هناك مقولة معروفة تقول بأن “العميل دائمًا على حق” وقد يكون هذا صحيحًا في أغلب الأحيان، لكن من المؤكد أنه لا ينبغي عليك الإذعان لهم في كل مرة، لأن ذلك سيؤدي إلى إرهاق نفسك في محاولتك لتحقيق رغبات عملائك.
ربما من أصعب الأمور في التعامل مع العملاء هي الاتفاق على آلية تنفيذ المهام، خصوصًا إذا كنت تتعامل مع العديد من العملاء، وكل عميل لديه طريقة مختلفة للعمل، قد يُفضل البعض العمل في أوقات متأخرة من الليل، وعميل آخر يتوقع بضرورة عقد الكثير من الاجتماعات الشخصية التي تأخذ وقتًا في التحضير لها، وقد لا يتناسب هذا مع المستقلين الذين بحاجة للعمل ضمن جدول زمني محدد.
محاولة استيعاب طريقة كل زبون في العمل تؤدي في الغالب إلى الفوضى وفقدان السيطرة، مما يجعل تنفيذ المهام أكثر صعوبة، ويدفعك للتخبط في محاولة العثور على آلية منظمة لتسيير العمل.
إذا كنت تعاني في هذا المجال، فيوجد إمكانية لتغيير الوضع، يمكنك الإستفادة من بعض الأفكار التي تساعدك في دفع عملائك للعمل بطريقة تلائمك.
بناء آلية عمل تناسبك
من الطبيعي جدًا أن تبدأ مسيرة عملك كمستقل دون امتلاك آلية عمل واضحة ومنظمة، قد تعاني من بعض العشوائية في طريقة تسيير العمل وعقد الاجتماعات مع العملاء، وغياب التنظيم في التواصل مع واستقبال المكالمات، قد يؤدي هذا إلى تراكم الضغط النفسي بالإضافة لتراكم العمل.
قد تحتاج حينها لوضع قواعد لتنظيم آلية العمل، واعتبار هذه القواعد كحدود لا يمكن تجاوزها لمصلحة الطرفين وللحصول على أفضل النتائج، ومن ضمن هذه القواعد:
التقليل من الإجتماعات
يمكن عقد الاجتماعات الشخصية عبر الهاتف، أو محادثات الفيديو اختصارًا للوقت الذي تستغرقه في الذهاب والعودة من هذه الاجتماعات، كما يمكن تحديد ساعات محددة خلال اليوم لعقد الإجتماع مع إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، كما يمكن ترتيب الاجتماعات حسب أولوية المهام سواء كانت حسب الإيرادات أو حجم العمل المطلوب تنفيذه.
حدد وقتًا لأداء كل مهمة
العملاء بالعادة يرغبون بإنجاز المهام في أقرب وقت ممكن، وهذا من الممكن تفهمه، لكن في هذه الحالة لا يمكن ترك كل شيء لتنفيذ أي مهمة مستجدة، لذا من الأفضل تحديد زمن تقريبي لأداء كل مهمة ووضعها ضمن قائمة المهام إذا لم تكن مهمة طارئة، تحديد زمن محدد لكل مهمة يساعد على تنظيم العمل، وتقليل الضغط لتسيير العمل بشكل سلس.
المرونة بحدود المعقول
الأفضل البقاء مرنًا بعض الشيء مع العملاء، لأن لا يمكن استمرار أي علاقة مهنية سليمة إذا لم تحتمل بعض المرونة أو محاولة فرض آلية عمل محددة، يُفضل وجود تنازلات متبادلة ما بين الطرفين على حسب المصلحة التي يقتضيها العمل، وبنفس الوقت لا تضر بمصلحتك الشخصية.
الاستمرارية
تبقى القواعد مجرد نظريات إذا لم يتم الإلتزام والاستمرار بها، ويُعتبر هذا أصعب جزء في محاولاتك لتنظيم العمل، خصوصًا إذا لم تكن معتادًا على وضع الحدود بينك وبين الآخرين.
وضع آليات محددة للعمل لا يعني محاولتك التحكم بالآخرين بقدر ما يعني محاولتك للتحكم في نفسك، وربما أفضل طريقة للتحكم في الموقف هو تدوين أفكارك، مما يساعدك على توضيح أفكارك بشكل أكثر فعالية لعملائك فيما يتعلق بآلية العمل.
قد تكون فكرة جيدة أيضًا تضمين ذلك في عقد العمل، يساعد هذا على وضع مقاييس محددة وواضحة للبدء بالعمل بشكل ايجابي، مما يؤدي إلى انتاجية أعلى في العمل وربما استمرار التعامل على المدى البعيد.
بالنسبة للعملاء الحاليين، خصوصًا المعتادين على الأسلوب القديم في العمل، من الطبيعي أن تشعر بالرهبة حيال وضع حدود جديدة معهم، لأنه في المحصلة لا تهدف إلى ازعاجهم أو إنهاء عقود العمل معهم، وفي هذه الحالة تحتاج إلى إتباع أسلوب تواصل واضح وشفاف معهم
من الممكن كتابة رسالة مفصلة لعملائك تشرح لهم سياستك الجديدة في العمل، وتوضح أن هذه السياسة تصب في مصلحتهم في المقام الأول، والأكثر أهمية هي توضيح أسباب تغيير سياسة العمل، في الغالب أنهم سيقبلون ويلتزمون بها، لأن الناس عادة يميلون إلى تفهم الظروف، ما عليك سوى فتح قنوات تواصل شفافة معهم.
الانتقال إلى سياسة العمل الجديدة قد لا يكون سلسًا في البداية، لكن الجهود المستمرة لإتباع القواعد الجديدة سيعمل على إحداث التغيير للأفضل.
جني ثمار العمل
الجزء الأكثر صعوبة في العمل كمستقل هو تعلم كيفية تسيير الأعمال، خصوصًا في البداية حينما تفتقر إلى الأدوات أو المهارات اللازمة لإنجاز العمل، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى سير العمل بشكل فوضوي ومفكك، وقد تزداد الأمور سوءًا كلما زاد عدد العملاء الذين تتعاقد معهم.
لكن عندما تبدأ في إتقان بعض المهارات والخبرة في العمل كمستقل، يصبح بإمكانك تحسين آلية سير العمل، مما يساعد على إنجاز المهام بكفاءة أكبر، بالتالي تستطيع الاستعداد بشكل أفضل للمشاريع المقبلة، والتواصل مع العملاء الحاليين بفعالية أكبر وخطط أكثر تنظيمًا.
النتيجة هي إنجاز المهام بانسيابية أكبر، وإمكانية التطور المهني في المستقبل.