تمثل إدارة مشروع للتصميم فرصةً تُشعرك بالتحرر، لكنها في الآن ذاته مهمة شاقة. هناك فرص رائعة لصقل إبداعنا بالتوازي مع أخرى مذهلة للتواصل مع الأشخاص الذين يشبهوننا في التفكير، ولكن ليس من السهل الانخراط مباشرةً في ذلك، بل عليك مواجهة بعض العقبات لتحقيق التقدم. ومع أننا نود تقديم الأفضل لعملائنا، إلا أن الأمر يتطلب قوة إرادة استثنائية للحفاظ على انضباطنا الذاتي، إذ غالبًا ما يتوجب علينا العمل لساعات طويلة -تتجاوز الوقت الذي نقضيه في الوظائف التقليدية- لدرجة نصل فيها إلى حد الإرهاق، ففكرة أننا نتحمل المسؤولية مرعبة، وتعني أننا غالبًا ما ننسى حماية أنفسنا.

تكرس الوظيفة الاعتيادية حدًا فاصلًا بينك وبين العميل، ولكن ذلك الحد يتلاشى إلى حد ما في حالة العمل التجاري الحر (المستقل) في مجال التصميم، إذ أنك لست معتادًا على الرفض، وبالتالي قد يؤدي بك الخوف من خسارة مصادر دخلك إلى قبول أمور قد لا تصب في مصلحتك. إليك سبع نقاط تضمن من خلالها إنشاء عمل حر في مجال التصميم الاحترافي يحقق مصلحتك ومصلحة عملائك.

1. العثور على عملاء

مثلما يُعَد الأمل في العثور على الذهب جزءًا أساسيًا من التنقيب عنه، كذلك محاولة العثور على عملاء مناسبين؛ فهي عملية تتطلب عنايةً فائقةً وتكريسًا للكثير من الوقت لها. وبالرغم من أن هناك ما يجذبك دائمًا إلى العمل لصالح أول عميل تصادفه في طريقك، إلا أنك إذا أنجزت العمل للعميل الأول على نحو خاطئ، فقد تكون لذلك نتائج كارثية على عملك مستقبلًا.

عليك تحديد تخصصك قبل أن تبدأ بالتحضير لاستراتيجيتك التسويقية حتى. انظر بتمعن إلى معرض أعمالك وإلى ما تقدمه من خدمات، واعرف نقاط القوة ومكامن الضعف لديك. وانطلاقًا من هذه النقطة، يمكنك البدء ببناء علامة تجارية خاصة بمشروعك.

وبعدما تنتهي من إنشاء علامة تجارية، يمكنك البدء بالإعلان، مع الانتباه إلى سلوك جمهورك المستهدف. أنشئ حملات جذابةً وهادفة، وذلك بالاعتماد على البحث الذي تجريه حول منافسيك. قد ترى هناك أنه من المفيد أن تتشارك مع أشخاص يشبهونك فكريًا، ورغم أنك تريد الحفاظ على ميزة تنافسية، إلا أنك ستجد أن هناك دائمًا مستقلين مستعدين لمشاركتك خبراتهم.

احرص على إنشاء حسابات تواصل اجتماعي وبريد إلكتروني. ومع أخذ علامتك التجارية بالحسبان، احتفظ بعنوان بريد إلكتروني، وصفحة فيسبوك، وحساب تويتر؛ تكون جميعها رسمية الطابع، لأن ذلك سيترك انطباعًا احترافيًا عن مشروعك التجاري في أذهان عملائك.

2. استيعاب احتياجات عملائك

من الحكمة أن تحرص على وضوح ما يريده عملاؤك منك، كما يجب عليك تحديد ما إذا كنت قادرًا على تلبية جميع احتياجاتهم. ستساعدك الاستشارة المعمقة في اكتشاف التفاصيل والفوارق الدقيقة للمشروع الذي تعمل عليه، وفي تكوين فكرة حول كيفية التعامل معه.

يُعَد عميلك صاحبَ العمل بالنسبة لك؛ أي الشخص الذي يوظفك. ولذلك، عليك أخذ شخصيته وطباعه بالحسبان قبل المضي قُدمًا، إذ قد يفهم عرضك على نحو خاطئ، ولا مجال في هذه المرحلة لإضاعتكما للوقت؛ فإذا كنت لا تستطيع تلبية احتياجات عميلك، فعليك مصارحته ومصارحة نفسك أيضًا حول ذلك.

وكما هو الحال بالنسبة لأي عمل تجاري آخر؛ عليك تبنّي موقف احترافي وموجَّه نحو تقديم خدمة مع عملائك المحتملين. عليك في معرض بحثك عن عملاء توخي المكاسب طويلة الأمد، وذلك بأن تبلي حسنًا، بحيث تنال تقييمًا إيجابيًا تعوّل عليه لاحقًا، سواءٌ أكنت تعمل على مشروع طويل أم قصير.

3. إدارة التوقعات

إذا كنت واثقًا من قدرتك على تلبية احتياجات العميل، فعليك البدء بصياغة عرضٍ بكل احترافية، لتتقدم به للعمل على المشروع، فتلك فرصتك لضمان فهم العميل لك ومساعدتك في كيفية التعامل مع توقعاته. ينبغي لكل ما يتضمنه العرض الذي تقدمه للعميل أن يثير انتباهه ويؤثر فيه، بشرط أن تكون قادرًا على تحقيق كل ما وعدتَ به. تحلَّ بالوضوح حول الطريقة التي تنوي إنجاز العمل وفقًا لها.

سيحاول العميل غالبًا الإمساك بزمام الحديث معك وتوجيهه، ولا مشكلة في ذلك؛ لكن عليك أيضًا الحرص على المشاركة بفعالية في ذلك النقاش. يُعَد مشروع العمل المستقل في مجال التصميم عمليةً ذات فائدة مشتركة، وينبغي لك الحرص على نيل إيجابيات منها بقدر ما تعطي. ومتى اعتمدتَ طريقة تنفيذ المشروع، سيكون قد حان الوقت لتدوين ذلك وتحديده.

احرص على الاتفاق كتابةً مع العميل حول كل التفاصيل المهمة؛ بدءًا من المقابل الذي ستتقاضاه، مرورًا بمواعيد تسليم أجزاء المشروع المفصلية، وانتهاءً بموعد التسليم النهائي، وكم من المسودات أنت مستعد للتقديم. يُعَد ذلك جزءًا بالغ الأهمية من عملية التصميم، فهو بمثابة المرجعية التي يمكنك الاستناد إليها عند انتهاء عملك على إنجاز المشروع.

4. اتبع عادات عمل مفيدة

يصبح بإمكانك البدء بالعمل على المشروع بعدما تكون قد اتفقت أنت وعميلك على شروطه، ولكن ينبغي لك اتباع عادات عمل منظمة قبل بدئك الفعلي بالعمل، إذ من الضروري إعداد مكان عمل مناسب والاستعداد نفسيًا للبدء بتنفيذ المشروع، بحيث تفي بما وعدتَ به في العرض الذي تقدمت بموجبه إلى ذلك المشروع. احرص على توفر جميع المعدات التي تحتاج إليها، وأنّ جميعها تعمل.

ألقِ نظرةً على مكان العمل، وتحقق من أنه مريح واحترافي. عليك التأكد من البعد عن المشتتات، بحيث تتجنب شبح التأجيل الذي لا ينفك يخيم على عملك. انظر إلى مشروعك نفسه وحاول تقسيمه إلى أجزاء، ثم ضع قوائم تفصيلية وشاملة بالأمور التي ستنجزها، والتي عليك المفاضلة بينها وفق أولوية كل منها مع تقدمك في العمل على ذلك المشروع.

الأكثر أهميةً هنا، هو أن إعداد روتين صارم من شأنه مساعدتك في طريقة عملك على المشروع، لذا كن واقعيًا فيما يتعلق بحجم العمل الذي يمكنك إنجازه يوميًا، خصوصًا إذا كنت تعمل على أكثر من مشروع في الوقت ذاته. طوّر فهمًا للكيفية التي تعمل وفقًا لها، وللوقت الذي بوسعك التركيز خلاله، مع ضمان عدم إرهاق نفسك قبل وصولك إلى نهاية المشروع.

5. التصميم

بعدما تكون قد اعتمدتَ روتينًا تفصيليًا، وقائمةً بالمهام التي ستنجزها؛ يمكنك البدء بأفضل جزء من تلك العملية، المتمثل في العمل ذاته. وهنا بالذات، ستحصد نتائج إيجابيةً إن أنجزتَ ما يمثل وفاءً بوعودك التي قطعتها لعميلك. رتّب لجلسات تحقُّق منتظمة للتواصل مع عميلك، بحيث تبقيه مطمئنًا لاختياره المستقل المناسب؛ الذي هو أنت.

ينصح السيد إيرون غراهام Aaron Graham، وهو مستشار شخصي وكاتب مستقل، قائلًا:

بصرف النظر عن مهارتك وموهبتك، لا تتوقع إنجاز العمل على نحو صحيح من المحاولة الأولى. أمضِ ما يمكنك من وقت في إعداد المسودات، وإعدادها مجددًا، وتقديم أفكار ورسوم تقريبية Sketches لعميلك؛ وذلك بالتوازي مع مضيّك قُدمًا في العمل. وهنا يُنصح بإبقاء الوثيقة المتضمنة متطلبات المشروع -التي حددها العميل- ونطاقه قريبةً منك، بحيث تبقى مواكبًا لها.

من السهل أن تتحمس تجاه المشاريع الإبداعية؛ فمهارتك التي جعلتك تُختار لتنفيذ المشروع؛ ولكن عليك تجنّب المبالغة والجرأة عند إنجاز أعمال التصميم، لأنك لا تنجز المشروع لأجلك، بل لجمهور العميل في نهاية المطاف.

إذا شعرتَ عند أي مرحلة من إنجاز المشروع بأنك عاجز عن تحقيق أي تقدم فيه، فاستلهم من منافسيك أو أصدقائك أو أفراد عائلتك؛ ولا تخش طلب أفكار من عميلك حتى. تذكّر أنه يريد النجاح لمشروعه، ولذا فإنه سيرحب بفرصة أن يكون جزءًا من العملية ككل.

6. المراجعة

احرص في كل مرة على إكمال المشروع ضمن الوقت المحدد؛ إذ يمنحك كل مشروع تنجزه فرصة استلام مزيد من الأعمال، سواءً مع العميل ذاته أو مع غيره.

يُظهر إكمالك للمشروع ضمن الوقت المحدد احترافيتك لعميلك ولذوي الصلة بالمشروع، ولكن سيكون لدى عميلك اقتراحات يقدمها لك بعد انتهائك من إنجاز المشروع، وهنا عليك الاستعداد نفسيًا لتلقّي الانتقاد.

ينبغي النظر دائمًا إلى الانتقاد بوصفه أداةً مفيدة، وتذكّر أن المشروع الذي انتهيت من إنجازه لم يَعُد لك، بل أصبح منتَجًا يحتاج العميل إلى تنقيحه. وبوصولك إلى هذه المرحلة، تكون قد نسجتَ علاقةً يسودها الانفتاح والصدق مع عميلك لضمان توافقكما عند نهاية كل نقاش بينكما.

ومع أن مراجعات العميل ستكون معقولةً في أغلب الأحوال، فستصادف من فترة لأخرى عملاءً قد يوجهون إليك طلبات انتهازية، وهنا عليك الحفاظ على احترافيتك، مع بقائك حازمًا في الوقت ذاته. راجع توقعات عميلك منذ بداية العملية بالتوازي مع الشروط والأحكام الخاصة بك، ولا مشكلة في أن تراجع ما كانت عليه توقعات العميل في البداية. وإذا كانت عمليات المراجعة تتطلب وقتًا كثيرًا، فعليك طلب تعويض عن ذلك بكل ثقة.

7. الجوانب المالية للعمل الحر في التصميم

رغم أنه من شأن العمل الحر في مجال التصميم منحك شعورًا بالحرية وتمكينك من اتباع شغفك، فهناك دائمًا مهام شاقة يجب إنجازها. لذا فإن كان لديك مبلغ رأسمالي كافٍ، فمن الملائم جدًا توظيف محاسب، ليضمن لك أن عملك متوافق مع الأنظمة الضريبية. لا يمكن غالبًا للمستقلين الجدد دفع تكاليف توظيف محاسبين، لكن عليك أن تلجأ إلى مسك الدفاتر ضمن روتين عملك.

تقول السيدة بيني هاورد Penny Howard، وهي متخصصة في الشأن المالي:

اتبع عادة الاحتفاظ بالإيصالات والفواتير إلى جانب أي وثائق قانونية ذات صلة لديك. وهنا تبرز فائدة نظام إيداع الوثائق؛ إذ إن عليك تخصيص ركن في مكتب منزلك له.

يُعَد الالتزام الضريبي أمرًا بالغ الأهمية، ويشهد أداء الموظفين الحكوميين تطورًا في معالجة ضرائب المستقلين ذوي العمل الحر، وذلك بالتوازي مع تطور هذا المجال. هناك عدد هائل من المواقع الإلكترونية والخدمات التي يمكن أن تساعدك في ذلك، وفي حال إهمال هذا الواجب، فستكون النتائج كارثية، لذا عليك التحلي بفهم واضح لأمورك المالية، بحيث يستمر نمو عملك الحر في مجال التصميم.

اترك تعليقاً