحةٌ عليا بالنسبة لهم. (العونة مثلاً)، ومن الخطأ أن نتصور انّ فريق العمل هو مجرد تجميع للطاقات، هذه هي المقدمة، فبعد التجميع يأتي (التوظيف) السليم لها، حيث يوضع الرجل المناسب (الطاقة والكفاءة المناسبة) في مكانه المناسب، وبالتالي: (جهدٌ أكبر = حصادٌ أوفر، أخطاء أقل، مباركة ربّانية في الفوز والنصر وزيادة الإنتاج).
4- وكما تبيّن من المكاسب الفردية للعمل ضمن الفريق، فإنّ رفع المعنويات، والإبداع، والإنجاز السريع، والإنتاج الأكبر هو من بعض مجتنيات أو قطوف العمل الجمعي.
وإذا كان المحدثون يعتبرون اليابانيين أول مَن طبَّق إدارة (الجودة الشاملة) و(حلقات الجودة) و(فريق العمل)، فإنّنا نعتبر الديانات حتى التي سبقت الإسلام كلّها قد نادت بهذا المبدأ تقديراً منها انّ الطاقة (بل الطاقات) الكامنة في الفرد تبقى كامنة ما لم يتم تحريرها وإطلاقها من خلال العمل الجماعي على شكل فريق، ولذلك كانت (صلاة الجمعة) و(صلاة الجماعة) و(الأعمال الخيرية التطوعيّة) و(السرايا) في الأعمال الجهادية، وما يصطلح عليه اليوم بـ(لجان العمل) في الأمور الإدارية، كانت موجودة على عهود الأنبياء وكان شعار الجودة مطروح دائماً: «رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه»!.
5- إنّ روح الفريق لا توجد مجالاً للتنسيق بين أعضائه فقط، ولا تخلق حالة من التفاعل بينهم وحسب، بل تحقق أنبل غاية أُسست فِرقُ العمل من أجلها، وهي أن ليس في البشر إنسان كامل (عدا الأنبياء والأوصياء) فكان لابدّ من البحث عن صيغة توفر (التكامل) إذا عزّ (الكمال)، ولا يتوفر التكامل إلّا بإضافة مخزون طاقتي إلى طاقتك، ورصيد خبرتي وتجربتي إلى رصيد خبرتك وتجربتك، وممازجة عقلي بعقلك، لنصل إلى أفضل القرارات وأصوبها. وأطيب النتائج وأرقاها: في الرواية عن الإمام عليّ (عليه السلام): «مَن شاور الناس شاركهم في عقولهم»!
6- لابدّ لكلّ فريق عمل من منطلقات (مبادئ) يبدأ حركته منها، ورؤية (تشخيص) كاملة للأهداف والغايات التي يريد أن يصل إليها. وما هي الوسائل النظيفة والأدوات الممكنة التي توصله إلى تلك الغايات النبيلة، فإذا كان فريق العمل مسلّماً بكل ذلك هانت المهمّات الصعبة، والمشاريع الكبيرة، والإنجازات الشاقة، لأنّنا في النتيجة متفقون على أن عشرة عقول مفكرة، وعشرين عين مبصرة، وعشرين يد متحدة، وعشرة قلوب مؤتلفة لا تزحزح صخرة المستحيل، بل تفتتها أيضاً. ولذلك نحن مع مَن قال: (اتجاه الأشرعة) وليس (اتجاه الرياح) هو الذي يحدّد وجهة سيرنا.