لا شكّ أن إنشاء المحتوى عمليةٌ تستهلك الكثير من الوقت، بدءًا من إعداد ما يجب كتابته، مرورًا بإنشاء الرسومات وكتابة الترويسة واختيار الوسوم، ثم نشر المحتوى والتفاعل مع الجمهور في التعليقات، وغيرها. فتخيّل أن كل هذه العملية لإنشاء منشورٍ واحد، أي ستمرّ بها مجددًا في كل مرةٍ تريد نشر محتوىً معين.

قد تواجه تحدياتٍ صعبةٍ عند إنشاء محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الاستمرار على نهجٍ ثابتٍ يعود بالكثير من الفوائد على مشروعك التجاري، إذ أن نشر المحتوى القيّم باستمرار سيساهم في الأمور التالية:

زيادة عدد المتابعين.
زيادة الوعي بالعلامة التجارية.
بناء علامةٍ قويةٍ في مجال عملك.
تحسين التفاعل مع الجمهور.

هل تسعى إلى تحقيق تلك الفوائد؟ يجب عليك إذًا ابتكار استراتيجيةٍ مستدامةٍ لتوفير الوقت اللازم لإعداد وإنشاء محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك عاملان رئيسيان للوصول إلى تلك الاستراتيجية، وهما التخطيط أو الإعداد المسبق، والعمل التجميعي.
تعدد المهام: احذر المخاطرة

أصبح تعدُُد المهام حاجةً ملازمةً لمتطلبات عصرنا، ويفضل كثيرون أداء عدّة مهامٍ لزيادة الإنتاجيّة، انطلاقًا من فكرة “إنجاز كافة الأشياء معًا”، فالشيء الذي ربما لا تعرفه هو أن تعدُُد المهام يُعّد إحدى أقل الطرق فعاليّةً في زيادة الإنتاج.

وجدت هذه الدراسة الأمريكية أن نسبة الأشخاص الذين يتقنون إنجاز عدّة مهام لا تتجاوز 2%ـ، إذ يتطلب إنجاز المهمة وقتًا أطول بنسبة 50% عندما تنتقل من مهمةٍ إلى أخرى.

يملك 2% فقط من السكان الأمريكيين القدرة على إنجاز عدة مهامٍ بكفاءة.

ما الذي تفعله النسبة الباقية إذًا؟ بخصوص موضوعنا، الحل هو اللجوء إلى نظام تجميع العمل، حيث سنوضح لك العملية القابلة للتكرار شهريًا كي توفّر الوقت اللازم لإعداد وإنشاء محتوى وسائل التواصل الاجتماعي.
عملية إعداد المحتوى

خصّص بعض الوقت شهريًا، لرسم وإعداد محتوى وسائل التواصل الاجتماعي تمهيدًا للشهر القادم، حيث يمكّنك تحديد المواضيع الرئيسيّة لمحتوى الشهر القادم من مراجعة هذا المحتوى وتفحّصه من عدة جوانب، وهو ما يسمح لك بوضع استراتيجياتِ إعدادٍ أفضل، إذ تستطيع استغلال ساعةٍ أو ساعتين شهريًا لإعداد محتوى الشهر القادم.

خصّص ما بين ساعةٍ إلى ساعتين شهريًا لإعداد محتوى الشهر القادم.

ما الذي يجب أخذه بالحسبان عند إعداد المحتوى؟

عدد المنشورات: كم مرةً ترغب بالنشر أسبوعيًا؟ تذكّر أن جودة المحتوى والاستمرار في النشر أهم من عدد المنشورات، لذا التزم بجدولٍ زمني وعدد مراتٍ محددٍ للحفاظ على هذه الاستراتيجية، إلى جانب الاستمرار بها على المدى الطويل.
الأهداف: ما هي أهداف المشروع الكلية التي تريد تحقيقها في هذا الشهر؟ وكيف تتمكن من تحقيق تلك الأهداف باستخدام المحتوى الذي تصنعه؟
المواعيد المهمة: هل تريد إطلاق منتجٍ أو خدمةٍ جديدة؟ هل تخطط لإقامة حدثٍ على المدى القريب؟ ضع تلك المواعيد المهمة في خطة الشهر أولًا، حتى تتمكّن من ابتكار محتوىً مساعدٍ يتعلّق بالأحداث المهمّة.
المناسبات والأعياد التي يُمكن الاحتفال بها: هناك الكثير من المناسبات وأيام الأعياد العالمية التي تحتفي بها وسائل التواصل الاجتماعي، لذا عليك انتقاء ما يناسب جمهورك، وابحث عما يناسب المجال الذي تعمل فيه أيضًا.

إذا وضعت خطةً للمحتوى، فبإمكانك استقبال الشهر الجديد بثقةٍ تامة، وذلك لامتلاكك المعرفة الكافيّة عمّا تريد تقديمه للجمهور أسبوعيًا.
ما نوع محتوى وسائل التواصل الاجتماعي المناسب؟

إحدى أهم التحديات التي قد تواجهها هي معرفة ما يجب نشره، إذ من الضروري مشاركة أنواعٍ مختلفةٍ من المحتوى، فبعضها مخصصٌ لتعليم وتثقيف الجمهور، بينما تركز أنواعٍ أخرى على الترفيه أو زيادة المبيعات.

إليك بعض الأمثلة عن مشاريع تجاريةٍ عالميةٍ توازن بين المحتوى التعليمي والترفيهي، بينما تسعى إلى زيادة المبيعات أيضًا.
شركة Bulletproof

توازن Bulletproof جيدًا بين المحتوى الترفيهي والتعليمي والهادف إلى البيع، حيث تبرز الشركة منتجاتها، وتشارك وصفات طعام وتُجيب عن الأسئلة الشائعة والمتكرّرة، وتعتمد على رسومات GIF الفكاهيّة والملائمة لكل موقف.

01.png
شركة Flodesk

هي شركة خدماتٍ تسويقيّة تُركّز على المزايا الجديدة، وتشارك النصائح وأفضل الممارسات المتعلّقة بالتسويق بالبريد الإلكتروني، وتشجّع أيضًا على تفاعل الجمهور من خلال طرح أسئلةٍ مثل “أتفضل هذا أم ذاك؟”.

03.png

هناك ميزةٌ أخرى لإعداد المحتوى قبل شهرٍ كامل، وهي إمكانيّة توزيع المحتوى وإعداد أنواعٍ مختلفةٍ من المحتوى الذي ستشاركه، إذ يسمح لك التخطيط المسبق بابتكار منشوراتٍ منمقةٍ واستراتيجية، بدلًا من البحث عن أفكارٍ لنشرها فورًا، واحتمال الوقوع في فخ المنشورات التي تركز كثيرًا على المبيعات أو المنشورات الفكاهية جدًا وغير المجدية، حيث يضمن التخطيط إصابة كل الأهداف التي يطلبها الجمهور، وهي المعرفة والإعجاب وعامل الثقة، بالإضافة إلى تقديم خدمةٍ للجمهور، وهو ما سيؤدي إلى زيادة معدل التحويلات.

لنفترض أنك تريد مشاركة 4 منشوراتٍ في الأسبوع، لموازنة أنواع المحتوى. شارك منشورين تعليميين وخصّص واحدًا للمبيعات واجعله منشورًا ترفيهيًا، حيث ستتمكن من ابتكار أفكار المحتوى بما يناسب المحتوى الرائج ومتطلبات الجمهور، وتُحقق ذلك من خلال الإعداد المسبق لمحتوى الشهر القادم.

نصيحة إضافيّة: لا يتطلب إعداد المحتوى المسبق مهاراتٍ تقنيةٍ عالية، فلا تحتاج سوى تقويمٍ شهري، بالإضافة إلى تدوين الملاحظات حول مواضيع المحتوى، حيث تتيح لك هذه العملية نقل الأفكار والمواضيع كيفما تشاء، بهدف تحقيق توازنٍ في توزيع المحتوى أيضًا، وبإمكانك تدوين كل ما تحتاجه رقميًا، مثل تقويم جوجل، أو باستخدام أدواتٍ أخرى لتسجيل الملاحظات. إلى جانب المنصة العربية الحديثة الخاصة بنفس المجال، منصة “أنا”

تذكّر أن المحتوى ليس بالضروري أن يكون معقدًا، بل أي شيءٍ يحمل قيمةً للجمهور المثاليّ، فشارك المعرفة التي تملكها، وعرّف الجمهور على حقيقة مشروعك وطاقم عملك مثلًا، واذكر تجارب أو تزكيات أو مراجعات العملاء السابقين، ولا تنسَ الإجابة عن الأسئلة الشائعة والمتكرّرة، وتذكّر أن معرفة ما يحتاجه الجمهور أمرٌ أساسي، وأن تكون لديك هذه المعرفة أساسًا، وإلا لما تابع الجمهور حسابك على وسائل التواصل الاجتماعي أساسًا.
إنشاء سيل من المحتوى عبر العمل التجميعي

إليك ما يجب معرفته حول العمل التجميعيّ، وكيفية استغلال هذه الاستراتيجية في إعداد المحتوى.
ما هو العمل التجميعي

العمل التجميعي هو نوعٌ من أنواع العمل المحدّد وفق الموضوع، حيث يمتاز بالتركيز العالي على إنجاز العمل عبر تقسيمه إلى ساعاتٍ أو أيامٍ مختلفة، والتركيز على موضوعٍ واحدٍ في كل فترة. إذ يُمكن تطبيق العمل التجميعي على مهام الحياة والعمل كافة، وسنركّز في مقالتنا على استخدام العمل التجميعي في إنشاء المحتوى.

عند التركيز على مهمةٍ واحدةٍ في فترةٍ محددة، سيدخل المرء في حالة التدفّق الذهني، وهو ما سيسمح بازدهار الإنتاجيّة والإبداع، وسيحصل المرء في نهاية المطاف على محتوىً ذي جودةٍ عاليةٍ في وقتٍ أقل، ما يعني ربحًا مضاعفًا.
الخطوة 1: إعداد المحتوى لشهر كامل

مثلما أوضحنا سابقًا أن الخطوة الأولى لإعداد وإنشاء محتوى وسائل التواصل هي التخطيط لإعداد هذا المحتوى قبل شهرٍ كامل، فبعد تجهيز المحتوى وإعداد خارطة الطريق، اتبع الخطوات التالية أسبوعيًا لتضمن تنظيم هذه العمليّة.
الخطوة 2: إنشاء المحتوى المرئي

بعد إعداد خارطة الطريق، قرر نوع المحتوى المرئي الذي تريد نشره هذا الأسبوع، جهّز قائمةً بكافةِ الأشياء التي تحتاجها لإعداد المحتوى البصري، بدءً من الصور المدفوعة stock photos إلى الرسومات المخصّصة والفيديوهات ومقاطع الفيديو القصيرة وصور الغلاف، وغيرها.

يأتي دور إنشاء المحتوى بعد تجهيز تلك القائمة، حيث تستطيع استخدام أدواتٍ معينّةٍ لإنشاء رسوماتٍ مخصصةٍ للعلامة التجارية، ويمكنك شراء مكتبةٍ من النماذج سهلة التعديل، وإضافة محتوىً مختلفًا أسبوعيًا عليها، إذ تفيد تلك الطرق في الحفاظ على استمرارية تميّز علامتك التجارية، وتوفر لك الكثير من الوقت عوضًا عن إنشاء التصاميم من الصفر أسبوعيًا.
الخطوة 3: كتابة كافة تعقيبات الصور

لا تتطلب كتابة تعقيب الصورة -أي الشرح التوضيحي لها- كثيرًا من الوقت، إذ ستتمكن من كتابة تعقيبٍ سريع تجذب وتُنوّع من خلاله الجمهور، وذلك من خلال الاعتماد على تجميع التعقيبات واتباع صيغة واحدة لها، حيث أن التعقيب الجيد يشمل ما يلي:

جذب واستقطاب الجمهور: استحوذ على اهتمام الجمهور منذ البداية، واختر الكلمات الـ7-14 الأولى بعنايةٍ، وذلك حتى يبدو التعليق أشبه بموضوع البريد الإلكتروني، لهذا ركّز على إثارة فضول الجمهور حتى يضغط زر “قراءة المزيد”.
القيمة: قدّم المحتوى القيّم الذي روّجت له في المقدمة، وشارك المحتوى التعليمي والترفيهي أو محتوى زيادة المبيعات.
طلب اتخاذ الإجراء: أخبر الجمهور ما يتوجّب عليه فعله، أي اطلب منه الإعجاب والمشاركة والتعليق أو النقر والشراء أو ذكر صديق، وغيرها من الإجراءات الأخرى، واجعل طلب اتخاذ الإجراء بسيطًا ومسليًّا، وذلك حتى تتمكن من زيادة احتمالية استجابة الجمهور.

الخطوة 4: جدولة المنشورات

بعد إنشاء المحتوى المرئي والوصف، يأتي موعد جدولة المنشورات وفق التقويم الذي وضعته، حيث بإمكانك استخدام أدواتٍ لتحديد موعد النشر أيضًا.

05.png

تتيح لك بعض أدوات النشر إمكانية جدولة مواعيد النشر، والكثير من الخيارات الأخرى، حيث يمكنك اختيار المنطقة الزمنيّة وأيام النشر، وتحديد ساعة النشر حينما تشاء.

يمكنك إضافة الصور والوصف الملائم لها، ثم الاختيار بين جدولة المنشور أو إضافته إلى قائمة الانتظار، حيث تستطيع الاختيار بين النشر تلقائيًا في الوقت المحدد، أو تلقي إشعاراتٍ منبثقةٍ تُبلغك بموعد النشر، فتنشر المحتوى يدويًا.

06.png
الخطوة 5: إضافة هاشتاج/الوسم خاصة إن كان النشر على إنستغرام

لديك خيار إضافة ما يصل إلى 30 وسمًا للمحتوى المنشور على إنستغرام، وتُضاف هذه الوسوم إلى التعليق الأول على المنشور، حيث توفّر لك أدوات إدارة الوسوم إمكانية حفظ مجموعاتٍ من الوسوم داخل المنصة نفسها، إذ تسهّل هذه الميزة اختيار مجموعة الوسوم المناسبة لكل منشور، وإضافتها عند النشر على إنستغرام، وتُعَد الوسوم خيارًا ممتازًا لتوسيع مدى وصول المحتوى إلى الجمهور، وبإمكانك استخدام أدواتٍ وبرامجٍ تتيح لك حفظ الوسوم ضمن مجموعات، وهو ما يسهّل عملية اختيار المجموعة المناسبة لكل منشور.

07.png
فوائد إعداد المحتوى وجدولته مسبقا

تخيّل أنك لست بحاجةٍ إلى التفكير والتساؤل عمّا يتوجّب نشره في الأيام المقبلة، هل يبدو العمل هكذا سهلًا ومريحًا؟ حيث ستجني الكثير من الفوائد عندما تعتاد تجهيز المحتوى وجدولته مسبقًا، إذ ُتوفّر لك هذه الاستراتيجية وقتًا إضافيًا، وتقلل من مخاوفك حول وسائل التواصل الاجتماعي، فبدلًا من النشر بهدف النشر فقط، استغل تجميع المحتوى لابتكار محتوىً عالي الجودة عندما تكون في مرحلة التركيز، وجدول مواعيد نشر المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي حسب الاستراتيجية المتّبعة.

ابتكر محتوىً يدعم الأهداف العامة لمشروعك التجاري منذ مرحلة الإعداد المسبق، فإذا أردت الترويج لمنتجٍ أو خدمةٍ ما أو التخطيط لإقامة حدثٍ أو احتفالٍ بالإنجازات، فسيوفّر لك الإعداد المسبق ميزةً عكسية، أي استغلال هذه الأهداف لإنشاء محتوىً تسويقيٍ استراتيجي، ما يعزز تحقيق تلك الأهداف ويُكسبك محتوىً ذي قيمةٍ حقيقية.

أخيرًا، لا بدّ لنا من ذكر ميزةٍ أخرى تستطيع الحصول عليها عند تحرير جزءٍ من وقتك وطاقتك خلال عملية كتابة المحتوى، وهي إتاحة الوقت والجهد للاستثمار في مجالاتٍ أخرى من مشروعك التجاري، حيث تستطيع إنفاق هذا الوقت الإضافي على بناء العلاقات وجهات التواصل داخل مجتمعك أو جمهورك على وسائل التواصل الاجتماعي، أو استثماره في تحسين مجالاتٍ أخرى من مشروعك التجاري، مثل المبيعات والمهام الإدارية والتواصل أو تطوير فريقك، وبإمكانك أيضًا إنفاق هذا الوقت على نفسك. تخيّل كيف ستقضي تلك الساعات الإضافية في كل شهر، وفكّر في الفوائد التي تجنيها عبر الاستغلال الأمثل لتلك الساعات، واجعلها حافزًا يدفعك إلى الالتزام بالاستراتيجية الجديدة لكتابة المحتوى.

تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي أداةً شديدة الفعالية بنظر الشركات والمشروعات التجاريّة، فإذا أردت استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بطريقةٍ استراتيجيةٍ ومدروسة، فعليك التخطيط المسبق في عملية إعداد المحتوى بعناية.

اترك تعليقاً