ما يواجه المشاريع الناشئة من صعاب أكثر من أن يحصى، لكن المشكلة الأكبر أن تصبح المشكلة من الداخل، حينها يعني أن مشروعك فشل حتى قبل أن يُولد. إحدى الإحصاءات أشارت أن 90% من الشركات تفشل في أُولى سنواتها دون أن نسمع عنها، فما هي أهم أسباب فشل المشاريع الناشئة؟
1. فكرة المشروع لا تسُدّ حاجة السوق
أحد أهم أسباب فشل المشاريع الصغيرة هو تركيز أصحاب المشاريع على منتجات أو خدمات ليس عليها طلب كبير من السوق المستهدف وتجاهل أبحاث السوق، ما قد يضطرهم إلى خلق الحاجة والرغبة بأنفسهم في السوق حتى يتمكنوا من النجاح وبناء جمهور من العملاء. وتُعدّ هذه مشكلة كبيرة للمشاريع الناشئة التي لا تملك المال ولا الخبرة في هذا.
وإذا ما نظرت مليًا في المشاريع القائمة، ستجد أن مُعظم المشاريع الناجحة تحل لمشكلة موجودة فعلًا؛ فتسويق المشروع النهائي سيعتمد في الأساس على الجمهور المتعطش الذي يحتاج لوجود هذه الخدمة التي يُقدمها مشروعك الناشئ، وفي حالة أنه لا توجد قاعدة جماهيرية تحتاج لوجود هذا المشروع فإن الفشل سيكون قريب.
2. ضعف جانب التخطيط
يبني عادةً الأشخاص المشاريع الناشئة في أشياء يعرفون عنها الكثير، وأحيانًا يكون صاحب المشروع بارع في تخصصه، وبذلك يظن أنه ليست له حاجة إلى رسم خطة عمل، بل في بعض الأحيان يتجاهل عمل دراسة جدوى المشروع، ويبدأ عشوائيًا دون وجود نظام مُحدد ومهيئ جيدًا. كما أن بعضهم يتساءلون عن الأسباب التي قد تدفعهم إلى عمل خطة عمل إذا ما كانوا هم أصحاب رأس المال ولم يقترضوا لبدء مشاريعهم.
إن وجود خطة عمل أمر في غاية الأهمية لأي مشروع مهما صَغُر حجمه، حتى إن كنت أنت الممول للمشروع من حُر مالك؛ فخطة العمل ليست فقط لإقناع أحدهم حتى يقرضك قرضًا، ولكن مهمتها الحقيقية هي توضيح معالم الطريق نحو تحقيق أهدافك من المشروع، ويمكنك اعتبارها الخريطة التي ستصل بك إلى ذلك.
إذا كنت بارعًا في تخصص مشروعك ولم تكتب خطة عملك بعد، فهناك احتمالين: النجاح أو الفشل في مشروعك بناءً على ما لديك من خبرة سابقة. ولكن إن كنت مُلمًا ببعض المعلومات أو لست خبيرًا في مجال تخصصك ولم تكتب خطة العمل سلفًا، فإن الفشل أقرب إليك من النجاح. الخبراء يعلمون جيدًا أهمية خطة العمل؛ لذلك هم لا يبدأن مشروعًا دونها، مهما بلغت براعتهم في مجالاتهم.
3. نفاذ السيولة النقدية
أحد أسباب فشل المشاريع التي تنمو من سوء التخطيط والإدارة المالية لمشروعك الناشئ هو إنفاق المال في أمور قد لا تكون هامة في المراحل الأولى من انطلاق مشروعك. أمور مثل الإنفاق في التسويق العشوائي أو جلب موظفين جدد دون وجود خطة معينة والسعي في التوسع السابق لأوانه Premature Scaling، كل هذا يسهم في فشل المشاريع الصغيرة عند بدء نفاذ السيولة النقدية منها.
4. إطلاق المشاريع في توقيت خاطئ
التلكؤ أو التسرع آفتان قد تصيبان مشروعك وتجعله عديم القيمة أو تمنعك من تنفيذه في حالات كثيرة. توقيت إطلاق المشروع مهم للغاية؛ فإنك إن تأخرت في إطلاق مشروعك فهناك غيرك الذي لديه عقل يفكر سيُطلق مشاريع مشابهة عاجلًا أم آجلًا. ومن جهة أخرى لا يدفعنك هذا إلى أن تتسرع وتُطلق فكرتك ومشروعك دون نموذج عمل ودراسة جدوى وخطة عمل شاملة للمشروع، ولكن اجعل انطلاق مشروعك في الوقت المناسب قدر الإمكان.
5. اختيار فريق عمل غير كفؤ
فريق العمل هو من يحمل المشروع الناشئ على أكتافه؛ فإما أن يصل به إلى بر الأمان إلى حيث المكان الذي فيه تسعدون جميعًا أو يقع بمشروعك ويُعرقل تقدمه ومسيرته نحو النجاح. من هذا المنطلق يجب اختيار فريق عمل لديه الإمكانية والمهنية والكفاءة لإنجاح مشروعك، حتى إن كان هذا الفريق يتكون من شخص واحد فقط. ابحث عن المهارات التي تنقص مشروعك الناشئ ولا بد من توافرها من أجل تحقيق أهداف مشروعك في المراحل المختلفة من تقدمه.
6. تجاهل العملاء
من أسباب فشل المشاريع الناشئة السعي للربح كأولوية ونسيان الجودة التي يجب تقديمها إلى العميل والتطوير الدائم للمنتجات حسب آرائهم وتجاربهم مع المنتج. فالناظر إلى المواقع الشهيرة مثل موقع الفيس بوك، تجد أنه قدم خدمة حقيقية أولًا وهي مساعدة الناس على التواصل أينما كانوا، وبعدها بحث عن طريقة لتحقيق الربح من هذه الخدمة التي وفرها للناس؛ فلم يكن الربح هو الأولوية ولكن أن تكون الخدمة مميزة حتى يرضى العميل، ثم يأتي الربح في المرتبة الثانية.
هذا بالإضافة إلى سبب آخر من أسباب الفشل، وهو اتباع فرضيات شخصية عن رغبات واحتياج عملائك المستهدفين. ولكن، هذه الفرضيات ليست حقائق، وقد تكون خاطئة وغير دقيقة. لهذا فمن الضروري التحدث مع العميل ومعرفته أكثر، إما من خلال عمل استقصاء سريع عن أمور محددة، أو إجراء نقاش دوري لقياس مدى رضى العملاء عن الخدمة أو المنتج الذي تقدمه وأخذ التغذية الراجعة منهم، وغيرها من الأفكار للتواصل مع العميل وفهمه أكثر.
7. المنافسة الشرسة
نسبة ليست بالهينة من فشل المشاريع الصغيرة تعود إلى الهوس الشديد بالمنافسة، أو التجاهل التام لعامل المنافسة في السوق المستهدف. العديد من الشركات منها «Wesabe» وقعت في هذا الفخ وأخرجتها المنافسة خارج السوق تمامًا. من أجل هذا، انتبه للمنافسة الموجودة في السوق والمنافسة التي قد تنشأ بعد إطلاق مشروعك، ضع المنافسين في الاعتبار ولا تتجاهلهم.
8. أخطاء التسويق القاتلة
كافة المشاريع الناشئة تحتاج إلى تسويق ودعاية لها، وإهمال هذا الجانب هو أحد أسباب فشل المشاريع. فالتسويق ليس الهدف منه تحويل مجموعة من الدولارات من جيبك إلى الشركة الإعلانية وبعدها تستلقي وتنظر إلى النتائج وهي ترتفع وترتفع إلى أعلى (هذا خيال). بل عليك أن تتعلم أساسيات التسويق وكيفية إنشاء إعلان إبداعي يجذب إليه الأعين كالمغناطيس.
فالإعلان يجب أن يكون موجه إلى الفئة المستهدفة بناءً على احتياجاتهم ورغباتهم التي درستها عنهم في خطة العمل، ولا يجب بأي حال أن تحكم على نتيجة حملتك الإعلانية بمجرد إطلاقها كما يفعل البعض، ولكن يجب أن تُعطي بعض الوقت لترى نتائج الحملة التسويقية. كذلك لا تقلد الآخرين، فكل موقع وله نكهته الخاصة المختلفة عن المواقع الأخرى؛ فابتكر ما يناسبك.
9. العناد والتمسك بالرأي
لإنجاح المشروع يجب أن تكون مديرًا يتسم بالريادية والقيادة الفعالة، وأن تكون شخص لين تسمح لموظفيك بالنقاش فيما يخص أفكارهم ونتائج عملهم لنجاح المشروع؛ فهم في النهاية جزء منه. أما العناد والتمسك بالرأي حتى لا يُقال عنك أنك أخطأت، أو لمجرد العناد، ومثل هذه الأفعال الصبيانية لن تجني منها إلا خسارة فريق العمل أولًا ومشروعك ثانيًا.
إن أخطأت فلا تحاول تبرير الخطأ وتعامل مع فريقك بهذا المبدأ. بدلًا من هذا، ابحث عن سبب الخطأ لعدم الوقوع فيه مرة أخرى. فلنفرض أن خطة العمل تتوقع أن تكون الأرباح خلال الشهر القادم 10 آلاف دولار، ولكن عندما انقضى هذا الشهر لم تصل الأرباح إلى 1000 دولار، هنا سيشرع البعض إلى احتواء المشكلة بتبرير الخطأ. ولكن، المفترض منك ومن فريق العمل حينها هو معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الخطأ غير المتوقع حتى تتجنبه في الأشهر التالية.
10. إهمال المشروع
هل أطلقت مشروعك؟ إذًا، لتعلم أن هذا المشروع كبذرة غُرست، ويجب عليك أن ترعاها وتسقيها من اهتمامك ووقتك حتى تكبر وتصبح شجرة كبيرة تُثمر. وأحد أسباب فشل المشاريع ما يحدث من انشغال مؤسس المشروع بسبب ضيق الوقت، أو انشغاله بأعمال ومشاريع أخرى. ما يؤدي إلى توقف التطوير، ومعه يتوقف نجاح المشروع ويسير في اتجاه عكسي تمامًا. على سبيل المثال، إن كان مشروعك موقع على الإنترنت، فبتوقفك عن إضافة المحتوى باستمرار ومتابعة تعليقات زوار الموقع، فأنت تضع الموقع في موقف مُحرج تجاه الفشل.
11. عدم الإيمان بمشروعك
يُعدّ الإيمان بفكرتك والسعي إلى إنجاحها هو مفتاح النجاح الأول والذي به يمكن أن تُزلزل كافة العقبات التي قد تواجهك في طريقك نحو إنجاح مشروعك. فكم من فكرة طائشة لمشاريع ناشئة كان يعتقد الكثير أنها طائشة ولولا أن أصحابها تمسكوا بها لما رأت النور، المبدأ أن تؤمن بقيمة ما تقدمه من خدمة أو منتج، ولا تتوقف حتى لو كانت أمامك جبال من المثبطات والإحباطات، ما دمت تؤمن أن مشروعك قيّم فلا تتخلى عنه.