ما هي صياغة الاستراتيجية؟

صياغة الإستراتيجية strategy formulation هي عملية اختيار مسار العمل الأنسب لتحقيق الأهداف والغايات التنظيمية وبالتالي تحقيق الرؤية التنظيمية، وتعرف ايضاً صياغة الاستراتيجية بأنها هي عملية تحديد الأهداف وتحديد الخطة التنفيذية المناسبة لتحقيق تلك الأهداف. وتستخدم المنظمة صياغة الإستراتيجية للتخطيط للنجاح وإدخال تحسينات على استراتيجيات مكان العمل حسب الحاجة. وصياغة الإستراتيجية ضرورية لتحقيق وقياس إمكانية تحقيق الأهداف. وبعد إنشاء الاستراتيجيات، تقوم المنظمة عادةً بتعليم موظفيها حتى يعرفوا غرض المنظمة وأهدافها وغاياتها.

مراحل صياغة الاستراتيجية

1. وضع رسالة ورؤية المنظمة

تعريف رؤية المنظمة

الرؤية Vision هى ما تحلم الإدارة أو القيادة بتحقيقه من طموحات مستقبلية للمنشأة. فإذا كانت رسالة المنظمة تمثل المنشأة ككل ولمدى زمنى طويل، فإن رؤية المنظمة تمثل إدارة الشركة او القيادة ودرجة بصيرتها وتفاؤلها بالمستقبل، وقدرتها على أن تجعل كافة أفراد المنظمة يعيشون حقيقة هذه الرؤية، ويعملون بشكل متناغم على تحقيقها.

تعريف رسالة المنظمة

رسالة المنظمة Mission Statement هي “جملة أو عدة جمل توضح غرض منشأة ما، والذي يميزها عن منشأة أخرى مشابهة.” فرسالة المنظمة تحدد مجال عمليات المنشأة في ضوء شروط المنتج والسوق، كما أنها تتضمن فلسفة الإدارة الاستراتيجية للمنشأة. فالرسالة توضح مفهوم المنظمة عن نفسها، ومنتجها أو خدمتها الرئيسية، واحتياجات العميل الأساسية التي تحاول المنشأة إشباعها. واختصاراً الرسالة الواضحة والمفيدة هي التي تصف قيم وأولويات المنظمة.

 

2. تحليل البيئة الداخلية (نقاط القوة والضعف)

تعريف البيئة الداخلية

البيئة الداخلية هي جميع العوامل التي لها تأثير مباشر على أعمال وأنشطة المنظمة الروتينية. وتخضع هذه العوامل عمومًا لسيطرة المنظمة، بغض النظر عما إذا كانت ملموسة أو غير ملموسة. ويمكن تقسيمها إلى نقاط قوة وضعف، اعتمادًا على آثارها الإيجابية أو السلبية على الأهداف الأساسية للمنظمة

وتتضمن العوامل التي تعتبر جزءاً من البيئة الداخلية ما يلي:-

  1. الموارد المادية: هي الأصول المادية لمنظمة ما، على سبيل المثال، المصانع، والمباني، والآلات، والمعدات، وما إلى ذلك، والتي تُستخدم لتحويل المدخلات إلى مخرجات.
  2. الموارد المالية: تتكون من رأس المال والأموال التي تشكل جزءًا من المنظمة. وتخصص الشركات الأموال لتلك الأنشطة التي تقدم أقصى إنتاج من خلال تكبد أقل تكلفة. ومن ثم فإن الهدف هو التخصيص الأمثل للموارد.
  3. الموارد البشرية: كل من يعمل في المنظمة ويمتلك المهارات والخبرات اللازمة للقيام بأنشطة العمل. تتخذ الموارد البشرية القرارات التشغيلية والإدارية المتعلقة بالمنظمة.
  4. الموارد التكنولوجية: المعرفة التقنية التي يتم توظيفها أثناء تصنيع منتجات وخدمات المنظمة.
  5. الثقافة التنظيمية : تشير ثقافة الشركة أو ما يسمى بالثقافة التنظيمية إلى قيم ومعتقدات وسلوك المنظمة التي توضح الطريقة التي يتواصل بها الموظفون والإدارة ويديرون الشؤون الخارجية.
  6. الرؤية والرسالة والأهداف : تشير الرؤية إلى الصورة العامة لما تريد المنظمة تحقيقها، بينما توضح رسالة المنظمة غرض المنظمة وسبب وجودها. أخيرًا، تشير الأهداف إلى الإنجازات الأساسية، والتي من المقرر تحقيقها خلال فترة زمنية محددة، مع الموارد المتاحة.

 

تحليل البيئة الداخلية

يعتمد نجاح عملية صياغة الإستراتيجية على حسن استخدام إمكانيات المنظمة الداخلية، والمنظمة عليها أن تحشد وتجهز مبكراً كل إمكانياتها مع التعرف على أوجه القوة وأوجه الضعف لعلاجها مع عدم ترك أى شيء للصدفة. وعملية تحليل وتشخيص إمكانيات المنظمة تتضمن خطوتين هما:-

  1. تحديد العوامل الاستراتيجية الداخلية
  2. تقييم العوامل الاستراتيجية الداخلية

 

3.تحليل البيئة الخارجية (الفرص والتهديدات)

تعريف البيئة الخارجية

البيئة الخارجية هي جميع العوامل والظروف الخارجية للمنطمة والتي لها تأثير على قراراتها وأهدافها وأدائها العام. وتوفر البيئة الخارجية المدخلات (المواد الخام والعمالة والمال والطاقة) للمنظمات، والتي يتم تحويلها بعد ذلك إلى منتجات أو خدمات وإعادتها إلى البيئة الخارجية كمخرجات. والمنظمات بشكل عام لا تتحكم في هذه العوامل الخارجية.

تحتاج المنظمات إلى مراعاة جميع عوامل البيئة الخارجية الخاصة بها وتعديل خطط أعمالها وأهدافها وفقًا لذلك. وهذا من شأنه أن يضمن استمرار عمل المنطمات بسلاسة ودون انقطاع. بالإضافة إلى ذلك، البيئة الخارجية توفر الفرص والتهديدات للمنظمات. ومن ثم، عندما تقوم الشركة بتعديل بيئتها الداخلية مع البيئة الخارجية، يصبح من الممكن لها الاستفادة من الفرص البيئية وتجنب التهديدات البيئية.

تنقسم البيئة الخارجية عادة إلى فئتين – البيئة الدقيقة والبيئة الكلية:

  1. البيئة الصغرى: تشمل البيئة الدقيقة كل تلك العوامل التي لها تأثير مباشر على أنشطة المنظمة لأنها موجودة في البيئة المباشرة المحيطة بالمنظمة. هذه العوامل لها تأثير على أداء المنظمة ويمكن السيطرة عليها إلى حد ما. تشمل البيئة الصغرى العملاء والمنافسين والموردين والعملاء والوسطاء.
  2. البيئة الكلية: عادة ما يكون للبيئة الكلية تأثير على الصناعة بأكملها وليس فقط على منظمة معينة. تُعرف أيضًا باسم البيئة العامة ولا يمكن للمنظمة التحكم فيها. ومن ثم، تحتاج المنظمة إلى تكييف عملياتها وفقًا للتغيرات في البيئة الكلية. وتشمل البيئة الكلية البيئة الاقتصادية والبيئة السياسية والقانونية والديموغرافية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والعالمية.

 

تحليل البيئة الخارجية

إن التطور الذي يحدث في البيئة الخارجية لأية شركة لم يعد فقط أمرا بالغ التعقيد، وإنما صار أيضا شديد التغير والديناميكية، فلم تعد أية شركة تأمن عندها في مثل هذه البيئة دائمة التغير والتطور، حيث لا يظل أي شيء في حالة ثبات أو استقرار، والشيء الوحيد الثابت هو أن كل شيء يتغير..! ولذلك فإن الذي يتجاهل هذه البيئة لن نقول إنه سوف يظل ثابتاً في مكانه، ولكنه إن لم يُطرد من الحلبة تماماً، فإنه يصاب بصدمات وضربات موجعة تجعله يفقد توازنه، وقد يحتاج إلى وقت طويل من الجهد والعمل الشاق لاستعادة زمام المبادرة، إن أمكنه ذلك.

لقد أصبحت المنافسة الاقتصادية في عالم اليوم على قدم وساق، فالدول المختلفة والشركات الخارجية، الكل متلهف لتحسين ظروفه الاقتصادية، ولديه الرغبة في التعلم والتكيف والابتكار والاختراع؛ لينافس بنجاح في السوق. إن الشركات الأمريكية نفسها أصبحت تعاني من منافسة الشركات الأجنبية، ولم يعد من السهل عليها أن تهزمها.

ويتكون الإطار المقترح لإتمام عملية تحليل البيئة الخارجية بفعالية من خمس خطوات هي:

  1. اختيار المتغيرات البيئية الرئيسية.
  2. اختيار المصادر الرئيسية للمعلومات البيئية.
  3. استخدام أدوات وأساليب التنبؤ.
  4. تكوين مصفوفة الملامح التنافسية.
  5. تكوين مصفوفة تقويم العوامل الخارجية.

 

4. وضع الأهداف الاستراتيجية

الأهداف الإستراتيجية Strategic Goals هي أهداف محددة وطويلة الأجل تضعها الشركة لنفسها لتحقيق حالتها المستقبلية المنشودة، وهذه الأهداف الاستراتيجية هي أهداف مالية وغير مالية على حد سواء، لذلك يمكن أن تتخذ أشكالًا مختلفة اعتمادًا على نموذج العمل الخاص بالمنظمة. وهذه الأهداف بمثابة خارطة طريق لشركة. أنها توفر التوجيه والتركيز لصنع القرار، وتخصيص الموارد، والعمليات التشغيلية.

 

5. تحديد البدائل الاستراتيجية

بعد تحديد رؤية المنظمة، وبيان رسالتها، ووضع الأهداف التي ستعمل المنظمة على تحقيقها، إلى جانب دراسة وتقييم عوامل البيئة الخارجية وعومل البيئة الداخلية، بما يوضح للمنظمة الفرص والمخاطر المحيطة بها، ويبين لها نواحي القوة والضعف التي تتسم بها، يصبح من الممكن أن تطرح بدائل الإستراتيجيات التي يمكن للمنظمة الاختيار من بينها. والمنظمة تواجه استراتيجيات لتختار من بينها علي عدة مستويات، فهناك عدة مستويات للاستراتيجية في المنشآت الكبرى المتعددة الأقسام أو القطاعات، وكل مستوى يحتوي على أنواع متعددة من الاستراتيجيات، وعلى النحو التالي:-

  • الاستراتيجيات على مستوى المنظمة :وهذه الاستراتيجية تركز على المنظمة ككل ويتركز الاهتمام الأساسي لها في تحديد مجالات الأعمال (الأنشطة ) التي يتعين على المنظمة أن تشارك فيها، وكيف ستوزع هذه الموارد بين هذه الأنشطة.
  • الاستراتيجية على مستوى القطاع : وهذه الاستراتيجية تركز على قطاع معين من قطاعات الأعمال وتهتم بتحسين الموقف التنافسي للمنتجات في هذا القطاع ( قطاع السيارات مثلا )أو على جزء من السوق ( سوق متوسطي الدخل مثلا).
  • الاستراتيجية على مستوى الوظيفة: وهي الاستراتيجية التي تسعى لتحسين فعاليات الوظائف الأساسية للمنظمة، والتي تشمل التسويق الإنتاج، والإدارة المالية، وإدارة المعلومات، والبحوث والتطوير، وإدارة الموارد البشرية، والمشتريات، والمخازن.
  • الاستراتيجية الدولية: وهي إستراتيجية الدخول للسوق الدولية ومنها استراتيجية التصدير، والترخيص والملكية الكاملة.

 

6. تحليل البدائل الإستراتيجية واختيار البديل المناسب 

ففي هذه الخطوة يتم مقارنة كل البدائل الاستراتيجية المتاحة والتي تم تحديدها في الخطوة السابقة و بإستخدام الأساليب التحليلية لصياغة الاستراتيجية (سنوضحها في السطور القادمة)، مع كل هدف من الأهداف الاستراتيجية، كذلك مع اتجاهات المديرين تجاه المخاطرة، سهولة الحصول على الموارد، والوقت اللازم للتنفيذ، ونقاط القوة التنظيمية، والإمكانيات والقيود وكذلك الفرص الخارجية

الأساليب التحليلية لصياغة الاستراتيجية

إن الأساليب التحليلية لصياغة الاستراتيجية يمكن أن تتكامل في إطار ذي ثلاث مراحل لاتخاذ القرارات كما يوضحه الشكل التالي. وفي السطور القادمة سوف نحاول وصف وشرح وتبسيط الأدوات التي يمكن ان تستخدم في صياغة الاستراتيجية، وهذه الأدوات على اختلافها قابلة للتطبيق في سائر المنظمات، على اختلاف أنواعها وأحجامها وأهدافها. وإن كانت هناك بعض الأدوات قد لا نجد من المعلومات ما يكفي لاستخدامها في بعض المواقف، فليس من الضروري ان تستخدم جميع هذه الأدوات في جميع المواقف، و بصفة عامة سوف يعتبر هذا الإطار مفيدا في التعرف على الاستراتيجيات وتقويمها لاختيار أفضلها.

وكما هو واضح من الشكل التالي فإن المرحلة الأولى تتكون من مصفوفة تقويم العوامل الخارجية، و مصفوفة تقويم العوامل الداخلية، و مصفوفة الملامح التنافسية، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة المدخلات؛ حيث تلخص الأدوات الثلاث معلومات المدخلات الأساسية المطلوبة؛ لإيجاد بدائل استراتيجية ملموسة.

أما المرحلة الثانية فإنها تركز بالفعل على إيجاد البدائل الاستراتيجية الملموسة، وتسمى بـ «مرحلة المواءمة Matching» وذلك لأنه يتم عمل مواءمة بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية الرئيسية، وتتكون من خمسة أساليب تحليلية وهي مصفوفة SWOT، و مصفوفة SPACE، و مصفوفة الداخلي والخارجي IE Matrix، و مصفوفة الاستراتيجيات الكبرى، و مصفوفة بوسطن BCG.

أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة اتخاذ القرار، وتتكون من أسلوب واحد فقط هو مصفوفة التخطيط الاستراتيجي الكمي (QSPM)، وتستخدم هذه المصفوفة المعلومات المتدفقة إليها من المرحلة الأولى؛ لتعمل على تقويم الاستراتيجيات البديلة التي طرحتها المرحلة الثانية. ولذلك فإن هذه المصفوفة توضح الجاذبية النسبية لكل بديل من هذ البدائل الإستراتيجية المطروحة، ومن ثم فإنها توفر – إلى حد كبير – أساسا موضوعيا لاختيار الاستراتيجيات المحددة التي سوف تتبناها المنظمة.

وقبل أن تمضي إلى تفاصيل دراسة هذه الخطوات في المقالات المشار إليها باللون الأزرق، نود أن نشير إلى أننا يجب أن ننظر إلى جميع هذه الأدوات ونضعها موضعها الصحيح دون مغالاة او تهوين، فالنتائج تاني يمكن الحصول عليها من الأساليب الكمية تتوقف قيمتها وجدواها على قدر الحكم الشخصي التقديري الذي يكملها ويسد جوانب النقص التي بها، فهي ليست نهائية و لا منزهة من أي عيب أو نقص. ومن هنا فعلينا أن نأخذ نتائج هذه الأدوات بحذر، ولا يعني هذا أنها غير مفيدة، و لكن بالعكس فهي أدوات مهمة وضرورية إذا ما تضافر معها التقدير السليم.

إطار عام لأدوات التحليل الاستراتيجي


اترك تعليقاً