خلال مسيرتك المهنية ككاتب مستقل ستواجه الكثير من الرفض، سواءً كان في عدم الرد على رسائلك البريدية، أو رفض أحدهم لمقال اجتهدت في كتابته. هو أمر سيئ للغاية، لكننا جميعنا معرضون له مع لأسف، شئنا أم أبينا. مع ذلك، حال كنت مصممًا على النجاح في هذا المجال، فلا يجب أن تسمح للرفض أن يثني عزيمتك أو أن يعرقل إنتاجيتك.
في هذا المقال سنتحدث عن مجموعة نصائح وإجراءات يمكنك اتخاذها بعد أن تتلقى رفضًا في عملك المستقل. طبعًا لن تتضمن أي من هذه النصائح الجلوس مكتئبًا في ملابس النوم وتناول رقائق البطاطس المقلية مع المشروبات الغازية.
يقول رجل الأعمال الأمريكي بو بينيت:
“الرفض ليس أكثر من مجرد خطوة ضرورية أثناء سعيك لتحقيق النجاح”.
قد يبدو هذا الاقتباس مستفزًا بعض الشيء، فلا يكفي أنك تُقدم على خطوة خارج منطقة راحتك، بل أنك فوق كل ذلك ستكون معرضًا للرفض.
في الواقع، أستطيع أن أتوقع بثقة كاملة أنه في حال أجرينا استطلاعًا حول عدد الكتاب المستقلين الذين عانوا من الخوف من الرفض، سنجد أن النسبة ستكون في التسعينات، فمعظمنا يشعر بالخوف من أن يرفض المقال الذي كتبه بعد أن ينقر على زر “إرسال”.
في إحدى المرات، قررت الخوض في هذا الخوف، تمامًا مثل بطل أفلام المغامرات الأمريكية إنديانا جونز عندما اختار القفز في كهف لا نهاية له أثناء بحثه عن كنز الكأس المقدسة. عندها تقلصت عضلات صدري على قلبي، ونعم، رغم خوفي الشديد رُفضت. في تلك اللحظة عبس وجهي تلقائيًا وحدقت في يدي مطولًا وشكّكت في كل قراراتي التي اتخذتها في حياتي.
ثم.. وأخيرًا.. لاقى شيئًا مما كتبته قبولًا، وأطل شعاع الشمس الدافئ من بين الغيوم، فتنفست الصعداء وحصلت على أجري لقاء ما كتبته.
لقد تكررت معي حوادث الرفض والقبول هذه لأكثر من عام حتى الآن، ويمكنني أن أقول بثقة، نعم إن الأمر يستحق كل هذا العناء، حتى أنني كنت أقول أن هذا الرفض المؤسف الذي حدث لي كان له أهمية كبيرة في نجاحي، فقد استطعت أن أكتب لحساب أكثر المواقع شهرةً، مثل هافينغتون بوست وسكاري مامي وبابل وبيني هوردر، واليوم يُدفع لي أكثر من 100 دولار لكل مقال أكتبه.
لذا ومن خلال الاستفادة من الدروس التي رافقت حالات الرفض التي واجهتني، نمت خبرتي وصُقلت مهاراتي أكثر مما كنت أتخيل يومًا، وبما أنه أمكنني التغلب عليها والنجاح في عملي المستقل، فمن المؤكد أنك تستطيع أنت أيضًا فعل ذلك والتغلب على الرفض الذي تواجهه في مسيرتك المهنية.
لا تيأس وحاول من جديد
عندما كان عمري 21 عامًا، قررت أن أعيش بأقل التكاليف الممكنة، فاشتريت دراجةً ناريةً عوضًا عن السيارة. كنت أعرف كيفية قيادة دراجة نارية، لكن المنعطفات كانت دائمًا ما تمثل تحديًا بالنسبة لي. وذات يوم، كنت أقود دراجتي بسرعة 10 كيلومتر في منعطف عريض جدًا، فانزلقت باتجاه جانب الطريق، وتدحرجت مع دراجتي أسفل الجسر. لحسن الحظ لم أصب بأي مكروه سوى تيبس في الرقبة وألم بسيط، لكنني شعرت أنني حمقاء.
ساعدتني صديقتي على النهوض ورفع الدراجة ولم نجد أي أضرار هيكلية فيها، ثم بدأت أقودها ببطء شديد عبر المنحنى، فلاحظَت ذلك وسألتني إن كنت قادرةً على الإكمال. سؤالها جعلني أشعر أنها كانت لحظةً مهمةً في حياتي لاتخاذ قرار حاسم. أي أنني إن استسلمت الآن، فلن أرغب في ركوب دراجةً في حياتي، لذا وبثقة كبيرة رميت ساقي فوق الدراجة، وأقلعت محركها بكل ما أوتيت من قوة، وسرنا عائدين إلى المدينة. لم أتحول إلى راكبة ماهرة بعد تلك الحادثة، لكنني كنت دائمًا فخورةً بحقيقة أنني واجهت خوفي وعدت إلى الدراجة.
الأمر نفسه ينطبق على كتاباتك، فعندما تتلقى رفضًا، عندها قد ترى أنه من الأسهل عليك التخلي عن الأمر فحسب، لكن قبل الاستسلام، جرب هذه الخدعة التي تعلمتها من إحدى صديقاتي، والتي تملك خبرةً كبيرةً في مجال العمل الحر. أنشئ مجلدًا وسمّه “حاول مرة أخرى” وضع فيه كل رسائل البريد الإلكتروني المرفوضة. بهذه الطريقة ستنظر لها، وكأنها أبواب مفتوحة لإرسال مقالاتك الجديدة.
انتظر نحو أسبوع واحد على الأقل قبل إرسال عرض جديد إلى نفس المحرر. أثناء ذلك الوقت، أنصحك بتصفح موقعهم الإلكتروني والاطلاع على المقالات التي نشرت به، ثم اجلس مع نفسك في جلسة عصف ذهني للتفكير في أفكار لمواضيع جديدة، كما يمكنك أن تستمع لرأي كاتب تثق به حول كتاباتك السابقة لتعرف أين مواطن الضعف أو الخلل.
بهذه الطرق ستتغير نظرتك نحو الرفض وستراه سبيلًا للتغلب على نقاط ضعفك والاستفادة منه في مشروعك المقبل.
أرسل مقالتك إلى جهة أخرى
إن رفض أحد المواقع لمقال كتبته لا يعني بالضرورة أن ترميه دون أن ترسله إلى جهة آخرى، فلكل موقع ثقافة محتوى مختلفة عن الآخر، ولكل محرر تفضيلات تختلف عن غيره.
انشر مقالاتك على مدونتك الخاصة
في حال لم تتمكن من العثور على محرر يقبل بنشر مقالاتك، فانشرها على مدونتك ليستفيد منها جمهورك بدلًا من رميها. هناك العديد من الفوائد التي يمكنك اكتشافها بعد أن تنشر شيئًا مثيرًا للاهتمام على مدونتك، مثل:
- يمكن لمقالتك أن تزيد من حركة الزيارات في موقعك، مما سيؤدي إلى زيادة في عائدات الإعلانات المنشورة في موقعك.
- في حال كان موضوع المقال يسمح بوجود رابط بيع بالوساطة Affiliate، فيمكنك كسب بعض من إيرادات الشركة التابعة.
- في حال قوبلت مقالتك بالإعجاب، فيمكنك عندها أن تقنع المحررين بنشر المقالة على موقعهم. من المحتمل ألا تحصل على تعويض عن إعادة النشر، لكنه سيجلب المزيد من الزيارات إلى مدونتك ويكسبك بعض الأدلة على مهاراتك الكتابية.
تدريب الأفراد
لا ترى مدرسًا أفضل من شخص لديه خبرات سابقة، لذا ومع كل قبول ورفض تواجهه، حلل الدرس المستفاد واحفظه لديك لتستفيد منه ماديًا لاحقًا في حياتك المهنية. على سبيل المثال، استطعت كتابة هذا المقال نتيجةً للفشل الكبير الذي واجهته خلال مسيرتي المهنية.
إليك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها تحويل حالات الرفض إلى ممارسات تدر عليك مكاسب مادية:
- عبر كتابة مقالات على مدونتك.
- عبر كتابة مقالات مدفوعة لعميل ما.
- العمل مدربًا لكتابة المحتوى.
- في دورات عبر الإنترنت.
- أن تؤلف كتابًا عن تجاربك وخبرتك.
- أن تصبح متحدثًا في المجال يدفع له لقاء حديثه.
- في بث مباشر على فيسبوك أو في ندوات عبر الإنترنت.
لا تتأخر عن الحفلة
إن هذه النصيحة تذكرني بقصة مؤلمة بعض الشيء بالنسبة لي، لكنها مهمة في الوقت نفسه، لذا اقرأ بعناية وتعلم من قصتي هذه.
بدأت مؤخرًا في الكتابة لحساب أحد العملاء، وكان لديهم ميزانية قدرها 863 دولارًا كانوا قد وضعوها لقاء مقال معين، وكانوا يبحثون عن فريق من الكتاب لعرض أفكارهم، بحيث يحصل صاحب أفضل فكرة على 863 دولارًا أمريكيًا، وهو مبلغ كبير جدًا مقابل مقال واحد فقط بطبيعة الحال.
كانت لدي مهلة ثلاثة أيام لتحضير عرض وتقديمه لهم. ورغم انشغالي الشديد بأعمال أخرى، قررت التفرغ يومين للتركيز على المشروع، فطلبت من جليسة أطفال أن تأتي وتجالس طفلتي، حتى أتمكن من التركيز على كتابة عرضي، كما تواصلت مع بعض الخبراء للتأكد من أن لدي معرفةً متخصصةً حول موضوع المقال المطلوب. بعد أن انتهيت من كتابة العرض، ونقرت على زر “إرسال” وتلقيت ردًا بعد ساعة مفاده:
“عرض رائع حقًا. لكن لسوء الحظ، وافقت على عرض آخر منذ عدة ساعات. شكرا على أية حال.”
نعم، أمضيت تلك الليلة أعض أصابعي من الحسرة، لكن الجانب المضيء للقصة، أنني تعلمت من الدرس، ففي المرات التالية التي طلبوا فيها تقديم عروض تقديمية، كنت قادرةً على الإنتهاء منه في غضون 12 ساعة فقط، وحصلت منذ ذلك الحين على 1588 دولارًا جراء العمل على مشاريعهم. هناك مثل معروف عن الطائر الذي يصحوا مبكرًا ليبحث عن لقمة عيشه، من المؤكد أنه جاء في ذهنكم.
تقديم عرض مضاد في الوقت المناسب
هناك طريقة أخرى للاستفادة من الرفض، وهي تقديم عرض لخدمة مختلفة في حال رفض العميل شروطك أثناء التفاوض. قررت منذ فترة رفع السعر على أحد عملائي الذين أكتب لهم، فقد عملت معه لمدة سنة تقريبًا أثناء بداية دخولي للمجال وأعجبني التعامل معه، لكني كنت أكسب منه 0.05 دولارًا لقاء كل كلمة أكتبها؛ أما باقي عملائي فكنت أكسب منهم 0.15 دولارًا أمريكيًا، أي ثلاثة أضعاف ما كنت أكسب منه.
عندما عرضت عليه سعري الجديد رفض بكل احترام، لكن وبعد أن سمعت نصيحة صديقتي مرةً أخرى، قدمت له عرضًا لتصميم صور تتوافق مع منشورات موقع بينترست وبسعر منخفض، فقد لاحظت مؤخرًا شكواه عن قلة تواجده في وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك اعتقدت أن الفكرة ستعجبه.
وافق على عرضي واشترى صورتين على الفور. كان من الممكن أن أرفض التعامل معه للأبد بسبب أنه رفض رفع سعري، لكن عندما بحثت ووجدت حاجةً في عمله، تمكنت من كسب أموال منه وتقديم خدمة يحتاجها في الوقت نفسه.
إليك بعض الأفكار لخدمات جانبية يمكنك عرضها على عملائك:
- التدقيق اللغوي.
- المساعدة الافتراضية.
- التصميم الجرافيكي.
- خدمات التواصل الاجتماعي.
اعرف متى يجب أن تتحرك
هذه نصيحتي الأخيرة لك. في بداية عام 2016 نُشرت مقالة لي في موقع سكاري مامي، ولأسباب لا أستطيع فهمها كليًا، انتشر المقال الذي كتبته مثل النار في الهشيم، فوصل حتى 100,000 مشاركة خلال أربعة أيام فقط.
كنت في ذلك الوقت حديثة العهد في العمل المستقل، لذلك دُهشت بهذا الإنجاز العظيم. بعد بضعة أسابيع، شمرت عن ساعدي وكتبت عدة مقالات أخرى للموقع نفسه، لكن للأسف رُفضت معظمها. لحسن الحظ، وافقت مواقع الأبوة والأمومة الأخرى على نشرها، لكنني شعرت بخيبة بعض الشيء. اعتقدت في قرارة نفسي أنني أصبحت الكاتب المفضل لدى موقع سكاري مامي كوني حققت آلاف المشاركات على موقعهم، لكن الأمر لم يكن كما تخيلت.
من المؤكد أن شيئًا ما كتبته كان له صدى واسع لدى جمهورهم، لكنه في الوقت نفسه كان مختلفًا تمامًا عن ثقافة المحتوى لديهم. بعد الرفض الرابع أو الخامس، قررت أن الوقت قد حان لتحويل طاقتي وتركيزي على موضوع آخر ونسيان الأمر.
في الختام
أتمنى من كل قلبي أن تُنشر جميع مقالاتك، وأريدك أن تعمل بجد وتستمتع بعملك. اقرأ وافتح قلبك للعالم، فالكلمات هي فرشاة رسم، لذا لا تتوقف أبدًا عن الرسم. قد يأتي عليك وقت يرفض فيه فنك عندما تشاركه مع العالم، لكنك الآن بت تعرف سبع طرق للتغلب على هذا الرفض.
خطوتك التالية
أنشئ مجلدًا في بريدك الإلكتروني باسم “حاول مرةً أخرى”. واتركه إلى حين تصلك رسالة رفض إلى صندوق بريدك الوارد، بحيث تكون مستعدًا لأخذ نفس عميق، ونقلها إلى مجلدك الجديد، والبدء في التفكير في عرضك التالي الذي ستقدمه في المرة القادمة.
في نهاية هذا المقال، هناك شيء في داخلي يدفعني إلى أن أقول لك لا تستسلم أبدًا، ففي جعبتك قصة لترويها.