ما هي استراتيجية العصف الذهني؟

العصف الذهني هي استراتيجية عصرية أثبتت جدارتها خلال العقود الأخيرة من خلال النجاح الهائل الذي أحرزته بعض الشركات والأفراد، ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى العالمي. فكم من فكرة مختلفة كانت نتاج وثمرة عملية عصف ذهني مدروس نقلت شركات إلى ساحة الشهرة العالمية وتصدر الحصص السوقية حتى وقتنا الحاضر.

قد تتساءل ما هو العصف الذهني بالضبط؟ حسنًا تقنية العصف الذهني أو تقنية القدح الذهني “Brainstorming technique” هي عبارة عن استراتيجية عمل منظمة لتحديد ودراسة وتمحيص المشاكل وطرح الحلول والأفكار بأسلوب منظم ممنهج مع جرعة كبيرة من الإبداع وكسر حواجز التفكير التقليدية بحيث لا يُكبح جماح العقل في التفكير ولو بأسلوب خيالي.

الفكرة أو الأساس الذي تنطلق منه استراتيجية العصف الذهني بسيطة جدًا وهي توليد أكبر قدر ممكن من الأفكار المختلفة ودراسة مدى جدوى هذه الأفكار في حل ومعالجة المشاكل المطروحة، وإلى أي حد يمكن تطبيق أو تنفيذ هذه الأفكار على أرض الواقع.

لا يقتصر معنى العصف الذهني على طريقة وأسلوب التفكير ووضع خطط العمل فقط، بل يتجاوز ذلك إلى التبحر في عالم الاختلاف، بمعنى أن الأفراد يجب أن يفكروا خارج الصندوق وبعيدًا عمّا هو مألوف في محاول لإيجاد حل مشكلة معينة.

انتشر مفهوم العصف الذهني انتشارًا واسعًا من خلال كتاب “أليكس أوسبورن Alex Osborn” المشهور بعنوان (التخيل التطبيقي Applied imagination) الذي أصدر عام 1967، والذي تناول فيها طريقة العصف الذهني على أنها استراتيجية منفصلة وكيفية تطبيقها لتوليد الأفكار والحلول الفريدة.

ما أهمية العصف الذهني Brainstorming؟

لا بد أنك تتساءل الآن ما هي فوائد العصف الذهني؟ وكيف يمكن لاستراتيجية التفكير والتخطيط هذه أن تساهم في نجاح مشروعك أو مؤسستك الخاصة؟ حسنًا، يمكننا أن نستخلص أجوبة هذه الأسئلة من خلال تحرّي أهداف العصف الذهني، والتي تتمثل في البنود التالية:

1. المساعدة في الخروج بأفكار رائعة ومميزة

كما ذكرنا فإن الجوهر الذي تقوم عليه عملية العصف الذهني هو جمع الأفكار والحلول من الزملاء أو الموظفين، وستجد أنك حصلت على أفكار لم تكن لتفكر بها بنفسك، فالعصف الذهني يخرج أفضل ما لدى الجميع ويطرحه على طاولة الحوار والمناقشة.

2. يحفز العصف الذهني على التميز والإبداع

يولد القدح الذهني بيئة تحدي مميزة تجبرك إلى حدّ ما على الخروج بأفكار جديدة مبتكرة. عندما تجتمع مع زملائك أو أصدقائك في العمل في جلسة عصف ذهني ستجد نفسك مضطرًا إلى التفكير بأسلوب مختلف ومحاولة وضع أفكار جديدة وإبداعية للمشاكل المطروحة.

3. التشاركية

في بادئ الأمر قد لا يكون لديك فكرة واضحة عن الحل الأمثل للمشكلة، ولكن عندما تسمع آراء وأفكار الأفراد المشاركين في عملية العصف الذهني قد تتمكن من بناء فكرة جديدة لم تكن لتفكر بها لولا الأفكار المختلفة التي طُرحت من قبل الآخرين.

4. تعزيز مبدأ المساواة

في العصف الذهني الجماعي سيتمكن الجميع من اقتراح أفكارهم والتعبير عن وجهة نظرهم تجاه المشكلة والحل الذي يرونه مناسبًا لها، وهذا سوف يعزز الرضا النفسي والقيمة الذاتية للأفراد، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على عملية التفكير برمّتها ويساهم في ابتكار حلول إبداعية، قد تكون أساس مشروع الشركة القادم.

قواعد العصف الذهني

كما حال أي استراتيجية عمل وتفكير فإن طريقة العصف الذهني تعتمد على أسس ومبادئ معينة لا بد من الالتزام بها للحصول على أفضل النتائج، يمكننا تلخيص مبادئ العصف الذهني بالنقاط التالية:

أولًا: دعم وتشجيع الأفكار الغريبة وغير المألوفة

تنطلق المشاريع الناجحة من فكرة الاختلاف عن المعتاد، فإن فكرت بطريقة مشابهة للآخرين فكيف سوف تختلف عنهم وتتفوق عليهم؟ لذا فإن تعزيز طرح الأفكار الإبداعية الغريبة من أكثر شروط العصف الذهني أهمية على الإطلاق.

ثانيًا: الاستفادة من جميع الأفكار المطروحة

يجب أن تكون الاستراتيجية السائدة في اجتماعات أو جلسات العصف الذهني هي “استراتيجية لا وجود للـ لا” فلا يجب أن يُقال لأي من الأفراد الذين يشاركون بأفكارهم “لا”، بل يجب أن تستثمر جميع الأفكار المطروحة.

ثالثًا: التركيز على جوهر المشكلة أو الموضوع المطروح

إحدى القواعد الأساسية في العصف الذهني والتي يجب أن تسود في أي اجتماع هي التركيز على الهدف، ففي معظم الأحيان عند طرح الحلول ومناقشتها تتشعب الأفكار وينتقل الفريق إلى مواضيع ثانوية مبتعدين عن جوهر المشكلة، لذا فإن التركيز على نقطة البداية والعودة لها كلما زاغت الأفكار خطوة ضرورية للنجاح.

رابعًا: مُتكلم واحد فقط

قد تكون هذه القاعدة صعبة التطبيق خصوصًا مع وجود عدد كبير من الأفراد المشاركين بأفكارهم الجامحة التي يتوقون للتعبير عنها، لكن إن أردت ضبط الاجتماع والخروج بأفكار وحلول ناجحة فلا بد أن يتكلم كل فرد ويطرح أفكاره دون اعتراض أو قطع كلامه من قبل الأفراد الآخرين.

خامسًا: المادة مرئية ضرورة ملحّة

أيًا كان الموضوع الذي يدور حوله اجتماع العصف الذهني فلا بد من توفير مختلف أنواع البيانات والأشكال والصور وحتى الفيديوهات بحيث تكون من مرأى الجميع، هذا سوف يتيح للجميع التدقيق في جميع التفاصيل المتوفرة والخروج بأفكار جديدة.

سادسًا: توليد أكبر قدر ممكن من الأفكار

يجب أن تكون قاعدة “العدد والكمية” قاعدة ذهبية في أي جلسة عصف ذهني، فلتحاول أن تولد مع أفراد فريقك 100 فكرة على الأقل خلال 60 دقيقة، هذا سيكون هدفًا رائعًا لإنجازه.

اترك تعليقاً