البحث والتحليل: الخطوة الأولى من خطة المحتوى

لا يمكن البدء في وضع أي تصور لخطة المحتوى بدون التفكير في أهداف المشروع ككل. فالمحتوى رغم أهميته الشديدة ليس غاية في ذاته، بل هو وسيلة نستخدمها في تحقيق أهداف أخرى، وبالتالي يمكننا تقييم مدى فاعليته بناءً على هذه الأهداف. لذا، فالخطوة الأولى هي تحديد أهداف المشروع الفترة القادمة، وبعد الانتهاء من ذلك، تكون قد وضعت حجر الأساس الذي تُبنى عليه بقية عناصر التخطيط الأخرى مثل:

  • أهداف المحتوى: ما هي الأهداف التي يمكنك وضعها في خطة المحتوى لتحقيق غاية المشروع؟
  • الفئة المستهدفة: من هم عملائك المستهدفين؟ يمكنك استهداف أكثر من فئة وفقًا لأهدافك التسويقية.
  • نقطة البيع الفريدة: ما الشيء الذي يميّز منتجك أو خدمتك، وسوف يدفع الجمهور لاستخدامه دونًا عن البقية؟
  • تحليل المنافسة: ما هو المحتوى الذي يقدمه منافسوك، وكيف يعرضون ميزّهم التنافسية؟

 

  • تحليل البيانات: قبل التفكير في خطة المحتوى الجديدة، يجب تقييم النشاطات المنفذة سابقًا على أي قناة تسويقية، وتحليل البيانات من أجل الخروج بنتائج يمكن الاستفادة منها في التخطيط.
  • الموارد المتوفرة: ما هي الموارد التي تملكها حاليًا؟ قد يكون وجودك على كل منصات التواصل الاجتماعي، أو ربما امتلاكك لموقع إلكتروني خاص بمشروعك.
  • الميزانية الحالية: ما هي الميزانية المخصصة لتنفيذ خطة المحتوى خلال الفترة القادمة؟

تجميع أفكار  خطة المحتوى

من أكثر التحديات التي قد تواجهك أثناء تجهيز خطة المحتوى هي الوصول إلى الأفكار الإبداعية التي سوف تستخدمها. يوجد العديد من الطرق التي يمكنك جمع أفكار المحتوى من خلالها. لكن قبل شرح هذه الطرق، يجب التأكيد على أهمية تدوين كل الأفكار التي تخطر على ذهنك باستمرار، مع حفظ الروابط المهمة للمقالات أو الصور المفيدة بالنسبة لك.

لا تراهن أبدًا على قدرة التذكر لأننا سريعًا ما ننسى الفكرة إن لم نقم بتسجيلها، وكذلك فليست كل الأفكار صالحة للتطبيق الآن، فتدوينها يضمن وجودها في المستقبل وبالتالي إمكانية الاستفادة منها، وتجميعها في مكانٍ واحد يعتبر بمثابة بنك الأفكار الخاص بك للمحتوى. لكن كيف تجمع الأفكار المناسبة للمحتوى؟

 

جمهورك هو جوهر خطة المحتوى

جمهورك هم رأس المال الحقيقي الذي تمتلكه، وفي النهاية خطة المحتوى تستهدف الوصول إليهم حتى يمكنك تحقيق أهدافك في المشروع، لذلك يجب أن تهتم بالاستماع الجيد لهم. الأمر يبدأ من متابعتك للجمهور على القنوات التسويقية التي تملكها، وقراءة التعليقات التي يكتبونها. إذ أن الأسئلة والاستفسارات الخاصة بهم، قد تكون هي فكرة المحتوى القادم.

 

تخيّل يوم من حياة جمهورك، من اللحظة التي يستيقظ فيها من نومه، وحتى انتهاء اليوم، ما هي المشاكل التي يعاني منها ويرغب فى حلها؟ ما هي التحديات والعقبات التي تواجهه، وكيف يمكن التغلب عليها؟ ما هي الأنشطة التي يقوم بها؟ هذا النوع من التفكير سيمنحك مجموعة كبيرة من الأفكار.

معرفتك بطبيعة حياة الجمهور، سيجعلك تنتج محتوى يقدم الحل المناسب لهم. فبدلًا من الكتابة عن الخصائص التي يوفرها مشروعك، ستبدأ في التركيز على الفوائد والمميزات من هذه الخصائص، وهو ما يمثّل بالنسبة للجمهور حلًا للعقبات والتحديات والمشكلات التي تواجههم.

 

أيضًا لا يجب أن يكون محتواك بمعزل عن العالم وأحداثه الجارية، بل من الجيد تخصيص بعض الأفكار لتتوافق مع الأشياء الرائجة حاليًا في العالم. من المهم كذلك الاستفادة من الأحداث الثابتة مثل: الأيام العالمية، أو تواريخ ميلاد ووفاة الشخصيات الهامة التي قد يكون جمهورك مهتم بها. حيث أن تضمين هذه الأحداث يمنحك مساحة متنوعة من الأفكار، بشرط أن يكون اختيارك لها متوافقًا مع جمهورك.

مصادر المعرفة وإعادة تدوير المحتوى

تتنوع مصادر المعرفة التي يمكنك الاعتماد عليها في جمع أفكار المحتوى، ويمكن تقسيمها إلى 3 أنواع رئيسية هي: المحتوى المقروء والمسموع والمرئي. يُعد المحتوى المقروء هو أقوى مصادر المعرفة التي تطوّر من قدرتك في صناعة المحتوى، سواءً قراءة في مجال تخصصك فتزداد معرفتك، أو بمتابعة صفحات تقدم محتوى بأسلوب متميز، فيمكن الاستفادة من الأسلوب في تحسين الأداء.

كذلك، يُعد المحتوى السابق تقديمه على قنواتك التسويقية بمنزلة كنز كبير جدًا يمكنك الاستفادة منه، لا سيّما في حالة شعورك بصعوبة في كتابة أفكار جديدة، وبالتالي يمكنك عمل إعادة تدوير لهذا المحتوى وتقديمه بصورة أخرى. الميزة في هذا النوع من الأفكار أنّك تمتلك إحصائيات عنه، فيمكنك استهداف محتوى حقق بالفعل نتائج جيدة عند نشره قديمًا، ومن ثم صياغته بشكل آخر متوافق مع جمهورك.

قد يُهمك أيضًا: كيف يعزز نَظْم المحتوى أهدافك التسويقية؟

الكلمات المفتاحية تعزز خطة المحتوى

 

الكلمات المفتاحية هي التي يستخدمها الناس في البحث عن موضوع معين، يمكنك من خلال استخدام الأداة المجانية Keyword Planner التابعة لجوجل معرفة عدد مرات البحث عن كلمة معينة وكذلك الكلمات المشابهة لها في فترة زمنية محددة. يمكنك التفكير في الكلمات المفتاحية من خلال فهمك للفئة التي تستهدفها، وبالتالي معرفة الكلمات التي قد تكون أكثر أهمية بالنسبة لهم.

 

من الأشياء المهمة أن تقوم بعمل بروابط تخيلية بين الكلمات المفتاحية، فهذا يمنحك أفكارًا متنوعة يمكنك استخدامها. على سبيل المثال، يمكنك ربط المقالات التي تتناول خطة المحتوى بكلمات مفتاحية أخرى مثل: التسويق بالمحتوى وكتابة الإعلانات. فبدلًا من فكرة واحدة، أصبح لديك 3 أفكار. يمكنك أن تصنع عددًا لا نهائيًا من الروابط، شرط أن تكون جميعها مناسبة لجمهورك.

استخدام المحتوى دائم الخضرة

المحتوى دائم الخضرة هو ذلك النوع الذي يصلح لتقديمه في كل زمان، فهو المحتوى الذي لا يحتوي على تاريخ صلاحية، ويمكن الاستفادة منه وقراءته من الجمهور طوال الوقت، لا سيّما في المواقع والمدونات، لأنّ الجمهور يبحث عنه باستمرار وبالتالي يضمن للموقع تحقيق زيارات دائمة، ويساهم في تحسين ترتيب الموقع في محركات البحث.

 

من المهم أن تفكر في تضمين هذا النوع بشكل ثابت ضمن خطة المحتوى الخاصة بك، سواءً من خلال التفكير في الأسئلة الشائعة التي تدور في ذهن الجمهور، وتقديم الإجابة عليها، أو بتقديم مراجعات عن المنتجات المقدمة في المشروع، وغيرها من الأفكار التي لا يمل الجمهور منها أبدًا، بل ويزداد بحثه عنها مع الوقت، لأنّها تقدم له إضافة تساعده في حياته.

استخدام أدوات توليد أفكار لخطة المحتوى

في الوقت الحالي، توجد مجموعة متنوعة من الأدوات التي يمكنك استخدامها في توليد أفكار المحتوى، حيث تسهّل عليك هذه الأدوات معرفة إحصائيات عن الكلمات المفتاحية وعمليات البحث عنها والكلمات المشابهة لها، وتقدم لك مقترحات بأفكار لتضمينها في خطة المحتوى لموقعك الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي، من أبرز هذه الأدوات:

      • أداة Moz’s Keyword Explorer: من الأدوات المميزة التي تربط بين الكلمات المفتاحية، بمجرد كتابتك للكلمة التي ترغب في استخدامها، سيقدم لك الموقع مجموعة من الاقتراحات المشابهة قد تصل إلى ألف اقتراح، وعدد مرات البحث الشهرية عن كل مقترح يقدمه لك.
      • موقع Answer The Public: فقط اكتب اسم الفكرة التي تدور في ذهنك، وسيقوم الموقع تلقائيًا بتوليد أفكار مرتبطة بها على هيئة: أسئلة للإجابة عنها، ومقارنات تجمعها بأفكار أخرى، ومقترحات مرتبة بالحروف الأبجدية، ومواضيع ذات صلة لنفس فكرتك.

التغذية البصرية ومتابعة المنافسين

 

من الأنشطة الجيدة يوميًا أن تقوم بالتغذية البصرية لعقلك من خلال المواقع المتخصصة فى المحتوى البصري مثل: Pinterest أو Behance. فالمحتوى الموجود على هذه المواقع ثري جدًا ومليء بالأفكار الملهمة، والتي ستساعدك في الخروج بأفكار كثيرة للمحتوى، يمكنك استخدامها في خطة المحتوى الحالية أو حتى حفظها للمستقبل.

قد يهمك أيضًا: السرقة الأدبية تهدد مستقبلك ككاتب فاحذرها

كذلك، من الجيد دائمًا متابعة المنافسين والاستفادة من طريقة تقديمهم للمحتوى الخاص بهم، وكيفية عرضهم للميزة التنافسية التي يملكونها. الهدف هنا ليس السرقة أو التقليد، لأنّ هذه الأشياء قد تضرك أكثر مما تظن، ولكن الهدف هو التعلّم من طريقة عرض الأفكار وصياغتها، ومن ناحية أخرى حتى لا تكرر نفس الأفكار التي يقدمونها.

العصف الذهني

يعتبر العصف الذهني من أهم وأفضل تقنيات توليد الأفكار، لا سيّما إذا تم بعد كل الخطوات الأخرى، لأنّه سيعتمد على وجود مخزون كبير من الأفكار، والتي يمكن تطويرها تدريجيًا لتضمينها في خطة المحتوى من خلال تعاون كل أفراد الفريق. من المهم قبل البدء في العصف الذهني تقديم ملخص عن الهدف المراد تحقيقه، وتحديد الوقت المتّبع في تنفيذ التقنية، ثم التأكيد على القواعد الرئيسية للعصف الذهني مثل:

 

      • غير مسموح بتاتًا لأي فرد نقد الأفكار المطروحة، سواءً بالتعليق الشفهي أو باستخدام لغة الجسد وإشارات معينة يُفهم منها الاعتراض.
      • لا يتم استبعاد أي فكرة تُطرح، بل كل الأفكار التي يعرضها المشاركون يتم تسجيلها وقبولها في هذه المرحلة.
      • الاهتمام بالكم وتجميع أكبر عدد ممكن من الأفكار طبقًا لإمكانيات الأفراد في المجموعة.
      • الترحيب بكل الأفكار حتى التي يعتقد أصحابها أنّها خيالية، ففي كثير من الأحيان تكون هذه الأفكار أفكارًا عبقرية.
      • من المهم الالتزام بوقت العصف الذهني للنهاية، فهذا يشجّع الأفراد على التفكير في مساحة الوقت المخصصة لهم.

الهدف من وجود هذه القواعد هو تهيئة المناخ العام للمشاركين لعرض ما يدور في أذهانهم دون الخوف من أحكام الأخرين، وبالتالي شعورهم بالراحة يزيد من جودة طرحهم للأفكار. بعد الانتهاء من تسجيل كل الآراء المعروضة في العصف الذهني، سيكون هناك مخزون كبير من الأفكار للاحتفاظ به. يتم انتقاء الأفكار المناسبة مع الأهداف الحالية، ثم تطويرها لاستخدامها في خطة المحتوى الجديدة، وبقية الأفكار غير المستخدمة يتم الإبقاء عليها في بنك الأفكار الخاص بالمشروع لحين الحاجة إليها في المستقبل.

اختيار قنوات التسويق التي تناسب خطة المحتوى

بناءً على أهداف المحتوى والميزانية المتاحة، يمكنك اختيار قنوات التسويق الإلكتروني المناسبة. حتى مع امتلاكك لأكثر من قناة، لن يكن ضروريًا استخدامها جميعًا في الوقت ذاته. من المهم كذلك التفكير في أنواع المحتوى التي تناسب كل قناة، والقدرة على صناعة هذا النوع من المحتوى. مثلًا، تحتاج المدونة إلى محتوى على هيئة مقالات، في حين يحتاج التسويق عبر البريد الإلكتروني إلى نشرات بريدية، وهكذا.

 

حتى يمكنك تحقيق نتائج جيدة في كل قناة، فأنت بحاجة إلى وجود متخصصين لمساعدتك في تحقيق ذلك بالفاعلية المطلوبة، فكل هذه العوامل تتحكم في خطة المحتوى وكفاءة تنفيذها. يمكنك ببساطة توظيف أفضل الكفاءات العربية من المتخصصين في التسويق الرقمي عبر موقع مستقل.

إنشاء أجندة المحتوى

 

بعد الانتهاء من الخطوات الثلاث، يمكنك البدء في إنشاء أجندة المحتوى، وغالبًا ما تكون للأجندة فترة زمنية محددة سواءً أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية. الأمر يعتمد على الأهداف الموضوعة في الخطوة الأولى، لكن من الأفضل أن تكون خطة المحتوى شهرية حتى يسهّل ذلك المتابعة والتنفيذ مع عدم تكرار خطوة التخطيط في فترات زمنية قصيرة. يمكنك استخدام  أداة أنا التي تتميز بواجهة سهلة الاستخدام خاصة في العمل الجماعي لتنظيم الأمر، مع تحديد التفاصيل الرئيسية الآتية:

    • تاريخ تسليم الفكرة: التاريخ المتوقع لتسليم الفكرة ليتم مراجعتها وتحريرها.
    • تاريخ النشر: التاريخ المتوقع لنشر المحتوى، ويجب أن يكون هناك فارق زمني جيد بين تاريخ التسليم وتاريخ النشر، لعمل أي تعديلات مطلوبة.
    • قناة النشر: تحديد أي قناة تسويقية سيتم نشر هذا المحتوى عليها.
    • فكرة المحتوى: الفكرة العامة للمحتوى. هذه الخانة ضرورية، لأنّ مراجعة المحتوى بعد تنفيذه تعتمد على الفكرة المراد تحقيقها.
    • تفاصيل المحتوى: يمكن إضافة التفاصيل العامة للمحتوى مع وضع رابط أخر للمحتوى.
    • الكلمات المفتاحية: يجب أن تحتوي خطة المحتوى على الكلمات المفتاحية المستهدفة في هذا الحتوى.

وضع معايير لتقييم أداء خطة المحتوى

 

يقول الكاتب والاقتصادي الأمريكي بيتر دراكر في إشارة لأهمية وجود معايير للحكم على العمل المنفذ: “إذا لم يكن بإمكانك قياس ما تفعله، لن تكن قادرًا على إدارته”. لذا، يجب أن تضع مؤشرات قياس للأداء لتقييم خطة المحتوى خلال فترة تنفيذها، فمن خلالها سيكون بإمكانك الإجابة على الأسئلة التالية:

    • هل تم تحقيق مستهدفات هذا الشهر؟
    • ما هي الأشياء التي تم تنفيذها بفاعلية طبقًا للمعايير؟
    • ما هي الأشياء التي تحتاج إلى تعديل؟

ومع أخذ ملاحظات على كل جزئية في الخطة، سيكون بالإمكان تعديل ومعالجة كل الأخطاء بشكل صحيح، مع الحفاظ على نقاط القوة في الأداء، مما يضمن تحقيق أعلى جودة في خطة المحتوى الجديدة، وهو ما يضمن لك تحقيق أهداف المشروع بالكفاءة المطلوبة.

اترك تعليقاً