الفرق بين الموازنة والميزانية من حيث المفهوم
مفهوم الموازنة
تُعرّف الموازنة بأنّها بيان يُوضِّح توقُّعات وتنبُّؤات الحكومة للإيرادات والنفقات المُقدّرة للعام التالي بالاعتماد على إجمالي الأموال المُتوفرة، حيث يُعمل بها بعد مصادقة الحكومة عليها، ويُشار إلى أنّ كلمة الموازنة مُشتقّة من اللغة النورمندية (bougette) وتعني حقيبة اليد الصغيرة، أمّا في اللغة الإنجليزية وبعد إجراء تغيير طفيف على الكلمة أصبحت (budget)، لتدلّ ليس على الحقيبة فقط وإنّما على محتوياتها.[١]
جاءت كلمة الموازنة نسبةً إلى المُستندات المالية التي أحضرها وزير المالية في حقيبة يده الخاصّة، وتتكوّن الموازنة من ركيزتين أساسيتين هما؛ الإيرادات، والنفقات، ويختلف كلّ منهما عن الآخر، كما يتأثّران ببعضهما البعض، وفيما يأتي توضيح لهاتين الركيزتين:[١]
- الإيرادات: وتُشير إلى الأموال المُكتسبة، وغالباً ما يتمّ تمويل خطط النفقات من الإيرادات التي تمّ تحصيلها، حيث إنّ ازدياد الإيرادات بنسبة تفوق المستوى المُتوقّع يُؤدّي إلى إبقاء معدّل الإنفاق في مستواه أو زيادته.
- النفقات: تُشير إلى الأموال المدفوعة، وتعتمد خطط النفقات التي تُدوّن بشكل شبه كُليّ على عائد الإيرادات، حيث إنّ انخفاض الإيرادات لمستوى أقل من المُتوقّع يُؤدّي إلى انخفاض نسبة النفقات وقد يُؤدّي ذلك إلى عجز الموازنة.
مفهوم الميزانية
تُعرّف الميزانية أو الميزانية العمومية بأنّها بيان مالي لجهة ما خلال فترة مُحدّدة من الزمن، وغالباً ما تُحسب الميزانية في الربع الأول من السنة، أو بعد 6 شهور من السنة، أو مرة واحدة خلال العام، وتتكوّن الميزانية من 3 عناصر أساسية، وهي؛ المُمتلكات، والالتزامات، ورأس المال، حيث تُعتبر المُمتلكات والالتزامات قطبا الميزانية العمومية لما لهما من دور كبير فيها، ويُمكن تعريف المُمتلكات والالتزامات كما يأتي:[٢]
- المُمتلكات: وهي أملاك الشركة، وتُقسم إلى مُمتلكات متداولة، ومُمتلكات غير متداولة، أو مُمتلكات طويلة الأمد.
- الالتزامات: وهي الديون المُترتّبة على الشركة، وتُقسم إلى التزامات متداولة، والتزامات طويلة الأمد.
كما يُمكن التعبير عن المُمتلكات وفق المعادلة الآتية: المُمتلكات = الالتزامات+رأس المال المملوك، ويجدر بالذكر أنّ استخدام مصطلح رأس المال المملوك يُعبّر عن شركة التي تعود فيها الأملاك الشخصية لفرد ما، في حين يُطلق عليه حقوق المُساهمين إذا كانت الشركة تحتوي على حصص للعديد من الأفراد، ويُطلق عليه أيضاً القيمة الدفترية للشركة.[٢]
الفرق من حيث القطاع
الموازنة العامة في القطاع العام
تُلزم الحكومات الديمقراطية بإعداد الموازنة العامة بموجب القانون، حيث إنّ الموازنة العامة لا تقتصر على تدوين المعلومات فقط، بل إنّه لا يُسمح بدفع أيّ نفقات دون المُصادقة على الميزانية من قِبل السلطات، وكذلك لا يُمكن تجاوز الحدّ المُصرّح به من النفقات، وبناءً عليه فإنّ الموازنة تُساعد جميع أنواع المؤسسات على التخطيط والتحكّم في عملياتها، كما تُساهم في دعم الاستراتيجيات الإدارية.[١][٣]
تُعدّ الموازنة العامة بمثابة خطط مالية حكومية تُوضّح الإيرادات، والنفقات، والعجز، والديون، والفائض من المال، وتدلّ أيضاً على كيفية تخطيط الحكومة لاستخدام الموارد العامة لتحقيق أهداف سياسية، ويجدر بالذكر أنّ السلطة التنفيذية تُعِدّ الموازنة ثُمّ تُقدّمها إلى السلطة التشريعية لاعتمادها أو التعديل عليها، وبعد ذلك تُعتمد كقانون رسمي قبل بداية السنة المالية الجديدة المُقرّر لها ببضعة شهور.[١][٣]
الميزانية العمومية في القطاع الخاص
تُعدّ الميزانية العمومية في القطاع الخاص وسيلةً من إحدى الوسائل الخمسة التي تُستخدم من قِبل المحاسبين وأصحاب الأعمال لتلخيص ودراسة المُعاملات المالية، كما تُسمّى الميزانية العمومية ببيان المركز المالي، ومن القوائم التي يستخدمها المحاسبون في حساب البيانات المالية ما يأتي:[٤]
- قائمة الدخل.
- قائمة الدخل الشامل.
- قائمة التدفّقات النقدية.
- قائمة حقوق المُساهمين.
الفرق من حيث نوع الأداة
الموازنة أداة تخطيط استراتيجي
تُعدّ الموازنة بمثابة المحطة النهائية من التخطيط الاستراتيجي، حيث يتمّ بعدها توليد وتوزيع الموارد للبدء في العمل الحكومي، ويجدر بالذكر أنّه من غير المُمكن التخطيط لبعض المشاريع، وتحديد الإجراءات والعمليات لعام واحد فقط؛ حيث يستغرق تنفيذ بعضها بشكل كامل عدّة سنوات، لكنّ الميزانية تُوضع في إطار متوسط الأجل، وذلك لإظهار تكلفة الأنشطة المُعلنة أو الحالية وتأثيرها على الموازنة في السنوات اللاحقة.[١]
تشمل عملية إعداد الموازنة بعض الإجراءات، ومنها ما يأتي:[٣]
- تحديد الأهداف المُراد تحقيقها حسب الأولوية.
- معاينة إجمالي الموارد المالية وغير المالية التي تمتلكها الحكومة.
- معاينة قيمة المدخلات والعمليات المطلوبة لتحقيق الأهداف المُخطّط لها، حيث يجب الاهتمام بكلّ عملية بما في ذلك تخصيص قيمة مالية معيّنة للحالات الطارئة لمعالجة المشكلات التي يُمكن أن تظهر بشكل مفاجئ.
الميزانية أداة إدارة مالية
تُوضّح الميزانية سير المعاملات المالية للمؤسّسة خلال فترة ما، [٢] وهي وسيلة لمقارنة وتقييم مدخلات الأعوام السابقة بانتظام، إذ يُمكن استنتاج مستوى نجاح أو فشل الإدارة المالية عند عقد هذه المقارنات، وبعد فترة من الزمن، يُمكن أن تعكس مقارنة الميزانيات العمومية الصحة المالية للشركة.[٥]
الفرق من حيث الهدف والغاية
الهدف من إعداد الموازنة
من الأهداف التي تتحقّق من وضع الموازنة ما يأتي:[٣]
- ترجمة الخطط طويلة الأمد إلى برامج عمل سنوية.
- بناء روابط العمل الجماعي بين الأقسام المختلفة بهدف المساعدة على تحقيق أهداف المنظّمة التي يعملون بها، ومُساءلة الأفراد المسؤولين عن النتائج.
- التنسيق بين إدارات المنظّمة المختلفة، بهدف التأكّد من انسجامها، بالإضافة إلى منع المُدراء من تفضيل مصلحتهم الشخصية على مصلحة الشركة.
الهدف من إعداد الميزانية
تهدف الميزانية إلى تعزيز تبادل المعلومات بين الأفراد، بالإضافة إلى أنّها تُقدّم تلخيصاً عن ممتلكات الشركة وما تدين به للغير، وهي تُعدّ بمثابة أداة مُساعِدة على اتخاذ العديد من القرارات اللاحقة، ومن أكثر البيانات المالية الشائعة ما يأتي: الميزانية العمومية، قائمة الدخل، وبيان التدفّق النقدي.[٥]
الفرق من حيث آلية الإعداد
آلية إعداد الموازنة
اعتادت الحكومات على إعداد الموازنات سنوياً، حيث تحتوي الموازنة على جميع المعلومات المطلوبة حول الموارد التي ستحتاجها الحكومة لتحقيق أهدافها خلال ذلك العام، بالإضافة إلى تقدير مستوى الإيرادات والنفقات بشكل دقيق، ويُمكن تلخيص مراحل إعداد الموازنة كما يأتي:[١]
- مرحلة إعداد الموازنة.
- مرحلة إقرار الموازنة.
- مرحلة التنفيذ.
- مرحلة إعداد التقارير.
بعد الموافقة على الميزانية يُسمح لأعضاء البرلمان بتوجيه الأسئلة للوزراء للاستماع إلى إجابات دقيقة تجاه الموازنة الجديدة، وحينما تبدأ المرحلة الجديدة للموازنة تُحوّل القيمة المُستحقّة لكل دائرة من الدوائر الحكومة، ليتمّ العمل وِفقاً للخطط التي رُسمت في الموازنة، وبالمقابل تُعِدّ الدوائر الحكومية البيانات الدورية للإيرادات والنفقات للمقارنة بين توقّعات الميزانية والواقع والتعديل عليها عند الضرورة.[١]
تستمرّ عملية تجميع ومراجعة الإيرادات والنفقات للسنة المُنتهية ومراجعتها من قِبل الهيئات العامّة، ومن ثمّ تُدقّق هذه البيانات المالية خارجياً من قِبل سلطة عامة مُستقلّة، حيث تتمّ مراجعة الإنجازات ومقارنة التكاليف مع ما تمّ صرفه للدوائر الحكومية، بالإضافة إلى تحديد المشكلات التي واجهتهم خلال السنة، ويجدر بالذكر أنّ دورة الميزانية تُغطّي ميزانية 3 سنوات مختلفة: موازنة العام السابق، والعام الحالي، وموازنة العام القادم التي يجب إعدادها.[١]
آلية إعداد الميزانية
يُمكن اتّباع الخطوات الآتية لإعداد الميزانية:[٥]
- كتابة المُمتلكات على ورقة، وتقسيمها إلى المُمتلكات الحالية، والمُمتلكات الثابتة، والمُمتلكات أُخرى، ومن ثمّ حساب قيمة المُمتلكات الإجمالية
- إضافة قسم الالتزامات إلى الورقة، وتدوين الديون المُترتّبة على الشركة وترتيبها وِفقاً لموعد سدادها، وحساب قيمة الالتزامات الإجماليّة.
- لحساب صافي قيمة المُمتلكات يُمكن الاستعانة بالمعادلة الآتية: المُمتلكات = الالتزامات+صافي الثروة.
الفرق من حيث مؤشرات الأداء وآلية التحليل
مؤشرات الأداء وآلية التحليل لوثيقة الموازنة
تضمّ الموازنة بعض العناصر الإضافية غير المالية، مثل: أعداد الموظفين، وحجم الإنتاج، وعادةً ما تتمّ مراقبة التقدّم بشكل دوري من خلال مقارنة الاختلاف في تكلفة العناصر الفعلية مع تلك المُدرجة في الموازنة، ويُشار إلى أنّ الحكومات تُقدّر إجمالي الإيرادات والنفقات المتوقعة بناءً على النموّ الاقتصادي المُحتمل، وتغيّرات العملات الأجنبية، وغيرها من العوامل، ومن ثمّ تُصدر بيان ما قبل الموازنة مُضافاً إليه مُؤشرات ميزانية السنة المالية القادمة.[٣][٦]
تستعين بعض الحكومات كالحكومة المصرية بالبيانات الصادرة عن وزارة المالية لوضع الموازنة، كما تُرسل الحكومات الموازنات المُقرّرة من قِبل الوزارات والمؤسسات إلى الجهات المعنية، ومن ثمّ تُرسل الميزانيات إلى الوزارات المُختلفة، والتي تقوم بإدماجها في ميزانية الوزارة ذات الصلة وإحالة النتائج إلى وزارة المالية، يلي ذلك المرحلة الأخيرة وهي التنفيذ، حيث تبدأ السلطة التنفيذية بتنفيذ القرارات التي تمّ تحديدها في الموازنة، ويترتّب على وزارة المالية سدّ الاحتياجات المالية للوزارات الأخرى شهرياً.[٦]
ويُشار إلى أنّ الوزارات المُختصّة تتكفّل بدفع رواتب الموظفين، وشراء البضائع، كما ويُشار إلى أهمية احتفاظ هذه الهيئات بالسجلات المالية بشكل تفصيلي، إذ من المُمكن تعديل الموازنة من قِبل السلطة التنفيذية إن اضُطّرت بسبب سوء التقدير المُحتمل للموازنة.[٦]
مؤشرات الأداء وآلية التحليل لوثيقة الميزانية
تُحلّل الميزانية إلى العديد من الأقسام التي تُؤدّي دوراً مهمّاً في تسهيل إدارة الأعمال على الشركات، كما ويُعدّ تحليل الميزانية أداةً لإدارة العمل، واتخاذ قرارات مدروسة، ويُشار إلى أنّه من المُمكن حساب 4 نسب مالية من الميزانية العمومية كالآتي:[٥]
- النسبة الحالية: أو نسبة السيولة، تُعبّر هذه النسبة عن مدى القوة المالية للشركة، و قدرتها على سداد ديونها والتزاماتها، ويُمكن تحسين النسبة عن طريق زيادة نسبة المُمتلكات المتداولة، أو تقليل نسبة الالتزامات، ويُمكن حساب نسبة السيولة من خلال المعادلة الآتية:
- نسبة السيولة = إجمالي المُمتلكات الحالية / إجمالي الالتزامات الحالية.
- النسبة السريعة: تُعدّ النسبة السريعة مقياساً لسيولة الشركة، كما تُشير إلى قدرة الشركة على تغطية التزاماتها بزمن قياسي عند حدوث ظروف طارئة غير متوقعة، وذلك من خلال التركيز على مُمتلكات الشركة، وتشمل كلّاً من: الأسهم، والأموال، والسندات، وحساب المقبوضات، ويجدر بالذكر أنّ النسبة السريعة تُعدّ مقبولةً إذا كانت ما بين 0.50-1، ويُمكن حساب النسبة السريعة من خلال المعادلة الآتية:
- النسبة السريعة = [(المُمتلكات الحالية – البضائع الموجودة) / الالتزامات الحالية].
- رأس المال المُتداول: يجب أن تحرص الشركات على أن تكون قيمة رأس المال المتداول رقماً مُوجباً، وذلك لتتّمكّن الشركة من اجتياز الصعوبات التي قد تُواجهها مستقبلاً، ويُمكن التعبير عن رأس المال المُتداول بالعلاقة التالية:
- رأس المال المُتداول = إجمالي المُمتلكات الحالية – إجمالي الالتزامات المتداولة.
- نسبة الديون إلى حقوق الملكية: تُشير هذه النسبة إلى مدى اعتماد الشركة على تمويل الديون مقارنةً بحقوق الملكية، ويمكن التعبير عن نسبة الديون باستخدام العلاقة الآتية:
- نسبة الديون إلى حقوق الملكية = إجمالي الالتزامات/ حقوق المُساهمين.
الفرق من حيث الحقائق والمميزات
حقائق ومميزات الموازنة
تضمّ الموازنة العديد من الميزات والحقائق، ومن أبرزها ما يأتي:[٧]
- تستخدم الحكومات والشركات والأفراد الموازنة لتقدير الإيرادات والنفقات خلال فترة زمنية مُستقبلية مُحدّدة.
- تُعدّ الموازنة مهمّةً للعمل بأقصى كفاءة للشركة.
- يُساهم وضع الموازنة في إنجاح المشاريع المالية.
- يُساعد وضع الموازنة على تحديد الأهداف، ومراقبة النتائج، والجاهزية لأي طارئ.
حقائق ومميزات الميزانية
تضمّ الميزانية العديد من الميزات والحقائق، ومن أبرزها ما يأتي:[٧]
- تُستخدم الميزانية كأداة مهمّة للمستثمرين لقياس قدرة الشركة والاطّلاع على عملياتها، إذ تُوضّح جميع حسابات الشركة خلال فترة زمنية مُحدّدة.
- تُعتبر الميزانية مُؤشراً لاستقرار الشركة مادّياً، وقدرتها على تمويل نفسها، بالإضافة إلى الكفاءة التشغيلية للشركة.
- يُساهم وضع الميزانية بإنجاح الاستثمارات في الشركات، وذلك لأنّها تُعطي نظرةً شاملةً عن ما تمتلكه الشركة وما تدين به، وبالتالي يجب على المُستثمرين معرفة كيفية قراءة وتحليل الميزانية العمومية.
- تُعطي الميزانية معلومات قيّمة للأطراف المختلفة حول الديون المُترتّبة على الشركة، والتي من شأنها الإخلال بالشروط المُؤهّلة للحصول على القروض من البنوك، ويجدر بالذكر أنّ أهمّ المُستفيدين من معلومات الميزانية هم: المُستثمرين الحاليين، والمُستثمرين المُحتملين، وإدارة الشركة، والعملاء، والمنافسين، والهيئات الحكومية، والنقابات العُمّالية.[٤]
- تُقسم الميزانية العمومية القياسية عادةً إلى 3 أقسام: المُمتلكات، والالتزامات، وحقوق المُلكية.[٨]