رغم أن العمل المستقل في مجال التصميم قد يبدو ممتعًا ومُرضِيًا إلى حدٍّ بعيد، لكنه لا يخلو من سلبيات تعتريه؛ ومن أبرزها أن من شأنه جعلُ أشخاصٍ لا خبرة لديهم في عالم الأعمال في موقع يتخذون فيه قرارتٍ حاسمةً. وما يزيد الطين بلّة هو أن هناك احتمالًا كبيرًا لاتخاذك الخيارَ الخطأ تمامًا في أي موقف تمرُّ فيه.

وقد لا يكون لاتخاذ القرار الخطأ ضررٌ يُذكَر؛ كأن تطلُب الورق الخطأ لطباعة بطاقات العمل الجديدة خاصتك، ولكنه من جهة أخرى قد يكون خطأً فادحًا يكلّفك مبلغًا لا بأس به من المال أو يسيء إلى سمعتك، أوِ الأمرين معًا.

والحق يُقال، فقد سبقَ لي أنِ ارتكبتُ من الأخطاء الفادحة خلال مسيرتي في عالم الأعمال ما لا يتسع المقامُ للخوض فيه. وأؤكدُ لك أن الأمرَ ليس بمزحة، ولكن ولحسن الحظ، كان كلُّ خطأٍ ارتكبتُه بمثابةِ درسٍ تعلمتُ منه. وأنا هُنا لأشاركك الدروسَ التي علمتني إياها أخطائي والتي آمل أن تُجنِّبكَ تَجَرُّعَ الكأس المرة التي تجرَّعتْ.

الاستخدام غير المصرح به للصور المحمية بموجب حقوق الطبع والنشر

كان استخدام الصور على شبكة الإنترنت من السهولة لدرجة أنه لم يكن يعدو حفظ صورة ما وعملَ ما تريد فيها، فعلى الأرجح لم يكن الأمر وقتها قد وصل إلى التطور الذي نشهده اليوم، أما حاليًا، فالموضوع اختلف كليًا ولم يعدِ استخدامُ الصور بتلك الحرية فكرة جيدة إطلاقًا. فمع وجود متصيدي منتهكي حقوق الطبع والنشر ممن يلهثون وراء أي عُذرٍ كان ليرسلوا لك فاتورة ضخمة بسبب استخدامك غير المصرح به لصورة ما، بالتالي، حريٌّ بك أن تتأكد من امتلاكك حقوقًا لا لبس فيها تخولك استخدام صورة ما (بما في ذلك الصورَ التي يزوّدك بها الزبائن).

ولو حدث معك ذلك على موقعك الخاص، فسيكون الأمر سيئًأ حتمًا. ولكن المصيبة الكبرى أن يحدث على موقعٍ عائد لأحد زبائنك وأن تكون أنت من نشرَ تلك الصورة، إذ سيضعك ذلك في موقف لا تُحسد عليه ويُظهِرُك بمظهر المفغّل (لا أود التعليق على أي تورطٍ شخصي في هذه النقطة).

الحل

تحقق من أي صورة تحمّل من على الإنترنت، فإذا كان مصدرها موقعًا يحتوي على كثير من الصور (سواء أكان مجانيًا أم ربحيًّا)، فتأكد من أن رُخصته تخوّلك استخدام الصورة لغرضك المقصود (الغرض التجاري مثلًا). فبعض اتفاقيات الترخيص تتضمن قيودًا حول حجم الصورة عندما يجري استخدامُها على موقعٍ ما. وبالنسبة للصور المجانية، ابحث عن التراخيص من نوع CC0 أو رُخَص المشاع الإبداعي التي تمنحك حرية استخدام الصور في المشاريع الشخصية والتجارية.

## عدمُ توثيق الاتفاق كتابةً

إذا كنت مدركًا أنك تزاول عملًا ولا تقدم على توثيقه كتابةً، فاعلم أنك بذلك تجعل من نفسك فريسة سهلة للنصب. وإليك هذه النادرة لعلها تعطيك درسًا: لطالما عوّلتُ على حُسن نية الآخرين عندما كنتُ أستلم مشاريع جديدة بصفتي مصممًا، والمثير للعجب أن ذلك مرَّ دون مشاكل لسنوات عديدة. ولكني ما لبثتُ أن خُدعت بعد ذلك؛ فقد بدأتُ العمل على مشروع كلفني به أحدهم من دون أن أستوفيَ منه المبلغ الذي يمثل ضمانة بالحد الأدنى كوديعة، بالرغم من أني لم أكن غافلًا عن أهمية القيام بذلك. وما إن ساءت العلاقة معه حتى فشلتُ في استيفاء حقي من المال. وبالرغم من أنه كان بوسعي سلوك السبيل القانوني لإصلاح الأمر، فحسبيَ أنني استطعتُ الخروج من موقف سيء كهذا.

الحل

عندما يطلب إليك أحد الزبائن العمل على مشروعٍ ما، فلتتفق معه على الشروط كتابةً. وإذا كنتَ تشترطُ عادةً طلبَ إيداع مبلغٍ في حسابك، فعليك التأكد من أن صاحب المشروع يعلم مسبقًا أنك لن تبدأ العمل حتى يصبح ذلك المبلغ بحوزتك. ولا يعني قيامك بذلك أنك لن تواجه مشاكل تتعلق بدفع مستحقاتك وغيرها من المشاكل ذات الصلة، ولكنك على الأقل ستضمن توثيق حقك على الورق.

تحمّل مسؤولية أمور أنت بغنى عنها

سيقضّ هذا مضجعك مرارًا وتكرارًا. والمزعج جدًا في الأمر أننا غالبًا ما نوافق على الأمور (جهرًا أو سرًّا) في المرحلة الأولى من عملنا كمستقلين. ولكن عادةً ما تكون المعاناة متربصةً بنا فندركها لاحقًا، والمثير للعجب هنا أننا نفعل ذلك بعد أن نكون قد قطعنا عهدًا على أنفسنا بأننا لم نعد نرغب في أداء عملٍ بذاته.

وسأضرب لك مثالًا حول موقف مماثل مررتُ به؛ فمنذ حوالي عقد من الزمن، وافقتُ على إدارة تطبيقٍ ترويجي على الموقع الإلكتروني لأحد زبائني. وكانت الغاية الرئيسة من وراء ذلك التطبيق هي إرسالُ قسيمةِ عيد ميلاد للأشخاص الذين أنشؤوا حسابات في قائمة البريد الخاصة بذلك الموقع. يبدو الأمرُ بسيطًا للغاية، أليس كذلك؟ لا تستغربوا، فلم يكن ما قمتُ به كذلك.

وبما أنه لم يكن لديّ ما يوصلني مباشرة إلى قائمة البريد الخاصة بذلك الموقع والذي سيطلق عملية إرسال الرسائل، تلاعبتُ بذاك النظام السخيف عبر إضافة المستخدمين يدويًا إلى تطبيقٍ سيرسل تلك القسائم. وبسبب حماقتي، فقد تفقدتُ قائمة البريد بحثًا عن مشتركين جدد وأضفتهم إلى تطبيق قسائم منفصل، واستمر ذلك لسنوات تلت ذلك.

وإلى جانب اتخاذي قراراتٍ أخرى تنمُّ عن قصر نظر، فقد كلفني ذلك وقتًا طويلًا جدًا كان يمكن استغلاله بأفضل مما جرى. وقدِ اقترنَ الإحباطُ الذي ألمَّ بي بنتيجة عملٍ دون المستوى المأمول.

الحل

فكّر مليًّا وخذ وقتك قبل أن تتولى القيام بما لا ترغب في فعله قبل أن تتورط في الموافقة عليه، فقد يكون عليك التعايش مع نتائج ذلك لوقت طويل بعد ذلك. وحاول أن تجعل كل شيء أوتوماتيكيًا ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا!

الفشل في الاضطلاع بوظيفتك

وصلنا في جولتنا إلى الخطأ الأخير الذي يمكن أن يكلفك الكثير من الوقت والعوائد الضائعة، إذ يتمثل ذلك الخطأ في عدم قيامك ببحثٍ كافٍ يخولك تحديد تقدير تكلفة دقيقٍ لمشروعٍ ما. والطامة الكبرى هنا أنه سهلٌ الوقوعُ في ذلك الخطأ أثناء تقديرك للمقابل الذي ستتقاضاه لقاء إنشاء موقع إلكتروني من الصفر أو اقتباس إعادة تصميم.

لذلك غالبًا ما نرى حالات من “تمدد النطاق” تشق طريقها نحو المشاريع. وهذه الأمور الصغيرة هي بالذات ما يتحول إلى فوضى عارمة، وقد يكون أحد أسباب حصول ذلك أننا لم نطرح أسئلة استقصائية كافية في بداية العملية. فإذا لم ننسق مع الزبون الذي نعمل معه، فقد نواجه مفاجآت.

وفيما يخص إعادة التصميم، فقد نقوم بمسحٍ خاطف لموقع قديم ظنًّا منّا أن لا شيء مهمًا يوجد داخله (خاصة في حال لم يذكر ذلك زبون محتمل). لذلك، وبدلًا من النقر على كل ما يمكننا الولوج إليه ضمن محتوى كبير، فإننا نفترضُ أنه كله متشابه، ولا ندرك أننا قد فقدنا العنصر الأساسي إلا بعد البدء في العملَ فعلًا، وعندها من المرجح أن يكون قد فات الأوان على العودة إلى العميل لطلب مزيد من المال (أو على الأقل سيكون ذلك محرجًا).

الحل

يتمثل الحل هنا في أن تكون متأنيًا قدر الإمكان عند مراجعة موقع موجود مسبقًا أو أثناء اتفاقك مع الزبون على شروط المشروع. وتكون مراجعة موقعٍ ما بسيطة كفايةً وتتلخص في النقر على كل رابطٍ لترى ماذا يخفي وراءه، وإذا عثرتَ على ما لم تستطع فهمه، فلتستفسِر عنه. وعند الاتفاق مع الزبون على شروط العمل، فلا يكفي أن تعلمَ ما هي الوظيفة التي يرد العميل الحصول عليها لموقعه، بل من المهم أن تعلمَ كيف يتوقع ذلك الزبون طريقة العمل الكلية، وأيَّ إمكانيةٍ لنقل البيانات قد تكون بحوزته. فكلما جمعتَ معلوماتٍ أكثر، كانت تقديراتك دقيقةً أكثر.

التعلم التتابعي

إذا كنتَ جديدًا على مجال عملٍ ما، ورأيت نفسك فجأةً تضطلع بواحد، فلا مناص من المرور ببعض العثرات؛ فهذا جزءٌ طبيعي من العملية. وبصفتنا مصممين أو مطوِّرين، تجدُنا نركّزُ على أفضل ما نُحسِن القيامَ به. وأحيانًا لا تتضح شروط العمل الأخرى إلا عندما يحدث خطأٌ ما.

والجيّدُ في الأمر أن معظم الأخطاء قابلةٌ للتصحيح، هذا إن لم يكن ممكنًا تجنُّبُها مباشرةً. وأفضل سبيل إلى تجنُّب تلك المواقف هو عبر التفكير مليًّا في الأمور؛ خُذ وقتك وراجع السلبيات والإيجابيات. فكر في حقيقة كيف أنَّ لقرارٍ ما تتخذه أن يؤثر عليك لسنة أو سنتين مستقبلًا. وبمرور الوقت، قد تجدُ أن القيام بالأشياء على هذا النحو غدا أسهل، وأن حسابك المصرفيَّ قد كبُر وسلامتك العقلية قد تعززت.

اترك تعليقاً