بعد معرفة الفوائد التي يمكن أن تحصل عليها من خلال إدارة المال الشخصي، يجب معرفة الطرق الصحيحة لإدارة الأموال والخطوات التي يجب عليك اتباعها، وتتمثل في النقاط التالية:
أولًا: معرفة وضعك المالي الحالي
يظن العديد من الناس أن وضع الميزانية وتحديد الأولويات هي الخطوة الأولى لإدارة الأموال الناجحة. لكن لا يمكن وضع ميزانية قبل فهم الوضع المالي الحالي، بل عليك في البداية أن تبدأ بإحصاء حاجاتك المالية، ومصاريفك الشهرية الضرورية، ومعرفة دخلك بشكل صحيح. لا سيما إذا كنت من المستقلين الذين لا يعتمدون على دخلٍ ثابت. أفضل طريقة لمعرفة الدخل المتوقع للمستقلين، تكون بوضع المتوسط الحسابي للوارد الشهري في السنة الأخيرة.
لضمان فهم الوضع المالي الحالي، عليك أن تحتفظ بإيصالات الدفع السابقة لمدة شهر، وأن تعرف كل مصاريفك الشهرية الأساسية، ومعرفة كم من المال تنفق على الحاجات الكمالية. إضافةً لوضع الالتزامات المالية الضرورية في الحسبان. في الواقع، يتفاجأ العديد من الأشخاص بمصاريفهم الهائلة عند حسابها بشكلٍ دقيق. لذلك، تأكد من أنك تعي تمامًا مصاريفك ودخلك.
ثانيًا: حدد أولوياتك
من الصعب عليك الموازنة بين جميع نواحي الحياة، دون تقصير في أي ناحية. لذلك وبعد فهمك لوضعك المالي، حاول أن تحدد أولوياتك بشكل منطقي. يا ترى ما هي النواحي التي لا يمكنك الاستغناء عنها أو التوفير فيها؟ وفي المقابل ما هي النواحي التي تراها غير ضرورية ويمكن الاستغناء عنها؟
لكل شخص أولويات مختلفة عن الآخرين، ولكلّ عائلة ضروريات تختلف عن العائلات الأخرى. هنا يأتي دورك في تحديد المصاريف الضرورية، والمصاريف التي يمكن الاستغناء عنها وفقًا لما يناسب وضعك الحالي. يمكن فعل ذلك من خلال التخطيط الجيد للأولويات، ومعرفة كيفية الاستغناء عن المصاريف غير الضرورية.
ثالثًا: ضع ميزانية والتزم بها
الآن أصبحت تعرف ما هو المبلغ الذي تجنيه دوريًا. لذلك ينبغي عليك أن تعرف ما هي المصاريف الضرورية، وكم من المال يمكن أن تدعه جانبًا من أجل النواحي الترفيهية، إضافة للمدّخرات طويلة الأمد التي يجب عليك توفيرها من أجل المستقبل، خصوصًا لو كنت تعمل في مجالات العمل الحر، التي ستفقد فيها ميزة مثل راتب ما بعد التقاعد. من الطرق التي تمكنك من وضع الميزانية بطريقة سهلة:
1. ميزانية “50 \ 30 \ 20”
وهي طريقة ذكيّة لتحديد نفقاتك بشكل جيد، وادّخار جزء من المال للمستقبل، ومعنى هذه الاستراتيجية هو تخصيص 50% من دخلك لتذهب للمصاريف الضرورية، مثل الطعام والشراب ومصاريف السكن والماء والكهرباء، وأي مصاريف أساسيّة أخرى.
30% من الدخل يجب أن تكون موجودة من أجل النواحي الترفيهية المختلفة. عليك الحرص على عدم المبالغة في وضع المصاريف الترفيهيّة. كما يمكن محاولة تقليل هذا المبلغ في حالة الاحتياج إلى الإنفاق على المصاريف الضرورية، أو لزيادة المدخرات.
أما بالنسبة للـ 20% المتبقية من الدخل الشهري، فهي تمثل المدّخرات التي يجب تركها جانبًا، وعدم استخدامها إلا في أوقات الطوارئ، أو في الناحية الأفضل، وهي ترك هذه النسبة من أجل تأمين العائلة، أو المستقبل عند التقاعد مثلًا.
في حال كانت مصاريفك الشهرية موزّعة بطريقة لا تناسب هذه الاستراتيجيّة أبدًا، عليك التفكير مليًّا بتخفيض النفقات. وفي حال كانت إحدى النسب أعلى من غيرها، أي أن المصاريف الترفيهيّة أكثر من المصاريف الأساسيّة مثلًا، عليك إعادة جدولة هذه المصروفات، لمعرفة ما يجب الإبقاء عليه، أو ما يمكن الاستغناء عنه، لإحداث التوازن بين هذه النسب.
2. ميزانية الظرف الورقي
هي طريقة قديمة بعض الشيء، ولكنها الأكثر نفعًا بالنسبة للأشخاص غير القادرين على ضبط مصاريفهم بشكل جيّد. فكرة هذه الميزانيّة هي بتقسيم الدخل إلى مجموعة من المغلفات أو الأظرف، وكل ظرف يمثل ناحية محددة، مع الحرص على إنفاق كلّ ظرف بحذر. عند نفاذ أي ظرف لا يمكن صرف المزيد من المال.
يمكن اتّباع هذه الطريقة في حالة الأزمات المالية، وعدم قدرتك على دفع ديونك بشكل جيد. قد تكون هذه الطريقة مقيّدة لك بعض الشيء في الأحوال الطبيعية، لكن استخدامها في حالات الضرورة التي تجبرك على توفير مبالغ كبيرة، سيكون أمرًا مساعدًا لك على تجاوز الأزمة.
3. الميزانيّة الصفرية
وهي طريقة ناجحة للأشخاص أصحاب الدخل المحدود، وفكرة هذه الميزانيّة هي بوضع الدخل الشهري في الحسبان، والتفكير في النفقات وفقًا لذلك. بعد تحديد الدخل، يمكنك البدء في حساب كافة النفقات الضرورية والكمالية والمدخرات معًا، وطرحها من الدخل، لتكون المحصلة تساوي صفر.
يساعد استخدام هذه الميزانية على حماية الأشخاص من اقتراض المبالغ المالية، إذ يركّز الشخص على الإنفاق وفقًا لما يملكه من الدخل فقط، ولا يحاول تجاوز هذا الدخل في أي من الأحوال. يتمثل العيب في هذه الطريقة في صعوبة التنبؤ بالمصاريف مسبقًا، مع صعوبة حساب كافة المصاريف بدقة، وبالتالي قد تستغرق وقتًا طويلًا في التخطيط لها.
رابعًا: ضع خطّة المدخرات
بعد التمكّن من وضع خطة بمصاريفك الأساسية، وتمكّنك من حصرها، ستسعى للبدء في استثمار الجزء المخصص للادّخار بشكل صحيح، وتقسيمه لعدة أجزاء لتحقيق الأمان المادّي. يمكن تقسيم استثمار المدّخرات إلى 4 أجزاء رئيسيّة:
1. توفير لمرحلة ما بعد التقاعد
خصص جزءًا من مدخراتك لتجدها بعد عدّة سنوات عند التقاعد. الطريقة الأفضل لذلك هي وضع هذه المدخرات في حساب بنكي أو صندوق التوفير. على سبيل المثال: لو بدأت بتوفير 200 دولار شهريًا، ستتمكن من ادّخار ما يقارب الـ 50 ألف دولار بعد 20 عام، وهو مبلغ يمكنك الاعتماد عليه نسبيًّا عند التقاعد.
2. صندوق الطوارئ
يجب تخصيص جزء كبير من المدّخرات لإنشاء صندوق الطوارئ، مثل الطوارئ الصحية، أو حالات الولادة، أو الدفعات المالية الكبيرة المفاجئة، كعمليات الإصلاح في المنزل أو السيارة. وبهذه الطريقة ستتحول الأعباء المادية المفاجئة، من مصيبة إلى مشكلة بسيطة يمكن حلّها، عن طريق صرف المدّخرات الاحتياطيّة.
3. الاستثمار
هل تسعى للأمان المادي؟ في الواقع إن الالتزام بخطّة لإدارة المال سيضمن لك هذا الأمان، لكن لن يساعدك على النمو المالي. لذا، الطريقة الأفضل لزيادة الدخل المادي، هي بزيادة استثماراتك، من خلال تمويل مشاريع جديدة. في حالة عدم وجود مبالغ كبيرة للادّخار، يمكنك استثمار المزيد من الأموال من خلال وسائل الدخل السلبي التي يمكنها أن تحقق دخل ممتاز لك عند نموها.
4. تسديد الديون
لا يشترط أن تكون هذه الديون هي مجرد ديون سابقة، إنما يمكن أن تكون مصاريف شهرية مثل: دفعات الشراء بالتقسيط، أو دفعات السكن الجديد وغيرها. يجب صرف هذه الالتزامات الدائمة من خلال التوفيرات، وليس من ضمن المصاريف الأساسية عدا أجرة السكن، وبهذه الطريقة لن تعود الدفعات الدورية عبئًا عليك.
خامسًا: ابتعد عن العادات الماليّة السيّئة
لا يتعلق فنّ إدارة الأموال بإدارة المال بشكل صحيح فقط، وإنما يتعلّق أيضًا بخلق عادات جديدة أكثر فائدة، والابتعاد عن العادات المالية السيئة، التي يمكن أن تدمّر مخطط إدارة المال الخاص بك. من أكثر العادات المالية السيئة التي يجب عليك الابتعاد عنها:
1. الاستخدام المفرط لبطاقات الائتمان
في حال عدم وجود المال بشكل ماديّ، ووجوده بشكل حسابات بنكيّة مع وجود بطاقات ائتمان، سيشجّعك هذا على صرف المزيد من المال على حاجات غير ضروريّة، لأنك لن تشعر بقيمة المال الحقيقيّة. تتمثل هذه المشكلة بشراء المزيد من الأغراض غير اللازمة، أو الاشتراكات الإلكترونية عديمة النفع، أو شراء سلع كثيرة من الإنترنت. لذلك، حاول الانتباه لهذا الأمر، وتجنب الاستخدام المفرط لبطاقات الائتمان، إلا وفقًا لخطة شراء معينة.
2. هوس التقسيط
لا بدّ أن الشراء بالتقسيط عوضًا عن الدفع نقدًا أمر مريح. لكن لا تنس أن التقسيط سيزيد من ثمن السلع، بنسبة قد تصل إلى 20%. لذلك حاول شراء معظم احتياجاتك نقدًا، عن طريق التوفير المسبق للأموال، بهدف توفير النسبة الإضافيّة التي ستدفعها في حالة التقسيط.
3. العيش فوق المستوى الحالي
في حال تحقيقك لدخل يمكّنك من الادّخار، فهذا لا يعني بالضرورة إمكانية الزيادة من مصاريفك، لأن بعض المصاريف الإضافيّة قد لا تؤثر على مدّخراتك في الواقع، ولكنها في المقابل ستزيد من نفقاتك في الحقيقة. في حال عدم حسبان هذا الأمر، ستجد نفسك غارقًا في المصاريف غير الضروريّة، ما يعني المزيد من الالتزامات في المستقبل.
4. استثمار كلّ المدخرات دفعة واحدة
يميل بعض الأشخاص لوضع كلّ مدخراتهم دفعة واحدة في ودائع، أو القيام بعملية استثمارية بكامل المبلغ المدّخر، وهذا قد يكون من العادات الخاطئة أحيانًا، لأنّ ادّخار مبالغ كبيرة في مكانٍ واحد، سيجعلك عرضة للمشاكل الماديّة في حال ظهور مصروف مفاجئ، وحينها لن تتمكن من سداد المبالغ المترتبة عليك.
سادسًا: الحماية
أهم مهارات إدارة المال هي الحماية، وتأتي أهميّة هذه الخطوة في تأمين الاحتياجات الضرورية لأسرتك، والأمر الأهم، الاستثمار في الأمور الأساسية التي عليك وضعها في الحسبان، وتتمثّل خطوات الحماية في الخطوات التالية:
1. التأمين الصحّي
عوضًا عن ترك المدّخرات بشكل حرّ تحسّبًا لأي طارئ صحّي، يمكن استثمار هذا الجزء ودفعه من أجل تأمين صحّي لك أو لعائلتك بالكامل. في هذه الحالة يمكنك أن تستعيض بدفعات شهريّة من أجل التأمين، عوضًا عن الدفع نقدًا في الحالات الصحية الطارئة. يُنصح بالتأمين الصحّي غالبًا في البلدان التي لا تؤمن أي تسهيلات حكومية من الناحية الطبية.
2. تأمين المستقبل
في حال ازدياد عدد أفراد الأسرة يجب التخطيط للانتقال إلى منزل جيد، شراء سيارة جديدة، أو ترك مبالغ ماليّة للأبناء عند كبرهم. لذلك، عليك إدراك أن جزء من مدّخراتك يجب أن يُخصص من أجل هذه النواحي، كما يجب توفير المزيد من المال في حال الحاجة لشراء منزل جديد مثلًا، أو توفير الاحتياجات المطلوبة للمستقبل تدريجيًا خلال السنوات، بدلًا من الانتظار حتى لحظة الاحتياج.
سابعًا: السعي للمزيد
لا تكتفي بمجرّد نجاحك في إدارة المال، بل حاول أن تتقن فن إدارة المال وتحويله إلى وسيلة من أجل المزيد من الكسب المادي، وأن تنظّم مدفوعاتك ووقتك لتجد وقت إضافيًا لكسب المزيد من المال. وفي حال التزامك بعمل ثابت، فأفضل طريقة لزيادة دخلك هي تدعيم عملك بأحد مجالات العمل الحر ذات الدخل المرتفع.
يمكن للعمل الحر أن يؤمن لك دخلًا إضافيًا، يكفي لتحقيق كل الخطط الماليّة التي تريدها، ويمكن أن تجد مجموعة من الأعمال التي يمكنك القيام بها عن طريق منصة مستقل، منصة العمل الحر الأكبر عربيًا، وستقدر من خلاله على البدء والتطور وتحقيق الكثير من الأرباح.