مفهوم الأداء المالي :
باعتبار أن الأداء المالي هو أحد أنواع الأداء ، فقد تعددت المفاهيم المقدمة للأداء المالي ، كون أن كل باحث ينظر إلى مفهوم الأداء المالي حسب الزاوية التي ينظر إليها ، حيث إن كل طرف يفسر الأداء المالي بما يخدم مصالحه ، فالمساهم يسعي لتعظيم ثروته ، والشركة تسعي نحو الاستمرار والبقاء ، والموظف يتطلع إلى رفع الأجور والحوافز ، والجهاز الحكومي يهدف إلى إنماء حصيلة الضرائب ، والمجتمع يود وينتظر الرخاء الاقتصادي ورفاهية الأفراد وتحقيق العدالة الاجتماعية .
فكل طرف يفسر الأداء بالشكل الذي يروق له ، ونتيجة لذلك قدمت العديد من التعريفات للأداء المالي منها :
1- الأداء المالي هو مدى قدرة الشركة علي الاستغلال الأمثل مواردها ومصادرها في الاستخدامات ذات الأجل الطويل وذات الأجل القصير من أجل تشكيل ثروة .
2- الأداء المالي هو مدى مساهمة الأنشطة في خلق القيمة أو الفعالية في استخدام الموارد المالية المتاحة من خلال بلوغ الأهداف المالية بأقل التكاليف المالية .
3- هو تقديم حكم ذو قيمة حول إدارة الموارد الطبيعية والمادية والمالية متحدة ، ومدى قدرة إدارة الشركة علي إشباع منافع ورغبات أطرافها المختلفة .
كما يعرف تقييم الأداء المالي بأنه هو نظام متكامل يعمل علي مقارنة النتائج الفعلية للمؤشرات المختارة أو المنتخبة بما يقابلها من مؤشرات مستهدفة ، أو بتلك التي تعكس نتائج الأداء من خلال مدد سابقة ، أو نتائج الأداء في الوحدات الاقتصادية المماثلة مع مراعاة الظروف التاريخية والهيكلية ، أو بالمؤشرات المستنبط معدلاتها وفقاً لمتوسط نتائج مجموعة من الوحدات الاقتصادية مع مراعاة تقارب أحجام هذه الوحدات .
ويعرف الأداء المالي من خلال تسليط الضوء علي العوامل التالية :
– العوامل المؤثرة في الأرباح .
– أثر السياسات المالية المتبناة من طرف الإدارة علي ربحية الأموال الخاصة .
– مدى مساهمة معدل نمو الشركة في إنجاح السياسة المالية من خلال تحقيق الفوائض المالية .
– مدى تغطية مستوي النشاط للمصاريف العامة .
في ضوء ما سبق نجد أن الأداء المالي لا يكون فعالاً إلا من خلال تشخيص القدرة المالية للشركة ، وذلك من خلال الوقوف علي نقاط القوة والضعف فيها ، ومدى قدرتها علي تحقيق الأهداف الكلية وعلي رأس هذه الأهداف اكتساب الثروة أو خلق القيمة مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والمالية المحيطة بالشركة .
علاقة الأداء المالي بالقيمة :
لا يزال مفهوم قيمة الشركة محل اهتمام العديد من الباحثين والأكاديميين كون أن أغلب القرارات المالية ذات الأجل الطويل أو القصير تبني علي أساس قيمة الشركة لما لها من انعكاسات بالغة الأهمية للمهتمين بشؤون الشركة .
وتهدف نظرية المالية الحديثة إلى تعظيم قيمة الشركة من أجل استفادة الأطراف المتفاعلة في التنظيم وبالدرجة الأولي المساهمين .
ونظراً لأهمية الموضوع فقد بُذلت مجهودات من قبل مجلس Stem Stewart & co بتحديد المؤشرات المندرجة في القيمة الاقتصادية المضافة ( EVA ) ، والتي هي ذاتها تعتبر مقياساً للأداء والنجاعة المالية الفعلية لأرباح وعوائد الشركة ، وهذا التوجه من شأنه أن يقلص من هوة النزاع بين ملاك الشركة وإدارتها .
الانتقادات الموجهة لمقاييس الأداء المالية التقليدية :
علي الرغم من وجود العديد من المقاييس المالية التقليدية التي كانت لعقود طويلة تعبر عن مدى تحقيق الشركات لأهدافها ، إلا أن هذه المقاييس قد تعرضت للكثير من الانتقادات من قبل الباحثين والمهنيين ، وأصبحت مقياييس متقادمة وعاجزة عن تقييم أداء الإدارة بصورة دقيقة وذلك بسبب تضارب المصالح بين المساهمين والإدارة ، أي أن القوائم المالية التقليدية لم تستطع أن توفق بين متطلبات المساهمين والإدارة .
فضلاً عن ذلك ، فإن القوائم المالية التقليدية ينظر إليها البعض علي أنها قوائم مشوشة بسبب ارتكازها علي قيم محاسبية يغلب عليها التحفظ والقيم التاريخية والتقديرات الشخصية .
ولذلك فقد ساهمت المقاييس المحاسبية التقليدية في تعميق الفجوة وزيادة حدة التعارض بين الإدارة والمساهمين ، فمثلا ، معدل العائد علي حقوق الملكية ( ROE ) غير ملائم إذا ارتفعت أسعار الفائدة حيث يؤدى ذلك إلى تحجيم الوعاء الضريبي وينعكس ذلك علي مصداقية معدل العائد علي حقوق الملكية .
ويعتمد معدل العائد علي الأصول ( ROA ) علي مفهوم صافي الأرباح وليس علي مفهوم التدفقات النقدية الذي تهتم به الإدارة المالية عند تقييم المشروعات الاستثمارية وهذا قد يؤدى إلى قبول اقتراحات تسهم بدرجة أقل في تعظيم ثروة المساهمين أو رفض اقتراحات قد تسهم في تعظيمها .
وكذلك فإنه من خلال مؤشر العائد علي الاستثمار ( ROI ) فإن القياس السنوي للربح يدفع بالمدراء تفضيل المشاريع ذات فترات الاسترداد القصيرة .
وعليه ، يعتبر ذلك إجحافاص لكثير من الاستثمارات ، والتي في أغلبها تدر عائداً في فترة تفوق السنة ، الأمر الذي يعطي عائداً علي الاستثمار أقل من عائده الحقيقي . حيث سيؤدي هذا التوجه إلى ضياع فرص استثمارية جيدة عدة .
كذلك ، ربما لم يكن معدل العائد علي السهم ( EPS ) هو المقياس الأفضل بالنسبة للمستثمرين عند رغبتهم في اتخاذ قرار بالاستثمار في الأسهم ، حيث أن العائد علي السهم مقياس يحمل مخاطر كونه مضللاً حيث يحتسب علي ربح الشركة والذي يحمل مخاطر كونه موجهاً من قبل المدراء .
ومن جوانب الخلل والقصور في المقاييس المالية التقليدية عموماً ما يلي :
1- عدم المقدرة علي تحديد القيمة الاقتصادية لثروة المساهمين والتي تنعكس علي القيمة السوقية لأسهم الشركة .
2- تجاهل تكلفة التمويل عن طريق الملكية أو الأسهم في احتساب الربحي المحاسبي . إذ أنه من المتعارف عليه أن الربح المحاسبي يأخذ في الحسبان تكلفة التمويل فقط عن طريق القروض والسندات ويتجاهل تكلفة التمويل بالملكية تماماً مما يعطي الانطباع في كثير من الأحيان بأن أداء الشركة مرضياً ، مع العلم بأنه لو تم أخذ هذه التكلفة في الحسبان لتغيرت نتيجة التقييم .
3- الاعتماد بصفة أساسية علي المعلومات المحاسبية التاريخية القائمة علي المبادئ المحاسبية ، إذ قد تصبح هذه المعلومات قديمة وغير ذات قيمة في حالة التضخم ، وأنها تعتمد علي قياس الأرباح وليس التدفقات النقدية الأهم بالنسبة لبقاء الشركة ونجاحها والاستمرار في أعمالها وتحقيق أهدافها الإستراتيجية .
4- عدم فاعليتها في كشف حالات التعثر والإفلاس التي تتعرض لها الشركة ، فضلاً عن عدم مقدرتها علي مساعدة المستثمرين الحاليين والمرتقبين في تحديد قراراتهم الاستثمارية السليمة .