لا تزال عقبة مناقشة وتحديد السعر من أهم مؤرّقات رواد العمل الحر حول العالم بمختلف مجالات عملهم وسنوات خبرتهم. لذا فنتحدث عن أهم الأفكار والحلول التي تساعدك في التفاوض وتحديد الأجرة بصورة أفضل.
لا تقلل من أسعارك
قد يبدو ذلك بديهيًا لكنه خطأ يستحق التنويه، تجنب البخس بقيمة عملك سواءً كنت مبتدئًا أم مخضرمًا في مجالك. يمكنك ببساطة محاولة تدوين مهاراتك وسنوات دراستك وخبرتك وإنجازاتك، ثم موازنة نفسك مع المحترفين في مجالك لتكتشف أنه ربما لديك من الخبرة ما يستحق أكثر مما كنت تعتقد.
وفقًا لأحد رواد العمل الحر، يجب تحديد أجر أكبر بـ 30-40% من المعدل السنوي لأجور العمل التقليدي بالنسبة لمجال العمل نفسه. على سبيل المثال، إذا كان الموظف بمجال معين يتقاضى 12000$ سنويًا، فإن ساعة عمله تعادل ما يقارب 6$ بفرض أنه يعمل 40 ساعة أسبوعيًا، لذا فيجب تقاضي 8$/ساعة تقريبًا للعمل الحر بهذا المجال.
قد تستغرب ذلك، لكن تذكر أن بعض البلدان تفرض على العاملين بنظام العمل الحر ضرائب توظيف ذاتي تزيد بنسبة 30% عن ضرائب العاملين بوظيفة شهرية ثابتة. لا ننكر أن مرونة العمل وحريته تستحق دفع هذه الضريبة المضافة، لكن يجب أخذها بالحسبان عند تحديد الأجر.
الآن وقد أصبحت تدرك قيمة ما لديك، فكيف تتفاوض مع العميل حول السعر؟
تحدث عن مزايا عملك بلغة عميلك
إذا كان عميلك من النوع الذي يهتم بالمردود المادي الذي سيجنيه من توظيفك، فاحرص على شرح التأثير الإيجابي لعملك على أرباح مشروعه، وحاول استخدام الأرقام والمعطيات التي تدل على ذلك مثل حساب عائدات الاستثمار ROI، وابدأ نقاشك معه حول الأجرة من هذه الفكرة؛ أما إذا كان العميل من النوع الذي يهتم بالتنمية المبكرة والتوسع في النشاط التجاري (كما هو الحال لدى جميع الشركات الناشئة المعتمدة على المخاطرة برأس المال)، فاشرح للعميل كيف سيساهم عملك في وصول الشركة إلى مستخدمين جدد وكيف ستجذب مستخدِمي الشركات المنافسة، وناقش معه ذلك من خلال رسوم بيانية واضحة.
وفي حال كنت بصدد التفاوض حول عمل إبداعي مثل كتابة المحتوى أو التصوير أو التصميم الجرافيكي، فحاول الحديث عن أفكار مترابطة متعلقة بالموضوع الذي يريد عرضه لعملائه، واشرح كيف سيساهم عملك في تحسين مشروعه، ولتكن أفكارك متسلسلة ومنظمة أثناء الحوار.
إذا لمست من عميلك أنه مستعد لدفع السعر الذي ترغب به لكنه يحتاج لضمانات من طرفك، فذكره بخبرتك المضمونة في المجال، وابدأ بمناقشة تفاصيل المشروع معه بكل جدية، واطرح عليه أسئلةً جوهريةً، مع إنشاء إطار زمنيًا لمراحل العمل وقدّر المدة التي ستستغرقها كل مرحلة وقدّر التكاليف والأتعاب لكل مرحلة وزدها قليلًا احتياطًا. في النهاية ستكون قد حسبت الميزانية المطلوبة وأجرة عملك وأثبتت أن لديك الخبرة الكافية وأنك تعلم جيدًا كيف تنجز العمل.
اختر عملاء يقدرون قيمة عملك من تزكيات أو منصات عمل ضامنة
من المسائل الشائعة التي تواجه رواد العمل الحر في أيامنا هذه أن الكثير من العملاء وحتى الشركات ذات الميزانية العالية يسعون لدفع أجور أقل مقابل الحصول على خدمات أكبر، ربما بسبب كثرة “اليد العاملة الرخيصة” عبر الإنترنت. ومع ذلك يجب ألا يكون ذلك مدعاةً لليأس، ففي النهاية لا بد أن يدرك العملاء حاجتهم لعمل عالي الجودة قادر على جذب الزبائن وتحقيق مبيعات.
التزكية هي إحدى الأساليب التي يمكنك اتباعها لإيجاد عملاء يقدّرون جودة عملك، فإذا كنت تتناقش مع عميل جديد مثلًا، فيمكنك أن تطلب منه أن يتحدث مع عميلك السابق أو الحالي ليكفل له جودة عملك وأثره الإيجابي على مشروعه، إذ يقتنع العميل أكثر من عميل آخر والتجربة خير برهان، ولطالما كانت هذه الوسيلة فعالةً في جذب انتباه صاحب العمل وتعزيز الثقة والضمان.
وفي حال إصرار العميل المرتقب على التقليل من قيمة عملك، فيجب هنا مواجهته بصورة مباشرة وإخباره أن بإمكانه دفع مبلغ قليل مقابل الخدمة المطلوبة، لكنه سيحصل على نتائج قليلة الجودة. قد يثير هذا الأسلوب القلق لدى صاحب العمل، لكنه ربما يحترم صراحتك وحرصك على مصلحته.
عندما تبحث عن عمل جديد، حاول أن تبدأ من أصدقاء أصدقائك أو أصدقاء عملائك، واحرص على الانضمام إلى مجموعات العمل الحر التي تضم أشخاصًا من نفس مجال عملك، وبذلك تجد متنفَسًا لتبادل الحديث عن المشاكل التي تواجهك في عملك، فضلًا عن تبادل فرص العمل وبناء بيئة متكاملة موثوقة من المزكّين والعملاء.
من الخيارات الأخرى المطروحة، الانضمام إلى منصات عمل حر تجذب العملاء لحرصها على اختيار أفضل العاملين وأكثرهم كفاءةً للعمل لديها، وبذلك يضمن العميل جودةً عاليةً من جهة، كما يضمن العامل الحر تقدير قيمة عمله واستيفاء أجر مقبول من جهة أخرى.
لا تناقش السعر من أول لقاء
سواءً كنت تتواصل مع عميلك على أرض الواقع أو عبر الإنترنت، يجب أن تأخذ بالحسبان أن الهدف من اللقاء الأول هو فهم غرض العميل وأهدافه وطبيعة العمل المطلوب، لذا لا تستعجل في التفاوض حول السعر، بل اجمع المعلومات اللازمة لتتمكن من فهم المهمة المطلوبة والمدة التي تستغرقها والمتطلبات اللازمة لتنفيذها، ثم بعد ذلك يمكنك تحديد السعر المناسب الذي عليك أن تطلبه وتفاوض (إن دعت الحاجة) للوصول إليه.
عندما يحين موعد النقاش حول السعر، كن صريحًا وشفافًا، وفي حال تحديد الأجر بالساعة، فاتفق مع العميل قبل البدء على أقصى عدد من الساعات في الشهر يمكن أن يدفع لك أجرها، وذلك لكي تضمن ألا تعمل عملًا إضافيًا لن تحصل على أجرته، وتتجنب الوقوع في أزمة توسُّع المشروع بعد البدء بالعمل، حيث يحصل في كثير من الحالات أن يطلب منك العميل متابعة العمل مع زيادة أجرة المشروع وساعات العمل المتفق عليها في الشهر طالما أن الميزانية التي رصدها تغطي هذه المدة. من المفيد أن تكون الاتفاقية واضحةً من البداية لكي لا تتعارض مع أعمالك الأخرى خارج المشروع.
سلط الضوء على إنجازاتك للتأكيد على كفاءتك
إذا كنت قد حصلت على جائزة ما، فلا تنسَ مشاركة ذلك على موقعك الإلكتروني أو ملفك الشخصي لتثبت كفاءتك بصورة غير مباشرة، وتحدث بكل ثقة عن النتائج التي حققتها.
احرص على عرض كل الإنجازات التي تحققها على الإنترنت من خلال ملف شخصي منظم يعكس خبرتك إما على موقعك الإلكتروني، أو على مدونتك أو في وسائل التواصل الاجتماعي، أو بإنشاء معرض لأعمالك.
اختر الشروط المناسبة للعمل التطوعي
إذا كنت بصدد العمل دون مقابل للحصول على خبرة أو لمساعدة صديق ما، فاحرص على اختيار عمل لديك الشغف والإيمان به والرغبة في تنفيذه. من ناحية أخرى، إذا عُرض عليك العمل مقابل أجر مادي رمزي بدلًا من التطوع الكامل، فاختر الحصول على خدمة من الطرف الآخر مقابل عملك وليس أجرًا رمزيًا، وذلك لكي لا يساء فهم الموضوع على أنك تعمل عملًا مأجورًا رخيص الثمن.
تعامل باحترافية واترك انطباعات إيجابية
هذه النصيحة تعزز فعليًا من قيمتك أكثر من كونها تعلمك أن تعرف قيمتك. عندما يفضل الناس العمل معك أكثر من منافسيك، فهذا يعني أنهم سيدفعون لك ما تستحق، لذا كن تعاملك معهم مُرضيًا ومريحًا. ضع نفسك مكان العميل لتعرف كيف يحب أن تتعامل معه، وحاول أن تخطط للمشروع بصورة استباقية لتكتشف العقبات التي يمكن أن تواجهك وتتجنب الوقوع فيها أو تجد حلولًا لها. كل ذلك يرجح كفة اختيارك للعمل أمام منافسيك ممن لديهم خبرة توازي خبرتك، لكنهم لم يدركوا أهمية الذكاء العاطفي الذي يُعَدّ اليوم ضرورةً ملحةً في بيئة العمل الحر.
قد يبدو الحديث عن تقدير قيمة الذات موضوعًا إنشائيًا ولا يمكن تحديد معالمه، لكنه في الواقع يجب أن يكون مفهومًا ومحددًا بخطوات عملية واضحة وقابلة للتطبيق.