جميعنا نمتلك أهدافًا مختلفة في الحياة، فبعض الناس يسعى إلى إنقاص وزنه، وبعضهم يسعى إلى تأليف كتاب وبيع ملايين النسخ منه، وقسم آخر يسعى لتأسيس تجارة رابحة يُؤمّن بها مصدر رزق له. وأنت كمستقل لديك ذلك التركيز على الهدف الذي تسعى من خلاله إلى الحصول على مشاريع بشكل مستمر والحصول على عائد مادي يكفيك لتستقر حياتك.
ولتحقيق أي هدف نبدأ دائمًا بوضع خطة معينة للوصول إلى ما نصبو إليه، فللوصول إلى الوزن المثالي نضع برنامج رياضي وغذائي نتّبعه يوميًا، وللتسويق لاسمك كمستقل، دائمًا ما تقدّم العروض في مستقل لتنفيذ مشاريع أكثر. إذًا فوضع خطّة محكمة شيء هام جدًا لبلوغ الهدف، لكن هذه الخطّة يجب أن تكون أهم من الهدف نفسه، وفي الحقيقة هي كذلك.
بالأساس ما هو الفرق بين خطة العمل والهدف؟ إن كنت مدربًا لكرة القدم، فالهدف هو تحقيق البطولات، لكن الخطة هي التمرن بشكل يومي مع أعضاء الفريق. وإذا كنت كاتبًا أو مبرمجًا، فالهدف هو الانتهاء من برنامج أو كتاب، لكن لتحقيق ذلك تحتاج للكتابة يوميًا وفق خطة محكمة تضبطها أسبوعيًا. ولكن ماذا لو أغفلنا التركيز على الهدف وركزنا على الخطة فقط؟ فعلى سبيل المثال أنت كمُستقل لو ركزت على تعلم أو صناعة شيء جديد بشكل يومي دون الاهتمام كثيرًا بالعائد المادي هل سيحقق ذلك هدفك بالنهاية؟ الإجابة على هذا السؤال هي نعم، ستنجح حتمًا وهذا يعود لثلاثة أسباب رئيسية:
1. التركيز على الهدف وحده يقضي على السعادة
عندما تسعى إلى تحقيق هدف مُعيّن فأنت تقول ضمنيًا أنك لست مؤهل بعد لتحقيق هذا الهدف، ولهذا السبب تضع خطّة يومية. وبهذه الطريقة ما تقوم به عمليًا هو وضع السعادة وشعور الارتياح جانبًا لحين بلوغك للهدف، فأنت تقول بينك وبين نفسك أنه عندما أستطيع كتابة برنامج كامل أو تصميم موقع متكامل سأنام مرتاحًا قرير العين، وهنا يكمن الخطأ، إذ إن التفكير في بلوغ الهدف فقط يؤدي في النهاية إلى شعور مستمر بالإحباط، تخيّل أنك تريد أن تطور موقعين خلال 15 يوم فقط، بمجرد أن تفتح محرر الشيفرات البرمجية ستشعر بضغط نفسي رهيب لأن الأسئلة ستبدأ بالظهور في رأسك.
لذا، وللقضاء على هذه الحالة لا يجب التركيز على الهدف وحسب، بل يجب التركيز على خطوات تحقيق الهدف وبناء خطة وإدارة الوقت. يتحقق هذا من خلال كتابة أجزاء صغيرة بشكل يومي، ومع اكتساب هذه العادة يوميًا سوف تتمكن من بناء أكثر من موقع خلال 15 يوم إن أحببت. عندما تفكر في العمل الفعلي وتستخدم أدوات تنظيم الوقت لإنجاز العمل عوضًا عن الأحلام والنتائج النهائية، فستشعر بسعادة تمكنك من الاستمرار لفترة طويلة دون أن تشعر بالضغط النفسي أو التعب.
2. الأهداف على المدى الطويل ستختلف حتمًا
يعتقد بعض الناس أن التركيز على الهدف والتفكير فيه يُبقيك متحمّسًا وجاهز للعمل بشكل دائم. لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، تخيّل أنك تريد إنقاص وزنك ليصل إلى رقم محدد خلال شهر واحد، ولبلوغ هذا الرقم فأنت تعمل ليل نهار مع تركيز كامل على هذه النقطة. لكن ما أن تصل إلى الوزن المطلوب، حتى تتوقف عن القيام بالتمارين الرياضية، التعب والتفكير كان كله منصب لبلوغ هذا الوزن، وبعد بلوغه فالرغبة تختلف والتحفيز يذهب بشكل تدريجي. فالهدف تحقق ولم يعد هناك حاجة للمواظبة على خطّة العمل، الأمر الذي قد يقضي على كل تعبك لأن ركزت فقط على الهدف.
وإن انقضى الشهر دون أن تصل إلى هدفك فستشعر بالإحباط واليأس لأنك فشلت وتوّلدت لديك هذه القناعة أيضًا. وتبدأ مرحلة ضبط نفس الهدف مرة أخرى من جديد أو التخلي عنه، لتنشأ حلقة ندور فيها دون تحقيق أي شيء إيجابي. حل هذه المشكلة بسيط وهو التخلّي عن عنونة الأهداف وتقييدها، والانغماس بشكل كامل في خطة تنفيذها. لا تركز فقط على الوصول إلى وزن محدد خلال شهر، بل ركز على القيام بالتمارين الرياضية بشكل يومي، فالمواظبة على هذه الخطة سيؤدي بالتأكيد إلى إنقاص وزنك بالشكل المطلوب أو حتى أكثر من المطلوب وهنا بالتالي ستشعر بسعادة غامرة تؤثر بشكل إيجابي على جميع جوانب حياتك.
تخيل لو أنك لم تستطع لسبب أو لآخر ممارسة التمارين الرياضية في أحد الأيام، لن تشعر بالإحباط لأن تركيزك منصب على خطة عمل يومية وعادة مفيدة على المدى البعيد، وليس مُنصبًّا على عنوان وموعد. لا تختلف الفكرة كثيرًا كونك مستقل، فمن المهم بالتأكيد الالتزام بمواعيد تسليم المشاريع، لكن التركيز على الكتابة بشكل يومي أهم بكثير من التركيز على موعد التسليم النهائي الذي تشعر بالضغط كلما اقترب أكثر وأكثر. أن تكتب جزء من مقال، مجموعة دوال برمجية أو حتى تصميم مجموعة طبقات في فوتوشوب يوميًا سيؤدي بالنهاية إلى تنفيذ المشروع بشكل كامل دون المعانة من ضغوط العمل.
3. الأهداف تعني أنك قادر على السيطرة على كل شيء
لا يمكن لأي شخص توقع المستقبل بالتأكيد، ولكن هذه هي الحقيقة فبمجرد أن تفكر في الهدف فأنت تقوم مباشرة بحساب جميع الاحتمالات التي من الممكن أن تحدث. وهنا تكمن الخطورة، ففي حالة عدم الوصول إلى الهدف فالشعور السائد هو شعور إحباط وفشل والمحظوظ فقط من يتمكّن من القضاء على هذا الشعور بسرعة كبيرة. لذا عوضًا عن حساب جميع الاحتمالات، لماذا لا نقوم فقط بفحص دوري للوضع الحالي الذي وصلنا إليه؟
كمستقل أسعى يوميًا للعمل وتحقيق مردود مادي يكفيني للاستمرار في هذه الحياة دون مشكلات، لكن الظروف لا تأتي دائمًا بنفس الاتجاه الذي أرغب به، لذا قُمت بتحويل هدفي من تحقيق هدف مادي إلى العمل بشكل يومي وزيادة خبراتي، مع القيام أسبوعيًا بمراجعة مصاريفي خلال الأسبوع والمبلغ المتوفر معي الذي من المفروض أن يكفيني لنهاية الشهر. التفكير بشكل جزئي وتحليل الوضع بهذه الطريقة أفضل بكثير من النظر إلى الشهر بشكل كامل، لأني في بعض الأسابيع لا تتجاوز مصاريفي الحد المسموح به، وفي بعض الأسابيع تتجاوز، لذا تمكّنت من التخلّص من شعور الضغط الذي سيؤثر بدوره على عملي وتطوير مهاراتي بشكل يومي.