يتخيّلني الناس -يقول كاتب المقال- عادةً عندما أخبرهم أنّني أعمل كمستقلّّ إمّا كعامل إلكتروني متنقّل أو أنّني راهب منعزل في صومعته. وغالبًا ما أُصنَّف ضمن الخيار الثاني لأنّ الحفاظ على حياة اجتماعية صحّية أمرٌ صعب عندما لا تملك برنامجًا منتظمًا.
تكمن المشكلة لكثير من الناس أنّهم يتّخذون من المكتب حيث يعملون مكانَا للقيام بمعظم النشاطات الاجتماعية. هذا يعني أنه ينبغي عليك أن تبذل جهدًا إضافيًا لتكوّن علاقات مع الناس وتمضي الوقت معهم إذا كان عملك يتمّ عن بعد.
لا ينبغي أن يكون إمضاء الوقت مع الأصدقاء ولقاء الأشخاص الجدد أمرًا روتينيًا مملًّا. لكن من الصعب أن توازن هذا الجهد مع عبء العمل ككاتب مستقلّ. لنتحدّث إذًا كيف يمكن تجنّب نمط حياة الراهب ذاك!
سبب كون توازن العمل/الحياة ضعيفًا غالبًا عند المستقلين
إذا أردت أن تصبح كاتبًا مستقلًّّا ناجحًا، ينبغي عليك أن تفعل الكثير من الأشياء وليس فقط أن تكتب. هذه قائمة مقتضبة لكلّ المهام التي كان عليّ الاعتياد على أدائها:
- إيجاد زبائن جدد
- إبقاء زبائني الحاليّين سعداء
- التأكّد من أنّني أردّ على الاتصالات ردًّا صحيحًا
- مناقشة المردود دوريًّا
- إرسال الفواتير وملاحقة المستحقّات المتأخرة
- التأكّد من أنني ملتزم بالضرائب بالشكل المطلوب
- إبقاء ملفّي الشخصي الإلكتروني محدّثًا
- التواصل مع المستقلّّين الآخرين
- محاولة عدم فقدان عقلك وأنت تتعامل مع كلّ الأمور السابقة
عمليًا، إذا أردت أن تصبح كاتبًا مستقلًّّا ناجحًا، عليك أن تعامل الأمر كعمل بدلًا من هواية. إذا التقيت مرّة بشخص يحاول تأسيس عمله من الصفر، فستعلم أنّه ليس لديه الكثير من وقت الفراغ.
اجمع كلّ هذا العمل مع جدول غير منظّم وستحصل على الوصفة المثالية للفشل في الإبقاء على تواصل مع الأصدقاء. إذا أردت تجنّب ذلك، ينبغي أن تبذل جهدًا مركّزًا لإدارة حياتك الاجتماعية.
كما أنّ كونك اجتماعيًا يساعدك على تجنّب الاحتراق، وهو أمرً سيئ تمامًا للمستقلّّ.
ثلاث نصائح لإدارة حياتك الاجتماعية ككاتب مستقل
إذا أردت ألّا ينسى أصدقاؤك كيف يبدو وجهك، ينبغي عليك أن تجد وقتًا لتطفئ الحاسوب وتذهب لقضاء الوقت مع الناس كلّ فترة. هاك كيف أقوم أنا بذلك:
1. التزم بجدول عمل ثابت
أحد الأمور التي تجذب الناس للعمل الحرّ هو سيطرتهم الكاملة على برنامجهم. أتريد بدء العمل ظهرًا؟ قم بذلك. لا تشعر برغبة في العمل حتى الساعة الخامسة مساءً؟ لا أحد سيوبّخك على ذلك.
لكن هناك مشكلة – معظم الناس لديها برنامج منتظم بالفعل. يعني ذلك أنهم يمكنهم الخروج بعد العمل فقط وإذا كانت ساعات عملك عشوائية فسيفوتك الكثير من التفاعلات الاجتماعية.
لقد استغرقت سنوات حتى اقتنعت بفكرة الالتزام بجدول مواعيد ثابت كما السابق. أحاول في هذه الأيام أن أبدأ العمل في العاشرة صباحًا على أبعد تقدير وأن أنهي أمور العمل بين الساعة الثالثة حتى الخامسة مساءً. يبقى هذا البرنامج أفضل من معظم برامج أصدقائي كما يعني أنني حرّ في المساء لأخرج بدون قلق.
لست بحاجة إلى الالتزام بجدول صارم ككاتب مستقلّ. لكن، ينبغي أن تضع بعض الحدود وتحاول التوافق مع ساعات أصدقائك إن كنت تريد قضاء الوقت معهم. لا يوجد طريقة أخرى حيال هذه الحقيقة.
2. خصص في برنامجك وقتًا خاليًا من العمل لتقضيه مع الأصدقاء وتسترخي
إنّ فكرة تخصيص وقت على برنامج لتقضيه مع أصدقائك تزعج الكثير من الناس. إذ ليس عليك أن تراجع مفكّرتك كلما أردت أن ترى الناس.
لنكن صريحين – عندما ندخل مضمار العمل يكون معظمنا مشغولًا جدًا طوال الوقت. ينبغي عليك أن توازن بين العمل، الأصدقاء، العلاقات، الهوايات وأي أمر آخر تستهوي فعله.
أحبّ أن آخذ هذا الأمر إلى أبعد الحدود. حيث أنّني عادة عندما يحلّ يوم الثلاثاء أستطيع أن أخبرك تمامًا بما سأفعله في كلّ مساء لهذا الأسبوع. ليست القصّة قصّة شخصية وسواسية – إنّما الأمر أنني أعرف أنني إذا لم ألتزم بوقت لرؤية أصدقائي فإنّني سأقضي كلّ ذلك الوقت أمام حاسوبي.
رغم ذلك قد لايكون هذا أسوأ شيء في الحياة. إنّ تنمية حياتك الاجتماعية هو أمرٌ مهمٌّ إن كنت تقضي الكثير من الوقت تعمل بمفردك، ولكن يأتي بنفس الأهمية أن تخصص وقتًا تقضيه مع نفسك. يعني ذلك ألا تفتح بريدك الإلكتروني كل خمس دقائق، ألّا تتفقّد المشاريع، وإذا كنت أقوى مني، أن تمضي بضعة ساعات بدون الحاسوب.
3. خذ وقتًا تستريح فيه من فترة لأخرى
هناك أمر مرعب ستلاحظه بعد قضائك فترة في العمل كمستقلّ: معظمنا يأخذ عطلًا أقلّ من العاملين في المكاتب.
أنا شخصيًّا قضيت على الأقل ثلاث سنوات بدون أن آخذ وقت استراحة أكثر من عطلة نهاية أسبوع طويلة لمرات قليلة. كنت مشغولًا جدًّا وأنا أحاول أن أُأَسّس نفسي كمستقلّ، لم أكن منتبها حتى أني لم آخذ عطلة.
لا يشمل ذلك أي وقت أمضيه وأنا أعمل في الطريق. ربّما يكون التنقّل الالكتروني ممتعًا، ولكن إذا كنت تقضي جزءًا من يومك وأنت تعمل، فهذه إذًا ليست عطلة حقيقية.
إنّ العطلة الحقيقية تعني لي أسبوعًا على الأقل لا أقلق فيه على البريد الالكتروني أو المشاريع. يكون هذا الأمر سهلًا في حال كان هناك أيام عطلة خلال السنة، ولكنّ ذلك لا يكون بهذه السهولة عندما تكون مديرًا لعملك الخاص.
الأمر الجيد أنك ككاتب مستقلّ لديك مرونة أكبر بكثير لقضاء الإجازات. إن لم يكن عليك أيّة مشاريع في الانتظار، تهانينا فهذه إجازة (طالما أنك لست مفلس).
إذا كانت قائمة أعمالك ممتلئة، فمن الضروري أن تحدّد تاريخًا وتتأكّد أنك ستنهي كامل أعمالك قبل ذلك التاريخ وأن تخبر زبائنك أنّك ستكون خارج “المكتب” لبضعة أيام. طالما أنّك لا تفوّت أي تاريخ نهائي لإنجاز العمل، فلا شيء يمنعك من أن تأخذ أسبوع عطلة، أن تسافر، وأن تلتقي بأشخاص جدد.
النتيجة
لا يمكنك أن تمضي يومًا وراء آخر وأنت تعمل ثمّ تتوقّع أن ذلك لن يأتي بدون ضريبة. أنت ككاتب مستقلّ تدير عملك الخاص، فمن السهل جدًّا أن تقع في فخ التركيز الشديد على العمل وتنسى تخصيص وقت لتخرج مع الأصدقاء.
قد يبدو تخصيص وقت على الجدول للأصدقاء أمرًا آليًا بشدّة. لكنه مقاربة للتأكّد من أنّك تخصص وقتًا للجانب الاجتماعي بدل أن تنساه لفترة طويلة جدًا. إذا كنت تشعر بأنّك مستنفذ القوى مؤخرًا، يمكن أن يكون ذلك نتيجة حاجتك لقضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء ووقتًا أقل أمام الحاسوب.